2019... سنة هزيمة «داعش»

خسر فيها التنظيم ما بقي من «دولته»... وفقد «رأسه»

ضابطا تحليل جنائي يقومان بتحقيقات قرب جسر «لندن بريدج» في العاصمة البريطانية حيث الحادث الإرهابي بقتل شخصين طعناً بالسكين في نوفمبر 2019 (أ.ف.ب)
ضابطا تحليل جنائي يقومان بتحقيقات قرب جسر «لندن بريدج» في العاصمة البريطانية حيث الحادث الإرهابي بقتل شخصين طعناً بالسكين في نوفمبر 2019 (أ.ف.ب)
TT

2019... سنة هزيمة «داعش»

ضابطا تحليل جنائي يقومان بتحقيقات قرب جسر «لندن بريدج» في العاصمة البريطانية حيث الحادث الإرهابي بقتل شخصين طعناً بالسكين في نوفمبر 2019 (أ.ف.ب)
ضابطا تحليل جنائي يقومان بتحقيقات قرب جسر «لندن بريدج» في العاصمة البريطانية حيث الحادث الإرهابي بقتل شخصين طعناً بالسكين في نوفمبر 2019 (أ.ف.ب)

كانت سنة 2019، بامتياز، سنة هزيمة تنظيم داعش. ففيها خسر هذا التنظيم المتطرف آخر معقل له في بلدة الباغوز بريف دير الزور، شرق سوريا، وفيها أيضاً فقد التنظيم «رأسه»، ورمزه؛ أبو بكر البغدادي، بعملية كوماندوس أميركية في قرية بريشة بريف إدلب، شمال غربي سوريا. مثّل الحدثان، وبينهما شهور قليلة فقط، أبرز دليل على أن التنظيم الذي سيطر في أوج قوته على مساحة تعادل حجم بريطانيا أقام عليها «دولة» تمتد من العراق إلى سوريا، انتهى كلياً أو أنه يوشك على ذلك.
ولكن هل أصبح «داعش» فعلاً شيئاً من الماضي، لا يُذكر سوى بمذابحه وبأنهار الدم التي سفكها، تماماً كما يُذكر اليوم الخمير الحمر وزعيمهم بول بوت في كمبوديا في سبعينات القرن الماضي (1975 - 1979)؟

شكّل يوم 23 مارس (آذار) من هذه السنة يوماً أساسياً في تاريخ «داعش». ففيه انتهى التنظيم «جغرافياً»، بحسب التعبير المستخدم غربياً الذي يؤرخ للنهاية الفعلية لـ«دولة الخلافة» المزعومة التي لم يبقَ منها سوى اسم يشير إلى «دولة» لم يعد لها وجود على الأرض.
قاتل التنظيم حتى الرمق الأخير في الباغوز، تلك البلدة الصغيرة على ضفاف نهر الفرات. احتمى مقاتلوه وأفراد عوائلهم في كهوف ومغاور صخرية، بجانب مخيّم كبير ضم نازحين من مناطق مختلفة. لجأوا إلى هناك بعدما طُردوا من كل معاقلهم السابقة في سوريا، مثل منبج غرب الفرات بشمال سوريا، والرقة، شرق النهر، نزولاً عبر البلدات الممتدة على جانبي حوض الفرات بريف دير الزور والتي كانت لوقت طويل قاعدة أساسية للتنظيم. في نهاية المطاف، لجأ إلى الباغوز مئات المقاتلين الذين رفضوا رفع الراية البيضاء أمام تقدّم «قوات سوريا الديمقراطية»، وهي تحالف كردي - عربي قاد الحملة ضد «داعش» بدعم جوي وبري من قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. في الباغوز قاتل «الدواعش» حتى نفدت ذخيرتهم. عندها فقط خرجوا من مغاورهم مستسلمين.
كان بين مقاتلي الباغوز، بلا شك، بعض أشد الغلاة في «داعش». فقد أصر هؤلاء على ولائهم للتنظيم حتى بعد أن انهارت دولته المزعومة، وتمسكوا بالقتال تحت رايته على رغم الفظاعات التي ارتكبها خلال سنوات حكمه لمناطق واسعة في سوريا والعراق بين عامي 2014 و2019.
ومع انجلاء غبار المعركة تبيّن أن زعيم «داعش»، البغدادي، لم يكن بين مقاتليه الأسرى. هل فر خلال المعركة، أم قبلها أو حتى بعدها؟ التحقيقات التي خضع لها بلا شك عناصر «داعش» في الباغوز ربما كشفت للمحققين، سواء من أكراد «سوريا الديمقراطية» أو من قوات التحالف الدولي: هل كان البغدادي فعلاً مع مقاتليه قبل سقوط الباغوز؟ في أي حال، لم يدُم غياب زعيم «داعش» طويلاً. فقد كان مضطراً أن يخاطب مؤيديه ويطمئنهم إلى أن المعركة مستمرة، حتى ولو لم يعد لدولتهم أي وجود ملموس على الأرض.

