روسيا وإيران تتقاسمان «النفط الأميركي» شمال شرقي سوريا

مجلس الشعب أقر اتفاقات لتأسيس مصفاة خاصة ومد انابيب من العراق إلى البحر المتوسط

روسيا وإيران تتقاسمان «النفط الأميركي» شمال شرقي سوريا
TT

روسيا وإيران تتقاسمان «النفط الأميركي» شمال شرقي سوريا

روسيا وإيران تتقاسمان «النفط الأميركي» شمال شرقي سوريا

وافقت دمشق على تقديم عقود جديدة تضمنت استثناءات وامتيازات خاصة، لشركات روسية وأخرى مدعومة من إيران للتنقيب عن النفط واستثمار الغاز وتطوير شبكات نقل استراتيجية من غرب العراق إلى غرب سوريا على البحر المتوسط. إذ أظهرت وثائق اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، بين وزارة النفط وشركة يملكها محمد براء قاطرجي، أحد رجال الأعمال النافذين المدرج على قائمة العقوبات الأميركية، وجود خطط لتأسيس مصفاة خاصة بطاقة قدرها 120 ألف برميل يومياً في منطقة قرب عاصمة «داعش» إلى ميناء طرطوس قرب القاعدة الروسية، وتطوير خطوط نقل النفط لرفع الإنتاج إلى نحو 520 ألف برميل يومياً مع تقديم إعفاءات ضريبية استثنائية للشركتين.
تزامن توقيع العقدين مع منح الحكومة عقودا إضافية لشركتين روسيتين، علما بأن معظم آبار النفط ومصانع الغاز تقع حالياً تحت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية التي يدعمها التحالف بقيادة واشنطن في شرق الفرات.
كان مجلس الشعب (البرلمان) أقر الشهر الماضي مشروعي قانون أحالهما الرئيس بشار الأسد، لتأسيس شركتي مصفاة الرصافة في الرقة وتطوير شبكة خطوط أنابيب لنقل النفط وتطوير مصب النفط في طرطوس، موقعين بين المؤسسة العامة للتكرير وتوزيع المشتقات النفطية الحكومة ممثلة بعدنان صالح، من جهة وشركة «أرفادا» السورية ممثلة بمحمد براء قاطرجي و«شركة سالزار شيبنغ» اللبنانية ممثلة بمحمد عدنان الشهابي من جهة ثانية.
وبراء قاطرجي المدرج على قائمة العقوبات الأميركية، وضعت الحكومة السورية اسمه بين 50 اسما يمثلها في اللجنة الدستورية التي بدأت أعمالها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لاقتراح إصلاح دستوري. وعلم أن الاتحاد الأوروبي أعد قائمة جديدة من رجال الأعمال لفرض عقوبات عليهم، بينهم شخص عضو في اللجنة الدستورية، يعتقد أنه قاطرجي.
كان حسام النائب في مجلس الشعب عن «فئة العمال والفلاحين»، شقيق براء، تعرض لانتقاد بسبب تسريب فيديو تضمن تحركه في سيارة فخمة وسط صفين من المسلحين الذي يؤدون له التحية، الأمر الذي دفع حسام إلى تقديم اعتذار عن سلوكه من زملائه والرئيس الأسد.

وأسست عائلة قاطرجي مجموعة اقتصادية ضخمة تعمل في تجارة الحبوب والنفط بين مناطق «قوات سوريا الديمقراطية» والحكومة ونشاطات سياحية، ما جعل أفرادها من أبرز «الأثرياء الجدد». ويعتقد أنهم بين رجال الأعمال القلائل الذين قدموا قروضا إلى خزينة الحكومة بلغت أكثر من 300 مليون دولار أميركي.

- وثائق
ونص الاتفاق الأول على تأسيس شركة مشتركة خاصة بين الحكومة وشركة قاطرجي لـ«إنشاء وتجهيز وإدارة مصفاة لتكرير النفط الخام الثقيل وإنشاء مصانع ووحدات مرتبطة بالتكرير»، وتجهيز مصفاة للنفط لـ«إنشاء وتجهيز وتشغيل وإدارة مصفاة لتكرير النفط الثقيل وتوابعها بطاقة تكرير تصميمية قدرها 60 ألف برميل تصل إلى 120 ألفا يومياً على مراحل في مصفاة الرصافة في محافظة الرقة وفق مشروع متكامل».
وذكر العقد التزامات الطرف الأول، أي الحكومة، بينها «تزويد المصفاة بالنفط السوري الخام الفائض من حاجة المصافي (الحكومية) بأسعار يتفق عليها مع مكتب تسويق النفط»، وتقديم «إعفاءات» وتسهيلات المرور لـ«العاملين الأجانب» شرط ألا تقل العمالة الوطنية عن 90 في المائة.
وحدد العقد رأسمال الشركة بعشرة مليارات ليرة سورية، بحيث تكون حصة الحكومة عينية قدرها 15 في المائة، فيما يذهب باقي الحصص إلى الشركة الخاصة. وجاء في العقد: «تُعفى أسهم الشركة وأموالها وأرباحها وتوزيعاتها وتحويلاتها وجميع نشاطات الشركة من الضرائب والرسوم مهما كان نوعها وطبيعتها بما فيها ضريبة الداخل»، إضافة إلى إعفائها من «ضريبة الأتعاب... وتستفيد الشركة من كافة الإعفاءات والتسهيلات التي لم يرد نصها في هذه الاتفاقية».

