سنوات السينما: The Bridge on the River Kwai‬

إليك غينس وسيسو هاياكاوا في «جسر فوق نهر كواي»
إليك غينس وسيسو هاياكاوا في «جسر فوق نهر كواي»
TT

سنوات السينما: The Bridge on the River Kwai‬

إليك غينس وسيسو هاياكاوا في «جسر فوق نهر كواي»
إليك غينس وسيسو هاياكاوا في «جسر فوق نهر كواي»

‪The Bridge on the River Kwai‬
‪(‬1957‪)‬
(ممتاز)
«جسر فوق نهر كواي» كان الفيلم الأول في التغيير الكبير الذي طرأ على سينما المخرج البريطاني ديفيد لين. قبله أفلام ذات أحجام محدودة أو متوسطة. غالباً دراميات عاطفية جيدة مثل «لقاء موجز» و«أوليفر تويست» و«توقعات كبيرة» (كلاهما عن أدب تشارلز ديكنز). بعده اختص المخرج بأفلام ذات أحجام عملاقة درامياً وإنتاجياً مثل «لورنس العرب» (1962) و«دكتور جيفاكو» (1965) ثم «ممر إلى الهند» (1984) الذي ختم به مجمل أفلامه.
الجسر المقصود هو ذاك الذي قررت القيادة العسكرية اليابانية بناءه فوق نهر كواي في منطقة في تايلاند لنقل العتاد والأسلحة من مواقعها الخلفية إلى الجبهات المتقدمة. للغاية تقوم بنقل أسرى من الجنود البريطانيين لاستخدامهم في عملية بناء هذا الجسر. لكن قائد الجنود كولونل نيكولسن (أليك غينس) يمتنع عن إصدار أوامره لجنوده للعمل تحت إشراف السجّانين اليابانيين لأن في ذلك خرقاً للمعاهدات الدولية. نتيجة هذا الرفض، يقوم قائد السجن العسكري سايتو (سيسو هاياكاوا) باعتقال نيكولسن وسجنه منفرداً فيما سمّاه «صندوق السخونة» (Heat Box). لكن سايتو لاحقاً ما يبرم اتفاقاً مع القائد البريطاني: سيقوم سايتو بمنح الضباط والجنود البريطانيين معاملة أفضل وحرية في القرارات الهندسية المتعلقة ببناء الجسر مقابل قيام نيكولسن بالتعاون المطلق مع القيادة اليابانية والإشراف على العمل والتغلب على أي مصاعب يواجهها من طرف الجنود البريطانيين الذين يرون في الاتفاق خنوعاً يصل إلى حد الخيانة.
المواجهة في الواقع مزدوجة. هي صراع قوي بين سجانين عنيفين وقساة وبين مسجونين ليس لديهم ما يخسرونه إلا الكبرياء إذا ما استجابوا وساعدوا في بناء الجسر. نيكولسن نفسه هو من سيواجه جنوده بحزم. بالنسبة إليه بناء الجسر هو عنوان الصمود ورقي فن الهندسة المعمارية للبريطانيين.
لا يوجد هناك فيلم آخر في تاريخ السينما الحربية (وسينما المعسكرات) ما يشابه هذا النوع من الصدام بين المفاهيم والمبادئ. في الوقت ذاته يوغل المخرج في سبر غور الشخصيات الماثلة. لا الكولونيل سايتو شريراً ولا الكولونيل نيكولسن ناصع الشخصية. هذا يتيح للمُشاهد حرية اتخاذ الموقف الذي يريده من كل طرف. بما أنه لم يشاهد سابقاً فيلماً يمنح الياباني والبريطاني تماثلاً في الخصال الرمادية فإن مقدار تحزبه التقليدي صوب الشخصيات الغربية محدود. يصر المخرج لين على توفير تبعات الشخصية اليابانية الثقافية. هو رجل بكبرياء شديد يصل إلى حد الفخر ويرتدي ثياب الساموراي (الفولكلور البطولي الأعلى في التاريخ الياباني) وينظر باستعلاء صوب البريطاني وهو يقول له: «أنتم المهزومون، لكنكم لا تشعرون بالخجل كونكم انهزمتم».
لكنّ القائدين، رغم كل التباعد بينهما، يتحوّلان إلى شخصين يعجب كل منهما بالآخر وخصاله وثقافته الإنسانية ويحترمه. هذا ما يزيد من انفراد الفيلم بالموقف واستبعاد العواطف التقليدية التي تعوّد عليها المشاهدون في أفلام الحرب العالمية الثانية التي تدين العدو وتحيي البطل.
إلى هذين القائدين هناك شخصية المجند الأميركي شيرز (ويليام هولدن)، كل هذا الكلام عن الثقافات والشأن التاريخي والتقاليد لا يعنيه. الحرب بالنسبة إليه تتلخص في كيف تبقى على قيد الحياة. بذلك فإن نهاية الفيلم هو أوج لكل هذه التناقضات.
صوّر جاك هيلديارد (لاحقاً «الرسالة» و«عمر المختار») الفيلم بما يلزمه من قيمة فنية. كان ماهراً في العمل على جماليات الفيلم ذي المواقع الطبيعية. الممثلون جميعاً (بينهم جاك هوكينز وجيفري هورن وجيمس دونالد) تحت لواء النص والإخراج المتمكن لأحد أهم رموز السينما حتى اليوم.


