«أروقة الأزهر» لمجابهة الأفكار المتطرفة و«ضبط الخطاب الديني»

«كبار العلماء» تطالب بعقوبات لمن يخرج عن «المنهج الوسطي»

TT

«أروقة الأزهر» لمجابهة الأفكار المتطرفة و«ضبط الخطاب الديني»

في إطار جهود الأزهر لمجابهة الأفكار المتطرفة وتصويب المفاهيم المغلوطة، أُطلق في «أروقة الأزهر» بالقاهرة نظاماً تعليمياً جديداً، يتماشى مع «مقتضيات قضية تجديد الخطاب الديني». بينما طالبت هيئة كبار العلماء في مصر بـ«اتخاذ عقوبات فورية لمن يخرج عن المنهج الوسطي»، مؤكدة أن «موقف الأزهر ثابت تجاه كل من يخرج على المنهج الأزهري الوسطي، وأنه لن يسمح لأحد الخروج بما يتناقض مع ما هو معروف عن الأزهر من سماحة واعتدال».
يأتي هذا في وقت يواصل الأزهر التحضير لمؤتمره العالمي حول «تجديد الفكر والعلوم الإسلامية» يومي 27 و28 يناير (كانون الثاني) الجاري، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونخبة من كبار القيادات والشخصيات السياسية والدينية البارزة على مستوى العالم. وقالت «كبار العلماء» أمس، إن «صناعة التجديد صناعة دقيقة، لا يقوى عليها إلا الراسخون في العلم، وللأزهر العديد من الجهود في مجال تجديد العلوم والدعوة، كما نظّم الكثير من الأنشطة والفعاليات في ذلك الشأن».
واعتمد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، أمس، نظاماً تعليمياً في الجامع الأزهر، يطلق عليه «السلم التعليمي» بأروقة الأزهر. وقالت المشيخة إن «النظام الجديد يهدف إلى نشر الفكر الوسطي الصحيح، من خلال فتح نوافذ جديدة لتدريس المنهج الأزهري، لتحصين العقول ضد الأفكار الهدامة، وضبط لغة الخطاب الديني، وتصحيح المفاهيم المغلوطة».
ويُعد الجامع الأزهر من أشهر مساجد العالم الإسلامي، وهو جامع وجامعة منذ إنشائه على يد جوهر الصقلي عندما بنى القاهرة الفاطمية عام 970 ميلادية. وحسب بيان المشيخة، أمس، فإن «(السلم التعليمي) الجديد قام على مراجعته أساتذة من التخصصات كافة، ويأتي متماشياً مع مقتضيات التجديد دون العبث بالتراث، من خلال ثلاث مراحل هي: المرحلة التمهيدية وتهدف إلى الوقوف على مبادئ العلوم الشرعية والعربية، والمرحلة المتوسطة وتهدف إلى استكمال وتأصيل لما سبق تعلمه في المرحلة التمهيدية... وتتكون المرحلتان الأولى والثانية من مستويين كل مستوى ستة أشهر يعقبه امتحان شفهي وتحريري. فيما تهدف المرحلة الأخيرة إلى التخصص في مجال العقيدة، والحديث والتفسير، والفقه وأصوله، واللغة العربية، على أن يخضع كل مجال لأربعة مستويات، تستمر دراسته ستة أشهر».
وارتبطت فكرة الأروقة بالجامع الأزهر، وحسب الموقع الرسمي للمشيخة، فإن «الأزهر كجامعة، أفرد لكل جنسية وأهل إقليم من طلابه الذين وفدوا إليه من شتى بقاع العالم العربي والإسلامي (رواقاً) يقيمون فيه إقامة دائمة بالمجان طوال السنوات التي كانوا يقضونها في تحصيل العلوم في رحابه، وهي أماكن للإعاشة الكاملة بالمجان»... وكانت 16 رواقاً لغير المصريين يحمل كل واحد منها اسم أبنائه مثل «الشوام، والأكراد، والهنود والمغاربة»، فضلاً عن 12 رواقاً لأبناء المحافظات المصرية.... وكانت العلوم التي تُدرس في الجامع الأزهر تزيد على عشرين فرعاً، وتطورت فكرة الأروقة فيما بعد، وأنشأت مصر مدينة البعوث الإسلامية عام 1959.
في غضون ذلك، قررت هيئة كبار العلماء، أمس، «إنشاء لجنة ثقافية تتكفل بإعادة استئناف الموسم الثقافي بجامعة الأزهر، ومدينة البعوث، والمدن الجامعية بالأزهر، وإتاحة الوسائل التي تساعدها في مواجهة كل فكر يناقض وسطية وسماحة المنهج الأزهري، والعمل على تعرية أصحابه ومروجيه». ويدعو الرئيس السيسي إلى «ضرورة بدء تنفيذ (إجراءات ملموسة) في إطار المساعي لـ(إصلاح الخطاب الديني)، وذلك في مواجهة ما وصفه بـ(الآراء الجامحة والرؤى المتطرفة)».
وقال مصدر في الأزهر، إن «مؤتمر الأزهر العالمي حول تجديد الفكر يهدف إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة التي علقت بأذهان البعض، فضلاً عن تحصين الشباب من أفكار التنظيمات المتطرفة».
من جهته، أكد الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على أروقة الجامع الأزهر، أن «اعتماد (السلم التعليمي) يُعد خطوة مهمة من الخطوات التي يقوم بها الأزهر لمواجهة ومحاربة الأفكار المتطرفة الهدامة».


مقالات ذات صلة

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يوميات الشرق جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يجري العمل على قدم وساق لتقديم النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في 25 من يناير القادم، ما الذي يتم إعداده للزائر؟

عبير مشخص (لندن)
ثقافة وفنون المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة الدكتور سالم بن محمد المالك (صورة من الموقع الرسمي للإيسيسكو)

«الإيسيسكو» تؤكد أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي

أكد المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو»، الدكتور سالم بن محمد المالك، أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
أوروبا رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس يتحدث خلال اجتماع ترشيح الحزب في أوسنابروك ودائرة ميتيلمس في ألاندو بالهاوس (د.ب.أ)

زعيم المعارضة الألمانية يؤيد تدريب أئمة المساجد في ألمانيا

أعرب زعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرتس عن اعتقاده بأن تدريب الأئمة في «الكليةالإسلامية بألمانيا» أمر معقول.

«الشرق الأوسط» (أوسنابروك (ألمانيا))
المشرق العربي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬ في خطبة الجمعة بأكبر جوامع مدينة دار السلام التنزانية

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬، خطبةَ الجمعة ضمن زيارة لتنزانيا.

«الشرق الأوسط» (دار السلام)
شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)

شيخ الأزهر: مأساة فلسطين «جريمة إبادة جماعية» تجاوزت بشاعتها كل الحدود

لفت شيخ الأزهر إلى أن «ظاهرة جرأة البعض على التكفير والتفسيق وما تسوغه من استباحة للنفوس والأعراض والأموال، هي ظاهرة كفيلة بهدم المجتمع الإسلامي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».