الرياض تمزج «الفن البشري» بـ«الذكاء الاصطناعي»

أول منافسة دولية من نوعها لخلق فرق فنية استعداداً للمستقبل الرقمي

الذكاء الاصطناعي يخاطب المستقبل
الذكاء الاصطناعي يخاطب المستقبل
TT

الرياض تمزج «الفن البشري» بـ«الذكاء الاصطناعي»

الذكاء الاصطناعي يخاطب المستقبل
الذكاء الاصطناعي يخاطب المستقبل

يجتمع الفن البشري وإبداع الآلة في الرياض الشهر المقبل، في أول مسابقة «آرتاثون الذكاء الاصطناعي»، التي تأتي في ظل حضور دولي للفن القائم على الذكاء الاصطناعي، باعتبارها حركة فنية حديثة. تنطلق المسابقة في 23 يناير (كانون الثاني)، لخلق الوعي حول الذكاء الاصطناعي من خلال الفنون ومجالات التصميم، ودمج مجموعة من الفنانين الرقميين وخبراء الذكاء الاصطناعي على شكل فرق لإنتاج أعمال فنية قائمة على الذكاء الاصطناعي.
ومسابقة الآرتاثون، تعد إحدى مبادرات القمة العالمية للذكاء الاصطناعي 2020، وتأتي بمشاركة أكثر من 300 شخص، يتم من خلالهم اختيار 20 فريقاً يخضعون لبرنامج تدريبي مكثف، بدعم من خبراء دوليين لتعليمهم أدوات الذكاء الاصطناعي وتقنيات التصميم بالذكاء الاصطناعي، ومن ثمّ تختار لجنة دولية من الحكام من مختلف مجالات الذكاء الاصطناعي، أفضل 10 أعمال فنية.
ويوضح الدكتور عزيز الجعيد، متخصص في البرمجة وتحليل البيانات، أنه يُعوّل عالمياً على الذكاء الاصطناعي وبشكل كبير، في تحسين الحياة على كوكب الأرض ورفع جودتها وتحقيق الاستدامة؛ وذلك من خلال مساهمته الفعالة في تحسين أداء القطاعات الخدمية التي يستفيد منها الإنسان، مثل الصحة والموصلات وغيرهما.
ويتابع الجعيد حديثه لـ«الشرق الأوسط» قائلاً إنّ «ذلك يتضمن أيضاً تحقيق الاستدامة والحفاظ على كوكب الأرض؛ من خلال التنبؤ بالكوارث الطبيعية وخلق أفكار مبتكرة للحد من التلوث والمساهمة في خفض الانبعاثات الكربونية. ويضيف: «تدرك السعودية هذا الدور المأمول من الذكاء الاصطناعي؛ لذلك حرصت من خلال الأجهزة الحكومية المختلفة على أن تكون رائدة في هذا المجال الطموح».
من ناحيته، يقول الدكتور علي الأكلبي، وهو متخصص في إدارة المعرفة والمحتوى الرقمي، إنّ «الذكاء الاصطناعي هو من مجالات تعليم الآلة، والمقصود به قدرة الآلة على محاكاة ذكاء الإنسان، لتكون قادرة على الفهم والتعلم ذاتياً، بل والتصرف واتخاذ القرار في مواقف جديدة من دون تدخل بشري». ويردف: «من أهم خصائص الذكاء الاصطناعي قدرة الآلة على الاستنتاج وردة الفعل في أوضاع جديدة، وتستخدم لأجل ذلك الأنطولوجيا المفاهيمية التي تجعل الآلة قادرة على التنفيذ من خلال ربط دلالات المصطلحات والأفعال بناء على معانيها ومفاهيمها وتحويلها إلى قرارات تتخذها الآلة بناء على تلك المعطيات».
وعن مستقبل الذكاء الاصطناعي، يؤكد الأكلبي لـ«الشرق الأوسط»، أنّه واعد ومبشر، «كما أن هذا المجال واسع وحدوده بعيدة جدا في مجالات مهمة، خاصة فيما يتعلق بالصحة وخدماتها والتعليم وطرائقه، وكذلك خدمات الأمن ومساعدة ذوي الإعاقة وتقديم حلول للكثير من الحاجات الآنية والمستقبلية، وسيكون بمقدور الذكاء الاصطناعي توفير مستويات عالية جداً من رفاهية وخدمة الإنسان فيما يتعلّق بتوظيف تطبيقات إنترنت الأشياء، التي تأخذ في التوسع والتنوع لتوفر المزيد من السرعة والإنجاز بدقة فائقة وجودة تامة».
ومن المرتقب أن تحصل أفضل 10 أعمال فنية من إنتاج فرق الآرتاثون على مكافآت مالية. في حين تشمل قائمة المرشحين للتقدم من الفنانين كلاً من خبراء التصميم الغرافيكي، والفنانين البصريين، ومصممي الأنميشن، وفناني الفن الثلاثي الأبعاد، والمجالات ذات الصلة بالفن والفن الرقمي. أمّا المتقدمون من مطوري البرمجيات، فتشمل متخصصي البيانات، ومطوري الذكاء الاصطناعي والمجالات ذات الصلة بالتقنية والذكاء الاصطناعي.


مقالات ذات صلة

الميزانية السعودية... استدامة مالية واستمرار في الإصلاحات

الاقتصاد ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

الميزانية السعودية... استدامة مالية واستمرار في الإصلاحات

أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أمس (الثلاثاء)، ميزانية عام 2025 بإيرادات متوقعة عند 1.184 تريليون ريال.

مساعد الزياني (الرياض) عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء المخصصة لإقرار ميزانية عام 2025 (واس) play-circle 00:51

الميزانية السعودية 2025... نمو مستدام مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

جاء إعلان السعودية عن ميزانية العام المالي 2025 التي أقرّها مجلس الوزراء السعودي ليظهر مدى توسع الاقتصاد السعودي.

مساعد الزياني (الرياض) عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس) play-circle 00:51

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)

السعودية توسّع صفقاتها للمشاركة في سلاسل التوريد العالمية

تتجه السعودية إلى زيادة الوصول للمواد الأساسية، وتوفير التصنيع المحلي، وتعزيز الاستدامة، والمشاركة في سلاسل التوريد العالمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

خاص وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس.

سعيد الأبيض (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».