العملات المشفرة ما زالت تنتظر «ليبرا» من «فيسبوك»

تعمل على تحسينات في نظامها الأساسي يلائم الأسواق

سيتغير مفهوم التعاملات المالية بإطلاق «ليبرا» وهو ما جعل اليابان تسعى لإنشاء شبكة مدفوعات للعملات المشفرة (رويترز)
سيتغير مفهوم التعاملات المالية بإطلاق «ليبرا» وهو ما جعل اليابان تسعى لإنشاء شبكة مدفوعات للعملات المشفرة (رويترز)
TT

العملات المشفرة ما زالت تنتظر «ليبرا» من «فيسبوك»

سيتغير مفهوم التعاملات المالية بإطلاق «ليبرا» وهو ما جعل اليابان تسعى لإنشاء شبكة مدفوعات للعملات المشفرة (رويترز)
سيتغير مفهوم التعاملات المالية بإطلاق «ليبرا» وهو ما جعل اليابان تسعى لإنشاء شبكة مدفوعات للعملات المشفرة (رويترز)

ما زالت أسواق العملات المشفرة تنتظر انطلاق «ليبرا» رسمياً للتداول، التي بها سيتغير مفهوم العملات النقدية حول العالم؛ إذ سيسهل، من ناحية، حركة الأموال دولياً، وسيزيد من ناحية أخرى خطر العمليات المالية المشبوهة وإمكانية تتبع مصدرها.
ووفقاً لخطط «فيسبوك»، فإنه كان مقرراً إطلاق «ليبرا» في عشرات الدول خلال الربع الأول من 2020. غير أن هذه الخطة من المؤكد أنها ستتأجل، إذ كان مخططاً إطلاق التجارب الأولية للعملة المشفرة آخر عام 2019، وهو ما لم يحدث. وهو ما أكده أحد مبتكري «ليبرا»، ديفيد ماركوس، من «فيسبوك»، إذ قال إن العراقيل التنظيمية قد تؤخر الإطلاق لما بعد موعد يونيو (حزيران) المخطط له.
ومنذ إعلان «فيسبوك»، منتصف العام الماضي، خطة إطلاق «ليبرا»، توالت التصريحات الرسمية من مسؤولين ورؤساء دول، منهم مؤيد والآخر معارض بشدة، بيد أن هذه العملة، التي حييت العملات المشفرة الأخرى، ما زالت تعمل على تحسينات في نظامها الأساسي المعلن منتصف 2019، لمعالجة المخاوف التي أثارتها الجهات التنظيمية والساسة، فيما يتعلق بالخصوصية، وتأثيرها المحتمل على السياسات النقدية لدى البنوك المركزية، فضلاً عن تغيير المشهد المالي العالمي ككل.
وكانت آخر التصريحات الرسمية عن «ليبرا»، من الرئيس السويسري، الذي قال، الأسبوع الماضي، إن مشروع «ليبرا» الذي تتبناه شركة «فيسبوك» قد فشل في صورته الحالية، ويتعين تعديله لكي تجري الموافقة عليه. وقال أولي ماورر، وهو أيضاً وزير مالية سويسرا، إلى جانب كونه رئيسها المنتهية ولايته، متحدثاً لـ«هيئة الإذاعة السويسرية»: «لا أعتقد (أن ليبرا أمامها فرصة في صورتها الحالية)، لأن البنوك المركزية لن تقبل بسلة العملات الداعمة لها».
وأضاف: «المشروع، في صورته الحالية، فشل». وتسعى «ليبرا» لنيل موافقة تنظيمية على العملة المشفرة في سويسرا.
ومن المقرر أن تُدعم العملة المشفرة باحتياطي أصول من قبيل ودائع مصرفية وديون حكومية في حوزة شبكة من الأوصياء. ويستهدف ذلك الهيكل تعزيز الثقة وتفادي تقلبات الأسعار التي تعاني منها عملات مشفرة أخرى، مثل «بيتكوين».
وارتفعت أسعار عملة «بيتكوين» الرقمية المشفرة بنسبة 0.4 في المائة في تداولات الجمعة، ليصل سعرها إلى سبعة آلاف و300 دولار، وفقاً لمنصة تداول العملات الرقمية (بيتستامب)، ومقرها لوكسمبورغ.
وارتفعت عملة «لايتكوين» الرقمية المشفرة أيضاً، بنسبة 1.9 في المائة، إلى 42 دولاراً. كما ارتفع سعر عملة «ريبل» المشفرة بنسبة 0.1 في المائة إلى 19 سنتاً، وزاد سعر عملة «إثريوم» بنسبة 0.5 في المائة إلى 133 دولاراً.

