برزت لهجة روسية بعيدة عن التفاؤل حيال فرص استمرار تطبيق الاتفاق النووي مع إيران، وقال نائب الخارجية سيرغي ريابكوف، إن السياسة الأميركية تجعل المحافظة على خطة العمل المشتركة حول البرنامج النووي لطهران أكثر صعوبة. محملاً المسؤولية عن ذلك في جزء منها على الدول الأوروبية التي «أظهرت عجزاً حيال الضغوط الأميركية».
وكانت موسكو واصلت التأكيد خلال الشهور الماضية على ضرورة التمسك بالاتفاق النووي مع إيران كونه «الوثيقة الوحيدة المقرة دولياً والمثبتة في قرار لمجلس الأمن»، لكن لهجة ريابكوف بدت متشائمة أمس، في شأن فرص استئناف تنفيذ هذا الاتفاق بشكل كامل. وقال نائب الوزير الروسي، إنه ينطلق من أن «سياسة الضغط الأقصى، كما يسمونها، على إيران سوف تستمر». ولفت إلى أن الدول الأوروبية لم تظهر موقفاً حاسماً، وأبدت تغاضياً عن السياسة الأميركية، ما يزيد من صعوبات استئناف العمل وفقاً للصفقة.
ورغم ذلك أكد ريابكوف على أهمية المحافظة على الاتفاق، وقال إن بلاده تدعو كل الأطراف إلى ضبط النفس والتحلي بالمسؤولية، ومواصلة تنفيذ التزاماتها في إطار الصفقة النووية.
وفي مقابل انتقاده للولايات المتحدة ومواقف البلدان الأوروبية، أعرب ريابكوف مجدداً عن «تفهم موسكو» للخطوات التي اتخذتها إيران في إطار تقليص التزاماتها بموجب الاتفاق. وأقر بأن التصرف الإيراني «يفاقم من توتر الموقف»، لكنه قال إن موسكو تتفهم دوافع التحرك الإيراني.
وكان ريابكوف قال في وقت سابق إن موسكو سوف تواصل التعاون بشكل كامل مع إيران، وعلق على تجميد العمل بشكل مؤقت في تحديث المنشأة النووية الإيرانية في «فردو»، بالإشارة إلى أن التوقف له أسباب تقنية، وقال للصحافيين: «نحن الآن أخذنا وقفة، نحن لم نتخلَ عن المشروع، وسننفذه بالكامل»، مشيراً إلى أن روسيا ستحتاج إلى وقت للتجاوب مع الظروف الجديدة من ضخ إيران الغازات في أجهزة الطرد المركزي في «فردو» وفرض العقوبات الجديدة من قبل الولايات المتحدة على هذا المرفق اعتباراً من 15 ديسمبر (كانون الأول).
وأجاب ريابكوف على سؤال حول انتهاء مفعول الحظر الدولي على تزويد إيران بالأسلحة العام المقبل، وعما إذا كانت موسكو ستوافق على تمديد الحظر وفقاً لطلب أميركي. وقال إن بلاده تنطلق في موقفها من ضرورة تنفيذ الاتفاقيات، لكنه لفت إلى وجود فوارق بين نوعين من الحظر، مشيراً إلى أن المشاركين في صياغة القرار 2231 اتفقوا على وجود قيود على تزويد جمهورية إيران الإسلامية بفئات معينة من المعدات العسكرية التي تندرج ضمن الفئات السبع المصنفة في سجل الأمم المتحدة للأسلحة التقليدية. وهذه الفئات هي التي يجري وضع قيود على إمداداتها حالياً على إيران. وزاد «هناك جانب آخر لما يسمى حظر التسليح. والمقصود حظر كل الصادرات من الأسلحة من إيران. سينتهي كلاهما العام المقبل بموجب اتفاقيات مدة هذا النظام». وشدد ريابكوف على معارضة روسيا تمديد مدة الحظر، وأكد أنه «لا في الحالة الأولى ولا الثانية، لن يكون هناك حديث عن التمديد»، موضحاً أن بلاده «لن تكون مستعدة في كل مرة لتلبية ما يأتي من الزملاء الأميركيين. قد يأتونا بشيء آخر في المرة المقبلة. بشكل عام، هذه واحدة من علامات الفوضى في السياسة الخارجية (الأميركية)». وزاد نائب الوزير: «أعتقد أن سياسة الضغط الأقصى، كما يسمونها، على إيران سوف تستمر. مع بعض التواطؤ مع هذه السياسة من زملائنا الأوروبيين. يجب أن نقر، نحن قلقون من هذا».