البغدادي ـ بن لادن
وهكذا، في 29 أبريل (نيسان)، وعبر شريط فيديو نادر، ظهر البغدادي مفترشاً الأرض وبجانبه رشاش، ومحاطاً بمجموعة من قادته وهم يعرضون عليه ملفات يحمل كل منها اسم «ولاية» من الولايات التي بايعت «داعش»... من تركيا، إلى اليمن وليبيا، مروراً بالقوقاز والصومال وخراسان وغيرها من «الولايات» التي أراد البغدادي أن يُظهرها ليؤكد أن «دولته» لم تنتهِ، بل هي «باقية وتتمدد»، بحسب الشعار الذي دأب «داعش» على تكراره.
أعاد هذا المشهد، في الواقع، التذكير بسلسلة أحداث حصلت قبل قرابة عقدين من الزمن، ولكن في مكان آخر ومع تنظيم مختلف خرج «داعش» من رحمه. ففي ديسمبر (كانون الأول) 2001، كان تنظيم «القاعدة» يلفظ أنفاسه الأخيرة، أو هكذا ساد الاعتقاد آنذاك. استسلم مقاتلوه أمام القوات الخاصة الأميركية وقوات أفغانية في جبال تورا بورا، شرق أفغانستان. قاتلوا حتى الرمق الأخير أيضاً. ظهروا أمام مغاورهم المحفورة في الصخور وغبار القصف الأميركي يغطيهم. كان زعيمهم أسامة بن لادن بينهم، لكنه نجح في الفرار أمام تقدم القوات الخاصة الأميركية واختفى في مناطق الحدود الأفغانية - الباكستانية. لم يظهر سوى عبر أشرطة فيديو. كان يفترش الأرض وبجانبه رشاشه، متحدثاً عن توسع «القاعدة» بدل انحسارها. كانت جماعته تتوسع فعلاً من خلال جماعات تبايعها وتفتتح فروعاً باسمها في مناطق مختلفة حول العالم. وهكذا ظهرت «القاعدة» عبر «وكلاء معتمدين»، مثل «بلاد الرافدين» (أبو مصعب الزرقاوي) و«المغرب الإسلامي» (أبو مصعب عبد الودود) و«جزيرة العرب» (ناصر الوحيشي)، بالإضافة إلى فروع أخرى أصغر وأقل نفوذاً.
ظل بن لادن يقض مضاجع الأميركيين لسنوات عبر أشرطته المصوّرة والمسموعة، إلى أن تمكنوا من الوصول إليه في مخبئه بأبوت آباد الباكستانية حيث قتله فريق كوماندوس أميركي في الأول من مايو (أيار) 2011، ورموا بجثته في البحر.
بدا البغدادي، من خلال شريطه المصوّر ومن خلال شريط سمعي آخر وُزّع في 16 سبتمبر (أيلول)، كأنه يحاول تكرار تجربة أسامة بن لادن، من خلال إثبات أن «دولة» تنظيمه «باقية وتتمدد»، رغم هزيمتها في سوريا والعراق، وذلك من خلال فروع «داعش» المختلفة حول العالم، أو من خلال «جنوده» الذين ينفذون هجمات، بأي «سلاح» يمكنهم أن يحوزوا عليه، سواء كان ذلك سكين مطبخ أو شاحنة، وذلك ضمن إطار ما بات يُعرف بعمليات «الذئاب المنفردة». لكن زعيم «داعش» لم تُتَح له فرصة الوقت الطويل التي أتيحت لزعيم «القاعدة». ففي حين لم يتمكن الأميركيون من الوصول إلى بن لادن سوى بعد 10 سنوات من فراره من تورا بورا، فإنهم احتاجوا هذه المرة إلى بضعة شهور فقط للوصول إلى البغدادي بعد انتهاء معركة الباغوز.
في 26 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، أنزلت طائرات مروحية جنوداً من القوات الخاصة الأميركية (قوات دلتا) في قرية بريشة بريف إدلب، على بعد كيلومترات معدودة من الحدود التركية. وكما حصل في أبوت آباد، تمكن الجنود الأميركيون بسرعة من الوصول إلى البغدادي الذي فر، بحسب ما تقول الرواية الأميركية الرسمية، في نفق محفور أسفل مخبئه. لاحقه كلب مدرّب داخل النفق، فما كان منه سوى أن فجّر نفسه (مع اثنين من أطفاله). انتشل الأميركيون أشلاءه ودفنوها في البحر، ثم قصفوا المنزل ومحوه من الخريطة. تزامن إنهاء الأميركيين «أسطورة البغدادي» مع نجاحهم في قتل مساعده الأبرز الناطق باسم تنظيمه «أبو حسن المهاجر» (بريف حلب الشمالي)، ومع إعلان تركيا أنها اعتقلت أفراداً من أسرته في مناطق تقع تحت نفوذها في سوريا وحتى داخل تركيا نفسها.
بعد أيام من مقتل البغدادي، سمّى «داعش» زعيماً جديداً له تحت اسم «أبو إبراهيم الهاشمي القرشي»، في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. قد يكون من المبكر الآن الحكم على «أبو إبراهيم»، نجاحاً أو فشلاً، كونه لم يتولَّ قيادة «داعش» سوى قبل أسابيع، علماً بأنه ورث تنظيماً منهكاً لم يعد له وجود ملموس سوى في مناطق نائية موزعة على أنقاض «الدولة» التي أقام عليها «خلافته» المزعومة عام 2014، في كل من العراق وسوريا.
تمرد منخفض الوتيرة

