الفيصل يعود للندن بعد 100 عام من زيارته الأولى من خلال معرض تاريخي

تحت عنوان «فيصل... حياة في قلب القرن العشرين» ويضم تذكارات ومقتنيات وصوراً تاريخية

TT

الفيصل يعود للندن بعد 100 عام من زيارته الأولى من خلال معرض تاريخي

«في مثل هذه الأيام منذ مائة عام، انطلقت سفينة تحمل ضمن ركابها فتى في الثالثة عشرة من عمره وفي صحبته بنو عمومته وبعض رجاله. لم يكن الفتى يحمل في رحلته - التي قطع فيها آلاف الأميال مغادراً لأول مرة شبه جزيرة العرب - إلى الهند فبريطانيا، سوى رسالة وهدية موجهتين من أبيه (ملك الحجاز وسلطان نجد) إلى ملك بريطانيا العظمى». بهذه العبارة قدم الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، المعرض الذي يؤرخ لتلك الرحلة التاريخية التي قام بها والده الراحل الملك فيصل في عام 1919 بمناسبة مرور 100 عام عليها.
المعرض الذي يحمل عنوان «فيصل... حياة في قلب القرن العشرين»، افتتح أمس في لندن التي زارها الملك فيصل في صباه منذ 100 عام. وغني عن الذكر أن الرحلة منحت الأمير الشاب أول رشفة من إناء العلاقات الدولية ومثلت نقطة مهمة في مسيرته بعد ذلك. يتبع المعرض مسيرة الفيصل عبر 7 فصول، كل منها يمثل محطة في تلك الرحلة التاريخية (نجد، والهند، ولندن، وإنجلترا وويلز وآيرلندا، وساحات الحرب، وباريس)، ويستكشف كيف أثرت كل منها على الأمير الشاب وأثرت شخصيته وطريقة حياته وتأثيره المستقبلي على المملكة العربية السعودية والعالم. وقال الابن الأمير تركي الفيصل أثناء افتتاحه المعرض أمس: «حققت تلك الزيارة التاريخية قبل مائة عام للملك فيصل نجاحاً كبيراً، وكانت أول جولة دبلوماسية مهدت لبروزه فيما بعد كرجل دولة يعرفه العالم حق المعرفة، حيث كانت خير تمهيد للزيارات المستقبلية المتبادلة بينه وبين زعماء أوروبا. كما أن الدروس التي تعلمها الفيصل في زيارته لا سيما فيما يتعلق بأهمية التعليم والصناعة قام بتطبيقها في رؤيته لتحديث المملكة، التي أسهمت في جعله واحداً من أبرز الشخصيات السياسية في القرن العشرين».
في قاعة كبيرة قسمت بشكل جميل لتعرض عدداً كبيراً من القطع شملت خطابات بخط الملك فيصل وصوراً فوتوغرافية وسيوفاً وغيرها من القطع التي استخدمها الملك الراحل، يقدم العرض جانباً توثيقياً إضافياً من خلال مقاطع الفيديو التي يتحدث فيها أبناء وبنات الملك فيصل وشخصيات معروفة عن حياته وإرثه.

- القسم الأول... نجد
نجد نقطة الانطلاق وبداية الرحلة التاريخية التي قطعها الأمير فيصل، وهو في الثالثة عشرة عندما قرر والده الملك عبد العزيز آل سعود إرسال بعثة دبلوماسية إلى لندن، واختار إرسال ابنه فيصل ليشرح لحكومات أوروبا الرؤية التي تعتمدها بلاده.
في هذا القسم نجد رسماً ضخماً لشجرة عائلة آل سعود بديع التفاصيل، أيضاً هنا نرى الدعوة الرسمية من الحكومة البريطانية للملك عبد العزيز التي أرسلت بالتلغراف، وأيضاً خطاباً أرسله الأمير فيصل لوالده. نرى أيضاً سيفاً كان ملكاً لطوسون باشا ثاني أبناء محمد علي باشا والي مصر الذي قاد عدة حملات ضد الدولة السعودية الأولى.

