نخيل الأحساء وتراثها يستقبلان وزراء السياحة العرب

انعقاد الاجتماع الوزاري في عاصمة السياحة العربية 2019

سوق القيصرية في الأحساء إحدى أقدم الأسواق التاريخية في الجزيرة العربية والخليج  (تصوير: عيسى الدبيسي)
سوق القيصرية في الأحساء إحدى أقدم الأسواق التاريخية في الجزيرة العربية والخليج (تصوير: عيسى الدبيسي)
TT

نخيل الأحساء وتراثها يستقبلان وزراء السياحة العرب

سوق القيصرية في الأحساء إحدى أقدم الأسواق التاريخية في الجزيرة العربية والخليج  (تصوير: عيسى الدبيسي)
سوق القيصرية في الأحساء إحدى أقدم الأسواق التاريخية في الجزيرة العربية والخليج (تصوير: عيسى الدبيسي)

بدأ المجلس الوزاري العربي للسياحة أعمال دورته الـ«22»، ومكتبه التنفيذي، يوم أمس، وتستمر اليوم اجتماعاته بمحافظة الأحساء في المنطقة الشرقية في السعودية، وذلك بمناسبة اختيار مدينة الأحساء عاصمة للسياحة العربية لعام 2019.
وتستعد المحافظة لتنظيم جولات وفعاليات سياحية للوفود المشاركة في الاجتماع، تتضمن زيارة المواقع الأثرية والتاريخية والطبيعية، مثل جبل القارة وبيت البيعة وقصر صاهود وسوق القيصرية التاريخية.
وستنظم المحافظة بالتوازي مع الاجتماع كثيراً من الفعاليات والأنشطة السياحية، تشمل الفنون الشعبية والحرف اليدوية والأنشطة المسرحية، وعروض الضوء والصوت والفنون التشكيلية وعروض قوافل الإبل.
وستتسلم السعودية بصفتها الدولة المضيفة، رئاسة الدورة الحالية من مصر التي تولت رئاسة الدورة السابقة، وسيترأس الاجتماع أحمد الخطيب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.
يتضمن جدول أعمال الدورة الحالية للمجلس مناقشة تقرير وقرارات الاجتماع المشترك لوزراء السياحة ووزراء الثقافة في الدول العربية، الذي عقد في تونس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بشأن متابعة تنفيذ مبادرة التكامل بين السياحة والتراث الحضاري والثقافي في الدول العربية. كما سيناقش الاجتماع أيضاً النظر في الموافقة على المسودة المحدثة لوثيقة الاستراتيجية العربية للسياحة، المقدمة من وزارة السياحة في مصر، بصفتها رئيسة لجنة تحديث وتطوير الاستراتيجية العربية للسياحة، وذلك بموجب قرار المجلس الوزاري العربي للسياحة في هذا الشأن.
ويبحث الاجتماع تفعيل محور المعلومات والإحصاءات السياحية لدعم الاستراتيجية العربية للسياحة ودعم قطاع فلسطين في مجال السياحة، تنفيذاً لمقررات قمة القدس التي عقدت في مدينة الظهران. ويستعرض أيضاً نتائج وتوصيات منتدى السياحة في المنطقة العربية، ويناقش تحديات الأمن السياحي وآليات المواجهة، المقدم من مجلس وزراء الداخلية العرب، والملتقى العربي الثاني للأمن السياحي (السياحة والأمن رافدان للتنمية) المقدم من المنظمة العربية للسياحة، الذي يعقد بصفة دورية كل عام لتحقيق أمن وسلامة السائح وتبادل الخبرات بين الدول العربية في هذا الشأن. ويبحث الاجتماع المعايير المحدثة لعاصمة السياحة العربية، المقدم من المنظمة العربية للسياحة، بعد تضمينها معايير السلامة والاستقرار والأمن السياحي، وسيُنتخب خلال اجتماع المجلس الوزاري العربي للسياحة، أعضاء المكتب التنفيذي للمجلس لعامي «2020 - 2021» ورئيس المكتب التنفيذي.

- الأحساء
تستقبلك محافظة الأحساء أو «هجر» كما كان يطلق عليها قديماً بواحات نخيلها الشّهيرة، التي شكّلت إلى جانب عيون مياهها العذبة مكاناً مثالياً لبروز حضارة رائدة شرق شبه الجزيرة العربية. وتعد حالياً أكبر واحة للنخيل محاطة بالرمال في العالم. وتضم أكثر من 1.5 مليون نخلة منتجة للتمور. وتعتبر بكل ما تزخر به من مواقع طبيعية وتراثية، أشبه بمتحف مفتوح للطبيعة والتاريخ، إذ تحفل بكثير من المواقع الأثرية والطبيعية، إضافة إلى مكانتها التاريخية، ويعود النشاط الزراعي فيها إلى الألف الخامس قبل الميلاد، وهو ما أهّلها لتكون على لائحة التراث الإنساني العالمي في يونيو (حزيران) من العام 2018. وقبل إدراجها على لائحة التراث العالمي، نافست على قائمة عجائب الدنيا السبع (القائمة الجديدة) لعام 2009. نتيجة لما تزخر به من ثروة زراعية وكنوز طبيعية وأثرية. كما أنّها مدرجة على لائحة «يونيسكو» للمدن المبدعة عام 2016، باعتبارها أول مدينة خليجية وثاني مدينة عربية تدرج على هذه القائمة، واختيرت عاصمة للسياحة العربية لعام 2019.

- سوق القيصرية
تشتهر محافظة الأحساء بسوق القيصرية التي تتوسط مدينة الهفوف القديمة في حي الرفعة مقابل أسوار فريق الكوت أقدم الأسواق في الجزيرة العربية والخليج، وكانت محطة رئيسية للقوافل التجارية على مدى قرون.
حالياً تُعتبر السوق أحد أبرز المعالم التراثية في مدينة الهفوف بالمحافظة، وواحدة من أقدم الأسواق في الجزيرة العربية، ويتعدّى عمرها 600 سنة.
وشكّلت السوق في فترات من تاريخ الأحساء مركزاً تجارياً مهماً على ساحل الخليج (منطقة هجر)، أو ما يسمى بساحل الأحساء، كما شكلت مع ميناء العقير ثقلاً اقتصادياً هيمن على المنطقة وما جاورها سنين طويلة.
وورد ذكر السوق في كثير من الكتب والمخطوطات التي وثّقت تاريخ المنطقة، خصوصاً من المستشرقين، وتعد أحد أهم الأسواق التي استقطبت الحرفيين المهرة، خصوصاً في حياكة المشالح الأحسائية التي تشتهر بها المحافظة، كما استقطبت طوال تاريخها أرباب المهن والحرف المختلفة وزبائنهم، إلى جانب باعة السلع التقليدية، مثل العطّارين والفخّارين وحائكي العبايات (المخايطة) والقفّاصين والخرّازين والصفّارين والحدّادين وباعة الثياب والنسيج وغيرها. وتمتد حالياً بعد تحديثها على مساحة 15 ألف متر مربع، وتضم 420 محلاً، تنقسم إلى قسمين، أحدهما الجزء الأكبر يمتد بين شارعي الخباز والحدادين، والثاني بين شارع الحدادين وسوق الحريم أو «البدو»، كما تعتبر أكبر سوق شعبية مسقوفة في السعودية.
وتنبهت أمانة الأحساء لأهمية السوق، فشرعت خلال السنوات الماضية في تنفيذ مشروع تطوير وسط مدينة الهفوف التاريخي، وتحويل المنطقة التاريخية إلى منطقة للجذب السياحي، وتتميز السوق بالطراز المعماري التراثي الذي ميّز المحافظة تاريخياً، ومع أنها حُدّثت مؤخراً إلا أنّها حافظت على الطابع المعماري التاريخي، كما حافظت على المهن والحرف التراثية التي اشتهرت بها المحافظة.
وكانت السوق قد تعرضت للدمار جراء الحريق الكبير في 19 أكتوبر عام 2001.

- ميناء العقير
يعد أقدم ميناء بحري في السعودية، وأحد المعالم الرئيسية لمحافظة الأحساء. يبعد نحو 65 كيلومتراً عن مدينة الهفوف. وقد شهد أحداثاً سياسية ‏واقتصادية في عهد الملك المؤسس الملك عبد العزيز، أهمها توقيع بروتوكول العقير عام 1922.
ويعد الميناء أحد أقدم الموانئ وأهمها في الجزيرة العربية، وكان يشكل نافذة تجارية لها مع مناطق شرق آسيا، وتراجعت أهميته بعد اكتشاف النفط وبناء السكة الحديدية وميناء الدمام، وتغير مسار السفن التجارية، ليحتفظ الميناء بمكانته التاريخية ويبقى شاهداً على مرحلة مهمة.

- مسجد جواثى
تضم المحافظة مواقع مهمة تدل على حضورها في التاريخ الإسلامي، ويعد مسجد جواثى أحد المساجد التاريخية المشهورة في محافظة الأحساء، وثاني مسجد تقام فيه صلاة الجمعة في الإسلام. يقع على بعد نحو 20 كيلومتراً باتجاه الشمال الشرقي لمدينة الهفوف. وبني أول مرة في العهد النبوي عن طريق «بني عبد قيس» الذين كانوا يسكنون الأحساء آنذاك، ولا تزال قواعد هذا المسجد قائمة حتى الآن.
تضم الأحساء من المواقع الأثرية أيضاً قصر إبراهيم باشا، وهو من المواقع الأثرية البارزة في المحافظة، ويقع إلى شمال الكوت، وكان المقر الرئيس لحامية الدولة العثمانية في الأحساء.

- جبل القارة
يقع على بعد 12 كيلومتراً من مدينة الهفوف. يعتقد أنه تشكّل قبل 2.5 مليون سنة، ويرتفع عن سطح البحر 210 أمتار.
ويحتوي على 12 مغارة مختلفة الأشكال، صنعت تاريخه وشهرته، وتتميّز المغارات ببرودة جوّها؛ حيث تبقى الحرارة في حدود 20 درجة مئوية، حتى في أشد أيام الصيف حرارة عندما تتجاوز في الخارج حاجز 40 درجة مئوية.
وإضافة إلى ما تزخر به المحافظة من كنوز أثرية، أعلنت وزارة البيئة والمياه في السعودية في فبراير (شباط) الماضي، قراراً بتحويل بحيرة الأصفر شرق محافظة الأحساء إلى محمية طبيعية، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على البحيرة التي تمثل مكوناً طبيعياً من مكونات المحافظة. مياهها تكوّنت بشكل أساسي من مياه الصرف الزراعي، إذ تتجمع قنوات الصرف لآلاف من مزارع قرى المحافظة لتصب في قناة واحدة تنتهي بالبحيرة.
وتعتبر بحيرة الأصفر أكبر تجمع للمياه العذبة في السعودية، كما تعد أهم المواقع البيئية شرق البلاد، وتمثل محطة مهمة للطيور المهاجرة، وهو ما دفع المسؤولين إلى أخذ القرار باعتبارها محمية ومتحفاً طبيعياً هو الأوسع والأكبر من نوعه في السعودية.


مقالات ذات صلة

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق المركب السياحي «سي ستوري» قبل غرقه (مجلس الوزراء المصري)

هل يؤثر حادث غرق مركب بالبحر الأحمر على السياحة الساحلية في مصر؟

بينما تتوقع الحكومة المصرية زيادة أعداد السائحين خلال العام الجاري، أثارت حادثة غرق مركب «سي ستوري» المخاوف بشأن تأثيرها على الحركة السياحية.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
الاقتصاد جانب من الجلسة الحوارية في «ملتقى ميزانية 2025» بالرياض (الشرق الأوسط)

الخطيب: 5 % نسبة مساهمة السياحة في الاقتصاد السعودي

قال وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب إن القطاع السياحي حقق تقدماً كبيراً حيث ارتفعت مساهمته في الاقتصاد إلى 5 % بنهاية العام الماضي

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا ناجون من غرق المركب في مقهى بمرسى علم أمس (أ.ب)

مصر: البحث عن مفقودين في غرق مركب سياحي

عملت فرق الإنقاذ المصرية، على مدار الساعة، على إنقاذ العدد الأكبر من 45 شخصاً كانوا على متن «لنش» سياحي، تعرض للغرق بمنطقة سطايح شمال مدينة «مرسى علم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اللنش السياحي «سي ستوري» (محافظة البحر الأحمر - فيسبوك)

إنقاذ 28 شخصاً والبحث عن 17 آخرين بعد غرق مركب سياحي في مصر

أفادت وسائل إعلام مصرية، اليوم (الاثنين)، بغرق أحد اللنشات السياحية بأحد مناطق الشعاب المرجانية بمرسي علم بالبحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».