يقول العقيد مايلز كاغينز، الناطق باسم قوات التحالف لهزيمة «داعش»، إن وجود هذا التنظيم بات اليوم محصوراً في مناطق جبلية أو صحراوية نائية في كل من العراق وسوريا. ويوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن تقديرات التحالف تضع عناصر «داعش» حالياً بحدود «بضعة آلاف» يتوزعون بين سوريا والعراق، وينتشرون على وجه الخصوص في «سلسلة كهوف ومغاور» بمناطق جبلية نائية أو صحراوية. ويشرح أن هؤلاء يقومون حالياً بعمليات ضمن ما يُطلق عليه وصف «التمرد منخفض الوتيرة» (low level insurgency) وذلك عبر قوس يمتد من غرب العراق عبر صحراء الأنبار إلى الأطراف الجنوبية لمحافظة نينوى بشمال البلاد، مروراً بمناطق جبلية متفرقة في محافظات مثل صلاح الدين وديالى. ويلفت إلى أن للتنظيم أيضاً وجوداً في مناطق تقع مباشرة إلى الشمال من العاصمة بغداد، مثل سامراء (التي يتحدر منها زعيم «داعش» السابق أبو بكر البغدادي). أما في سوريا، فيشير العقيد كاغينز إلى أن «داعش» ما زال منتشراً في البادية السورية مترامية الأطراف، من جنوب البلاد إلى شرقها.
وفي تقدير الناطق باسم التحالف، فإن «التمرد منخفض الوتيرة» لا يشكّل تهديداً يمكن مقارنته بذلك الذي مثّله التنظيم لدى صعوده الصاروخي في أواخر عام 2013 ومنتصف عام 2014، عندما تساقطت المدن السورية والعراقية في أيديه كأوراق الخريف، بدءاً بالرقة وانتهاء بالموصل، وكلتاهما تحوّلت لاحقاً إلى عاصمة فعلية لـ«الدولة» التي أقامها «داعش». ويقول كاغينز، في هذا الإطار، إن عمليات «داعش» حالياً تقوم أساساً على شن هجمات بأعداد صغيرة، أو القيام باغتيالات لمسؤولين محليين أو عناصر من قوات الأمن، أو زرع عبوات ناسفة، أو فرض إتاوات على السكان، ومحاولة ترهيبهم. ويضيف أن التنظيم لم يعد يملك الآليات العسكرية التي وقعت في أيديه في عام 2014 وساعدته في إلحاق الهزيمة بالقوات العراقية. ويلفت أيضاً إلى أن القوات الأمنية العراقية التي أعيد بناؤها بعد انهيارها في الموصل وتكريت عام 2014، باتت أقوى بكثير مما كانت عليه في السابق، كما أنها باتت اليوم «تأخذ زمام المبادرة» في ملاحقة خلايا «داعش» في أنحاء العراق. كما أن «قوات سوريا الديمقراطية» (100 ألف مقاتل تقريباً) باتت هي الأخرى قوة يُحسب لها الحساب بعد الدعم الذي تلقته على مدى السنوات الماضية من التحالف الدولي، وكذلك نتيجة خبرتها الميدانية في الحرب ضد التنظيم (تكبد هذا التحالف العربي - الكردي قرابة 10 آلاف قتيل ضد «داعش»).

