القضاء على سليماني... قرار اتخذه ترمب وتجنبه أسلافه

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

القضاء على سليماني... قرار اتخذه ترمب وتجنبه أسلافه

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

أمر دونالد ترمب، أمس (الجمعة)، بتنفيذ عملية اختار الرؤساء الأميركيون السابقون تجنبها، وهي القضاء على قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» المكلف بالعمليات الخارجية لإيران، الذي كان يعرقل السياسة الأميركية في المنطقة. وكان أسلاف ترمب يخشون من أن يتسبب مقتل سليماني بحرب جديدة في المنطقة، في وقت توجد فيه القوات الأميركية على الأرض في كل من أفغانستان والعراق.
لكن بعد مناوشات دامت 3 سنوات بين الولايات المتحدة والفصائل الموالية لإيران في المنطقة، بلغت ذروتها هذا الأسبوع مع هجوم على السفارة الأميركية في بغداد، اختار ترمب المجازفة، ونفذ الجيش الأميركي الضربة «بعملية محددة بواسطة طائرة مسيرة» قرب مطار بغداد.
وقال مسؤولون أميركيون، سابقون وحاليون، إن أجهزة الأمن الأميركية رصدت سليماني على مدى أعوام، وبحثت في مناسبات كثيرة التخلص منه، لكنها ترددت دوماً في التحرك.
وتابع مسؤولون أن الأمر الذي أصدره ترمب بقتل ثاني أهم رجل في إيران، بعد المرشد الإيراني علي خامنئي، جاء بعد سلسلة من المناقشات رفيعة المستوى على مدى الأسبوع الماضي، تشمل اجتماعاً مع أهم أعضاء فريقه للأمن القومي يوم الأحد، في أثناء قضاء ترمب العطلة في منتجع مار ألاجو في فلوريدا.
وقال مسؤولون بارزون إن الضربة الجوية التي أمر بها ترمب جاءت بعد معلومات مخابراتية تستوجب التحرك، تفيد بأن سليماني (62 عاماً) يخطط لهجمات وشيكة ضد دبلوماسيين أميركيين والقوات المسلحة في العراق ولبنان وسوريا وأنحاء أخرى من الشرق الأوسط.
وحسب وكالة «رويترز»، فعلى مدى أعوام، سافر سليماني في أنحاء المنطقة، غالباً تحت نظر الجيش الأميركي وأجهزة المخابرات، دون أن يعبأ على ما يبدو باحتمال أن ينتهي به الأمر في مرماهم، بينما يساهم في بناء جماعات مسلحة تحارب بالوكالة في المنطقة، وهو ما أثار قلق الولايات المتحدة.
وقال مسؤول سابق في الإدارة الأميركية إن سليماني أبدى ثقة مفرطة «بشكل فج»، خاصة بعد أن قتلت «كتائب حزب الله» المدعومة من إيران متعاقداً أميركياً في قاعدة بشمال العراق، وهو ما أدى لضربات جوية أميركية أودت بحياة 25 شخصاً. وقال المسؤول السابق لوكالة «رويترز» للأنباء: «منحنا ذريعة لاتخاذ القرار».

