غانا للانضمام إلى عملة غرب أفريقيا الجديدة... وتطالب بعدم ربطها باليورو

غانا للانضمام إلى عملة غرب أفريقيا الجديدة... وتطالب بعدم ربطها باليورو
TT

غانا للانضمام إلى عملة غرب أفريقيا الجديدة... وتطالب بعدم ربطها باليورو

غانا للانضمام إلى عملة غرب أفريقيا الجديدة... وتطالب بعدم ربطها باليورو

قالت حكومة غانا إنها عازمة على الانضمام إلى عملة غرب أفريقيا، التي ستحل محل الفرنك الأفريقي، المدعوم من فرنسا في وقت مبكر، ربما في العام المقبل، في ثماني دول بالمنطقة، ولكنها حثت الدول الأعضاء في الاتحاد النقدي على التخلي عن خطط ربط العملة باليورو.
وتبني غانا العملة الجديدة، التي يطلق عليها «إيكو»، يجعلها أكبر اقتصاد في التكتل متقدمةً على جارتها ساحل العاج. وغانا ليست عضواً في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا، وأغلب أعضائه من المستعمرات الفرنسية السابقة وتستخدم الفرنك الأفريقي. ولدى غانا عملة خاصة بها هي «سيدي».
كان رئيس ساحل العاج الحسن واتارا، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد أعلنا منذ أيام، أن الاتحاد النقدي لغرب أفريقيا وافق على إنهاء بعض الروابط المالية مع باريس التي دعمت العملة الموحدة للمنطقة منذ إطلاقها بعد قليل من الحرب العالمية الثانية.
وبموجب الاتفاق، لن يتعين على الدول الأفريقية الأعضاء في التكتل الاحتفاظ بنصف احتياطياتها في الخزانة الفرنسية، ولن يكون هناك ممثل لفرنسا بعد الآن في المجلس المسؤول عن عملة الاتحاد. وجاء في بيان صادر عن مكتب الرئيس نانا أكوفو أدو: «نحن في غانا عازمون على أن نفعل كل ما بوسعنا كي نتمكن من الانضمام للدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا قريباً في استخدام (إيكو)، إذ نعتقد أنها ستسهم في إزالة العقبات التجارية والنقدية».
لكن البيان أشار إلى معارضة غانا لخطط ربط الـ«إيكو» باليورو وحث السلطات في المنطقة على العمل بسرعة تجاه «تبني نظام سعر صرف مرن».
وتشير تصريحات واتارا، خلال زيارة ماكرون إلى ساحل العاج، إلى الكفّ عن إيداع 50% من الاحتياطي النقدي لدى الخزانة الفرنسية، «قررنا إصلاحاً للفرنك الفرنسي يتمثل في ثلاثة تغييرات كبرى (...) بينها تغيير الاسم»، و«الكف عن إيداع 50% من الاحتياطي النقدي لدى الخزانة الفرنسية... أما النقطة الثالثة فتتمثل في انسحاب فرنسا من الهيئات الحاكمة التي تتمثل فيها».
ووصف ماكرون هذه التعديلات بأنها «إصلاح تاريخ مهم»، موضحاً أن «الـ(إيكو) سيولد في كانون يناير (كانون الثاني) 2020، وأرحب بذلك». وأضاف أن الفرنك الفرنسي كان «يُنظر إليه على أنه من بقايا» العلاقات الاستعمارية بين فرنسا وأفريقيا.
وذكر مصدر فرنسي أنه جرت مفاوضات حول هذا التغيير استمرت ثمانية أشهر بين فرنسا والدول الثماني الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا (بنين، وبوركينا فاسو، وساحل العاج، وغينيا بيساو، ومالي، والنيجر، والسنغال، وتوغو). وهو لا يشمل حالياً الدول الست في وسط أفريقيا التي تستخدم الفرنك الأفريقي، لكنها تشكل منطقة نقدية منفصلة.
وكان «فرنك المستعمرات الفرنسية في أفريقيا» (سي إف إيه) قد طُرح في 1945، وأصبح بعد ذلك «فرنك المجموعة المالية الأفريقية» (إف سي إف إيه) بعد استقلال هذه المستعمرات.
ويقضي الإصلاح بأن المصارف المركزية لدول غرب أفريقيا لم تعد ملزمة إيداع نصف احتياطيها من النقد لدى المصرف المركزي الفرنسي، فيما كانت معارضة الفرنك الأفريقي تبعية مهينة لفرنسا. في المقابل تم الإبقاء على السعر الثابت لليورو مقابل الفرنك الفرنسي (اليورو الواحد يعادل 655,95 فرنك أفريقي)، لكنه يمكن أن يتغير عندما يتم طرح الـ«إيكو» للتداول.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.