نسخة ثانية من «داعش»
وفي مقابل الثقة التي يبديها العقيد كاغينز، ثمة مخاوف لا يمكن تجاهلها من عودة «داعش» بنسخة جديدة نتيجة الأوضاع المستجدة في سوريا والعراق. ففي الأولى، أدى تدخل عسكري تركي إلى طرد «قوات سوريا الديمقراطية» من شريط حدودي يمتد من رأس العين إلى تل أبيض في شمال شرقي البلاد، وإلى عودة القوات النظامية السورية إلى أجزاء واسعة من أرياف الحسكة والرقة وحلب للحلول محل «قوات سوريا الديمقراطية». وأدى إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في أكتوبر (تشرين الأول)، نيته سحب القوات الأميركية من سوريا وعدم تدخله لمنع القوات التركية من التدخل عسكرياً لإقامة ما تصفه أنقرة بـ«المنطقة الآمنة» في شمال شرقي سوريا، إلى زعزعة ثقة الأكراد السوريين بحلفائهم الأميركيين. وتراجع ترمب لاحقاً، كما يبدو، بإعلان إبقاء قوات أميركية لحماية آبار النفط في شرق سوريا ومنع وقوعها في أيدي «داعش» أو قوات حكومة دمشق. أما في العراق، فتبدو الصورة أيضاً ملبدة، في ظل احتجاجات شعبية دامية ضد الحكومة العراقية، وفي ظل توتر على الأرض بين القوات الأميركية وميليشيات متحالفة مع إيران تلجأ بين الحين والآخر إلى توجيه «رسائل صاروخية» إلى قواعد عسكرية عراقية ينتشر فيها الأميركيون.
لكن العقيد كاغينز يقلل من خطورة هذه الصورة. إذ يلفت إلى أن الاحتجاجات الشعبية في العراق لا تشمل المناطق التي تنتشر فيها القواعد الأميركية كونها تتركز أساساً في الجنوب (بالإضافة إلى بغداد بالطبع). ويشير إلى أن الصواريخ التي تُطلق على قواعد انتشار التحالف تؤثر سلباً على دوره، بمعنى أنها تدفعه إلى التركيز على حماية عناصره بدل التركيز أكثر على التنسيق مع القوات العراقية في ملاحقة عناصر «داعش». أما في سوريا، فيقول العقيد الأميركي إن قوات التحالف تنتشر إلى جانب «قوات سوريا الديمقراطية» حول آبار النفط في شرق البلاد، كما أنها تنتشر في قاعدة التنف التي وصفها بأنها «استراتيجية» في عمق البادية السورية، إلى جانب فصيل «مغاوير الثورة» المعارض للنظام.

