النظام يوسع سيطرته في إدلب بغطاء روسي

بلدات أشباح بعد غارات «الأرض المحروقة»

النظام يوسع سيطرته في إدلب بغطاء روسي
TT

النظام يوسع سيطرته في إدلب بغطاء روسي

النظام يوسع سيطرته في إدلب بغطاء روسي

قال شهود وسكان، أمس (الأحد)، إن القوات السورية المدعومة من روسيا حققت تقدماً على الأرض بعد استئناف الهجوم قبل أسبوع تقريباً على آخر جيب للمعارضة المسلحة، شمال غربي البلاد. والهجوم هو الأكبر منذ نحو ثلاثة أشهر، وتسبب في موجة نزوح جماعية للمدنيين.
وأضافت المصادر التي استندت إليها «رويترز»، أن الهجوم واسع النطاق المصحوب بقصف جوي مكثف على مناطق مدنية ريفية جنوب شرقي محافظة إدلب، أنهى شهوراً من الجمود على جبهات القتال تمكن فيها مسلحو المعارضة من صد الجيش ومنعه من تحقيق أي تقدم كبير.
وكثفت مقاتلات روسية وسورية من ضرباتها على قرى وبلدات في محيط معرة النعمان حيث فر آلاف السكان إلى مناطق على الحدود مع تركيا طلباً لأمان نسبي.
وأسفرت مواجهات دامية في محيط مدينة معرة النعمان في جنوب إدلب منذ مساء الخميس، عن أكثر من 170 قتيلاً بينهم 71 مقاتلاً موالياً لقوات النظام. وسيطرت قوات النظام على 25 مدينة وقرية في المنطقة، وفق المرصد السوري. وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن: «هذه محاولة للاقتراب من معرة النعمان».
وواصل سكان المدينة الفرار منها، أمس (الأحد) خشية تقدم جديد لقوات النظام، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال المرصد إن أكثر من ثلاثين ألف شخص فروا من منطقة المعارك في الأيام الأخيرة. وأفاد أحد السكان، ويدعى أبو أكرم، بأنّ عمال الإغاثة يسابقون الوقت لإخراج الأُسَر من المدينة.
وصرّح الأب لخمسة أبناء، الذي عجز عن توفير سيارة تقل أسرته إلى الشمال: «الكل يحاولون بكل طاقتهم إخراج الأسر لكنّ الوقت لا يسعفهم». هذا وقال اثنان من السكان ومسعف إن مقاتلات روسية قصفت، أول من أمس (السبت)، سوقاً مزدحمة في سراقب، شرق إدلب، مما أسفر عن مقتل ثمانية على الأقل وإصابة العشرات.
وقال سكان بالمنطقة إن كثيراً من القرى أصبحت مهجورة الآن بسبب الحملة التي شردت منذ إطلاقها في أبريل (نيسان) أكثر من 500 ألف شخص، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة وجماعات إغاثة دولية.
وقال محمد رشيد وهو ناشط من المنطقة: «قرى وبلدات كثيرة أصبحت بلدات أشباح. غارات الأرض المحروقة لروسيا تساعد النظام في التقدم على الأرض».
وينفي الجيشان الروسي والسوري مزاعم عن قصف عشوائي لمناطق مدنية، ويقولان إنهما يقاتلان متشددين إسلاميين يستلهمون فكر تنظيم «القاعدة».
وقال «اتحاد منظمات الرعاية الصحية والإغاثة»، وهو منظمة أهلية مقرها الولايات المتحدة، إن نحو 80 ألف مدني على الأقل فرّوا وواجهوا ظروفاً قاسية مع دخول فصل الشتاء. وأضاف أن المؤسسات الطبية، التي شلّتها بالفعل الهجمات على مدى عام، تواجه صعوبات في التعامل مع تدفقات الجرحى. ووثق الاتحاد ومنظمات أخرى تابعة للأمم المتحدة 68 منشاة طبية تعرضت للهجوم منذ أبريل (نيسان).
وقالت مصادر عسكرية غربية إن أحدث قصف كان مقدمة لهجوم بري واسع النطاق للسيطرة على محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة. وتؤوي محافظة إدلب مئات الألوف من الأشخاص الذين فروا من مناطقهم في سوريا عندما استعادت القوات الحكومية مساحات كبيرة من الأراضي، بعد تدخل روسيا إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد في أوائل عام 2015، الأمر الذي رجَّح كفته في الحرب.



تخوف يمني من سيناريو غزة وسط تهديدات حوثية بالتصعيد

حريق ضخم عقب استهداف إسرائيل مستودعات الوقود في الحديدة (أ.ف.ب)
حريق ضخم عقب استهداف إسرائيل مستودعات الوقود في الحديدة (أ.ف.ب)
TT

تخوف يمني من سيناريو غزة وسط تهديدات حوثية بالتصعيد

حريق ضخم عقب استهداف إسرائيل مستودعات الوقود في الحديدة (أ.ف.ب)
حريق ضخم عقب استهداف إسرائيل مستودعات الوقود في الحديدة (أ.ف.ب)

أثارت الضربات والتهديدات اللاحقة التي أطلقها المسؤولون الإسرائيليون، وإعلان الحوثيين استمرار الهجمات مخاوف اليمنيين من تكرار سيناريو الدمار الذي أحدثته في قطاع غزة داخل بلدهم.

ولا يخفي محمد عبد الله، وهو موظف حكومي وأحد سكان مدينة الحديدة، هذه المخاوف ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن إسرائيل دولة قوية ومحمية من الغرب، وقد أنهت مظاهر الحياة في قطاع غزة، ويمكن أن تكرر ذلك في اليمن، ويأمل ألا تتطور الأحداث وتصل إلى هذا المستوى.

سحب من الدخان واللهب جراء احتراق مستودعات الوقود في الحديدة اليمنية إثر غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

يضيف عبد الله أن «أصوات انفجارات الضربات الإسرائيلية مرعبة، وليست كما الضربات الأميركية التي لا يسمع أصواتها إلا جزء من سكان المدينة».

هذه المخاوف يشاركه فيها يحيى وهو موظف لدى شركة تجارية اكتفى بذكر اسمه الأول، ويقول إن الحياة بدأت تعود تدريجياً والحركة التجارية في ظل التهدئة بين الحكومة اليمنية والحوثيين، ولكن التصعيد مع إسرائيل مخيف؛ لأنها دولة تبطش، ولا تعمل حساباً لأي هدف كان مدنياً أو عسكرياً. ورأى أن استهداف مخازن الوقود دليل على ذلك؛ لأنها ظلت بعيدة عن الاستهداف طوال سنوات الحرب.

وفي حين يتحفظ الحوثيون على إعلان عدد الضحايا، يذكر أيمن جرمش وهو مسؤول محلي في الحديدة أن زميله المهندس أحمد موسى هو أحد ضحايا الغارات الإسرائيلية، وقد قُتل إلى جانب آخرين منهم نبيل ناشر، وأحمد عبد الباري يوسف، وصلاح الصراري، وأبو بكر الفقيه وإدريس الوصابي.

إضافة إلى ذلك، أفادت مصادر حكومية بأن عدد جرحى الغارات الإسرائيلية وصل إلى 90 شخصاً، وأن الضربات دمرت خزانات الديزل والمازوت والبنزين، بينما أكد سكان الحديدة انقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء واسعة من المدينة.

أجندة خارجية

يؤكد العقيد وضاح الدبيش المتحدث باسم القوات الحكومية اليمنية في الساحل الغربي لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين دفعوا اليمن المثقل بالفقر والأزمات إلى قلب المواجهة، خدمةً لأجندة خارجية، في حين أنهم (الحوثيين) من دون قدرة حقيقية على الردع.

واتهم المتحدث العسكري الجماعة الموالية لإيران بالتسبب في تدمير منشآت ميناء الحديدة، وعبَّر عن خشيته من استمرار الحوثيين في استدعاء إسرائيل، ومن ثم ضرب وتدمير مزيد من المنشآت والبنى التحتية مقابل بيانات تدعي البطولات.

وجزم الدبيش أن الخاسر الحقيقي في كل هذه اللعبة هو الشعب اليمني، وأن الحوثي لن يهدأ له بال إلا عندما يتحول اليمن إلى غزة أخرى تفوح منها رائحة الدم من كل مدينة وقرية.

دخان كثيف يتصاعد جراء قصف إسرائيل مدينة الحديدة اليمنية الخاضعة للحوثيين (رويترز)

في غضون ذلك، أدان «الحراك التهامي» وهو مكون سياسي يمني الضربات الإسرائيلية على مدينة الحديدة ومينائها والمنشآت المدنية وفي مقدمتها خزانات النفط ومحطة الكهرباء وغيرها من المقدرات.

وقال في بيان له إن «هذا الاعتداء والقصف وما أسفر عنه من ضحايا أبرياء، وتدمير بالغ يمثل كارثة سيتضرر منها أبناء تهامة والمواطن لا غير، سواء ما يتعلق بنقص الوقود، وانقطاع الكهرباء، وتوقُّف المستشفيات والمرافق الخدمية، وما يترتب عليها من تداعيات إنسانية».

وحمَّل البيان إسرائيل والحوثيين مسؤولية هذا العدوان وما نتج عنه من ضحايا وتدمير للمقدرات، وقال إن كل هذه الممارسات التي يجلبها الحوثي ما كانت لتحدث لولا حالة التراخي والتذليل من المجتمع الدولي له، ومن ذلك اتفاقية استوكهولم، مؤكداً أن الحوثيين يتحملون مسؤولية وصول البلاد إلى هذه الحال المأساوية والكارثية.

ووصف البيان مواقف الحوثيين بأنها «استغلال مفضوح» تحت مسمى نصرة فلسطين، وقال إنها «مزاعم كاذبة تبث زيفها، ولا صلة لها بفلسطين أو معاناة أبناء غزة».