«بوينغ» تتخلص من رئيسها التنفيذي بعد عام كارثي

الأزمة تتخطى حدود الشركة إلى التأثير سلباً على الاقتصاد الأميركي

مصنع {بوينغ} في رينتون بولاية واشنطن الأميركية... وفي الاطار دينيس مولينبورغ (أ.ف.ب)
مصنع {بوينغ} في رينتون بولاية واشنطن الأميركية... وفي الاطار دينيس مولينبورغ (أ.ف.ب)
TT

«بوينغ» تتخلص من رئيسها التنفيذي بعد عام كارثي

مصنع {بوينغ} في رينتون بولاية واشنطن الأميركية... وفي الاطار دينيس مولينبورغ (أ.ف.ب)
مصنع {بوينغ} في رينتون بولاية واشنطن الأميركية... وفي الاطار دينيس مولينبورغ (أ.ف.ب)

أعلنت شركة بوينغ الأميركية لصناعة الطائرات، فصل الرئيس التنفيذي للشركة، دينيس مولينبورغ، قد استقال بأثر فوري، وأن ديفيد كالهون، رئيس مجلس إدارتها الحالي، سيخلفه في هذا المنصب بدءا من 13 يناير (كانون الثاني) المقبل. وأوضحت بوينغ في بيان أمس أنه حتى ذلك التاريخ، سيشغل غريغ سميث، المدير المالي للشركة، منصب الرئيس التنفيذي المؤقت. مشيرة إلى أن مجلس إدارتها «قرر أن تغيير القيادة ضروري لاستعادة الثقة في الشركة للمضي قدماً، لأنها تعمل على إصلاح العلاقات مع الجهات التنظيمية والعملاء وجميع أصحاب المصلحة الآخرين».
وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اعترف دينيس مولينبورغ، في كلمته أمام الكونغرس الأميركي، بارتكاب شركته أخطاء في أزمة طراز 737 ماكس. وتحول عام 2019 الذي مثل ذروة مبيعات طائرة بوينغ «ماكس 737»، إلى تهديد لوجود هذا الطراز بفعل حادثين في غضون 6 أشهر، بين أكتوبر 2018 ومارس (آذار) 2019 أوديا بحياة ركابهما جميعهم. وفي 17 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أعلنت بوينغ تعليق إنتاج طائرات «737 ماكس» بدءا من يناير المقبل.
وإضافة إلى مأساة «737 ماكس»، قالت إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) إن كبسولة رواد الفضاء الجديدة لشركة بوينغ فشلت في الوصول لمدار محطة الفضاء الدولية، يوم الجمعة، مما يجهض تجربة حاسمة في مسعى الشركة العملاقة لإرسال رواد فضاء للمحطة الدولية.
وانطلقت الكبسولة «سي إس تي - 100 ستارلينر» بنجاح من كيب كنافيرال في فلوريدا، لكنّ عطلاً بجهاز التوقيت حال دون وصول المركبة إلى المدار الذي كان سيضعها على الطريق للالتحام بمحطة الفضاء.
وكانت هذه الرحلة التجريبية الأولى للمحطة علامة فارقة لبوينغ التي تتنافس مع سبيس إكس لإحياء برنامج إدارة الطيران والفضاء لرحلات الفضاء المأهولة. وذكر مسؤولو بوينغ في مؤتمر صحافي أنه من المبكر للغاية تحديد سبب العطل.
ويوم الجمعة الماضي أيضا، أعلنت شركة الطيران الأميركية «يونايتد إيرلاينز» وقف رحلاتها على طائرات «بوينغ 737 ماكس»، التي تسببت في عدة أزمات لأجل أطول مما كان متوقعا. وقالت «يونايتد إيرلاينز» إن الطائرة التي تسببت في حادثتي تحطم وتم حظر إقلاعها في أعقاب ذلك ستخرج من خطط الطيران لديها حتى الرابع من يونيو (حزيران) المقبل. وكانت الشركة من قبل توقعت وقف طيران هذا الطراز حتى مارس المقبل.
وحظرت شركتا الطيران الكبيرتان الأخريان في الولايات المتحدة وهما «ساوث ويست» و«أميركان إيرلاينز» طيران هذا الطراز من طائرات بوينغ حتى أبريل (نيسان) المقبل.
وتم إيقاف إقلاع هذه الطائرات منذ منتصف مارس 2019، وذلك بعد حادثتي تحطم راح ضحيتهما 346 راكبا... ولا تشير الدلائل إلى إمكانية السماح سريعا بطيران هذا الطراز بعد.
