«سماء دموية» بعد يوم مروع لحرائق الغابات في أستراليا

حرائق الغابات في غرينديل بضواحي بيجا بولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية (أ.ف.ب)
حرائق الغابات في غرينديل بضواحي بيجا بولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية (أ.ف.ب)
TT

«سماء دموية» بعد يوم مروع لحرائق الغابات في أستراليا

حرائق الغابات في غرينديل بضواحي بيجا بولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية (أ.ف.ب)
حرائق الغابات في غرينديل بضواحي بيجا بولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية (أ.ف.ب)

تحولت السماء جنوب شرقي أستراليا، اليوم (الأحد)، بسبب الحرائق المروعة التي تشهدها حالياً إلى اللون الأحمر الدموي. ووصف أحد كبار رجال الإطفاء الساعات الـ24 الماضية بأنها «واحدة من أسوأ أيامنا على الإطلاق».
أظهرت صور بامبولا، في ولاية نيو ساوث ويلز، منظراً طبيعياً ممتلئاً بالدخان، مع شوارع مهجورة تنيرها سماء حمراء محترقة، وذلك وفقاً لما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».

وتوفي رجل وفقد ستة أشخاص، كما أن هناك مخاوف من أن مئات الممتلكات تعرضت للدمار بعد اندلاع حرائق الغابات الليلة الماضية، في جنوب شرقي أستراليا، بعد «يوم مروع» من الحرارة الشديدة وحالة الطقس السيئة.
وذكرت شرطة نيو ساوث ويلز اليوم (الأحد) أن رجلاً يبلغ من العمر 47 عاماً توفي بالسكتة القلبية مساء السبت، أثناء مساعدته في الدفاع عن الممتلكات الريفية لأحد الأصدقاء في باتلو، جنوب غربي كانبرا.
وعانت ولايات نيو ساوث ويلز، وفكتوريا، وساوث أستراليا، بجنوب شرقي البلاد، من أحوال الطقس السيئة، أمس السبت؛ حيث وصلت درجات الحرارة إلى 48 درجة مئوية في أجزاء من سيدني، وبلغت سرعة الرياح 80 كيلومتراً في الساعة.

ولا يزال من غير المعروف حتى الآن مقدار الضرر الحقيقي؛ لكن السلطات قالت إن المئات من الممتلكات تعرضت للدمار، واحترقت عشرات الآلاف من الأفدنة.
وقالت رئيسة وزراء ولاية نيو ساوث ويلز، غلاديس بيريغيكليان، للصحافيين في سيدني اليوم، إن «الطقس النشط الذي نشهده، ومدى انتشار الحرائق، والسرعة التي تتحرك بها، والطريقة التي تهاجم بها الأحياء التي لم تشهد حرائق من قبل، أمر لم يسبق له مثيل».
وأضافت: «لا يمكننا التظاهر بأن هذا أمر قد تمت تجربته من قبل، إنه ليس كذلك».

ولقي 24 شخصاً على الأقل حتفهم في أستراليا خلال الموسم الحالي من حرائق الغابات، والذي كان قد بدأ في سبتمبر (أيلول) الماضي، أي قبل فترة كبيرة من موعده المعتاد. وقد حُرقت بالفعل مساحة تزيد على 6 ملايين هكتار من الأراضي، وهي مساحة أكبر من حجم هولندا، كما تعرض أكثر من 2000 منزل للتدمير أو لأضرار. وقد تسببت الأدخنة الناتجة عن حرائق الغابات في جعل تلوث الهواء في المدن الأسترالية، الأسوأ في العالم.

وفي فيكتوريا؛ حيث تواصل السلطات عمليات الإجلاء الجماعي بمساعدة الجيش، ظل ستة أشخاص في عداد المفقودين اليوم الأحد، بينما لا يزال 50 حريقاً مستعراً في شرقي الولاية، بلغ ستة منها مستوى الطوارئ، كما تم إصدار أمرين جديدين بالإخلاء خلال الليل.
ومن جانبها، أعربت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية عن حزنها العميق بسبب أزمة حرائق الغابات في أستراليا، مشيدة بعمال الطوارئ الذين هم على خط المواجهة. وقالت الملكة في بيان أصدره قصر باكنغهام: «لقد شعرت بالحزن العميق حينما علمت بشأن حرائق الغابات المستمرة، وتأثيرها المدمر في أنحاء كثيرة من أستراليا».
وأضافت: «أتوجه بالشكر لخدمات الطوارئ، وأولئك الذين يعرضون حياتهم للخطر لمساعدة المجتمعات المحتاجة».