- المحطة الثانية... الهند
مثلت الهند أول مرة يخطو فيها الأمير الشاب خارج بلاده، وحسب العرض نعرف أن المساحات الشاسعة والأجواء الحية النابضة كانت مفاجأة للأمير فيصل، كانت مدينة مومباي أكبر وأزحم مدينة رآها في حياته، مر فيها بتجارب جديدة ورأى مناظر مختلفة كما شهدت أول مرة يركب فيها القطار.
نرى رسماً شخصياً للأمير فيصل وهو على متن سفينة «كيوغوما» رسمته مسافرة تركب السفينة نفسها المتوجهة من مومباي إلى مدينة بليموث وتعد الصور المعروضة في هذا القسم من أقدم الصور المتوافرة للأمير فيصل.
نرى أيضاً نسخة من تلغراف يحمل اسم وصورة الفندق «تاج محل» ومومباي ورسالة بخط الأمير فيصل. هنا أيضاً ثوب «دقلة» ملون مع الغترة البيضاء (غطاء الرأس التقليدي) يشبه الذي ارتداه الأمير فيصل خلال جولته في المدينة مع مرافقيه، وحسبما تذكر بطاقة العرض فقد أثارت ملابس الأمير ومرافقيه اهتمام الهنود، وكتبت عنها صحيفة «تايمز أوف إنديا»: «لفتت ملابس الوفد الملونة اهتماماً ملحوظاً في المدينة خلال جولة الوفد بمعالم المدينة».

- الوجهة... لندن
لندن كانت المدينة الأوروبية الأولى التي وطئتها قدم الأمير فيصل، وهنا كانت أولى تجاربه الدبلوماسية. العرض يقدم لنا صورة لتلك الرحلة عبر الصور الفوتوغرافية التي سجلت بعض اللحظات المهمة في الرحلة، مثل اللحظة التي وصلت فيها السفينة إلى ميناء بليموث، حيث نرى قصاصة من صحيفة محلية تعلن وصول «شيوخ عرب إلى بليموث». كما نرى نسخة مماثلة للسيف الذي أهداه الأمير الشاب لملك بريطانيا العظمى الملك جورج الخامس.
ولكن زيارة الوفد للندن بدأت بسوء تفاهم وعدم تنظيم من جانب الحكومة البريطانية، حيث تم إسكان الزوار في مكان بعيد عن لندن، ولكن الملك جورج الخامس تدخل لينتقل الوفد الزائر لمكان يليق بالأمير فيصل ورفقته. وكما حدث في الهند، جذب الأمير ومرافقوه اهتمام البريطانيين ونرى صورة لفتاة إنجليزية تمسك بالسيف الذي حمله الأمير فيصل وتنظر له باهتمام. وهناك صورة أخرى للوفد في زيارة لحديقة الحيوان بلندن ضمن جولة على معالم المدينة.

- إنجلترا وويلز وآيرلندا
بعد مقابلته الملك جورج الخامس، انطلق الأمير فيصل في جولة لمدن ومعالم أخرى في بريطانيا وآيرلندا، من جامعة كمبردج إلى مناجم الفحم في جنوب ويلز، إلى بعض المصانع في مدينة بيرمنغهام.
من القطع المعروضة في هذا القسم الذي يتبع خطوات الوفد السعودي في بريطانيا وآيرلندا، يرى الزوار بعض القطع والتذكارات، مثل قائمة طعام لمأدبة غداء وصور فوتوغرافية من حفلات استقبال رسمية وغيرها من الصور.
كما تلفت أنظارنا هنا بعض القطع التراثية التي صاحبت الأمير في رحلته، ومنها «المبخرة» ودلة القهوة والمدقة (الهاون). وأيضاً نرى راديو من المقتنيات الشخصية للملك فيصل يعود إلى سبعينات القرن الماضي.

