سوق العمل الألمانية تعاني بشدة في مرحلة تحول كبرى

ركود الصناعات يدفع مؤشر الوظائف للتراجع

أدى تراجع الطلب الصناعي إلى زيادة البطالة في ألمانيا (رويترز)
أدى تراجع الطلب الصناعي إلى زيادة البطالة في ألمانيا (رويترز)
TT

سوق العمل الألمانية تعاني بشدة في مرحلة تحول كبرى

أدى تراجع الطلب الصناعي إلى زيادة البطالة في ألمانيا (رويترز)
أدى تراجع الطلب الصناعي إلى زيادة البطالة في ألمانيا (رويترز)

أفادت بيانات صادرة الجمعة بأن البطالة في ألمانيا ارتفعت أكثر من المتوقع في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مما يعزز المؤشرات إلى أن الضعف في قطاع الصناعات التحويلية يؤثر سلباً على سوق العمل في أكبر اقتصادات أوروبا.
وأظهرت بيانات من مكتب العمل الاتحادي أن عدد العاطلين ارتفع بواقع 8 آلاف إلى 2.279 مليون، بعد التعديل في ضوء العوامل الموسمية. ويأتي ذلك بالمقارنة مع متوسط توقعات لـ«رويترز» كان لزيادة قدرها ألفان.
وأثر ركود في قطاع الصناعات التحويلية ناجم عن ضعف الصادرات على سوق العمل القوية في ألمانيا التي تشكل دعامة دورة نمو يقودها الاستهلاك، وتسبب أيضاً في ضعف النمو.
وأظهرت البيانات أن زيادة البطالة هي الأعلى منذ مايو (أيار) الماضي. واستقر معدل البطالة عند 5 في المائة، بزيادة طفيفة عن المستوى القياسي المنخفض 4.9 في المائة، المسجل في وقت سابق من 2019.
كما أشار تقرير ثانٍ إلى تراجع الطلب على الأيدي العاملة في ألمانيا خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي أيضاً بسبب تراجع النمو الاقتصادي، حيث تراجع مؤشر الوظائف بالوكالة الاتحادية للعمل في ألمانيا خلال الشهر الماضي، مقارنة بالشهر الذي قبله بنسبة 5 نقاط، ليستقر عند 223 نقطة.
وقالت الوكالة الاتحادية للعمل، الخميس، إن مقارنة ذلك بالشهر نفسه من العام قبل الماضي ينتج نقصاً قدره 31 نقطة في مؤشر ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأضافت الوكالة أن مقارنة طويلة الأجل تبين المستوى الكبير للحاجة إلى توظيف الأيدي العاملة لسد النقص.
ويتضح ضعف الطلب على القوى العاملة، وفقاً لبيانات الوكالة، في الوقت الحالي بصفة خاصة، في قطاعات المواصلات والخدمات اللوجيستية والقطاع الصناعي والتجاري والعمل لبعض الوقت وقطاع السياحة. أما في القطاعات المرتبطة بالنمو الاقتصادي، مثل الإدارة العامة والقطاع الاجتماعي والصحي، وكذلك قطاع التربية، فإن أصحاب هذه القطاعات تبحث بشدة عن الأيدي العاملة الجديدة.
وتقوم بيانات الوكالة على أساس البحث الحالي والفعلي عن الوظائف لدى الشركات، وتعد أرقام عام 2004 قيمة مرجعية في المتوسط، حيث حصلت قيم ذلك العام على 100 نقطة.
ويشير كثير من المراقبين إلى أن هناك مخاوف كبرى تتعلق بسوق العمل في أكبر اقتصاد أوروبي نتيجة تراجع الاقتصاد العالمي من جهة، ومخاض الحروب التجارية من جهة أخرى، التي تؤثر على الطلب العالمي، خاصة في اقتصاد كبير يعتمد بالأساس على الصناعة.
وفي وجهة نظر أخرى، ذكر رئيس اتحاد أرباب العمل بألمانيا، إنجو كرامر، أن سوق العمل في البلاد في حالة تحول محورية ترقى لأن تكون ثورة صناعية، في ظل التحول الرقمي الحالي.
وقال كرامر لوكالة الأنباء الألمانية: «إننا في منتصف ثورة صناعية... ولكنها ليست الأولى. وكل ثورة صناعية، بدءاً من اختراع الطاقة البخارية إلى إدخال الحواسب الآلية، وفرت أماكن عمل أكثر مما كانت موجودة قبلها».
وأضاف كرامر أنه لن تبقى كل وظيفة كما هي، وقال: «وذلك أيضاً ليس أمراً جديداً، ولكن الوظائف تتغير بوتيرة أسرع اليوم أكثر مما كان يحدث في الماضي. يتعين علينا مواصلة تدريب العاملين لمواكبة ذلك. الشركات تعلم تحديداً نوعية المهارات التي سيكون هناك حاجة لها، وتستثمر بشكل كبير في مواصلة تدريب العاملين لديها».
وقال رئيس اتحاد الصناعات الألمانية، ديتر كمبف، لوكالة الأنباء الألمانية، إنه يتعين على ألمانيا المضي قدماً بالتعليم الرقمي في المدارس، وأضاف: «إنه أمر غير مجد تماماً من وجهة نظري؛ ألا يكون هناك تعليم رقمي كافٍ في مراحل التعليم الثانوي. ولا يعني ذلك أن يصير الجميع قادرين على البرمجة، ولكن يتعين علينا تثقيف الشباب بالسيادة الرقمية، ويجب تأهيل المعلمات والمعلمين لذلك».
وإلى جانب ذلك، أكد كمبف أهمية موضوع التعلم مدى الحياة، أي المرونة في مواصلة التعلم، وقال: «ملامح الوظائف تتغير؛ يتعين علينا تمكين الناس من المشاركة في هذه التغييرات... إن ذلك ليس مهمة سياسية فحسب، ولكنها مهمة خاصة بالشركات أيضاً».