مقالات ذات صلة

قتيلان إثر حرائق غابات مستعرة في لوس أنجليس

الولايات المتحدة​ حريق يشتعل بسبب الرياح القوية التي أصابت مدينة لوس أنجليس (رويترز)

قتيلان إثر حرائق غابات مستعرة في لوس أنجليس

قضى شخصان وتعرّض كثر لإصابات خطرة جراء حرائق غابات عند مشارف مدينة لوس أنجليس في غرب الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
الولايات المتحدة​ مقيمون في كاليفورنيا خلال الإخلاء وسط حريق هائل يضرب المنازل (أ.ب)

حريق ضخم يخرج عن السيطرة قرب لوس أنجليس (صور وفيديو)

اندلع حريق غابات آخر تؤججه الرياح في لوس أنجليس الأميركية، وخرج عن السيطرة.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال جولته في الأمازون (أ.ف.ب)

بايدن في زيارة غير مسبوقة للأمازون

يزور جو بايدن الأمازون ليكون أول رئيس أميركي في منصبه يتوجه إلى هذه المنطقة، في وقت تلوح فيه مخاوف بشأن سياسة الولايات المتحدة البيئية مع عودة دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (أمازوناس)
الولايات المتحدة​ امرأة وزوجها وسط أنقاض منزلهما الذي أتى عليه الحريق في كاماريللو (أ.ب)

حرائق كالفورنيا «تلتهم» أكثر من 130 منزلاً

أكد عناصر الإطفاء الذين يعملون على إخماد حريق دمّر 130 منزلا على الأقل في كالفورنيا أنهم حققوا تقدما في هذا الصدد الجمعة بفضل تحسن أحوال الطقس.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
الولايات المتحدة​ رجل إطفاء يوجه خرطوم مياه نحو النار في منزل دمّره حريق «ماونتن فاير» قرب لوس أنجليس (أ.ف.ب)

السيطرة على حرائق غابات مدمّرة قرب لوس انجليس

بدأ رجال الإطفاء السيطرة على حريق غابات استعر قرب مدينة لوس انجليس الأميركية وأدى إلى تدمير ما لا يقل عن 132 مبنى.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
TT

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

يُطلق المهندس اللبناني عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية. ليستْ هنا محصورةً في عَكْس وجوهٍ وأشياء تتقاطع ضمن حدودها، فتنتهي الحاجة إليها باطمئنان الرائي إلى مظهره، أو إدخال تعديل عليه، أو بلملمة انعكاسات خارجية. بمَنْحها وَقْعاً جمالياً، تتحوّل إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر، فيستوقفه ليتساءل عن ماهيتها: أهي مرآة أو لوحة فنّية، وماذا لو كانت الاثنتين معاً؟ في «ذا ميرور بروجيكت» بمنطقة مار مخايل البيروتية، مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق.

تتحوّل المرآة إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر (ذا ميرور بروجيكت)

نُسِجت علاقةٌ بالمرايا في داخل الشاب البالغ 37 عاماً منذ المرة الأولى التي تسلَّم فيها مشروعاً وتعذَّر إيجاد مرآة بملامح فنّية. رفض الاكتفاء بزجاج يتيح للآخر رؤية نفسه من خلاله؛ فالمسألة بالنسبة إليه تتخطّى الدور المُعدّ سلفاً، والمَهمَّة الجاهزة. المرايا «فنّ وظيفي»، لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها وتُكافأ ببرودة الناظر إليها. يُحوّل عبد الله بركة الغاليري معرضَه الدائم، فتصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تسرق العين من احتمال الاكتفاء بالنظرة الخاطفة.

المرايا «فنّ وظيفي» لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها (ذا ميرور بروجيكت)

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» بشغف الفنان الباحث عن لمسة، ويُذكّر بأنّ الهندسة الداخلية تتطلّب عمقاً في النظرة والأفكار، وخَلْق مزاج فنّي خاص. يقول عبد الله بركة: «لا أريد للمرآة أن تتحلّى بدور واحد. ذلك حَدٌّ لها. المرايا هي الأشخاص. أي نحن حين تُرينا أشكالنا وصورنا. وهي انعكاس يمكن أن نشعر به، فإذا بإبهاره الجمالي المُعبَّر عنه في التصميم والكادر، يجَعْل ذلك الشعور متبادَلاً، فيُعدّل حالة نفسية أو يُغيّر نظرة تجهُّم. هذا فعلُ اللون حول المرآة وقالبها. بمجرّد أنها ليست تقليدية، يحدُث الأثر في الناظر».

يُطلق عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية (ذا ميرور بروجيكت)

لم تكن يسيرةً ولادة الغاليري. مخاضُها خليطٌ من إحباط ومحاولة. يعود إلى عام 2019 المفصلي في لبنان. كلّ شيء بدأ يتغيَّر، والمسارات تتّخذ شكل السقوط. لم يدرك مكانه في وطن شديد التقلُّب؛ مباغت، وطافح بالمفاجآت. يروي: «الفراغ كان مميتاً. أشغالٌ توقّفت ومشروعات تبخَّرت. أسوةً بشباب لبناني لمس انسداد الأفق، تراءى منزلي مساحة اختناق. في تلك اللحظة، هبَّ الأمل. اشتريتُ ألواناً ورحتُ أرسم، وصمَّمتُ أشكالاً بالطين، فلمحتُ طريقي».

لا يريد عبد الله بركة للمرآة أن تتحلّى بدور واحد (ذا ميرور بروجيكت)

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة. أراد وضع حدّ لحقيقة أنّ غاليريهات المرايا الفنّية في بيروت نادرة. اليوم، ليس عليه أو على زملاء المهنة البحث الطويل عن مرآة مشتهاة: «تعدّدت أدوات صناعة المرايا وكثَّفتُ العمل. كلما سمعتُ إطراء أردتُ مزيداً منه. في الغاليري أعمالي وأعمال مصمّمين من أميركا وكندا وأفريقيا الجنوبية وتايلاند وهولندا وأوكرانيا... خلف مراياهم قصص. ثمة مرايا مصمَّمة بالأسيد المحروق، وأخرى بالزجاج المُطبَّع، وصنف تتداخل بكادراته ألوان مُبهِجة. ولمّا تعدَّدت أسفاري، تعرَّفتُ إلى مدارس التصميم خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا، وتعمّقت في جَعْل هذا الشغف واقعاً. اليوم أقول: أنا شاب لبناني بلغ اليأس. فرغَ العالم من حولي. وشعرتُ بالأبواب الموصدة. ثم نهضت. استراتيجية التفكير تبدَّلت، وأصبحت المعادلة: الآن أو أبداً! انتظار الوقت المناسب يهدر العمر. كل لحظة هي وقتٌ مناسب».

تصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تجذب العين (ذا ميرور بروجيكت)

أمضى شهراً ونصف شهر يُصمّم مرايا بأشكال خلّاقة حتى ساعات الليل المتقدّمة، استعداداً لإطلاق المعرض بعد تأخُّر فَرَضَه الظرف اللبناني. «4 مرايا علّقتُها على جدرانه قبل ربع ساعة من فَتْح الباب للحضور!»، يُكمل ضاحكاً. إحدى الزائرات رمت على مسمعه ما علَّم في أعماقه: «لم نكن نعلم أنّ هذه المرايا حاجة. متى أدخلناها إلى منازلنا أصبحت منّا». ومن كثافة الإقبال وحلاوة الأصداء، يُدرك أنه على السكّة التي نادته، أو ناداها؛ يمنحها كلَّه فتمنحه الإشباع الذاتي.

بعض المرايا بسيط يحوط به كادر يُجمِّل البساطة (ذا ميرور بروجيكت)

بعض المرايا بسيط، يحوط به كادر يُجمِّل البساطة. يتعامل عبد الله بركة مع تصاميمه بما يُبقي على الأساس، وهو المُتوقَّع من المرآة بوصفها زجاجاً يستجيب للانعكاسات؛ لكنه أساسٌ (Basic) لا يكتفي بنفسه، وإنما يتعدّاها إلى الغاية الجمالية والبُعد الفنّي ما دام الزجاج مقولباً بالألوان ومتداخلاً بإطار مُبتَكر. يرى في المرايا حكايات، وإنْ خلت صفحتها من أي شكل: «تُخبرني دائماً بأنّ المشاعر أصدق ما نملك. هي الدافع لنُنجز ما طال انتظاره. باستطاعتها تعويض غياب اللوحة عن الجدار. مشغولة بحبٍّ مماثل».