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

نجم بوليوود عامر خان يصرف النظر عن الاعتزال ويواصل التمثيل والإنتاج

نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
TT

نجم بوليوود عامر خان يصرف النظر عن الاعتزال ويواصل التمثيل والإنتاج

نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)

خطرت فكرة اعتزال السينما في بال نجم بوليوود، عامر خان، في خضمّ فترة التأمل التي أمضاها خلال جائحة كوفيد-19، لكنّ الممثل والمنتج الهندي بدّل رأيه مذّاك ويعتزم مواصلة مسيرته المهنية الغنية التي بدأت في سبعينات القرن العشرين.

وقال خان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، خلال مقابلة أجرتها معه في لندن، إنه مرّ قبل بضع سنوات بمرحلة إعادة نظر ذاتية.

وأضاف: «كان ذلك خلال أزمة كوفيد، وكنت أفكر في كثير من الأمور، وأدركت أنني قضيت حياتي بأكملها في عالم السينما السحري هذا منذ أن أصبحت بالغاً».

وتولى عامر خان بطولة عدد كبير من الأفلام التي حققت نجاحاً تجارياً واسعاً في بلده، ومنها «3 بلهاء» و«دانغال»، و«نجوم على الأرض»، كما اشتهر عامر خان بإنتاج وبطولة فيلم «لاغان Lagaan» الذي كان بين الأعمال المرشحة لجائزة الأوسكار للأفلام الأجنبية عام 2002.

وتابع خان الذي بدأت مسيرته التمثيلية منذ الطفولة في السبعينات، وأصبح لاسمه ارتباط وثيق ببوليوود: «لقد أدركت أنني لم أعطِ حياتي الشخصية الأهمية التي كنت أرغب فيها».

وزاد: «واجهتُ صعوبة في التغلب على الشعور بأنني أهدرت الكثير من الوقت، وكنت أشعر بالكثير من الذنب... كان رد فعلي الأول القول إنني اكتفيت من السينما».

لكنّ عائلته، وخصوصاً ابنه وابنته، أقنعته بالعدول عن الاعتزال. وقال: «في رأسي كنت أقول سأتوقف. ثم لم أفعل ذلك».

والآن، مع اقتراب عيد ميلاده الستين في مارس (آذار)، يريد عامر خان، الذي يعيش في مومباي، «مواصلة التمثيل والإنتاج لبعض الوقت».

«أحب أن أفاجئ جمهوري»

ويعتزم النجم الهندي أيضاً جعل شركته للإنتاج «عامر خان بروداكشنز» منصة «لتشجيع المواهب الجديدة التي تكون أحاسيسها قريبة» من أحساسيسه و«تريد أن تروي القصص» التي تهمه.

ومن ذلك مثلاً فيلم «لاباتا ليديز» Laapataa Ladies الكوميدي عن شابتين من منطقة ريفية في الهند، يطرح موضوع الزواج ووضع المرأة في بلده، وقد شارك في إنتاجه مع زوجته السابقة كيران راو، وحضر أخيراً إلى لندن للترويج له.

ويتناول عدد من أفلام عامر خان قضايا اجتماعية، مثل حقوق المرأة في المناطق الريفية، أو الصناعة الرياضية، أو الضغط المفرط في التعليم العالي أو حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

لكن خان يرفض أن يحبس نفسه في نوع واحد فقط من الأفلام أو الأدوار، وقال في هذا الصدد: «أحب التنويع والتطرق إلى قصص مختلفة. أحب أن أفاجئ نفسي وجمهوري».

ولم يتردد النجم البوليوودي في انتقاد نفسه أيضاً، مشيراً إلى أنه «غير راضٍ» عن أدائه في فيلم «لا سينغ شادا» Laal Singh Chaddha الهندي المقتبس من فيلم «فورست غامب» تم إنتاجه عام 2022، لكنه لم يحظَ بالاستحسان المألوف الذي تُقابَل به أعماله.

وأما في «أن يكون هذا الفيلم أفضل»، في إشارة إلى عمله الجديد «سيتار زامين بار» Sitaare Zameen Par الذي يُطرَح قريباً.

ورغم فوزه بالعشرات من الجوائز السينمائية في الهند بالإضافة إلى ثالث أعلى وسام مدني في بلده، فإن عامر خان يحرص على تقويم كل فيلم من أفلامه.

وشدّد على أن «إخراج فيلم أمر بالغ الصعوبة». وقال: «عندما أنظر إلى الفيلم الذي أخرجناه، ثم إلى السيناريو الذي كتبناه، أتساءل هل حقق الفيلم الأهداف التي حددناها».

وأضاف: «إذا وصلنا إلى ما أردناه، وصنعنا الفيلم الذي أردناه، فيشكّل ذلك ارتياحاً كبيراً».