* «تصفية الهدف»
وقال مسؤولون، طلبوا عدم نشر أسمائهم، إن قرار التخلص من سليماني اتخذ بعد الاجتماع الذي تم الترتيب له على عجل لترمب في مار ألاجو، يوم الأحد، مع وزير الخارجية مايك بومبيو، ووزير الدفاع مارك إسبر، ومستشار الأمن القومي روبرت أوبريان، ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي.
ومن جانبه، قال أوبريان للصحافيين: «كان تحركاً دفاعياً؛ اتخذ الرئيس قراراً واضحاً لا لبس فيه». وأضاف أحد المسؤولين أن الأمر النهائي «لتصفية الهدف» جاء بعد اقتحام مقاتلين موالين لإيران السفارة الأميركية في بغداد هذا الأسبوع، مشيراً إلى أن الخيارات كانت تشمل استهداف قادة قوات «الحشد الشعبي» وهجمات إلكترونية، لكن القرار استقر في النهاية على استهداف سليماني.
وقال مسؤولون أميركيون إن سليماني كان دائماً يعتبر عدواً تلطخت يداه بدماء أميركيين، منهم المئات من الجنود الذين قتلوا في حرب العراق التي بدأت في 2003 بعبوات ناسفة إيرانية الصنع، لكن ظل الأميركيون يميلون لعدم التخلص منه.
وفي سياق متصل، قال رئيس أركان الجيش الأميركي مارك ميلي، أمس (الجمعة)، إنه في حالة عدم استهداف سليماني «كنا سنُتهم بالإهمال»، وأضاف: «كانت في حوزة الولايات المتحدة معلومات مؤكدة، مفادها أن سليماني يخطط لأعمال عنف أكبر بكثير»، وأوضح: «خطر عدم التحرك كان أكبر من خطر التحرك».
وكشف مسؤول كبير في وزارة الدفاع، طلب عدم كشف اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه تمّ تسريع عملية استهداف سليماني من باب الصدفة. وقال المسؤول إن سليماني «وصل إلى المطار، وسنحت لنا الفرصة»، وتابع: «استغللنا الفرصة استناداً إلى أوامر الرئيس».
واعتبر نواب وخبراء أميركيون أن ما حصل قد يدفع بالبلدين إلى حرب مفتوحة. وذكرت النائبة الديمقراطية إليسا سلوتكين، المحللة السابقة في مكتب التحقيقات الفيدرالي (سي آي إيه)، الخبيرة في الفصائل الشيعية، التي عملت في البنتاغون خلال إدارتي جورج دبليو بوش وباراك أوباما، أن هذين الرئيسين تساءلا عن جدوى اغتيال سليماني.
وغردت على موقع «تويتر»: «سؤال واحد منع رئيسين أميركيين، أحدهما ديمقراطي والآخر جمهوري، من تصفية سليماني»، وهو: «هل تستحق غارة جوية عمليات الرد عليها، واحتمال زجنا في نزاع؟». وقالت: «خلصت الإدارتان اللتان عملت لحسابهما إلى أن الغاية لا تبرر الوسيلة، لكن إدارة ترمب قامت بحسابات أخرى».
https://twitter.com/RepSlotkin/status/1213127825286455298
وأكد نيد برايس، الذي كان مستشاراً أيضاً لأوباما، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «إدارة أوباما لم تقلل يوماً من أهمية دور» سليماني، خصوصاً نفوذه الذي يمتد أبعد من الشرق الأوسط. وتابع: «نفوذه يمتد أيضاً إلى الغرب»، موضحاً أن «فيلق القدس» قادر على التحرك في أوروبا وأميركا الجنوبية والولايات المتحدة.
واتخذ ترمب موقفاً مغايراً لسلفه، من خلال الانسحاب في 2018 من الاتفاق الدولي حول برنامج إيران النووي الذي تفاوض بشأنه أوباما، واختار ممارسة «أقصى ضغوط» على نظام طهران، من خلال فرض عقوبات اقتصادية صارمة. وردت طهران بمحاولة وقف الملاحة البحرية في الخليج، من خلال إسقاط طائرة مسيرة أميركية فوق مضيق هرمز، وقصف منشآت نفطية في السعودية.
ويرى الخبير في الشؤون الإيرانية ويل فالتون أنه في الماضي كان خطر قتل سليماني يعتبر مرتفعاً جداً، ويضيف: «اتسعت رقعة مهامه ونفوذه، وقررت إدارة ترمب أن نفوذ سليماني وقدرته على تحريك الأحداث في المنطقة تحولا إلى تهديد خطير جداً تجب معالجته».
وقال كبار الديمقراطيين في مجلس النواب الأميركي إنه لم يجر إطلاعهم على الأمر، كما جرت العادة قبل مثل هذه التحركات العسكرية المهمة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».