وقال ريابكوف، إن موسكو تدعم «أي جهود يمكن أن تساعد في تصحيح المسار. وهذا ينطبق أيضاً على المبادرة الدبلوماسية للقيادة الفرنسية. ينطبق هذا أيضاً على بعض الجهود التي، كما نفهم، تبذلها القيادة اليابانية. يؤيد الاتحاد الروسي بالكامل هذه الخطوات. لكن الولايات المتحدة تتحمل الدور الرئيسي والمسؤولية الرئيسية عن حقيقة أن هذا الاتفاق قد ينهار في نهاية المطاف بالكامل».
تزامن ذلك، مع إعلان موسكو وطهران عن خطط جديدة لتعزيز التعاون في مجال البنى التحتية، ونقلت وسائل إعلام روسية حكومية عن وزير الطرق الإيراني، محمد إسلامي، بأن إيران اتفقت مع روسيا على تطوير خط سكك حديدية يصل إلى الحدود المحاذية لتركمانستان المجاورة.
وأوضح إسلامي، أن عقد خط السكك الحديدية «كرمسار» (شرق طهران) – «إينجة برون» (مدينة في شمال البلاد ومحاذية لتركمانستان)، سيدخل حيز التنفيذ قريباً.
وأشار إلى أن العقد كان قد أبرم بشكل أولي منذ سنوات، بيد أنه لم يدخل حيز التنفيذ لوجود بعض المعوقات، مؤكداً أنه تم إبرام العقد بشكل نهائي خلال زيارته الأخيرة للعاصمة الروسية.
وبيّن أن قيمة العقد تبلغ نحو 1.2 مليار يورو، ويستهدف تخفيف الازدحام المروري بالطرق الرئيسية البرية عبر كهربة هذا المسار. مشيراً إلى أن الشركات الروسية سوف تتولى تنفيذ المشروع.
إلى ذلك، أعلنت الناطقة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في إيجاز صحافي أسبوعي أمس، أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف سيقوم الأسبوع المقبل بزيارة عمل إلى العاصمة الروسية.
وأضافت زاخاروفا، أنه من المقرر أن يجري ظريف خلال زيارته إلى موسكو الاثنين محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.
وأوضحت، أن وزيرَي الخارجية سيبحثان العلاقات الثنائية وسبل تنميتها والملفات الإقليمية والدولية الملحة.
ومن المفترض أن تعلن إيران خطوة خامسة من تقليص تعهدات الاتفاق النووي إذا لم تتوصل إلى اتفاق مع الأطراف الأوروبية والموقعة في الاتفاق.
وقال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية عباس موسوي، إن طهران تفصل بين روسيا والصين والدول الأوروبية فيما يخص انتقاداتها لأطراف الاتفاق النووي.
وتأتي زيارة ظريف إلى موسكو، بعد مرور أيام على وصول السفير الإيراني الجديد كاظم جلالي إلى موسكو، الذي أعلن أمس، أن بلاده تعمل على تطوير العلاقات الوثيقة بين البلدين في كل المجالات، وبينها مكافحة الإرهاب والمجال العسكري.
موسكو تحذر من «تراجع فرص» تطبيق الاتفاق النووي
حمّلت واشنطن المسؤولية وتستعد لاستقبال ظريف الاثنين المقبل
موسكو تحذر من «تراجع فرص» تطبيق الاتفاق النووي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة