انخفاض متوقع خلال العقود المقبلة في درجة حرارة البحر الأحمر

علماء «كاوست» يدققون في الصلات بين دورات المناخ الطبيعية وحرارة سطحه

قائدا المشروع إبراهيم حطيط إلى اليسار وجورج كروكوس
قائدا المشروع إبراهيم حطيط إلى اليسار وجورج كروكوس
TT

انخفاض متوقع خلال العقود المقبلة في درجة حرارة البحر الأحمر

قائدا المشروع إبراهيم حطيط إلى اليسار وجورج كروكوس
قائدا المشروع إبراهيم حطيط إلى اليسار وجورج كروكوس

توقَّعت دراسة أُجرِيت بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، أن يشهد البحر الأحمر على مدار العقود المقبلة انخفاضا في درجة حرارة سطحه خلافا لباقي البحار والمحيطات، متأثراً بظاهرة مناخية طبيعية تُسمى «التذبذب الأطلسي متعدد العقود» (AMO).
وتناولتْ أغلب دراسات البحر الأحمر فيما يتعلق بدرجة حرارة سطح البحر(SST) فترات قصيرة، قد تكون معدلات الارتفاع في درجات الحرارة خلالها تباطأت أو تسارعت حدّتها، جرّاء دورات طبيعية أطول أمداً.
وحالياً يبحث جورج كروكوس أحد أفراد الفريق البحثي من كاوست وزملاؤه، بقيادة البروفسور إبراهيم حطيط، أستاذ هندسة وعلوم الأرض في قسم العلوم والهندسة الفيزيائية، الكيفية التي يؤثر بها التذبذب الأطلسي متعدد العقود في درجة حرارة سطح البحر الأحمر على المدى الطويل.
ويوضح كروكوس أن التذبذب الأطلسي متعدد العقود سمة دائمة للنظام المناخي للأرض، يرتبط في المقام الأول بالتنوّع في الحزام الناقل للمحيط الأطلسي. وارتبط بانعكاسات مناخية عالمية مهمة مثل التقلّب على مدى عقود متعددة في متوسط درجة حرارة السطح بالنصف الشمالي للكرة الأرضية.
وتعني هذه الظاهرة وجود تقلّبات في المحيط الأطلسي تدوم عقوداً كثيرة تتراوح من 65 إلى 75 عاماً، تشهد خلالها درجات حرارة سطح البحر عقوداً دافئة وأخرى باردة.
استعان الفريق البحثي بمصادر بيانات متنوّعة شملت بيانات الأقمار الصناعية من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) في الولايات المتحدة، ومكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة من ثمانينات القرن الماضي حتى الوقت الحاضر، بالإضافة إلى ملاحظات من تحليل مجموعة بيانات إعادة البناء الممتدة الخاصة بالإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، ومركز هادلي لثلوج البحار ودرجة حرارة السطح التابع لمكتب الأرصاد الجوية على مدار فترة تمتد إلى 140 عاماً.
وتوصَّل الفريق إلى أن الاتجاه الاحتراري الذي لوحظ من عام 1980 حتى عام 2010 كانت تسيطر عليه مرحلة إيجابية من التذبذب الطبيعي لدرجة حرارة سطح البحر، غير أنه من المتوقع تحوّل هذا الاتجاه إلى مرحلة انخفاض خلال العقود القليلة المقبلة، مع دخول التذبذب الأطلسي متعدد العقود مرحلة سلبية.
ويقول كروكوس: «التحليل الذي قمنا به أظهر أن تأثيرات التقلّب الطبيعي للمناخ، المتجلية في البحر الأحمر في صورة تذبذبات منخفضة التكرار، تلي التذبذب الأطلسي متعدد العقود، تهيمن على الاتجاهات طويلة المدى المُثْبَتة».
وتُظهر الدراسة أن التذبذب طويل المدى المرتبط بالتذبذب الأطلسي متعدد العقود لعب دوراً رئيسياً في ارتفاع درجات حرارة البحر الأحمر خلال العقود الثلاثة الماضية، ومن المتوقع أن يدخل هذا التذبذب مرحلة سلبية في السنوات المقبلة، بعد أن وصل إلى ذروته على مدار العقد الماضي.
ويشير كروكوس إلى أن الأبحاث المستقبلية المعتمدة على أدوات حديثة في علم دراسة المحيطات، بما في ذلك نماذج الغلاف الجوي والمحيط، ستزيد من فهمنا لاستجابة البحر الأحمر لتغيّرات المناخ.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً