بحر الحضارات يحتضر... المشاكل البيئية تخنق البحر المتوسط

بحر الحضارات يحتضر... المشاكل البيئية تخنق البحر المتوسط
TT

بحر الحضارات يحتضر... المشاكل البيئية تخنق البحر المتوسط

بحر الحضارات يحتضر... المشاكل البيئية تخنق البحر المتوسط

لطالما كانت ضفاف البحر المتوسط موطناً لعدد كبير من الحضارات، وعبر أمواجه أبحرت سفن الفينيقيين وقدامى المصريين والإغريق والرومان والمسلمين، فمثّل بذلك جسر تواصل بين الشرق والغرب والجنوب والشمال. وفي مراحل كثيرة، شهد هذا البحر صراعات الشعوب ومغامراتها التي غيّرت وجه التاريخ من دون أن تترك ندوباً ظاهرة على جسده.
وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بدأ كل شيء بالتغيُّر مع شق قناة السويس، فأصبح البحر المتوسط شرياناً رئيسياً للتجارة العالمية. ومع اكتشاف النفط في الخليج، صار المتوسط معبراً هاماً للإمداد بالطاقة، ثم أعلنته الاكتشافات الأخيرة مكمناً واعداً للغاز الطبيعي، مما ينذر بتأجيج نيران الصراعات القائمة على شواطئه الشرقية والجنوبية، ويعمّق الجراح التي تنال من نظمه الطبيعية.
تعاني معظم البحار في العالم مشاكل بيئية، لكن طبيعة الصراع على المتوسط، لا سيما في أجزائه الشرقية، حولته إلى ساحة معركة لا يبالي الكثيرون بحجم التخريب الذي ينالها. ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فمياهه هي من بين الأكثر تأثراً بتغيُّر المناخ العالمي، إذ ترتفع حرارتها بمعدلات متسارعة تصل حالياً إلى 0.12 درجة مئوية في السنة. كما تعتبر شواطئ المتوسط من أكثر مناطق العالم تأثراً بارتفاع البحار، لأن معظم النشاطات الصناعية والسياحية في دول الحوض تتركز في الأراضي الساحلية المنخفضة. وكان العالم المصري الراحل الدكتور محمد عبد الفتاح القصاص اقترح بناء حاجز متحرك في مضيق جبل طارق للتحكم بمستوى ارتفاع البحر المتوسط. لكن هذا يحتاج إلى دراسات معقدة، تأخذ في الاعتبار أثر حاجزٍ كهذا على حرارة المياه وتركيزات التلوث في منطقة مغلقة.
وفيما تمثل مساحته أقل من 1 في المائة من مجمل مساحة البحار في العالم، يختنق البحر المتوسط بما يعادل 7 في المائة من كمية المواد البلاستيكية الدقيقة التي تغص بها المحيطات. ويقدر تقرير صدر سنة 2015 عن خطة عمل البحر المتوسط، التي يديرها برنامج الأمم المتحدة للبيئة، أن كمية النفايات البلاستيكية التي ترمى فيه تتجاوز 730 طناً يومياً، حيث تمثل ست دول فقط هي تركيا وإسبانيا وإيطاليا ومصر وفرنسا والجزائر مصدراً لثلاثة أرباع هذه الكمية.
كما يُستخدم المتوسط كمصب لجميع أنواع المنصرفات الملوثة، ابتداءً بمياه الصرف الصحي غير المعالجة مروراً بالمياه العادمة الصناعية وانتهاءً بالمنسكبات النفطية. ورغم كونه مصدر رزق لملايين الناس الذين يعتمدون على البحر في معيشتهم من خلال الصيد والتجارة والسياحة، فإن أكثر أبنائه لا يهتمون برئتهم الزرقاء، التي أصبحت مع الوقت مضرب مثل لهم في اللامبالاة، كما يظهر في القول الشائع: «أعمل منيح وكُب بالبحر».
مأساة المتوسط هي في جغرافيته غير التقليدية، إذ إنه بقلة منافذه على المياه المفتوحة أقرب ما يكون إلى البحيرة المغلقة، حيث تقترح إحدى الدراسات أن قطرة الماء التي تأتيه من المحيط الأطلسي تستغرق مائة عام لتعود إلى مصدرها. ويؤدي انغلاق المتوسط على نفسه إلى زيادة تركيز السموم التي تصب فيه. ولأن كبرى تياراته المائية تتجه من الغرب إلى الشرق، فإن شواطئ بلاد الشام وتركيا ومصر تتحمل العبء الأكبر من الضرر.
وفي الشرق أيضاً، ترمي الصراعات بثقلها في مياه المتوسط. فحسب تقارير رسمية سورية، أدى تخريب خطوط وقود تحت الماء قبالة مصب بانياس النفطي إلى تدفق كميات كبيرة من النفط الخام إلى البحر في نهاية شهر يونيو (حزيران) 2019. حيث كانت آثار التسرب تُشاهد في نطاق 100 كيلومتر. وفي غزة، يستمر صب أغلب الصرف الصحي في البحر مباشرة من دون معالجة، بسبب مصاعب تتصل بتوفير الطاقة وحظر إسرائيلي على استيراد مواد وتجهيزات معالجة المياه والمنصرفات إلى القطاع، بادعاء أن 70 في المائة من مكوناتها تدخل في الاستخدام العسكري.
لعقود كثيرة مضت، ساهمت الأطماع الاستعمارية ونماذج الاحتلال المباشر وغير المباشر في تعميق الفجوة الاقتصادية والسياسية بين بلدان جنوب المتوسط ودول الشمال. وللتغلب على الأزمات المالية المزمنة، كانت أغلب دول شمال أفريقيا وجنوب أوروبا وبلاد الشام تضع حماية البحر المتوسط في مرتبة أدنى على حساب استقطاب الاستثمارات بأي ثمن لتوفير قوت شعوبها.
وأحياناً تأتي المشاكل من حيث لا تكون متوقعة. فقناة السويس، التي جعلت البحر المتوسط مفترق طريق لـ30 في المائة من الملاحة البحرية العالمية، صارت معبراً للأنواع الحية الغازية القادمة من البحر الأحمر، مثل سمكة الأسد العدوانية السامة التي تهدد الشعاب المرجانية ومصائد الأسماك. وازدادت مشكلة الأنواع الغازية بعد توسعة قناة السويس سنة 2014. حتى أصبحنا اليوم نشهد نحو ألف نوع حي غريب عن منظومة المتوسط الأحيائية.
ومع تفاقم المشاكل البيئية يوماً بعد يوم، أشعلت الاكتشافات الغازية والنفطية في قاع المتوسط تسابقاً محموماً للظفر بثرواته البحرية بين عمالقة الطاقة في العالم. ويفتقر الكثير من هذا النشاط إلى دراسات دقيقة للأثر البيئي، إذ إن دول المنطقة تتسابق على تحقيق أرباح سريعة لدعم اقتصاداتها. ويخشى دعاة حماية التنوع الحيوي أن تؤدي فوضى الناقلات والحفارات ومنصات التنقيب إلى ما لا يحمد عقباه. والأمثلة على ذلك كثيرة، ففي مطلع 2019 جرفت الأمواج عشرات السلاحف النافقة على طول سواحل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويعتقد باحثون أن هذا الحادث مرتبط بتفجيرات استكشافية تحت الماء.
