برلمان ليبيا يصوّت بإحالة السراج للقضاء بتهمة «الخيانة العظمى»

السفارة الأميركية تبحث مصير الميليشيات... ومصر تنفذ «عملية كاملة» في «المتوسط»

جانب من اجتماعات مجلس النواب الليبي في بنغازي أمس (رويترز)
جانب من اجتماعات مجلس النواب الليبي في بنغازي أمس (رويترز)
TT

برلمان ليبيا يصوّت بإحالة السراج للقضاء بتهمة «الخيانة العظمى»

جانب من اجتماعات مجلس النواب الليبي في بنغازي أمس (رويترز)
جانب من اجتماعات مجلس النواب الليبي في بنغازي أمس (رويترز)

في تطور لافت، صوّت مجلس النواب الليبي بالإجماع، أمس، على «قطع العلاقات مع تركيا»، و«إلغاء اتفاقية التعاون الأمني والعسكري وترسيم الحدود البحرية»، التي وقعتها مع حكومة «الوفاق»، واعتبارها «كأن لم يكن»، بينما قال الجيش المصري أمس إنه «نفذ عملية برمائية كاملة بإحدى مناطق البحر المتوسط، باشتراك حاملة المروحيات جمال عبد الناصر ومجموعتها القتالية».
وصوت مجلس النواب، الذي يعتبر بمثابة البرلمان الشرعي الوحيد في ليبيا، بالإجماع بعد جلسة عقدها في مدينة بنغازي «شرق»، وفقاً لما أعلنه المتحدث الرسمي باسمه، على إحالة السراج ووزيري خارجيته وداخليته، وكل من ساهم في «جلب الاستعمار» إلى ليبيا للقضاء بتهمة «الخيانة العظمى». بالإضافة إلى تصويته بالإجماع أيضاً على إلغاء الاتفاق السياسي المبرم في منتجع «الصخيرات» بالمغرب نهاية عام 2015، واصفاً إياه بـ«غير الدستوري»، وطالب المنظمات والهيئات الدولية والمجتمع الدولي بسحب الاعتراف الدولي من حكومة السراج.
وكان المجلس قد خصص جلسته أمس لمناقشة ما سماه بـ«تداعيات التدخل التركي السافر» في الشؤون الليبية، ومصادقة البرلمان التركي على إرسال قوات غازية إلى ليبيا.
وفيما قال بيان مقتضب لعملية «بركان الغضب»، التابعة لقوات «الوفاق»، إن «الجيش الوطني» قصف جواً بوابة الـ17، المدخل الشرقي لمدينة سرت الساحلية، أمس، أدان يعقوب الحلو، نائب رئيس بعثة الأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في ليبيا، الغارات الجوية والقصف المكثف على العاصمة الليبية وما حولها، وحث أطراف النزاع على إدراك أن الهجمات العشوائية ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية والاستهداف المباشر للعاملين الصحيين والمرافق الصحية «قد تشكل جريمة حرب».
وقالت البعثة إنه منذ مطلع الشهر الماضي قتل ما لا يقل عن 11 مدنياً، وأصيب أكثر من 40 آخرين، وتم إجبار 12 منشأة صحية على الإغلاق. كما تم استهداف عدة مرات الجزء المدني من مطار معيتيقة، الذي يعد البوابة الوحيدة لسكان طرابلس للسفر إلى الخارج، ونقطة إيصال الخدمات الإنسانية والخدمات المنقذة للحياة، حيث سقطت عدة صواريخ على محيط المطار، ما تسبب في اضطراب وتعليق الطيران المدني.
من جهتها، كشفت السفارة الأميركية لدى ليبيا، أمس، النقاب عن عقد اجتماع لخبراء أميركيين مع ممثلين عن حكومة السراج لتحديد ما وصفته بخطوات ملموسة للقضاء على الميليشيات، التي اعتبرتها واحدة من القضايا الأساسية التي تكمن وراء الصراع في ليبيا.
وبحسب البيان فقد ثمّنت الولايات المتحدة استعداد الحكومة لمعالجة هذه القضية، مشيرة إلى أنها ستظل على اتصال عميق مع جميع الشركاء الليبيين أثناء تنفيذهم لتدابير تهدف لإزاحة هذه الجماعات العنيفة. ولفت البيان إلى أن هذه المحادثات «تأتي في وقت يهدّد فيه التدخل الأجنبي السام بتقويض سيادة ليبيا، وسلامة أراضيها، وتصعيد الوضع إلى صراع إقليمي أوسع»، مؤكداً أن «الولايات المتحدة لا تزال على قناعة بأنّه لا يمكن تحقيق الاستقرار على المدى الطويل إلا من خلال إنهاء الصراع، والعودة إلى التفاوض السياسي، وإنشاء حكومة موحدة قادرة على توفير الأمن والازدهار للشعب الليبي، ومنع الإرهابيين من إيجاد ملاذ آمن في ليبيا».
في غضون ذلك، قال الجيش المصري، أمس، إن «القوات البحرية نفذت عملية برمائية كاملة بإحدى مناطق البحر المتوسط، باشتراك حاملة المروحيات جمال عبد الناصر ومجموعتها القتالية، شملت الفرقاطات طراز «جو ويند»، وطراز «بيري» ولنشات صواريخ طراز «سليمان عزت».
وأوضح المتحدث باسم القوات المسلحة العقيد تامر الرفاعي، في بيان أمس، أن إحدى الغواصات الألمانية الحديثة طراز 209 وعدداً من وحدات مكافحة الغواصات، وعناصر متعددة من القوات الخاصة البحرية شاركت في العملية، مبرزاً أن القوات الجوية شاركت في العملية، من خلال الهليكوبتر الحديثة «طراز كاموف» وطائرات «الأباتشي»، وطائرات «f - 16». إضافة إلى الطائرات طراز «شينوك»، كما شاركت مجموعات قتالية من قوات المظلات والصاعقة، إضافة إلى مجموعة قتالية خاصة من قوات المنطقة الشمالية العسكرية.
وأضاف أن «التدريب تميز بالتنوع في أساليب القتال مع الاستخدام لجميع عناصر العملية البرمائية، سواء من حيث التخطيط والتنفيذ المتقن لجميع الأفرع الرئيسية، والتشكيلات التعبوية والقوات الخاصة، وذهب إلى أن ذلك «عكس بصورة واضحة إمكانيات أجهزة القيادة العامة للقوات المسلحة في الإشراف والقيادة، والسيطرة على هذا النوع من التدريبات المعقدة على المستوى الاستراتيجي والتعبوي والتكتيكي، الذي يتطلب تنسيقات على جميع المستويات».
واستكمالاً للتنديد بقرار البرلمان التركي الذي سمح بنشر قوات في ليبيا، أدانت هيئة كبار العلماء بالأزهر، أمس، ما سمته «التصعيدات تجاه ليبيا»، ودعت «دول العالم بمنع التدخل الخارجي في ليبيا قبل حدوثه، وحفظ السلم والأمن الدولي»، معلنة رفضها «سطوة الحروب التي تقود المنطقة والعالم نحو حرب شاملة».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.