«الفتح الملكي» منارة قصر عابدين الإسلامية تزين القاهرة

«الآثار المصرية» تستعد لافتتاحه بعد ترميمه

«الفتح الملكي» منارة قصر عابدين الإسلامية تزين القاهرة
TT

«الفتح الملكي» منارة قصر عابدين الإسلامية تزين القاهرة

«الفتح الملكي» منارة قصر عابدين الإسلامية تزين القاهرة

بقباب نحاسية ومئذنة فريدة، يطلُ مسجد الفتح الملكي على قصر عابدين، والحي العتيق الذي يحمل الاسم نفسه، وسط العاصمة المصرية القاهرة، وتستعد وزارة السياحة والآثار المصرية لافتتاح المسجد، الأسبوع المقبل، بعد الانتهاء من مشروع ترميمه وتطويره، الذي استغرق نحو 3 سنوات، بتكلفة 16 مليون جنيه (الدولار الأميركي يعادل 16 جنيهاً مصرياً)، بهدف إعادة المسجد إلى سابق عهده كمنارة تزين الجزء الشرقي من قصر عابدين التاريخي.
مشروع تطوير المسجد تضمن ترميم الأرضيات الرخامية بالصحن، وتنظيف التجاليد الرخامية للجدران، وتنظيف وترميم المنبر والمحراب والأعمدة المصنوعة من الرخام والجرانيت، وترميم زخارف القباب، وتركيب نظام صوت، ووحدات إضاءة وكاميرات مراقبة، إضافة إلى تنظيف أحجار الواجهات والمئذنة، والقباب النحاسية بالسطح، وعزل أرضيات السطح، وتركيب أرضيات حجرية بالموقع العام داخل المسجد، وفي اتجاه المدخل الرئيسي، واستكمال أعمال الإضاءة الخارجية.
ووفق الدكتور مختار الكسباني، أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة القاهرة، فإن «مسجد الفتح الملكي ملحق بقصر عابدين؛ حيث كان يؤدي فيه الملك الصلاة»، مشيراً إلى أن «المسجد هو جزء من التكوين المعماري لقصر عابدين الذي شيده الخديوي إسماعيل على غرار قصر الإليزيه بفرنسا، لكن أضيف إليه المسجد كمكان للصلاة واستقبال وفود الدول الإسلامية».
كان المسجد عبارة عن زاوية صغيرة للصلاة يعرف بمسجد الفتح، واقعة في شارع عابدين، وعندما أنشأ عابدين بك أمير اللواء السلطاني قصره في المنطقة، احتل المسجد الجزء الشرقي من القصر، وعمل عابدين بك على تجديده والعناية به وأوقف عليه الأوقاف فعرف باسم جامع عابدين، وعندما أنشأ الخديوي إسماعيل قصر عابدين الملكي، في مكان قصر عابدين بك، أصبح المسجد داخل سور القصر، وفي عهد الملك فؤاد الأول 1338هـ - 1918م، تم تجديد المسجد ومضاعفة مساحته، مع الاحتفاظ بالمدخل والمئذنة القديمة، وطرازه العثماني، وسمي بمسجد الفتح الملكي.
ويقول الكسباني لـ«الشرق الأوسط»، إن «المسجد كان زاوية صغيرة في عهد عابدين بك، وكان مخصصاً لوضع ضريح عابدين بك، لكن هذا لم يحدث»، موضحاً أن الأسرة الملكية في مصر كانت عادة ما تبني قصورها بجوار أضرحة الأولياء للتبرك بهم، كجزء من التراث الصوفي المنتشر في الدولة العثمانية»، وأضاف الكسباني أن «المسجد اكتسب أهميته التاريخية في عهد الملك فاروق، الذي كان يحب أداء الصلاة فيه».
وساحة الصلاة داخل المسجد عبارة عن مربع متساوي الأضلاع، تتوسطه أربعة أعمدة من الجرانيت الأحمر، والمحراب الذي يقع بوسط جدار القبلة، وهو مزخرف من الداخل بأنواع من الرخام الملون على شكل أشرطة، وعلى يمينه يوجد منبر من الرخام، زخرفت ريشتيه بنقوش نباتية محفورة حفراً بارزاً ومطلية بالذهب.
ويتكون المسجد من مربع أساسي تقوم عليه قبة وهو مكان الصلاة، وألحق به ثلاث مجموعات من المباني من الجهة الغربية والجنوبية والشرقية، وكل هذه الملحقات بها أروقة ودهاليز وغرف تقوم بخدمة أغراض المسجد المتعددة، وتوجد الواجهة الرئيسية للمسجد في الجهة الغربية منه، وهي تشرف على حديقة قصر عابدين، ويبلغ ارتفاعها 15.70 متر، ويتوسط الواجهة الغربية المدخل الملكي للمسجد، وتقع المئذنة في الركن الجنوبي الشرقي، وفق الدكتور جمال مصطفى، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بوزارة السياحة والآثار.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».