فروع «داعش»
وإذا كانت الصورة التي يقدمها التحالف صحيحة، فإن «داعش» لا يبدو في وضع يسمح له بتشكيل تهديد جدي في سوريا أو العراق. والظاهر أن انكماش التنظيم ليس ظاهرة محصورة في هذين البلدين، بل يشمل أيضاً فروعه حول العالم. ففي اليمن، حيث حاول «داعش» أن يوسع نفوذه مستغلاً الفوضى التي يعيشها هذا البلاد، نجحت قوة سعودية خاصة، بالتعاون مع قوات يمنية، في اعتقال رأس التنظيم «أبو أسامة المهاجر» خلال عملية ضد مخبئه في يونيو (حزيران) الماضي. ومنذ ذلك الوقت، شهد نشاط «داعش اليمن» انحساراً ملحوظاً، لكنه لم ينتهِ بالطبع. أما في خراسان التي راهن «داعش» على جعلها قاعدة أساسية له، فقد ظهرت مؤشرات إلى تراجع كبير لنشاطه فيها، وتحديداً أفغانستان، مع نهايات سنة 2019. ففي نوفمبر (تشرين الثاني)، أعلنت الحكومة الأفغانية أن فرع «داعش» الأفغاني «هُزم في ننغرهار» معقل التنظيم الأساسي بشرق البلاد. وتنسحب هذه الصورة بدورها على وضع فروع «داعشية» أخرى حول العالم. ففي ليبيا، تعرض «داعش» لسلسلة ضربات جوية شنتها طائرات أميركية على مخابئه في جنوب البلاد، حيث انكفأ منذ طرده من معقله الأساسي في سرت الساحلية عام 2016. وفي سيناء المصرية، تراجع نشاط فرع «داعش» المحلي تراجعاً كبيراً في ضوء عملية واسعة شنتها قوات الأمن المصرية منذ أكثر من سنة، وأدت إلى مقتل مئات من عناصر التنظيم وطرده من معاقله الأساسية. ولا يعني هذا التراجع في نشاط فروع «داعش» أن خطرها قد انتهى، علماً بأنها جميعها قد بايعت مجدداً خليفة البغدادي، أبو إبراهيم، بل إن بعضها أظهر إصراراً على رفع وتيرة عملياته، كما ظهر من خلال هجمات فرع «داعش» في منطقة الساحل الأفريقي، ومن خلال هجمات «الذئاب المنفردة» لمناصري التنظيم حول العالم التي شهدت بدورها تصعيداً لافتاً بدا كأنه رد على مقتل البغدادي.
ومع انتهاء سنة وبداية أخرى، سيظل «داعش» بلا شك يمثل تهديداً عالمياً، رغم «اختفاء دولته» في سوريا والعراق، وانحسار نشاط فروعه حول العالم. هل يموت «داعش» بموت أبو بكر البغدادي، أم يعيد أبو إبراهيم القرشي إحياءه؟ ستظهر ملامح هذا الجواب على الأرجح خلال 2020. وهي على الأبواب.


مقالات ذات صلة

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في

فتحية الدخاخني ( القاهرة)
رياضة سعودية السعودية تستمر في تشكيل خريطة مختلف الرياضات العالمية بتنظيم واستضافات غير مسبوقة (الشرق الأوسط)

السعودية ستُشكل خريطة الرياضة العالمية في 2025

شارف عام حافل بالأحداث الرياضية بما في ذلك الألعاب الأولمبية التي حظيت بإشادة واسعة وأربع بطولات قارية لكرة القدم على الانتهاء ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أقل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»