نصر الحريري: مؤتمر للمستقلين السوريين وانتخاب ممثلين جدد خلال أيام

رئيس {هيئة التفاوض} المعارضة كشف لـ «الشرق الأوسط» عن جهود للتوصل إلى هدنة في إدلب

نصر الحريري  رئيس {هيئة التفاوض السورية}
نصر الحريري رئيس {هيئة التفاوض السورية}
TT

نصر الحريري: مؤتمر للمستقلين السوريين وانتخاب ممثلين جدد خلال أيام

نصر الحريري  رئيس {هيئة التفاوض السورية}
نصر الحريري رئيس {هيئة التفاوض السورية}

كشف الدكتور نصر الحريري، رئيس هيئة التفاوض السورية، عن عقد مؤتمر للمستقلين وانتخاب ممثلين جدد، خلال الأيام القريبة المقبلة.
وقال الحريري، لـ«الشرق الأوسط»: «لا أحد ضمن الهيئة ضد فكرة التبديل المستمر والتمثيل الواسع ضمن ممثلي جميع المكونات في الهيئة بمن فيهم المستقلون، حتى أنه كانت هناك طروحات من قبل بعض المستقلين أنفسهم ضمن هذا الإطار، إلا أنه كانت هناك آراء ضمن الهيئة تدعو إلى تأجيل هذا الخيار». وعزا الحريري موقف بعض الأعضاء في هيئة التفاوض، بتأجيل هذا الاجتماع، إلى مسوغات عدة، من بينها أن اللجنة الدستورية لا تزال في بداياتها، والأوضاع في إدلب متدهورة للغاية في ظل التصعيد العسكري الخطير الذي تشهده المنطقة من قبل النظام السوري وإيران وروسيا والوضع الإنساني الكارثي الذي تشهده المنطقة هناك.
وشدد رئيس هيئة التفاوض السورية، على أن السعودية، دعمت الشعب السوري في مطالبه الشرعية وفي وضعه الإنساني، وقدمت الدعم للمعارضة السورية في مؤتمرَي الرياض الأول والثاني ومخرجاتهما، سواء كانت في المحددات والمبادئ السياسية الأساسية المؤدية للانتقال السياسي في سوريا، أو كانت في هيئتي التفاوض اللتين انبثقتا عن المؤتمر. وبيّن الحريري، أن السعودية، تلعب دوراً مهماً في المجموعة المصغرة والجهود الدولية والأممية الرامية إلى الوصول للحل السياسي، لافتاً إلى أن «هذا كذلك ما رأيناه واضحاً في بيان قمة مجلس التعاون الخليجي الذي انعقد في الرياض قبل فترة قصيرة».
وعلى صعيد التطورات على الساحة السورية، قال: إن «أبرز التطورات، هو ما يحدث ميدانياً على الأرض من تصعيد عسكري خطير يقوم به النظام وحلفاؤه، باستهداف مباشر وممنهج لقرى وبلدات محافظة إدلب في الناحية الشرقية والجنوب الشرقي منها». ولفت الحريري، إلى أن «التصعيد الكارثي» على حدّ تعبيره، يزيد من الوضع الإنساني سوءاً، حيث يتم فيه استخدام مختلف الأسلحة، بالإضافة إلى الغارات الجوية شبه المتواصلة، مبيناً أن عدد الذين يسقطون جراء ذلك، يصل يومياً إلى 30 قتيلاً وسطياً، معظمهم من المدنيين والنساء والأطفال، بجانب العشرات من المصابين والجرحى والمفقودين، الذين بقيت أجسادهم تحت الأنقاض.