- باريس... وختام الرحلة
في المحطة الأخيرة، زار الأمير ومرافقوه باريس، حيث عقدوا كثيراً من الاجتماعات الدبلوماسية حضرها نيابة عنه مستشاره المقرب أحمد الثنيان، وقد كان للثنيان دور كبير في حياة الأمير، إذ تزوج فيصل ابنة أخيه عفت الثنيان التي أصبحت لاحقاً شخصية بارزة في تاريخ المملكة. من المعروضات في هذا القسم بطاقة هوية عفت الثنيان وأول جواز سفر للأمير صادر في عام 1926.
ويشارك مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية عدد من الشركاء في رعاية المعرض، وعلى رأسهم مؤسسة الملك فيصل الخيرية وسفارة خادم الحرمين الشريفين في لندن، وشركة مكتب العائلة ومجموعة السعد للاستثمار والتنمية إضافة إلى سدكو القابضة والشركة الوطنية للصناعات البتروكيماوية، وشركة الراشد، ومجموعة الزامل، وشركة أبناء محمد السعد العجلان، بجانب الناقل الرسمي الخطوط الجوية السعودية



مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت البعثة الأثرية المصرية الإيطالية المشتركة، بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة بادوفا الإيطالية، الثلاثاء، اكتشاف عدد من الورش الصناعية التي ترجع إلى العصر المتأخر وبدايات العصر البطلمي، إلى جانب الكشف عن جزء من جبانة رومانية تضم أنماطاً متنوعة من الدفن، أثناء أعمالها بموقعي كوم الأحمر وكوم وسيط بمحافظة البحيرة (غرب الدلتا).

ويساهم هذا الكشف في تعميق فهم طبيعة الحياة والنشاط البشري في مناطق غرب دلتا النيل والمناطق الداخلية المحيطة بمدينة الإسكندرية، وفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد إسماعيل خالد، موضحاً في بيان للوزارة، الثلاثاء، أن «هذه الاكتشافات تمثل إضافة علمية مهمة لدراسة أنماط الاستيطان والممارسات الجنائزية والأنشطة الصناعية في غرب الدلتا، كما تسهم في تقديم رؤى جديدة حول شبكات التواصل الإقليمي منذ العصر المتأخر وحتى العصرين الروماني والإسلامي المبكر».

وتتكون الورش الصناعية المكتشفة من مبنى كبير مقسّم إلى ما لا يقل عن ست غرف، خُصصت اثنتان منها لمعالجة الأسماك، حسب تصريحات رئيس قطاع الآثار المصرية، محمد عبد البديع، حيث عثرت البعثة على نحو 9700 عظمة سمك، بما يشير إلى وجود نشاط واسع لصناعة السمك المملح في تلك الفترة.

الكشف عن جبانة رومانية بمصر (وزارة السياحة والآثار)

ويرجح تخصيص الغرف الأخرى لإنتاج الأدوات المعدنية والصخرية، وتمائم الفيانس، إذ عُثر على عدد من التماثيل الجيرية غير المكتملة، إلى جانب قطع أخرى في مراحل تصنيع مختلفة.

وأسفر الكشف أيضاً عن العثور على جرار أمفورا مستوردة وقطع من الفخار اليوناني، الأمر الذي يؤرخ نشاط هذه الورش إلى القرن الخامس قبل الميلاد.

وأسفرت أعمال الحفائر كذلك عن اكتشاف جزء من جبانة رومانية تضم عدة دفنات بثلاثة أنماط رئيسية، شملت الدفن المباشر في الأرض، والدفن داخل توابيت فخارية، بالإضافة إلى دفنات أطفال داخل أمفورات كبيرة، وفق بيان الوزارة.

فيما أوضحت رئيسة البعثة من جامعة بادوفا الإيطالية، الدكتورة كريستينا موندين، أن فريق العمل يجري حالياً عدداً من الدراسات البيو - أثرية على الهياكل العظمية المكتشفة، بهدف تحديد النظام الغذائي، والعمر، والجنس، والحالة الصحية للمدفونين بالموقع، والبالغ عددهم 23 شخصاً من الذكور والإناث والأطفال والمراهقين والبالغين.