في حالة الموافقة على «ليبرا»
في حالة الموافقة على إطلاق ليبرا رسمياً، فسيتغير مفهوم التعاملات المالية حول العالم، إذ تمتلك «فيسبوك» قاعدة مستخدمين كبيرة تتجاوز 2.4 مليار شخص مستهدفين لتلك التعاملات، وهو ما جعل اليابان تسعى لأن تقود جهود إنشاء شبكة دولية لمدفوعات العملات المشفرة، على غرار شبكة «سويفت» (نظام تراسل دولي للمدفوعات المالية تستخدمه البنوك لتحويل الأموال في أنحاء العالم)، في مسعى لمكافحة غسل الأموال.
وتتعاون اليابان مع دول أخرى في إنشاء هذه الشبكة، وفقاً لمصادر نقلت عنها «رويترز» تلك التأكيدات. وأصبحت اليابان أول دولة في العالم تنظم عمليات تبادل العملات المشفرة في 2017.
كانت مجموعة العمل المالي وافقت في يونيو الماضي، على خطة لإنشاء الشبكة الجديدة التي اقترحتها وزارة المالية ووكالة الخدمات المالية في اليابان. وتدفع طوكيو في اتجاه ضمان أمن العملات الافتراضية على أمل الاستفادة من قطاع التكنولوجيا المالية لتحفيز النمو الاقتصادي.
- حركة الأموال عبر الحدود
تؤكد «فيسبوك» أنها ترى أن «ليبرا» ستساعد أولئك الذين لا يستخدمون البنوك التقليدية في الوصول إلى الخدمات المصرفية، وأن المستخدمين سيكون بوسعهم استخدام العملة الرقمية لنقل الأموال عبر الحدود وتسديد قيمة المشتريات من السلع أو الخدمات الإلكترونية.
معهد البحوث الاقتصادية في مدينة كولونيا الألمانية (آي دابليو) يقول إن «ليبرا»، قد يكون لها تأثير إيجابي على حركة الأموال عبر الحدود. وقال كبير الاقتصاديين في مجال السياسة المالية واقتصاد سوق المال بالمعهد، ماركوس ديماري، إن «ليبرا» قد تكون مهمة للشركات الناشطة على المستوى الدولي، موضحاً أن الشركات سيمكنها، بمساعدة العملة الرقمية، الحد من مخاطر سعر الصرف، حيث إن المشاركة في عملة «ليبرا» تمثل في النهاية اتحاداً نقدياً عالمياً خاصّاً.
وقال: «داخل شبكة (ليبرا) لن يكون هناك بعد الآن مخاطر متعلقة بسعر الصرف... هذا سيحدث فقط في حال التحويلات بين (ليبرا) واليورو أو الدولار».
ومن وجهة نظر ديماري، تتوقف قدرة «ليبرا» على المنافسة مع اليورو والدولار على ثلاثة عوامل، وهي: الأمان وحماية البيانات وعدد المستخدمين.