قصف عنيف يمنع الإغاثة
وتابع الحريري: «في ظل هذه الظروف الصعبة، فإن فرق الدفاع المدني والخوذ البيضاء تمارس عملها بصعوبة بالغة؛ لأن حملات القصف لا تتوقف والاستهداف البري والجوي هو بشكل مستمر، ويوجد رفض علني وواضح لتطبيق اتفاقيات خفض التصعيد الموقعة بهذه المنطقة من شهر سبتمبر (أيلول) 2018 وحتى هذه اللحظة».
وأضاف: «يبدو أن النظام، عازم على المضي في هذه الحملة العسكرية على الرغم من الجهود الكبيرة التي قامت بها المعارضة السورية عموما، والتي تتمثل بالتواصل مع مختلف الأطراف ذات الصلة، وبخاصة الطرف الضامن لاتفاقية خفض التصعيد، ومجمل القوى الفاعلة في المجتمع الدولي من أجل توليد ضغط حقيقي لإيقاف هذا العدوان والاستهداف الواضح للمدنيين والبنى التحية».
وكشف رئيس هيئة التفاوض السورية، عن جهود تبذل الآن، من أجل محاولة التوصل على الأقل إلى هدنة، رغم أن الهدنة، بحسب رأيه، «لا تكفي؛ لأنها ستكون مؤقتة، وبالتالي سيبقى المدنيون معرّضين لتصعيد عسكري جديد».
وأكد رئيس هيئة التفاوض السورية، ضآلة توافر الحد الأدنى من المساعدات الإنسانية المحلية والدولية للوفاء باحتياجات هؤلاء المتأثرين بهذه الظروف الصعبة، «غير أنه حتى هذه اللحظة لا يزال الوضع معقداً وصعباً».
وتابع الحريري: «بالتالي، إذا لم يكن الأمر ممكناً الآن، فالسعي للوصول إلى هدنة إنسانية من أجل تأمين الدعم الأولي الإغاثي والطبي والإنساني لهؤلاء الناس، لربما يخفف من تأثير هذا العدوان على المدنيين، ولو بشكل مؤقت». وأضاف: «ما رأيناه قبل أيام من عرقلة تمرير القرار 2165 في مجلس الأمن باستخدام (فيتو مزدوج) من قبل روسيا والصين، يعزز عجز المجتمع الدولي في حماية المدنيين والدفاع عنهم، ويضيف إليه عجزاً جديداً يطال تقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري. وينبغي على الجميع أن يستنفر كل قواه من أجل إدخال المساعدات الإنسانية إلى هذه المناطق».

تعنّت في لجنة الدستور
وفيما يتعلق باللجنة الدستورية، أوضح رئيس هيئة التفاوض السورية، أن الجولة الثانية فشلت، بسبب رفض النظام الدخول إلى المفاوضات، كما أنه رفض جدول الأعمال المقترح. ولفت الحريري، إلى أن المبعوث الأممي أرسل طلباً إلى وفد هيئة التفاوض من أجل وضع جدول الأعمال، بحيث يتم الاتفاق عليه قبل بدء عمل الجولة الثانية، «لكن النظام وضع شروطاً مسبقة وطرح جملة من القضايا التي هي خارج إطار وتفويض عمل اللجنة الدستورية، من أجل عرقلة عملها» على حدّ تعبيره.
وأضاف، أنه رغم كل الطروحات التي تم وضعها خلال الأيام اللاحقة من قبل وفد هيئة التفاوض لمحاولة علاج هذا الاستعصاء في العملية، فإن النظام رفض كل ذلك، وبالتالي انتهت الجولة من دون أي اجتماع ومن دون أي نتائج تذكر».
وقال الحريري: «سمعنا في مجلس الأمن المبعوث الأممي يقول بأنه لن يدعو إلى جولة جديدة للجنة الدستورية إذا لم يكن هناك اتفاق واضح على هذا الجدول، والاتفاق في إطار تفويض وصلاحيات اللجنة الدستورية التي نصت عليها ورقة القواعد الإجرائية والمعايير الأساسية للائحة الداخلية للجنة الدستورية. ونحن معه في هذا قطعاً».
وزاد: «ندعم بشكل كامل عمل اللجنة الدستورية وإنجاح هذا العمل ومنع أي طرف من وضع العراقيل والمطبات التي تواجه عملها، ونأمل أن يتمكن المبعوث الأممي من الوصول إلى جدول أعمال دستوري ويدعو إلى الجولة التفاوضية في أسرع وقت. ولا تفوتنا أبداً ضرورة التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن 2254 الذي يتضمن كل البنود المتعلقة بالانتقال السياسي».
وشدد الحريري، على أن الاكتفاء باللجنة الدستورية وحدها، في ظل عدم وجود نية حقيقية لدى النظام للوصول للحل سياسي وعدم وجود دعم دولي جاد بهذا الاتجاه، لن تؤدي إلا إلى إضاعة الوقت، وعدم الوصول إلى النتائج التي يرجوها الشعب السوري.
وأكد الحريري في الوقت نفسه، أن إجراءات بناء الثقة وملف المعتقلين هو «ملف فوق تفاوضي»، وهو برأيه، يمثل اختباراً حقيقياً لمدى جدية كل الأطراف بموضوع الحل السياسي في سوريا. وأضاف: «بالتالي، إذا كانت هذه النية موجودة، ينبغي فوراً، البدء بتفعيل هذا الملف والإفراج عن هؤلاء المعتقلين المغيبين في سجون النظام منذ سنوات عدة، وهذا ما نصت عليه كل قرارات مجلس الأمن في إطار معالجة هذا الملف».