وكانت هيئة الرقابة على سلامة الطيران في الولايات المتحدة «إف إيه إيه» حذرت بوينغ مؤخرا من خطط زمنية غير واقعية، ما جعل الشركة المنتجة يوم الاثنين الماضي تعلن وقف الإنتاج مؤقتا حتى يناير المقبل. ويرفع هذا الأمر الضغوط على شركة الطيران التي اضطرت إلى إلغاء كثير من رحلاتها.
وقبل عدة أيام، خفضت مؤسسة «إس آند بي» للتصنيف الائتماني تصنيف بوينغ، وأرجعت أسباب هذه الخطوة إلى حالة الغموض الكبيرة التي تكتنف موعد قيام الشركة باستئناف توريد طائراتها طراز 737 ماكس.
وأفادت «بلومبرغ» للأنباء بأن «إس آند بي» خفضت تصنيف بوينغ على المدى الطويل من «إيه» إلى «إيه سالب»، كما خفضت تصنيفها على المدى القصير من «إيه سالب 1» إلى «إيه سالب 2». وذكرت «إس آند بي» أن خفض النظرة المستقبلية لبوينغ يعكس الغموض بشأن موعد استئناف تشغيل الطائرة 737 ماكس، والمخاطر التي تهدد سلاسل التوريد جراء وقف الإنتاج المقرر للطائرة، فضلاً عن احتمالات تأثير ذلك على قدرات بوينغ التنافسية على المدى الطويل.
وتتوقع «إس آند بي» حالياً عدم استئناف توريد طائرات 737 ماكس حتى أبريل 2020، وذكرت «بلومبرغ» أن تغيير التصنيف الائتماني للشركة يتوقف على قيامها باستئناف تصنيع وتوريد الطائرات 737 ماكس دون الإضرار بقدراتها التنافسية.
ويمتد أثر الأزمة إلى ما هو أبعد من بوينغ أو حتى قطاع الطيران الأميركي، وقالت شبكة «سي إن إن» الأميركية إن إعلان بوينغ الرائدة في مجال صناعة الطائرات أنها ستوقف إنتاج الطائرة الأكثر مبيعا الشهر المقبل يعد خبرا سيئا للاقتصاد الأميركي، مشيرة إلى أن بوينغ واحدة من أكبر الشركات الأميركية، لذا فإن إيقاف المنتج الأكثر طلبا سيكون له تأثير على إجمالي الناتج المحلي الأميركي.
وقال مايك بيرس، كبير الاقتصاديين في «كابيتال إيكونوميس» الخميس الماضي إن إيقاف الإنتاج خلال الربع الأول من العام المقبل سيقلل من معدل نمو إجمالي الناتج المحلي بمقدار نصف نقطة... فيما كانت توقعات خبراء في شركة «جيه بي مورغان»، أكثر فداحة، مشيرة إلى أن الانخفاض قد يصل إلى 0.6 في المائة.
وتسببت أخبار خفض الإنتاج في انخفاض توقعات الناتج المحلي الإجمالي الخاصة بـ«بنك أوف أميركا» لربع الأول، إلى معدل سنوي قدره 1.2 في المائة، هبوطا من توقعاته الأساسية البالغة 1.7 في المائة، وفقا لخبراء اقتصاديين في البنك.
ومن المتوقع أن تتسبب مشكلات بوينغ في تراجع مجالات التصنيع الأميركي، كما أشار فريد سميث رئيس مجلس إدارة «فيديدكس» إلى أن وقف إنتاج ماكس737 وإضراب عمال جنرال موتورز الذي استمر قرابة 40 يوما، أثرا سلبيا على الاقتصاد الصناعي المتعثر.
ويذكر أن مبيعات بوينغ انخفضت لأنها لا تتحصل على مستحقاتها المالية إلا عند تسليم الطائرة، وهو أمر سلبي لنمو الناتج المحلي الإجمالي. وفي الوقت نفسه يتزايد مخزون الطائرات في الشركة مما يساعد على إعاقة نمو الناتج المحلي الإجمالي.


مقالات ذات صلة

المستثمرون الأميركيون ينسحبون من صناديق الأسهم

الاقتصاد متداولون في بورصة نيويورك (رويترز)

المستثمرون الأميركيون ينسحبون من صناديق الأسهم

انسحب المستثمرون الأميركيون من صناديق الأسهم وانتقلوا إلى صناديق أسواق المال الآمنة خلال الأسبوع المنتهي في 8 يناير (كانون الثاني).

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة مع تزايد حالة عدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مما زاد من الطلب على السبائك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» بين خيارين صعبين في ظل اضطرابات سوق السندات

وضعت الاضطرابات الهائلة في سوق السندات بنك الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب للغاية، حيث يواجه خيارين حاسمين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ سفينة شحن تَعبر قناة بنما في سبتمبر الماضي (أ.ب)

«قناة بنما»: ما تاريخها؟ وهل يستطيع ترمب استعادة السيطرة عليها؟

يستنكر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الرسوم المتزايدة التي فرضتها بنما على استخدام الممر المائي الذي يربط المحيطين الأطلسي والهادئ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)

عائدات سندات الخزانة الأميركية تسجل أعلى مستوى منذ أبريل

سجلت عائدات سندات الخزانة قفزة كبيرة يوم الأربعاء، حيث سجلت عائدات السندات القياسية لمدة عشر سنوات أعلى مستوى لها منذ أبريل (نيسان) الماضي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

صناديق أسواق المال تجذب المستثمرين وسط مخاوف تجارية

مجموعة من العملات العالمية (رويترز)
مجموعة من العملات العالمية (رويترز)
TT

صناديق أسواق المال تجذب المستثمرين وسط مخاوف تجارية

مجموعة من العملات العالمية (رويترز)
مجموعة من العملات العالمية (رويترز)

اتجه المستثمرون إلى صناديق أسواق المال العالمية، في الأسبوع المنتهي في 8 يناير (كانون الثاني)، مدفوعين بالمخاوف المتعلقة بالزيادات المحتملة في التعريفات الجمركية مع التغيير المرتقب في الإدارة الأميركية، بالإضافة إلى الحذر قبل تقرير الوظائف الحاسم الذي قد يعيد تشكيل التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي.

ووفقاً لبيانات «إل إس إي جي»، قام المستثمرون بتوجيه 158.73 مليار دولار إلى صناديق أسواق المال العالمية، وهو ثاني أكبر صافي شراء أسبوعي منذ أبريل (نيسان) 2020، وفق «رويترز».

وكان الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الذي من المقرر أن يتولى منصبه في 20 يناير، قد تعهد بفرض تعريفة جمركية بنسبة 10 في المائة على جميع الواردات العالمية إلى الولايات المتحدة. كما هدد بفرض تعريفة بنسبة 25 في المائة على الواردات من كندا والمكسيك في أول يوم له في المنصب.

وتلقت صناديق الأسهم العالمية تدفقات للأسبوع الثالث على التوالي، بمجموع صافي بلغ 11.36 مليار دولار. كما استقبلت صناديق الأسهم الأوروبية تدفقات صافية بلغت 8.7 مليار دولار، وهي الأكبر في 3 أسابيع، في حين أضاف المستثمرون صافي 5.6 مليار دولار إلى الصناديق الآسيوية، بينما سحبوا صافي 5.05 مليار دولار من الصناديق الأميركية خلال الفترة نفسها.

وشهدت صناديق الأسهم القطاعية العالمية أول صافي شراء أسبوعي لها في 5 أسابيع، بمقدار 526.24 مليون دولار. وضخ المستثمرون 1.13 مليار دولار في قطاع التكنولوجيا، بعد 5 أسابيع متتالية من البيع الصافي، وشهد قطاع خدمات الاتصالات صافي مشتريات بلغ 413 مليون دولار.

كما شهدت صناديق السندات العالمية نشاطاً ملحوظاً، حيث تلقت 19.5 مليار دولار، وهو ثاني تدفق في الأسابيع الأربعة الماضية. وجذبت صناديق السندات الحكومية 1.94 مليار دولار، وهو ثاني تدفق لها في 6 أسابيع، بينما جمعت صناديق المشاركة في القروض 2.24 مليار دولار.

من جهة أخرى، واجهت صناديق السلع الأساسية عمليات تصفية للأسبوع الثاني على التوالي، حيث سحب المستثمرون 293 مليون دولار من صناديق الذهب والمعادن النفيسة، محققين أرباحاً بعد عمليات شراء صافية كبيرة بلغت 14.32 مليار دولار طوال عام 2024.

وأظهرت صناديق الأسواق الناشئة نتائج متباينة، حيث كسرت صناديق السندات سلسلة بيع استمرت 4 أسابيع بتدفقات صافية بلغت 2.38 مليار دولار. في المقابل، شهدت صناديق الأسهم تدفقات خارجية كبيرة بلغ مجموعها 973 مليون دولار خلال الأسبوع.