تراجع عن دعم «ليبرا»
رغم الإعلان عن انسحاب شركة «باي بال» لتحويل الأموال، من تحالف دعم «ليبرا»، إلا أن تصريحات المدير التنفيذي في «فيسبوك» ديفيد ماركوس، المسؤول عن إطلاق المشروع الطموح، تشير إلى مواصلتهم العمل: «أود أن أبلغكم بأننا نعمل بكل هدوء وثقة لتبديد المخاوف التي أثارتها (ليبرا)، من خلال وضع النقاش بشأن قيمة العملات الرقمية في الواجهة».
ولم تحدد «باي بال» سبباً لخروجها من التحالف، إلا أن وكالة أنباء «بلومبرغ» وغيرها من وسائل الإعلام أفادت بأن هذه الخطوة جاءت في ضوء المعارضة السياسية القوية ومخاوف الأجهزة الرقابية. وقالت: «باي بال»: «لا نزال نؤيد طموحات (ليبرا)، ونتطلع إلى استمرار الحوار بشأن سبل العمل معا في المستقبل». وأكدت الشركة على أهمية شراكتها «طويلة المدى والقيمة» مع «فيسبوك».
- «فيسبوك» وإمكانية التراجع عن «ليبرا»
قالت «فيسبوك» إن وجود مصاعب كبيرة أمام تنفيذ مبادرتها لإطلاق عملة رقمية جديدة خاصة بها، قد يحول دون إطلاقها رسمياً.
وفي بيان موجَّه إلى «هيئة سوق المال الأميركية»، قالت «فيسبوك»، يوليو (تموز) الماضي، إنها «لا يمكنها تأكيد طرح (ليبرا) أو المنتجات والخدمات ذات الصلة، وفقاً للجدول الزمني المقتَرَح، وقد لا يتم طرحها على الإطلاق».
وأشارت إلى أنها تواجه صعوبات جديدة بشأن القواعد التنظيمية والتكنولوجيا الجديدة، في ظل غياب أي قواعد واضحة لتنظيم تداول العملات الرقمية في الولايات المتحدة وغيرها من الدول.
وأضافت: «فيسبوك» في بيانها الرسمي أن مشاركتها في «(اتحاد ليبرا) سيجعلها عرضة لرقابة تنظيمية كبيرة، ولغير ذلك من المخاطر التي قد يكون لها تأثيرات سلبية على أعمالنا وسمعتنا أو نتائجنا المالية».
لكن تصريحات لاحقة من مسؤولين من «فيسبوك»، أكدوا استمرار مشروع «ليبرا»، وأن هذه التصريحات جاءت لتهدئة ردود الفعل المثارة حول العملة المشفرة المنتظرة.
- سيادة العملات الوطنية
بقدر ما تطرحه «ليبرا» من دعم للعملات المشفرة، وعلى رأسها «بيتكوين»، التي قفزت أكثر من 50 في المائة منذ إعلان «فيسبوك»، ومستقبل التعاملات المالية بشكل عام، غير أن تساؤلات عدة مشروعة ما زالت من دون إجابات، وهو ما عبّر عنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي انتقد «بيتكوين» وعملة «فيسبوك» الرقمية المقترحة وعملات مشفرة أخرى، وطالب بأن تسعى الشركات إلى ميثاق مصرفي، وأن تُخضع نفسها للقواعد التنظيمية الأميركية والعالمية، إذا كانت ترغب في أن «تصبح بنكاً».
وقال ترمب على «تويتر»، في معرض تعليقه على مشروع «ليبرا»: «لستُ من أنصار (بيتكوين) والعملات المشفرة الأخرى، التي ليست أموالاً، والتي تتقلب قيمتها بشدة، وتستند إلى اللاشيء». وأضاف: «إذا كانت (فيسبوك) وشركات أخرى ترغب في أن تصبح بنكاً، عليها السعي لميثاق مصرفي جديد، وأن تصبح خاضعة لجميع القواعد التنظيمية المصرفية تماماً مثل باقي البنوك المحلية والدولية».
انتقاد ترمب جاء بعد يوم واحد من تصريحات جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي)، بشأن خطة «فيسبوك» لإطلاق عملة رقمية تعرف باسم «ليبرا» قائلاً: «لا يمكن أن تسير قدماً»، ما لم يتم معالجة بواعث قلق جدية.
يُشار إلى أن عملات تكنولوجيا بلوك تشين مثل «بيتكوين» تتأثر بتقلبات الأسعار، وهو أمر يسعى «فيسبوك» لتجنبه مع عملة «ليبرا». لذلك سيتم تخصيص صندوق احتياط مؤلف من عملات مختلفة لتغطية عملة «ليبرا».
ويعتزم بنك «جيه بي مورغان تشيس آند كو»، أكبر بنك أميركي من حيث الأصول، إطلاق عملة رقمية خاصة به.
كان ديفيد ماركوس، مدير مشروع عملة «ليبرا»، قد قال إن «فيسبوك» لن يكون قادراً على الاطلاع على بيانات المعاملات. وأضاف أن نظام «ليبرا» سوف يستخدم في بادئ الأمر بصورة أساسية في التحويلات بين العملات المختلفة، ومع ذلك، فإن رؤية المشروع طويلة المدى، هي جعل العملة وسيلة كاملة للدفع.
وسوف تحدد رابطة «ليبرا»، كيفية التعامل مع العملات والسندات مثل الأسهم كاحتياط للحفاظ على سعر مستقر. يُذكر أن على عكس «بيتكوين»، لن تكون «ليبرا» عملة يطلقها مستخدمون، ولكن سوف يتعين شراؤها من الدول الأعضاء بالرابطة أو المنصات التجارية.