- عقد خدمة
استند الاتفاق الثاني المسمى بـ«عقد لتطوير وتوسيع مصب النفط في طرطوس، وإنشاء منظومة جديدة لنقل وإعادة تأهيل وصيانة منظومة نقل النفط القائمة» بين الطرفين إلى القوانين ذاتها التي تسمح بالتعاقد بين الحكومة والقطاع الخاص، وقدم ذات الاستثناءات والإعفاءات والحصص بين الطرفين، الحكومي والخاص.
وتضمنت خطة المشروع «تنفيذ خطوط نقل نفط جديدة وخزانات إضافية في مصب طرطوس» وإنشاء خطة لتأهيل خطوط تمتد من غرب العراق إلى شرق سوريا إلى طرطوس قرب القاعدة الروسية. وتضمن الاتفاق خرائط تفصيلية للمشروع لمصب طرطوس الحالي والمرفأ، إضافة إلى خطوط النقل للنفط الثقيل بين تل عدس وحمص بطول 559 كلم الذي تطورت طاقته لتصل حالياً 271 ألف برميل يومياً «لكن لم يتم تشغيله بهذه الاستطاعة بسبب تلف فيه».
وتمتد منظومة نقل النفط الخفيف من حدود العراق إلى بانياس التي تشمل خط جمبور، إذ «يمتد نحو 466 كلم بين المحطة الأولى في العراق ومنطقة الميلية، أي شرق حمص بـ22 كلم». وتشمل المنظومة أيضا خط كركوك الذي أنشئ في 1961 ويمتد من المحطة الأولى في العراق إلى منطقة اللوبيدة بطول 424 كلم داخل سوريا (من حدود العراق إلى اللوبيدة 392 كلم ومنها إلى حدود لبنان بطول 32 كلم). وهناك يتفرع إلى بانياس بطول 96 كلم. ونص العقد: تم تدمير محطة ضخ النفط الثانية في بداية أبريل (نيسان) 2013 والثالثة في 21 مايو (أيار) 2015.
عليه، حسب خطط الاتفاق، يمكن تطوير خط نقل النفط الثقيل لضخ 120 ألف برميل يومياً، وإعادة تأهيل منظومة نقل النفط الخفيف لضخ 400 ألف برميل بين حدود العراق ومنطقة الميل بطول 466 كلم. وتضمن العقد خطة طموحة لـ«إنشاء منظومة جديدة للنفط الثقيل بطاقة 300 ألف برميل يوميا وأخرى للنفط الخفيف لضخ مليون برميل يومياً».
واقترح الاتفاق أيضا تطوير مصب طرطوس بإنشاء تسعة خزانات سعة 40 ألف متر مكعب وستة سعة 20 ألفا وترميم خزانات، لزيادة الطاقة التخزينية إلى ثلاثة ملايين برميل «من خلال الإفادة من المنطقة المملوكة للشركة الحكومية».
تزامن ذلك، مع إقرار مجلس الشعب ثلاثة مشاريع قوانين متضمنة تصديق عقود للتنقيب عن النفط واستثمار الغاز مع شركتي «ميركوري» و«فيلادا» الروسيتين. وقال وزير النفط علي غانم إن: «عقود التنقيب تهدف لزيادة عمليات الإنتاج وإدخال مناطق جديدة بالخدمة وتأتي ضمن التوجه الحكومي للدول الصديقة التي وقفت إلى جانب سوريا وعلى رأسها روسيا وإيران وهي تحقق أفضل الشروط التجارية قياساً بالعقود التي أبرمت خلال السنوات الماضية من النواحي الفنية والقانونية».
كانت دمشق أعطـت طهران عقدا لإدارة مرفأ اللاذقية قرب القاعدة الروسية، وأعطت موسكو عقدا لتشغيل مرفأ طرطوس قرب القاعدة الروسية، إضافة إلى مفاوضات حول تشغيل مطار دمشق. كما أبرمت اتفاقاً لإقامة قاعدة عسكرية جديدة في القامشلي قرب القوات الأميركية بعد قرار الرئيس دونالد ترمب سحب قواته إلى المنطقة الشرقية من شرق الفرات، لحماية حقول النفط والاستمرار في متابعة خلايا «داعش».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).