عون يستعجل تأليف الحكومة اللبنانية... ودياب في «ورشة عمل» لاختيار «اختصاصيين»

حلحلة في عقدة التمثيل الدرزي واستبعاد لوزراء حكومة تصريف الأعمال

TT

عون يستعجل تأليف الحكومة اللبنانية... ودياب في «ورشة عمل» لاختيار «اختصاصيين»

يخوض الرئيس المكلف تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة حسان دياب «ورشة عمل» لاختيار تشكيلة حكومية من الاختصاصيين «تنسجم مع رؤيته للخروج من التأزم الاقتصادي والسياسي»، وسط معلومات عن أن إعلانها سيكون قريباً بعد إتمام عملية اختيار الوزراء، وعن اتفاق على استبعاد الوزراء الحاليين في حكومة تصريف الأعمال.
وتضاربت المعلومات حول موعد إعلان الحكومة، ففي وقت تقاطعت فيه معلومات من مقربين من الرئيس المكلف والثنائي الشيعي مفادها بأن الحكومة ستُعلن قبل السبت المقبل، رفضت مصادر وزارية تحديد مواعيد، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن الاحتمالات كلها واردة و«لا وقت محدداً لإعلان الحكومة بعد»، لافتة إلى أن هناك «عملاً مستمراً ودؤوباً لاختيار الوزراء من الاختصاصيين».
وكانت المعطيات الأولى تستند إلى أن الحكومة كان مقرراً أن تبصر النور قبل اجتماع «المجلس الشرعي الإسلامي» الذي عادة ما يُعقد في يوم السبت الأول من كل شهر، وهو الذي ينتظر اللبنانيون موقفاً منه تجاه الحكومة العتيدة، إلا إن اجتماع «المجلس الشرعي» لم يحدد موعداً بعد لانعقاده.
وأكد مصدر بارز في «المجلس الشرعي» لـ«الشرق الأوسط» أن الاجتماع لم يُحدد حتى يُقال إنه تأجل «وإن كانت جرت العادة أن يعقد في اجتماع دوري كل سبت من أول كل شهر برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان». ورأت مصادر أخرى أن هناك «ضرورة للتريث ولمواكبة ما يجري من تطورات» بخصوص تأليف الحكومة، مما يشير إلى احتمال أن يكون الموقف المنتظر بعد تأليف الحكومة وليس قبله.
ويتم تداول معلومات عن أن الفعاليات السنية، ولدى اطلاعها على الأسماء السنية المتداولة لتولي حقائب في الحكومة الجديدة، تشير إلى أن التمثيل السني فيها يبدو خجولاً، خصوصاً لجهة حصة بيروت فيها؛ إذ لا تزال تقتصر على الرئيس المكلف؛ دياب، فقط.
وفي حين تستمر المفاوضات لحلحلة العراقيل التي تقف في وجه تشكيل الحكومة، ذكرت قناة «إل بي سي» أن رئيس الجمهورية ميشال عون على عجلة من أمره للتأليف.
وغداة ظهور عقدة التمثيل الدرزي والامتعاض من أن تكون حصة الدروز مقتصرة على وزارة البيئة، تحدثت مصادر لـ«الشرق الأوسط» عن أن حلحلة جرت لهذا الملف عبر اقتراح بتوزير شخصية حيادية درزية تتولى حقيبتين وزاريتين إحداهما وازنة. وقالت مصادر إن رئيس مجلس النواب نبيه بري يدفع باتجاه هذا الاقتراح على قاعدة أن الدروز كانوا في الحكومة الماضية يتولون حقيبتي التربية والصناعة، فليس من المعقول أن يتولوا حقيبة البيئة فقط في الحكومة الجديدة.
وتقاطعت هذه المعلومات مع معطيات يرددها مطلعون على موقف الرئيس المكلف بأن الحصة الدرزية من الأساس كانت تقضي بمنح الدروز حقيبتين يتولاهما وزير واحد، مشيرين إلى أن هناك أنباء كثيرة في البلد يجري تداولها «لكن معظمها غير صحيح».
ويجري دفع باتجاه إعلان الحكومة سريعاً «ما دامت العقبة الأبرز التي تتمثل في توزير شخصيات كانت موجودة في الحكومة السابقة، قد تم حلها على قاعدة استبعاد كل أسماء الوزراء السابقين، ما يعني أن الأمور لا تحتمل مزيداً من المراوحة والتأخير».
وتقول مصادر مطلعة على مسار تشكيل الحكومة إن الرئيس المكلف يخوض ورشة عمل لاختيار الوزراء الأكفأ بين الخيارات الموجودة، ويجري اختيار الاختصاصي الأفضل من بين أسماء الاختصاصيين في حوزته، مشددة على أنه مصرّ على اختيار وزراء اختصاصيين ينسجمون معه بوصفه رئيساً اختصاصياً. وبناء على هذا المبدأ، تشير المصادر إلى أن القوى السياسية تفكر بطريقة مختلفة عن الطريقة التي يفكر فيها دياب الذي لا ينظر إلى التمثيل من ناحية سياسية، بل باعتباره تمثيلاً تكنوقراطياً يلتزم مقتضيات الدستور والميثاقية، وهو مبدأ لم يتغير من تكليفه لتشكيل حكومة من الاختصاصيين سيكون مطلوباً منهم الخروج من التأزم السياسي والاقتصادي القائم في البلاد.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.