السعودية تدرج قطاعات الثقافة في مناهج التعليم العام والأهلي

لتوفير بيئة تعليمية حاضنة للمواهب الوطنية في المجالات الإبداعية

بدر بن فرحان وحمد آل الشيخ أثناء توقيع الاتفاقية (واس)
بدر بن فرحان وحمد آل الشيخ أثناء توقيع الاتفاقية (واس)
TT

السعودية تدرج قطاعات الثقافة في مناهج التعليم العام والأهلي

بدر بن فرحان وحمد آل الشيخ أثناء توقيع الاتفاقية (واس)
بدر بن فرحان وحمد آل الشيخ أثناء توقيع الاتفاقية (واس)

وقّعت وزارة الثقافة السعودية مذكرتي تعاون مع وزارة التعليم، والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، تهدفان إلى تعزيز البرامج التعلمية والأنشطة الثقافية في قطاع التعليم، وإيجاد مسارات عملية للثقافة والفنون في مجالات التدريب التقني والمهني، بما يضمن توفير بيئة تعليمية حاضنة للمواهب الوطنية في مختلف المجالات الإبداعية.
ووقّع مذكرة التعاون بين وزارتي الثقافة والتعليم، الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة، والدكتور حمد آل الشيخ وزير التعليم، فيما وقّع مذكرة التفاهم الثانية حامد فايز نائب وزير الثقافة، والدكتور أحمد الفهيد محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وذلك في مقر وزارة الثقافة بالرياض أمس.
وتضمنت مذكرة وزارتي الثقافة والتعليم، التعاون في جانب التعليم وإجراء دراسة متكاملة تتناول تعزيز وإدراج القطاعات الثقافية الستة عشر في التعليم العام والعالي، وتفعيل المبادرات المنبثقة عنها، وتنفيذ نتائج وتوصيات الدراسة، والتنسيق والتعاون لتنفيذ توصيات الاستراتيجية الوطنية للثقافة، والتعاون بين الوزارتين لتحديث الأنظمة واللوائح ذات العلاقة، وتنمية قدرات العاملين في مجالات التعليم ذات العلاقة بالقطاعات الثقافية الستة عشر، وتفعيل مرافق وزارة التعليم لتطبيق الأنشطة الثقافية.
في حين تضمنت مذكرة تعاون وزارتي الثقافة والتعليم تطبيق وتسهيل إجراءات التراخيص والتصاريح للبرامج والأنشطة التعليمية والإثرائية واللاصفية ذات العلاقة بالقطاعات الثقافية الستة عشر في المدارس والجامعات والكليات والمعاهد الحكومية والأهلية، إلى جانب التعاون في تطوير وتوسعة التخصصات في القطاعات الثقافية الستة عشر في الجامعات والكليات والمعاهد الحكومية والأهلية، والتعاون في مجال الابتعاث للتخصصات في القطاعات الثقافية الستة عشر، والعمل على استقطاب جامعات وكليات خارجية، وتسهيل إصدار التصاريح اللازمة لتأسيسها، والمساهمة في تحديد شركاء ومساهمين محليين ودوليين.
وركّزت مذكرة التفاهم بين وزارة الثقافة والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني على التعاون في مجالات التدريب، وإجراء دراسة متكاملة لتعزيز وإدراج القطاعات الثقافية الستة عشر في التدريب، والتعاون في تبادل البيانات والمعلومات التي تعزز عمل وزارة الثقافة والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وتدعم تطوير برامجها، وتسهل إجراءات التراخيص للمؤسسات التدريبية الأهلية ذات العلاقة بالقطاعات الثقافية الستة عشر.
وتأتي المذكرتان في سياق سعي وزارة الثقافة إلى إيجاد مسارات علمية معنية بالثقافة والفنون، وتوفير بيئة داعمة للمواهب الوطنية، تبدأ من التعليم العام والعالي، وتمتد إلى المجالات التدريبية.
وجاءت أولى خطوات هذا المشروع بإعلان وزير الثقافة، أول من أمس، إطلاق أول برنامج للابتعاث الثقافي في تاريخ السعودية، سيوفر للطلاب والطالبات السعوديين فرصاً تعليمية نوعية لدراسة التخصصات الثقافية والفنية في أبرز الجامعات العالمية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».