وفي اليونان، يؤدي الضجيج الناتج عن حركة الملاحة عبر قناة السويس واستكشاف مكامن الطاقة إلى قتل أو طرد حيتان العنبر والحيتان ذات المنقار، وهي حساسة لأمواج السونار. وربما تزداد الأمور سوءاً إذا نجحت أوروبا في سعيها لإنشاء شبكة أنابيب تمدها بالغاز الطبيعي عبر البحر المتوسط للحد من اعتمادها على الغاز الروسي.
وبينما تزداد المخاوف البيئية، يتحول المتوسط إلى برميل بارود تطمح فيه كل دولة إلى زيادة نفوذها الإقليمي. فتركيا تتبع استراتيجية يرى العديد من جيرانها أنها محاولة للسيطرة على شرق المتوسط، وكذلك تعزز مصر وإسرائيل واليونان قدراتها لحماية ما تراه حقوقاً مكتسبة في حقول الغاز البحرية.
وفي البحر المتوسط، أجرت روسيا مؤخراً كبرى مناوراتها العسكرية منذ انتهاء الحرب الباردة، كما تقوم الولايات المتحدة بتكثيف عملياتها في المنطقة بعد عقود من التجاهل. حتى إيران تسعى إلى موطئ قدم على شواطئ المتوسط، وكذلك الصين التي تلحظه ضمن خطتها التجارية المعروفة باسم مبادرة الحزام والطريق.
وفيما لا تزال فرص الصدام ضئيلة، تبقى التجاذبات والمصالح السياسية كافية لتجميد التعاون العابر للحدود بهدف حماية البحر المتوسط. ومن الواضح أن الإدارة الإقليمية السيئة لهذا المورد الطبيعي والتداخلات السياسية والاقتصادية تفرض واقعاً قد لا يكون على المدى البعيد في صالح جميع الفرقاء.
هناك العديد من الخيارات لإنقاذ البحر المتوسط من مصيره المحتوم، تبدأ أولاً بتعزيز التعاون بين بلدانه باعتبار حماية بيئته هماً مشتركاً يجب تحييده عن الخصومات. ولكن يبدو هذا الخيار بعيداً عن الواقع، حيث تنفق الدول المتوسطية على السلاح أضعافاً مضاعفة، فيما تبقى ميزانيات حماية البيئة أمراً شكلياً.
لايزال المشهد على الشواطئ الشرقية للمتوسط يخطف الأنفاس بجماله في كثير من الأماكن، ولذلك قلما يدرك أحد حجم الكارثة التي تحتضنها الأعماق. ومع تغيُّر المناخ والنمو السكاني المطرد، ستطفو المشاكل إلى السطح على شكل عواصف أكثر عنفاً خلال وقت لا يمكن التنبؤ به.
وبعيداً عن النفط والغاز، قد تكون المكاسب الاقتصادية من البحر المتوسط هي أفضل حافز لحمايته. فعلى شواطئه التي يجتمع عليها 200 مليون سائح كل عام لن يكون من المقبول مشاهدة أكوام القمامة ومعاينة الطفح الجلدي الناجم عن المياه الملوثة وأسراب قناديل البحر. وفي هذه المنطقة الهشة اقتصادياً، لن تتمكن الحكومات من غض النظر طويلاً عن الضربات الموجعة التي يتلقاها أحد أهم مصادر مواردها المالي