مقالات ذات صلة

عطل يضرب تطبيقي «فيسبوك» و«إنستغرام»

العالم انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)

عطل يضرب تطبيقي «فيسبوك» و«إنستغرام»

أظهر موقع «داون ديتيكتور» الإلكتروني لتتبع الأعطال أن منصتي «فيسبوك» و«إنستغرام» المملوكتين لشركة «ميتا» متعطلتان لدى آلاف من المستخدمين في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق تامونا موسيريدزي مع والدها (صورة من حسابها على «فيسبوك»)

بعد 40 سنة... سيدة تكتشتف أن والدها الحقيقي ضمن قائمة أصدقائها على «فيسبوك»

بعد سنوات من البحث عن والديها الحقيقيين، اكتشفت سيدة من جورجيا تدعى تامونا موسيريدزي أن والدها كان ضمن قائمة أصدقائها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»

«الشرق الأوسط» (تبليسي )
العالم رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (رويترز)

أستراليا تقر قانوناً يحظر وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم أقل من 16 عاماً

أقر البرلمان الأسترالي، اليوم (الجمعة) قانوناً يحظر استخدام الأطفال دون سن الـ16 عاما لوسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما سيصير قريباً أول قانون من نوعه في العالم.

«الشرق الأوسط» (ملبورن)
العالم يلزم القانون الجديد شركات التكنولوجيا الكبرى بمنع القاصرين من تسجيل الدخول على منصاتها (رويترز)

أستراليا تحظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً

أقرت أستراليا، اليوم (الخميس)، قانوناً يحظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون سن 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
يوميات الشرق يحمل مشروع القانون الأسترالي منصات التواصل الاجتماعي المسؤولية القانونية في حالة فشلها  في منع الأطفال من امتلاك حسابات (أ.ف.ب)

«النواب الأسترالي» يقر مشروع قانون لحظر وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال

أقر مجلس النواب الأسترالي، اليوم، مشروع قانون يحظر على الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عاماً استخدام وسائل التواصل الاجتماعي

«الشرق الأوسط» (ملبورن)

«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
TT

«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)

اخترق مؤشر ناسداك مستوى 20 ألف نقطة، يوم الأربعاء، حيث لم تظهر موجة صعود في أسهم التكنولوجيا أي علامات على التباطؤ، وسط آمال بتخفيف القيود التنظيمية في ظل رئاسة دونالد ترمب ومراهنات على نمو الأرباح المدعومة بالذكاء الاصطناعي في الأرباع المقبلة. ارتفع المؤشر الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا 1.6 في المائة إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 20001.42 نقطة. وقد قفز بأكثر من 33 في المائة هذا العام متفوقاً على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي، ومؤشر داو جونز الصناعي، حيث أضافت شركات التكنولوجيا العملاقة، بما في ذلك «إنفيديا» و«مايكروسوفت» و«أبل»، مزيداً من الثقل إلى المؤشر بارتفاعها المستمر. وتشكل الشركات الثلاث حالياً نادي الثلاثة تريليونات دولار، حيث تتقدم الشركة المصنعة للآيفون بفارق ضئيل. وسجّل المؤشر 19 ألف نقطة للمرة الأولى في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما حقّق دونالد ترمب النصر في الانتخابات الرئاسية الأميركية، واكتسح حزبه الجمهوري مجلسي الكونغرس.

ومنذ ذلك الحين، حظيت الأسهم الأميركية بدعم من الآمال في أن سياسات ترمب بشأن التخفيضات الضريبية والتنظيم الأكثر مرونة قد تدعم شركات التكنولوجيا الكبرى، وأن التيسير النقدي من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يبقي الاقتصاد الأميركي في حالة نشاط.