خيرت يصافح «طنطورة» بـ«مقطوعة العلا»

قال لـ«الشرق الأوسط» إنّ المملكة تعيش انفتاحاً ثقافياً عظيماً... و«الأوركسترا السعودية» خطوة مهمة

الموسيقار المصري العالمي عمر خيرت يشرف على بروفات حفله في شتاء طنطورة أمس (الشرق الأوسط)
الموسيقار المصري العالمي عمر خيرت يشرف على بروفات حفله في شتاء طنطورة أمس (الشرق الأوسط)
TT

خيرت يصافح «طنطورة» بـ«مقطوعة العلا»

الموسيقار المصري العالمي عمر خيرت يشرف على بروفات حفله في شتاء طنطورة أمس (الشرق الأوسط)
الموسيقار المصري العالمي عمر خيرت يشرف على بروفات حفله في شتاء طنطورة أمس (الشرق الأوسط)

بعد أن احتفل بعيد مولده الـ71 في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، يقف الموسيقار المصري الشهير عمر خيرت على مسرح مرايا للمرة الثانية في محافظة العلا (شمال غربي السعودية) اليوم، ضمن حفلات «شتاء طنطورة 2019»، الذي سيحتضن حتى فبراير (شباط) المقبل مجموعة من الموسيقيين العالميين.
ويلحظ خيرت، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» قبيل انطلاق حفلته في العلا، التطوير «الذي لا يتوقف» في المحافظة السعودية الغنية بالآثار، والتي تضم موقعاً من 5 مواقع سعودية مسجلة في قائمة التراث العالمي في «اليونيسكو».
ويقول خيرت إنّه لمس التغيير والتطوير الكبيرين اللذين طالا مسرح مرايا، مضيفاً: «تم توسعة المسرح، وإضافة جوانب فنية كبيرة عليه، وأضحى مسرحاً دائماً بنفس المرايا، وهذا أمر جميل».
ولا يكاد يخفي خيرت انبهاره من التحولات الثقافية والإصلاحات في المملكة، التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، معتبراً أن السعودية تعيش «حالة انفتاح ثقافي عظيمة»، مبدياً إعجابه بـ«إمكانات التطوير السعودي». ويضيف أنّ «كل العالم العربي سعيد بهذه الحالة، لأنها خطوة كبيرة ومهمة في الثقافة، وكما تعرفون فإن القوة الناعمة مهمة جداً وهي أكثر تأثيراً من القوى الخشنة والحروب، هذا النوع من الفن والثقافة هما عنوان التقدم والرقي».
ويبدي خيرت إعجابه من تجربته الأولى في العلا، قائلاً: «في العلا كل شيء جميل، كنت سعيداً للغاية العام الماضي، فالعلا مكان أثري يزخر بالمناظر الطبيعية، حقيقة كنت والأوركسترا وجميع الزوار سعداء من التجربة».
وعن إطلالته للمرة الثانية برفقة الفنانين بوتشلي وياني في شتاء طنطورة، يرى خيرت أنّه «شرف كبير وجوده وسط الفنانين العالميين»، كاشفاً عن تأليفه مقطوعة تحمل اسم «العلا» وسيعزفها في حفلته.
ويسرد خيرت تفاصيل عمله على تأليف «مقطوعة العلا»، موضحاً أن الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي، محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا، أشعل الشرارة الأولى للفكرة، بعد أن عرض عليه التجول بمروحية (هليكوبتر) فوق العلا.
ويضيف: «قال لي الأمير بدر سترى العلا وكنوزها الأثرية والحضارية من النقوش والآثار، وإنها من الممكن أن تعطيك انطباعاً موسيقياً معيناً، فشعرت أنه أشعل الفكرة ولم يكلفني بشكل مباشر»، وبعد أن أضحت الفكرة عملاً قائماً «فضلت ألّا أذهب إلى العلا، ويدي فارغة، فبدلاً من باقة الورد، قدمت ومعي مقطوعة العلا، وأبلغت الأمير بدر بها، وشجعني ودعمني».
ويشير خيرت إلى أنّه نفذ المقطوعة بين إنجلترا ومصر، وأنّها جاءت باستلهام الطبيعة والمناظر الخلابة في العلا، متمنياً أن تنال استحسان الجمهور عند سماعها.
واعتبر خيرت أنّ تأسيس وزير الثقافة السعودي لفرقة موسيقية وطنية خطوة مهمة جداً، لافتاً إلى أهمية إنشاء أوركسترا وطنية «واختيار الموسيقار السعودي الدكتور عبد الرب إدريس، الذي أعرفه جيداً، وسبق أن عملنا سوياً في عدد من الأعمال، وتوليت توزيع بعض ألحانه عبر سنين طويلة»، ما سيعطي دفعة مهمة للمشروع.
وأكد خيرت على أهمية التأسيس الأكاديمي للفرقة الموسيقية، موضحاً أنّه «لا بد من أن يتولاها الشباب والأطفال السعوديون، وستكون بداية حقيقية، والفرقة تحتاج إلى الوقت للوصول إلى أوركسترا عالمية تتكون من شباب سعوديين».


مقالات ذات صلة

سباق درب العُلا... فرصة رياضية لاكتشاف الطبيعة في المدينة التاريخية

رياضة سعودية تنظم لحظات العُلا مجموعة من المهرجانات الجديدة والفعاليات التي تحتفي بتاريخ العُلا

سباق درب العُلا... فرصة رياضية لاكتشاف الطبيعة في المدينة التاريخية

يشهد عالم الرياضة والمغامرة حدثاً استثنائياً مع قرب انطلاق فعاليات سباق درب العُلا 2025. يجمع هذا السباق بين تحديات الجري الممتعة واكتشاف كنوز الطبيعة والتاريخ.

«الشرق الأوسط» (العُلا)
رياضة سعودية تستضيف العُلا مجدداً بطولة ريتشارد ميل العُلا أول بطولة بولو تُقام على رمال الصحراء (الهيئة الملكية لمحافظة العُلا)

العُلا تستضيف بطولة ريتشارد ميل لبولو الصحراء الشهر المقبل

تستضيف العُلا مجدداً بطولة ريتشارد ميل العُلا لبولو الصحراء، أول بطولة بولو تُقام على رمال الصحراء، وذلك يومي 17 و18 يناير 2025.

«الشرق الأوسط» (العلا)
الخليج محمد بن سلمان يزور مشروع منتجع «شرعان» في العلا

محمد بن سلمان يزور مشروع منتجع «شرعان» في العلا

زار الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الثلاثاء، مشروع منتجع «شرعان» في محافظة العلا (شمال غربي السعودية)، والتقى بالعاملين فيه.

«الشرق الأوسط» (العلا)
الخليج صورة من اللقاء نشرها بدر العساكر على حسابه في منصة «إكس»

لقاء ودي بين محمد بن سلمان ومنصور بن زايد في العلا

جمع لقاء ودي أخوي، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والشيخ منصور بن زايد نائب رئيس دولة الإمارات، وذلك في المخيم الشتوي بمحافظة العلا.

«الشرق الأوسط» (العلا)
رياضة سعودية سيعمل النادي على استقطاب عدد من الرياضيات للمشاركة في المنافسات الرياضية بالعلا (الهيئة الملكية لمحافظة العُلا)

الهيئة الملكية لمحافظة العُلا تطلق مشروع كرة القدم النسائية

أطلقت الهيئة الملكية لمحافظة العُلا مشروع تطوير كرة القدم النسائية في المحافظة الذي يهدف إلى تعزيز حضورها من خلال توفير فرص رياضية مختلفة للمدربات

«الشرق الأوسط» (العُلا)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».