جواهر القاسمي تطلق منصة «ارتقاء» لدعم شراكة المرأة في تنمية البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل

إطار تنظيمي عالمي يجمع المؤسسات الرسمية والخاصة

قيادات نسائية عربية وعالمية خلال جلسة دعت إليها القاسمي ضمن الدورة الثانية من القمة العالمية للتمكين الاقتصادي للمرأة
قيادات نسائية عربية وعالمية خلال جلسة دعت إليها القاسمي ضمن الدورة الثانية من القمة العالمية للتمكين الاقتصادي للمرأة
TT

جواهر القاسمي تطلق منصة «ارتقاء» لدعم شراكة المرأة في تنمية البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل

قيادات نسائية عربية وعالمية خلال جلسة دعت إليها القاسمي ضمن الدورة الثانية من القمة العالمية للتمكين الاقتصادي للمرأة
قيادات نسائية عربية وعالمية خلال جلسة دعت إليها القاسمي ضمن الدورة الثانية من القمة العالمية للتمكين الاقتصادي للمرأة

ترجمةً لتوجيهات الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أطلقت الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، منصة «ارتقاء» الأولى من نوعها على مستوى المنطقة التي ستعمل على توحيد جهود المؤسسات الرسمية والخاصة ومنظمات المجتمع المدني العاملة من أجل تمكين المرأة في البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل، وبما يتناسب مع حاجات وخصوصيات كل مجتمع.
كان حاكم الشارقة قد تعهد في كلمته خلال افتتاح الدورة الثانية من القمة العالمية للتمكين الاقتصادي للمرأة التي عُقدت في ديسمبر (كانون الأول) الجاري، في الشارقة، بأنه سيكون أحد الضامنين لمساعي وبرامج تمكين المرأة ومساعدتها في آسيا، وأفريقيا وأميركا الجنوبية، كما طالب خلال كلمته في افتتاح القمة، المؤسسات في الشارقة بتوسيع نطاق دعمها للمرأة والمبادرات الرامية إلى تمكينها خارج نطاق الإمارة.
وبإطلاق منصة «ارتقاء»، تكون الدورة الثانية من القمة العالمية للتمكين الاقتصادي للمرأة، التي انعقدت في ديسمبر الجاري هي الأخيرة، وستستكمل مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، مهمتها في دعم المرأة، ومشاريعها، وتهيئة بيئة عمل، وثقافة مؤسساتية تتلاءم مع تطلعاتها، من خلال المنصة التي ستشمل أعمالها في آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية ومنطقة الكاريبي.
وتمثل منصة «ارتقاء» إطاراً تنظيمياً عالمياً، يجمع تحت مظلته «هيئات تنسيق» إقليمية موزعة على البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل في آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية ومنطقة البحر الكاريبي، يشرف عليها مسؤولون محليون يتولون مهمة إدارتها والتنسيق بينها، ورفع التقارير للمكتب الرئيسي للمنصة الذي تشرف عليه مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة.
وتتشكل عضوية هيئات التنسيق الإقليمية من صناع القرار ومؤسسات رسمية وخاصة ومنظمات المجتمع المدني العاملة في إطار تمكين ودعم شراكة المرأة الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب مؤسسات أكاديمية وبحثية، وتعمل كل من هذه المؤسسات في إطارها ومجال تخصصها لتحقيق التكامل في الخطط والبرامج فيما بينها، ولتسريع الوصول إلى الهدف الاستراتيجي للمنصة وهو تحقيق الشراكة الشاملة بين الرجل والمرأة في قطاعات الأعمال بمختلف مستوياتها على قاعدة التكافؤ في الفرص.
ويتشارك أعضاء المنصة، الذين سيتم استقطابهم وتنسيبهم من قِبل قادة هيئات التنسيق الإقليمية، المشورة والخبرات والآراء فيما بينهم، لاقتراح وتطوير الاستراتيجيات الإقليمية والعالمية حول تمكين المرأة. وستعقد المنصة اجتماعاً سنوياً يجمع الأعضاء والشركاء لمناقشة الإنجازات التي حُقّقت والتحديات التي تعيق تعزيز الركائز والأهداف الرئيسة للمنصة.
وستقدم المنصة المساعدة التقنية والدعم المعرفي للمؤسسات والمنظمات والجمعيات والشركات المعنية بتمكين المرأة في البلدان المستهدفة، وستوفر التقارير البحثية السنوية لمسؤولي هيئات التنسيق، وستقترح الحلول للمعضلات التي تعيق شراكة المرأة في التنمية، كما ستعمل على تعزيز الروابط والعلاقات بين مؤسسات ومشاريع النساء في تلك البلدان من ناحية ومنظمات ومؤسسات المجتمع الدولي والشركات العالمية المؤثرة في تركيبة وسياسة الاقتصاد الدولي من ناحية أخرى.
وقالت الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، إنّ حاكم الشّارقة وعد بأن يكون دائماً سنداً وعوناً للمرأة وداعماً لطموحاتها نحو الشراكة في بناء وتطوير الاقتصادات والمجتمعات، واليوم الجميع يشهد إحدى ترجمات هذا الوعد بإطلاق منصة «ارتقاء» التي تهدف إلى توحيد جهود المؤسسات الدولية وتعزيز كفاءتها في التخطيط والعمل واختصار المسافة بيننا وبين اقتصاد يتسم بالعدالة وتكافؤ الفرص.
وشددت الشيخة جواهر على أهمية استمرار التجديد والتطوير في مجتمع المؤسسات العاملة لصالح المرأة، مشيرةً إلى أنّ منصة «ارتقاء» ستضيف رؤى جديدة لخريطة العمل الاقتصادي والاجتماعي التنموي، مؤكدة أن أهداف تمكين المرأة تجاوزت تحقيق المصالح الإقليمية وأصبحت ضرورة عالمية وعاملاً حاسماً في إنجاح أهداف التنمية المستدامة التي يسعى العالم إلى تحقيقها بحلول عام 2030.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».