نازح سوري في إدلب يزرع الفطر تحدّياً لغلاء المعيشة

بات بديلاً رئيسياً للحوم التي ارتفعت أسعارها

أم خالد تتناول وأولادها طبق الفطر الذي أعدّته وإلى جانبه البطاطس المقلية (أ.ف.ب)
أم خالد تتناول وأولادها طبق الفطر الذي أعدّته وإلى جانبه البطاطس المقلية (أ.ف.ب)
TT

نازح سوري في إدلب يزرع الفطر تحدّياً لغلاء المعيشة

أم خالد تتناول وأولادها طبق الفطر الذي أعدّته وإلى جانبه البطاطس المقلية (أ.ف.ب)
أم خالد تتناول وأولادها طبق الفطر الذي أعدّته وإلى جانبه البطاطس المقلية (أ.ف.ب)

ينثر نصر الله؛ النازح في محافظة إدلب السورية، البذور بين طبقات من القش قبل أن يغلق عليها في أكياس بلاستيكية بانتظار أن تتحول خلال أسابيع إلى نباتات من الفطر التي باتت مصدر لقمة عيش عائلته.
ويقول نصر الله (43 سنة)، الوالد لثلاثة أطفال: «بات الفطر بديلاً رئيسياً للحوم التي ارتفعت أسعارها» في وقت يعاني فيه كثيرون من البطالة.
منذ سنوات طويلة، يهوى نصر الله زراعة الفطر إلى أن تحول تدريجياً إلى أحد مصادر رزقه، إلى جانب عمله موظفاً في المجلس المحلي لمحافظة حماة (وسط)، أثناء سكنه في بلدته قلعة المضيق في شمال المحافظة.
وفي فبراير (شباط) الماضي، أجبره تصعيد عسكري لقوات النظام على الفرار مع عائلته إلى مخيمات بلدة حارم في ريف إدلب الشمالي الشرقي.
وخلال سنوات النزاع، استضافت محافظة إدلب (شمالي غرب) نحو مليون ونصف المليون نازح من مناطق أخرى، كما تشهد مراراً موجات نزوح داخلية على وقع هجمات قوات النظام فيها، وآخرها الأسبوع الماضي؛ إذ فرّ، وفق الأمم المتحدة، عشرات الآلاف من جنوب المحافظة باتجاه مناطق أكثر أمناً في الشمال جراء تصعيد جديد لقوات النظام وحليفتها روسيا.
وبعد نزوحه، لم يجد نصر الله سبيلاً لتأمين لقمة عيشه سوى زراعة الفطر؛ خصوصاً أن «تكلفتها منخفضة جداً».
ويقول؛ الرجل الملتحي الذي رسمت التجاعيد ملامح وجهه التِعِب: «بتّ أزرع الفطر هنا أيضاً لنقتات منه يومياً، نأكله، ونوزع، ونبيع قسماً منه».
في المخيم العشوائي في حارم، ينهمك نصر الله في تحريك القش والمياه في وعاء أسود أشعل النيران تحته مستعيناً بالأخشاب وببقايا عبوات بلاستيكية. بعد تجفيف القش، يضعه نصر الله في أكياس بلاستيكية وينثر البذور بين طبقاته، ثم يغلق الأكياس بإحكام ويضعها في غرفة مظلمة ودافئة ويتركها لفترة تصل إلى 20 يوماً.
يبدأ الفطر في النمو خارج القش، ولمدة 10 أيام أخرى، يرش نصر الله يومياً المياه عليه ليحافظ على رطوبته. وخلال شهر، تنتهي العملية، بقصّ نباتات الفطر الأبيض الخارجة من جوانب قوالب القش، ومنها ما ستطبخه زوجته، وأخرى يبيعها لنازحين من جيرانه وأقربائه وسكان المخيم. ولجأ كثر في سوريا، خصوصاً في الغوطة الشرقية قرب دمشق خلال فترة حصارها من قبل القوات الحكومية، إلى زراعة الفطر بديلاً لمواد غذائية أخرى يفتقرون إليها. ويعاني نحو 6.5 مليون شخص في سوريا؛ بينهم كثير من النازحين، من انعدام الأمن الغذائي أو يفتقدون الغذاء الكافي.
يشتري نصر الله اليوم بذور الفطر من تركيا بقيمة تتراوح بين 4 و5 آلاف ليرة (9.2 – 11.2 دولار) للكيلوغرام الواحد. ومن المفترض أن ينتج كيلوغرام من البذور نحو 20 كيلوغراماً من الفطر الطازج.
ولأنها عملية تتطلب وقتاً، فإن نصر الله ينتج أسبوعياً بين 4 و5 كيلوغرامات فقط.
ويبيع الكيلوغرام الواحد بـ1200 ليرة (2.7 دولار)، فيما بلغ سعر كيلوغرام اللحمة 6 آلاف ليرة (13.8 دولار).
ويقول نصر الله: «لا تزال زراعة الفطر محدودة، رغم أنّ البعض، خصوصاً في المخيمات، لجأوا إليها نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية والغلاء المعيشي»، إلا إنّ إنتاجه لا يزال محدوداً ولا يلبي الطلب.
وبمساعدة ابنه سعيد (9 سنوات)، يقطع نصر الله بسكين نباتات الفطر الأبيض التي نمت في أحد قوالب القش، ويضعها في وعاء بلاستيكي أحمر اللون، ويجلس على كرسي أمام منزله بانتظار أن يمر زبون لشرائها.
تلقي أم خالد (65 سنة) نظرة سريعة على الفطر... تعطي نصر الله ثمنها ثم تتوجه إلى منزلها، وهي التي باتت خبيرة في طهي الفطر، تشويه أحياناً وتضيف إليه البصل حيناً آخر، أو الثوم وعصير الليمون.
في منزلها الطيني المتواضع الذي تقطنه مع 10 من أفراد عائلتها، تجلس أم خالد على سجادة بُنيّة على الأرض... تقطع الفطر على لوح خشبي، ثم تضيفه إلى السّمن والبصل في قدر وضعته على «بابور» غاز صغير. بعد وقت قصير، تفرغ السيدة، التي فقدت أسنانها وملأت التجاعيد وجهها، طبختها البسيطة في 3 صحون صغيرة تضعها إلى جانب صحن واحد من البطاطس المقلية والخضراوات. وتنتهي بذلك وجبة الغذاء.
وتقول أم خالد: «اللحم والفروج أفضل حقيقة، ولكن لا قدرة لنا نحن النازحين على شرائها».


مقالات ذات صلة

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

صحتك امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن تناول الطعام الطازج وزيت الزيتون يدعم صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك خبراء يحذرون بأن الناس غالباً ما يختارون جودة الطعام على الكمية وهو ما قد لا يكون كافياً من الناحية التغذوية (رويترز)

دراسة: «الهوس بالأطعمة الصحية» قد يسبب اضطرابات الأكل والأمراض العقلية

حذر خبراء بأن «الهوس بالأكل الصحي» قد يؤدي إلى الإدمان واضطرابات الأكل.

«الشرق الأوسط» (بودابست)
يوميات الشرق ألمانيا تشهد بيع أكثر من مليار شطيرة «دونر كباب» كل عام مما يجعل الوجبات السريعة أكثر شعبية من تلك المحلية (رويترز)

«الدونر الكباب» يشعل حرباً بين تركيا وألمانيا... ما القصة؟

قد تؤدي محاولة تركيا تأمين الحماية القانونية للشاورما الأصلية إلى التأثير على مستقبل الوجبات السريعة المفضلة في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة- برلين)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)