​شبح تداعيات اقتصادية يحدق باليمن بعد الضربات الإسرائيلية

صورة وزعها الإعلام الحوثي عقب الضربات الإسرائيلية في الحديدة (أ.ف.ب)
صورة وزعها الإعلام الحوثي عقب الضربات الإسرائيلية في الحديدة (أ.ف.ب)
TT

​شبح تداعيات اقتصادية يحدق باليمن بعد الضربات الإسرائيلية

صورة وزعها الإعلام الحوثي عقب الضربات الإسرائيلية في الحديدة (أ.ف.ب)
صورة وزعها الإعلام الحوثي عقب الضربات الإسرائيلية في الحديدة (أ.ف.ب)

بينما كان يتوقع المراقبون أن تستهدف أي غارات إسرائيلية مواقع عسكرية حوثية ردا على مهاجمة تل أبيب، إلا أن الهجوم استهدف منشأة اقتصادية تتمثل في خزانات الوقود في ميناء الحديدة (غرب اليمن) وهو ما تسبب في أزمة وقود حادة ظهرت ملامحها خلال الساعات الأولى، وسط خشية من تفاقم الأزمات المعيشية التي تعيشها البلاد.

وبرر الجيش الإسرائيلي، هجماته، السبت، على ميناء الحديدة، بأنه المنفذ الذي تستقبل الجماعة من خلاله الإمدادات والمعدات العسكرية لتنفيذ هجماتها، وذلك بعد الهجوم المميت بالطائرة المسيرة في قلب العاصمة الإسرائيلية تل أبيب، وهو الهجوم الذي تبنته الجماعة الحوثية ولوحت إسرائيل بالرد عليه مباشرة.

عمال يفرغون حاوية من سفينة تجارية في ميناء الحديدة الذي يعد أحد أكبر موانئ اليمن وأكثرها حيوية (رويترز)

وألحقت الضربات الإسرائيلية خسائر وأضراراً كبيرة بالميناء وخزانات الوقود فيه، ما أدى إلى أزمة وقود حادة في كثير من المدن اليمنية الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية، فبحسب مصادر مطلعة؛ استهدفت الغارات 20 خزاناً للوقود من أصل أكثر من 82 خزاناً في الميناء، إضافة إلى وجود منشآت للتخزين بميناء رأس عيسى شمال الحديدة ومنطقة كيلو 18.

ويتوقع الباحث الاقتصادي نجيب العدوفي أن تؤثر هذه الضربات على الحالة المعيشية داخل البلاد التي تستورد ما يقارب 90 في المائة من احتياجاتها من الوقود والأغذية والمواد الأساسية، ويعد ميناء الحديدة أحد أهم الموانئ التي تستقبل هذه المواد، وهو ما سيؤدي إلى زيادة المخاطر على النقل البحري.

ويخشى العدوفي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» من أن تتسبب هذه المخاطر في عزوف شركات النقل عن إرسال سفنها إلى اليمن، أو أن تعمل إسرائيل على توسيع عملياتها ضد الجماعة الحوثية إلى تنفيذ حصار بحري، ما سيؤدي إلى مزيد من الإضرار بالمدنيين حتى في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية التي ستتأثر موانئها من استمرار الهجمات أو حدوث الحصار.

كارثة مرهونة بالتصعيد

تزداد المخاوف من أن تكون الغارات الإسرائيلية على موانئ الحديدة مقدمة لعمليات واسعة وحصار بحري، خصوصاً مع إعلان الجماعة الحوثية استعدادها للرد والدخول في مواجهة مفتوحة، وهو ما يهدد اليمنيين بمزيد من المعاناة المعيشية.

ويرى الباحث الاقتصادي عبد الحميد المساجدي أن تأثير الغارات الإسرائيلية سيكون محدوداً من الناحية الاقتصادية إذا توقفت عند هذا الحد، ولم تتطور إلى مزيد من العمليات العسكرية، واستهداف مزيد من المنشآت الاقتصادية.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي بدأ الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر بقرصنتها تحت مزاعم دعم قطاع غزة المحاصر (إ.ب.أ)

ويوضح المساجدي لـ«الشرق الأوسط» أن الغارات أخرجت ربع خزانات الوقود في الحديدة وموانئها، ومنشأتين لتفريغ الحاويات لم تدخلا الخدمة بعد، ما سيؤدي إلى تأخير تفريغ ناقلات النفط، وزيادة في تكاليف انتظارها على السعر النهائي للوقود.

لكنه يعود ويستدرك أن التأثيرات ستظهر في نقص الواردات إلى الميناء، وفي حال استمر التصعيد وتم استهداف منشآت جديدة للميناء وازدادت مخاطر الملاحة في موانئ الحديدة، ستتفاقم الكارثة الإنسانية مع صعوبة الاستيراد لتموين السوق المحلية بحاجتها من السلع الغذائية والوقود إضافة إلى ارتفاع أسعارها.

من جهته، يبدي الأكاديمي والباحث في اقتصاد الحرب يوسف المقطري مخاوفه من عدم قدرة ميناء عدن على تغطية الحاجة إلى إمدادات سلاسل الغذاء نتيجة لما يمر به الميناء من حالة تدهور في خدماته، وتراجع كفاءة منشآته، وعدم التوافق على إدارته وإدارة موارده من قبل القوى التي تتشارك قوام الحكومة الشرعية.

ويبين المقطري لـ«الشرق الأوسط» أن التأثيرات المتوقعة للهجمات ما زالت قيد الاحتمالات بحسب حجم التصعيد والنيات الإسرائيلية ورد الفعل الحوثي، محذراً من كارثة إنسانية في حال استمرار التصعيد، واستهداف منشآت حيوية أخرى وإعلان حصار بحري.

سفينة راسية قبالة ميناء عدن الذي يخشى خبراء الاقتصاد عدم قدرته استيعاب الحاجة إلى الإمدادات في حال توقف ميناء الحديدة عن العمل (رويترز)

وينوه إلى أن تكلفة التأمين البحري والنقل سترتفع مجدداً بعد هذه الغارات، بعد أن كانت قد ارتفعت خلال الأشهر الماضية بسبب توترات البحر الأحمر، كما سترتفع تكلفة النقل البري بين المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية والواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية.

تحديث الموارد الحوثية

شهدت المدن الخاضعة للجماعة الحوثية مخاوف شديدة من حدوث أزمات في الوقود والمواد الأساسية، ورغم إعلان الجماعة عدم تأثير الضربات على مخزونها من الوقود، فإن المخاوف من حدوث أزمات حادة لم تتراجع.

وتراجع الزحام حول محطات الوقود إلى حد ما، في حين لجأت أعداد كبيرة من السكان إلى شراء المواد الغذائية بكميات تفوق احتياجاتها، وذكرت مصادر مطلعة في عدد من المدن أن عدداً من الموظفين والعمال اضطروا إلى الاستدانة بضمان رواتبهم لشراء المواد الضرورية.

الحرائق في ميناء الحديدة إثر غارات إسرائيلية استمرت طوال الليل (رويترز)

وينوه أكاديمي وباحث اقتصادي في جامعة صنعاء، إلى أن الضربات الإسرائيلية ستؤدي بالضرورة إلى تصعيد الجماعة الحوثية من ممارساتها للحصول على مزيد من الموارد، وستذهب إلى فرض مزيد من الجبايات والإتاوات تحت أسماء مختلفة.

ويشير الأكاديمي، الذي طلب من «الشرق الأوسط» حجب بياناته حفاظاً على سلامته نظراً لإقامته تحت سيطرة الجماعة الحوثية، إلى أن تحول نقل إمدادات الغذاء والمواد الأساسية إلى الموانئ الواقعة تحت إدارة الحكومة الشرعية سيدفع الجماعة الحوثية إلى محاولة تعطيل هذه الموانئ للمساومة على مواردها، وإجبار الحكومة على تسليمها إليها.

وبحسب الأكاديمي، ستلجأ الجماعة إلى الحصول على موارد من المنافذ البرية التي تسيطر عليها ما سيؤدي إلى رفع الأسعار بشكل كبير، متوقعاً أن تؤثر الجبايات المفروضة في تلك المنافذ على أسعار السلع بشكل أكبر من تأثير ارتفاع تكاليف النقل البحري.

ويرى المتابعون أن الغارات الإسرائيلية كانت أشد قسوة وتأثيراً على مقدرات الجماعة الحوثية من الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة تحت راية «تحالف الازدهار» الذي نشأ أواخر العام الماضي لمواجهة هجمات الجماعة على السفن الملاحية في البحر الأحمر.

وتعدّ الغارات الإسرائيلية حدثاً نوعياً في مسار الصراع في اليمن من جهة، والصراع في الشرق الأوسط من جهة أخرى، بعد أشهر من ادعاءات الجماعة الحوثية بمناصرة أهالي قطاع غزة المحاصر، وتصعيد المواجهة بين إسرائيل وأذرع إيران العسكرية في المنطقة خلال الأشهر الماضية، وهي المواجهة التي لم تخفف من معاناة أهالي القطاع.