تأخير الشيخوخة... أسطورة تطرق أبواب الواقع

استثمارات بـ110 مليارات دولار في أبحاث لإبطاء آثار تقدم العمر

تأخير الشيخوخة... أسطورة تطرق أبواب الواقع
TT

تأخير الشيخوخة... أسطورة تطرق أبواب الواقع

تأخير الشيخوخة... أسطورة تطرق أبواب الواقع

في عالم الأفلام والأساطير قد نشاهد أو نقرأ عن نماذج من البشر تحدت الزمن واستطاعت تأخير أو منع الشيخوخة، ولكن هذه الأساطير باتت أقرب إلى الواقع من خلال أبحاث قطعت خطوات مهمة في هذا الصدد. ووفق ما تقول صحيفة «الغارديان» البريطانية في تقرير نشرته، أمس، فإن الحكومات والشركات والأكاديميين والمستثمرين يستغلون قوة علم الجينوم لتحقيق هذا الهدف من خلال صناعة تبلغ قيمة استثماراتها 110 مليارات دولار (82.5 مليار جنيه إسترليني)، ومن المتوقع زيادتها إلى نحو 610 مليارات دولار بحلول عام 2025.
وبحسب الصحيفة، فقد بات هناك بالفعل «عدد من الأشياء التي يمكن القيام بها لإطالة الحياة والصحة، بما يعني أن الهدف الأسطوري المتمثل في حياة صحية أطول عمراً ليس بعيداً».
أحد الأشياء التي أشار إليها التقرير يتمثل في التجربة السريرية على دواء «الميتفورمين»، التي نفذها معهد أبحاث الشيخوخة في كلية ألبرت آينشتاين للطب في نيويورك.
وجمع الدكتور نير برزيلاي، المدير المؤسس للمعهد، ما يقرب من 50 مليون دولار لإطلاق تجربة سريرية مدتها خمس سنوات على هذا الدواء، لإثبات أنه «يبطئ شيخوخة الخلايا بشكل كبير لدرجة أن أولئك الذين يتناولونها يمكنهم توقع أن يعيشوا عقودا أطول، في صحة شبه مثالية».
والميتفورمين، دواء رخيص يتم وصفه بالفعل لعلاج مرضى السكري، وتم خلال التجربة «إثبات دوره في إبطاء تطور معظم الأمراض المرتبطة بالعمر، بما في ذلك جميع أنواع السرطان ومرض ألزهايمر وأمراض القلب، حيث ثبت أنه يبطئ عملية الشيخوخة ويجعل الخلايا والأنسجة أصغر».
ويضيف: «ما أثبتناه من خلال هذه التجربة، هو أنه إذا كان الموت أمرا لا مفر منه، فإن الشيخوخة ليست كذلك».
ومن التجارب المهمة تلك التي تزعمتها د. لين كوكس، وهي خبيرة في الآليات البيولوجية للشيخوخة بجامعة أكسفورد، وواحدة من رواد العالم في تطوير طرق جديدة لوقف شيخوخة الخلايا، والمعروفة باسم الشيخوخة الخلوية.
وتقول كوكس: «مع تطور خلايا الكائنات الحية والناس في العمر، يصلون في النهاية إلى ما يعرف بـ(الشيخوخة الخلوية)، وهذا يعني أن خلاياهم لم تعد قادرة على تجديد نفسها، وبالتالي فإن الجسم المسن لا يستطيع تجديد الأنسجة أو التئام الجروح».
وقبل أكثر من ثماني سنوات فقط، اكتشفت كوكس من خلال التجارب أن إزالة خلايا الشيخوخة من الفئران أدى إلى تجديد ملحوظ، في حين أن زرع خلايا الشيخوخة في حيوانات صغيرة أدى إلى شيخوخة مبكرة.
وتضيف: «هناك الآن تجارب سريرية متطورة في علم الشيخوخة، تهدف لتدمير خلايا الشيخوخة بشكل انتقائي في البشر».
لكن كوكس تؤكد أن البحث في هذا الإطار لا يزال في مراحله الأولى، وتقول: «الطريقة الأكثر فاعلية والأكثر أماناً حاليا هي القيام بما نعرفه بالفعل وهو: التمرين، وتناول الطعام بشكل أفضل، وتناول الطعام بشكل أقل، والنوم جيداً».
النصيحة التي أطلقتها كوكس في النهاية، هي ما سعت له دراسة سويسرية على فاكهة الرمان ودورها في إبطاء الشيخوخة.
ووفق الدراسة التي أجراها باحثون من معهد لوزان للعلوم التطبيقية والمعهد السويسري للمعلوماتية الحيوية، وشملت تجارب سريرية وجد الباحثون أن جزيئات «الإيليجيتان» الموجودة بفاكهة الرمان تتحول في الأمعاء البشرية عند البلع إلى مركب يسمى «اليوروليثين»، والذي ثبت أنه يبطئ من عملية شيخوخة الميتوكوندريا، وهي مصنع الطاقة داخل الخلايا.
وخلال الدراسة، التي نشر موقع معهد لوزان للعلوم التطبيقية تقريرا عنها في 14 يونيو (حزيران) الماضي، تم إعطاء هذا المركب بجرعات متساوية لنحو 60 من كبار السن المشاركين بالدراسة، وكلهم مستقرون في حالة صحية جيدة، كما أعطي لمجموعة أخرى دواء وهمي، ثم قام الباحثون بتقييم فاعلية المركب من خلال النظر في المؤشرات الحيوية للصحة الخلوية والميتوكوندريا في دم الأنسجة والعضلات للمشاركين.
ويقول د. يوهان أويركس الباحث الرئيسي بالدراسة: «وجدنا أن مركب (اليوروليثين) يحفز التكاثر الحيوي للميتوكوندريا، وهي العملية التي تساعد الخلايا على زيادة كتلة الميتوكوندريا، بالكيفية نفسها التي تحققها ممارسة التمارين الرياضية بانتظام».
وأصبحت أبحاث تأخير الشيخوخة هدفا لكثير من الدول حول العالم، ففي المملكة المتحدة تستخدم 260 شركة و250 مستثمراً و10 مؤسسات غير ربحية و10 مختبرات بحثية أحدث التقنيات للوصول لهذا الهدف، وفق تقرير صحيفة «الغارديان».
وأعطت حكومة المملكة المتحدة الأولوية لأبحاث طول العمر من خلال إدراجها في التحديات الكبرى للاستراتيجية الصناعية، والتي تهدف إلى وضع بريطانيا في طليعة صناعات المستقبل.


مقالات ذات صلة

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يوميات الشرق التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يشعر معظمنا بقرب عملية التثاؤب. تبدأ عضلات الفك بالتقلص، وقد تتسع فتحتا الأنف، وقد تذرف أعيننا الدموع عندما ينفتح فمنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف مع مرضى السكري من أفراد مدرّبين على القيام بذلك، أدَّت إلى تحسينات كبيرة في قدرتهم على التحكُّم في نسبة السكر بالدم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

أحياناً لا يستطيع بعضنا النوم رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين، الأمر الذي يعود إلى سبب قد لا يخطر على بال أحد وهو الميكروبات الموجودة بأمعائنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك 323 قارورة من فيروسات معدية متعددة اختفت من المختبر (أ.ف.ب)

اختفاء عينات فيروسات قاتلة من أحد المختبرات بأستراليا

أعلنت حكومة كوينزلاند، الاثنين، عن اختفاء مئات العينات من فيروسات قاتلة من أحد المختبرات في أستراليا.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
صحتك الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة (رويترز)

3 مراحل بالحياة يتقدم فيها الدماغ في السن

كشفت دراسة جديدة أن الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة.

«الشرق الأوسط» (بكين)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.