(يستند هذا المقال إلى تقرير صدر حديثاً عن مجموعة الأطلسي الشهرية)


مقالات ذات صلة

مصر: غالبية الدول تعتبر مشاريع قرارات «كوب 27» متوازنة

شمال افريقيا وزير الخارجية المصري سامح شكري (إ.ب.أ)

مصر: غالبية الدول تعتبر مشاريع قرارات «كوب 27» متوازنة

أكد رئيس مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27) سامح شكري اليوم (السبت) أن «الغالبية العظمى» من الدول تعتبر مشاريع القرارات التي قدمتها رئاسة مؤتمر المناخ «متوازنة» بعدما انتقدها الاتحاد الأوروبي. وأوضح وزير خارجية مصر سامح شكري للصحافيين بعد ليلة من المفاوضات المكثفة إثر تمديد المؤتمر في شرم الشيخ أن «الغالبية العظمى من الأطراف أبلغتني أنها تعتبر النص متوازنا وقد يؤدي إلى اختراق محتمل توصلا إلى توافق»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وتابع يقول «على الأطراف أن تظهر تصميمها وأن تتوصل إلى توافق».

«الشرق الأوسط» (شرم الشيخ)
بيئة البيئة في 2021... قصص نجاح تعزز الأمل في تخفيف أزمة المناخ

البيئة في 2021... قصص نجاح تعزز الأمل في تخفيف أزمة المناخ

شهدت سنة 2021 الكثير من الكوارث والخيبات، لكنها كانت أيضاً سنة «الأمل» البيئي. فعلى الصعيد السياسي حصلت تحولات هامة بوصول إدارة داعمة لقضايا البيئة إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة. كما شهدت السنة العديد من الابتكارات الخضراء والمشاريع البيئية الواعدة، قد يكون أبرزها مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر» التي أطلقتها السعودية. وفي مجال الصحة العامة، حقق العلماء اختراقاً كبيراً في مواجهة فيروس كورونا المستجد عبر تطوير اللقاحات وبرامج التطعيم الواسعة، رغم عودة الفيروس ومتحوراته. وفي مواجهة الاحتباس الحراري، نجح المجتمعون في قمة غلاسكو في التوافق على تسريع العمل المناخي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق فرقة «كولدبلاي» تراعي المعايير البيئية في جولتها سنة 2022

فرقة «كولدبلاي» تراعي المعايير البيئية في جولتها سنة 2022

أعلنت فرقة «كولدبلاي» البريطانية، الخميس، عن جولة عالمية جديدة لها سنة 2022 «تراعي قدر الإمكان متطلبات الاستدامة»، باستخدام الألواح الشمسية وبطارية محمولة وأرضية تعمل بالطاقة الحركية لتوفير كامل الكهرباء تقريباً، فضلاً عن قصاصات «كونفيتي» ورقية قابلة للتحلل وأكواب تحترم البيئة. وذكرت «كولدبلاي» في منشور عبر «تويتر» أن «العزف الحي والتواصل مع الناس هو سبب وجود الفرقة»، لكنها أكدت أنها تدرك «تماماً في الوقت نفسه أن الكوكب يواجه أزمة مناخية». وأضاف المنشور أن أعضاء فرقة الروك الشهيرة «أمضوا العامين المنصرمين في استشارة خبراء البيئة في شأن سبل جعل هذه الجولة تراعي قدر الإمكان متطلبات الاستدامة» و«

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق بعد انخفاضها بسبب الإغلاق... انبعاثات الكربون تعاود الارتفاع

بعد انخفاضها بسبب الإغلاق... انبعاثات الكربون تعاود الارتفاع

انخفضت انبعاثات الغازات المسببة للاحترار العالمي بشكل كبير العام الماضي حيث أجبر وباء «كورونا» الكثير من دول العالم على فرض الإغلاق، لكن يبدو أن هذه الظاهرة الجيدة لن تدوم، حيث إن الأرقام عاودت الارتفاع بحسب البيانات الجديدة، وفقاً لشبكة «سي إن إن». وتسببت إجراءات الإغلاق لاحتواء انتشار الفيروس التاجي في انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 7 في المائة على مدار عام 2020 - وهو أكبر انخفاض تم تسجيله على الإطلاق - وفق دراسة نُشرت أمس (الأربعاء) في المجلة العلمية «نيتشر كلايميت شينج». لكن مؤلفيها يحذرون من أنه ما لم تعطِ الحكومات الأولوية للاستثمار بطرق بيئية في محاولاتها لتعزيز اقتصاداتها الم

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
بيئة 5 ملفات بيئية هامة في حقيبة بايدن

5 ملفات بيئية هامة في حقيبة بايدن

أعلن الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن أن وزير الخارجية السابق جون كيري سيكون له مقعد في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، وهي المرة الأولى التي يخصّص فيها مسؤول في تلك الهيئة لقضية المناخ. ويأتي تعيين كيري في إطار التعهدات التي قطعها جو بايدن خلال حملته الانتخابية بإعادة الولايات المتحدة إلى الطريق الصحيح في مواجهة تغيُّر المناخ العالمي ودعم قضايا البيئة، بعد فترة رئاسية صاخبة لسلفه دونالد ترمب الذي انسحب من اتفاقية باريس المناخية وألغى العديد من اللوائح التشريعية البيئية. وعلى عكس ترمب، يعتقد بايدن أن تغيُّر المناخ يهدّد الأمن القومي، حيث ترتبط العديد من حالات غياب الاستقرار

«الشرق الأوسط» (بيروت)

علماء يحذّرون من انهيار سريع لتيار رئيسي في المحيط الأطلسي

أشخاص يسبَحون في المحيط الأطلسي بجنوب غربي فرنسا (أ.ب)
أشخاص يسبَحون في المحيط الأطلسي بجنوب غربي فرنسا (أ.ب)
TT

علماء يحذّرون من انهيار سريع لتيار رئيسي في المحيط الأطلسي

أشخاص يسبَحون في المحيط الأطلسي بجنوب غربي فرنسا (أ.ب)
أشخاص يسبَحون في المحيط الأطلسي بجنوب غربي فرنسا (أ.ب)

دقّ علماء ناقوس الخطر بشأن انهيار أسرع من المتوقع لنظام معقّد من التيارات المحيطية بالمحيط الأطلسي، من شأنه أن يؤدي لعواقب «كارثية» على دول اسكندنافيا الغارقة في البرد، بينما ترتفع درجة حرارة بقية الكوكب.

وفي رسالة مفتوحة إلى قادة مجلس بلدان الشمال الأوروبي الذين يجتمعون، الاثنين، في العاصمة الآيسلندية، ريكيافيك، أكّد نحو 40 باحثاً دولياً أن التأثيرات ستكون «على الأرجح» محسوسة في جميع أنحاء العالم.

ويشكّل «دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي» (AMOC) نظاماً معقّداً من التيارات المحيطية، بما يشمل تيار الخليج الدافئ الذي يساعد على تنظيم الحرارة بين المناطق الاستوائية ونصف الكرة الشمالي، وبالتالي فهو حاسم لظروف المعيشة في القطب الشمالي.

ويُعدّ انهيار هذا النظام، الذي ضعف بالفعل على مدى العقدين الماضيين وفق دراسة نُشرت هذا العام، إحدى نقاط التحوّل التي تُقلق العلماء بسبب سلسلة الكوارث التي يمكن أن تؤدي إلى حدوثها. لكن لا إجماع حول التاريخ الذي يُتوقع أن يحدث ذلك فيه.

وفي تقرير التقييم السادس الذي نُشر في عام 2023، أعرب خبراء المناخ المفوّضون من الأمم المتحدة (الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ - IPCC) عن «مستوى متوسط من الثقة في حقيقة أن دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي لن ينهار قبل عام 2100».

ومع ذلك، كما يقول الموقِّعون على الرسالة المفتوحة، فإن بحوثاً أُجريت أخيراً «تشير إلى أن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ قد قلّلت من شأن هذا الخطر، وأن تجاوز نقطة التحول هذه هو احتمال جِدّي في العقود المقبلة».

ولفت هؤلاء إلى أن «التأثيرات، خصوصاً على بلدان الشمال الأوروبي، من المرجّح أن تكون كارثية، بما في ذلك التبريد الكبير للمنطقة، بينما تكون المناطق المحيطة دافئة».

وأضاف الموقّعون على الرسالة: «سيمثّل هذا تضخيماً وتكثيفاً للنقطة الباردة (منطقة باردة بشكل غير طبيعي) التي تشكّلت بالفعل فوق المنطقة شبه القطبية في المحيط الأطلسي، ومن المحتمل أن تؤدي إلى ظواهر مناخية متطرفة غير مسبوقة».

وقال الباحثون إن هذا الأمر قد يهدّد «احتمال» استمرارية الزراعة في شمال غربي أوروبا.

لكن آثار ذلك «من المحتمل» أن تكون محسوسة أيضاً على نطاق عالمي، من خلال «التحول في أحزمة هطول الأمطار الاستوائية، وتقليل امتصاص المحيطات لثاني أكسيد الكربون (وبالتالي زيادة أسرع في معدلاته في الغلاف الجوي)، بالإضافة إلى ارتفاع كبير في مستوى سطح البحر».

ويجمع مجلس الشمال بين الدنمارك وفنلندا وأيسلندا والنرويج والسويد، بالإضافة إلى مناطق عدة في المنطقة (جُزر فارو وغرينلاند وآلاند).

ويجتمع قادة هذه الدول يومَي الاثنين والثلاثاء في ريكيافيك؛ لحضور قمة تمت دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إليها أيضاً.