«التحرش الجماعي» يطل مجدداً ويثير مخاوف الشارع في مصر

«التحرش الجماعي» يطل مجدداً ويثير مخاوف الشارع في مصر
TT

«التحرش الجماعي» يطل مجدداً ويثير مخاوف الشارع في مصر

«التحرش الجماعي» يطل مجدداً ويثير مخاوف الشارع في مصر

كادت حوادث التحرش الجماعي المرتبطة بالتجمعات الجماهيرية ومواسم الأعياد تتلاشى، إلى أن استفاق المصريون، مع أوائل العام الجديد، على حادثة جديدة وقعت في مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية (بدلتا مصر)، في ليلة رأس السنة، ليشير ذلك إلى حقيقة أن «الحلول القانونية والأمنية، التي اتخذت بعد وقوع الحوادث الماضية، تحتاج إلى مزيد من التفعيل والتغليظ، بالإضافة إلى معالجة أشمل للقضية لا تقتصر على تلك الحلول».
واتخذت الحكومة المصرية حلولاً أمنية وقانونية وُصفت بـ«القاسية»، بعد حادثة التحرش الجماعي التي وقعت في يونيو (حزيران) 2014، قرب ميدان التحرير بوسط القاهرة، في أثناء الاحتفالات بتنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيساً لمصر، التي كانت الحادثة رقم 500 بين حوادث التحرش الجماعية، التي وثّقتها منظمات حقوقية مناهضة للتحرش.
وسبق أن شدّد الرئيس المصري على ضرورة مواجهة الظاهرة بكل حزم، واتخاذ ما يلزم من إجراءات للتصدي لها... وأعقب ذلك صدور قانون يغلّظ عقوبة التحرش الجنسي، ليعاقب الفاعل بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 3 آلاف جنيه، ولا تزيد على 5 آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين... كما نص القانون على عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه، ولا تزيد على 10 آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني.
ومنذ هذا التحرك، اختفى الحديث تماماً عن هذه الظاهرة، وظن المصريون أن إظهار الأمن والقانون «العين الحمراء» للمتحرشين كان كافياً، إلى أن حدثت واقعة المنصورة، التي أثار فيديو انتشر لها ردود فعل غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بسبب إصرار المتحرشين على التحرش بالفتاة لفظياً وجسدياً، رغم التفاف عدد من الشباب حولها لحمايتها.
ويظهر في الفيديو عشرات الشبان وهم يتحرشون لفظياً وجسدياً بفتاة عشرينية بشارع الجمهورية بمدينة المنصورة، وسط صراخها، ليهرع عدد من الشبان الآخرين للإحاطة بها وحمايتها، ودَفْعها داخل سيارة لمغادرة المكان، وسط إصرار من المتحرشين على النيل منها.
وأحدثت الواقعة حالة من الصدمة لدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي دفع وزارة الداخلية المصرية إلى التحرك السريع لإلقاء القبض على الجناة، وأعلنت أنها أوقفت سبعة أشخاص شاركوا في واقعة التحرش بالفتاة.
وتبارى رواد مواقع التواصل الاجتماعي في تفسير ما سَمّوه بـ«سعار التحرش» الذي بدأ في الفيديو، فأرجعته فتاه تُدعى «فيروز قمر»، إلى خطاب ديني محرّض على الفتيات اللاتي لا يرتدين الحجاب. وقالت في تغريده على حسابها الرسمي بـ«تويتر» إن «فيديو التحرش بفتاة المنصورة وتعريتها من قبل عدة ذكور، هذا نتاج ثقافة أن المرأة عورة، وخطب لشيوخ تتحدث عن فتنة المرأة، واعتبارهن عاريات، إن لم يلبسن الحجاب».
من جهتها، طالبت الدكتور سامية خضر، أستاذة الاجتماع بجامعة عين شمس، بتغليظ العقوبة، وتطبيقها بحزم، لكنها نادت قبل ذلك بإصلاح المشكلة من جذورها، المتمثلة في غياب الثقافة. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «نحتاج إلى ثقافة تقوم بتغذية الروح، المتمثل في القلب والعقل، لكن، للأسف، الشائع حالياً هو ثقافة تغذي الغرائز، ويظهر ذلك في كلمات الأغاني والحوارات في المسلسلات التلفزيونية».
وترى خضر أن «مصر لديها رصيد ثقافي وحضاري يمكن أن يساهم في هذا الاتجاه؛ لكن وزارة الثقافة تعجز عن الاستفادة منه»، لافتة إلى ضرورة «وجود وزارة ثقافة قوية تعمل على تغذية الروح، ويدعم عملها إعلام لديه رؤية ينقل هذه البرامج الثقافية».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».