مقالات ذات صلة

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

منظومة الطيران السعودية تحقق نسبة امتثال تبلغ 94.4 % بمؤشر تطبيق معايير الأمن

عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)
عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)
TT

منظومة الطيران السعودية تحقق نسبة امتثال تبلغ 94.4 % بمؤشر تطبيق معايير الأمن

عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)
عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)

أكد رئيس «الهيئة العامة للطيران المدني السعودي»، عبد العزيز الدعيلج، أن السعودية حريصة على التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة التحديات الأمنية التي تواجه القطاع، مشيراً إلى أن المنظومة حققت نسبة امتثال بلغت 94.4 في المائة في تطبيق معايير الأمن، وذلك ضمن تقرير «التدقيق الشامل لأمن الطيران» الذي أصدرته «منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو)»؛ مما يضع البلاد في مصافّ الدول الرائدة عالميّاً بهذا المجال.

جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد تزامناً مع «أسبوع الأمن لمنظمة الطيران المدني الدولي 2024»، الذي تستضيفه حالياً عُمان خلال الفترة من 9 إلى 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بالتعاون مع منظمة «إيكاو»، وبمشاركة قادة ورؤساء منظمات وهيئات الطيران المدني بالعالم.

وأفاد الدعيلج بأن «التحديات الأمنية المتصاعدة التي تواجه القطاع حالياً تتسم بالتعقيد والتنوع، كالهجمات السيبرانية واستخدام الطائرات من دون طيار في أعمال تهدد الأمن، بالإضافة إلى التهديدات الناشئة عن التقنيات الحديثة، مثل الهجمات الإلكترونية على الأنظمة الرقمية للطيران»، مشيراً إلى أن «هذه التهديدات أصبحت تُشكّل خطراً جديداً يحتاج إلى استراتيجيات مبتكرة للتصدي لها».

وأوضح الدعيلج أن «جهود السعودية في مجال أمن الطيران المدني، تتمحور حول مجموعة من المحاور الأساسية التي تهدف إلى تعزيز الجاهزية الأمنية وضمان سلامة القطاع على جميع الأصعدة».

ووفق الدعيلج، فإن بلاده «عملت على تحديث وتطوير الأنظمة الأمنية بما يتماشى مع أحدث المعايير الدولية، عبر تعزيز أنظمة الكشف والمراقبة في المطارات باستخدام تقنيات متقدمة، إضافة إلى توظيف الذكاء الاصطناعي لتحليل المخاطر وتقديم استجابات سريعة وفعالة للتهديدات المحتملة».

وأضاف الدعيلج أن السعودية «أولت اهتماماً كبيراً بالأمن السيبراني في ظل التحديات التكنولوجية الراهنة؛ إذ طورت برامج مختصة لحماية الأنظمة الرقمية ومنصات الحجز والعمليات التشغيلية للطيران، مما يعزز قدرة القطاع على التصدي للهجمات الإلكترونية».

وأشار الدعيلج إلى أن السعودية تسعى إلى بناء قدرات بشرية متميزة في هذا المجال، «عبر إطلاق برامج تدريبية متطورة بالتعاون مع المنظمات الدولية، بهدف تأهيل الكوادر الوطنية وتعزيز جاهزيتها للتعامل مع مختلف السيناريوهات الأمنية».

وقال الدعيلج إن السعودية «ساهمت بشكلٍ كبير في دعم المبادرات الإقليمية والدولية الرامية إلى تعزيز الأمان في هذا القطاع الحيوي، وأسهمت بشكل فعال في تطوير استراتيجيات أمنية مشتركة مع دول مجلس التعاون الخليجي؛ بهدف تعزيز التنسيق الأمني بين الدول، وهو ما يضمن استجابة سريعة وفعالة للتحديات الأمنية».

وواصل أن بلاده «شريك رئيسي في المبادرات الدولية التي تقودها (منظمة الطيران المدني الدولي - إيكاو)، وأسهمت في صياغة سياسات أمن الطيران وتنفيذ برامج تهدف إلى تحسين مستوى الأمن في جميع أنحاء العالم، من ذلك استضافة المملكة المقر الدائم لـ(البرنامج التعاوني لأمن الطيران المدني في منطقة الشرق الأوسط CASP - MID) التابع لـ(إيكاو)، ودعم (منظمة الطيران المدني الدولي) من خلال مبادرة (عدم ترك أي بلد خلف الركب)».