وأشارت إلى أن النتائج الأولية لهذه الدراسات تشير إلى أن هؤلاء الأفراد عاشوا في ظروف معيشية جيدة نسبياً، دون وجود دلائل واضحة على إصابتهم بأمراض خطيرة أو تعرضهم لأعمال عنف.

وعدّ عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، هذه الاكتشافات، تمثل إضافة نوعية لفهم تاريخ غرب الدلتا خلال العصر الروماني، إذ تكشف بوضوح عن تداخل الحياة الاقتصادية مع الممارسات الاجتماعية والدينية في تلك المنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «ورش تجهيز السمك المملح تعكس نشاطاً صناعياً منظماً يعتمد على استغلال الموارد الطبيعية، ما يدل على أهمية غرب الدلتا بوصفها مركزَ إنتاجٍ غذائي وتجاري مرتبط بشبكات أوسع داخل مصر وخارجها».

من القطع المكتشفة في الجبانة (وزارة السياحة والآثار)

كما رأى عبد البصير أن «الكشف عن الجبانة الرومانية يقدّم مادة علمية ثرية لدراسة المعتقدات الجنائزية والبنية الاجتماعية للسكان، من خلال تنوع طقوس الدفن واللقى المصاحبة».

ونجحت البعثة في الكشف عن عشرات الأمفورات الكاملة (جرار خزفية)، بالإضافة إلى زوج من الأقراط الذهبية يعود لفتاة شابة، وقد نُقلت هذه القطع الأثرية إلى المتحف المصري في القاهرة، تمهيداً لإجراء أعمال الدراسة والترميم اللازمة لها، وفق بيان الوزارة.

وقال الخبير الآثاري والمتخصص في علم المصريات، أحمد عامر، إن «هذا الاكتشاف الأثري في غرب الدلتا يفتح آفاقاً جديدة لفهم فترة حكم العصور المتأخرة وما تلاها من حقب تعاقبت على الحضارة المصرية القديمة، بل وتعيد قراءة التاريخ المصري القديم من منظور جديد».

من القطع الأثرية المكتشفة (وزارة السياحة والآثار)

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الكشف سوف يضيف لنا علمياً كثيراً عن تلك الحقبة، كما أنه معروف أن الأمفورات كانت تستخدم في عمليات التجارة الخارجية، وكان يوضع بها النبيذ، وأحياناً في نقل السمك المملح، وهذه ليست المرة الأولى في العثور على الأمفورات، حيث كانت متداولة في التجارة الخارجية للدولة المصرية مع اليونان في فترات كثيرة».


للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
TT

للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)

يواجه أحد أقدم أنواع النحل على كوكب الأرض، والمُلقِّح الأساس في غابات الأمازون، تهديدات متزايدة نتيجة إزالة الغابات، والتغيرات المناخية، وتلوث المبيدات، والمنافسة من نحل العسل الأوروبي العدواني.

في خطوة تاريخية، أصبح نحل الأمازون غير اللاسع، أي الذي لا يلسع على عكس نحل العسل الأوروبي «النحل العدواني»، أول الحشرات في العالم التي تُمنح حقوقاً قانونية، تشمل الحق في الوجود، والازدهار، والحماية القانونية في حال التعرض للأذى.

وقد أُقرّت هذه القوانين في بلديتين في بيرو هما: ساتيبو وناوتا، بعد سنوات من البحث وجهود الضغط التي قادتها روزا فاسكيز إسبينوزا، مؤسسة منظمة «أمازون ريسيرتش إنترناشيونال».

يُربي السكان الأصليون هذا النوع من النحل منذ عصور ما قبل كولومبوس، ويُعد مُلقحاً رئيسياً يساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي وصحة النظم البيئية، إذ يلقح أكثر من 80 في المائة من النباتات، بما في ذلك محاصيل الكاكاو، والقهوة، والأفوكادو. وأظهرت أبحاث إسبينوزا، التي بدأت عام 2020، أن عسل هذا النحل يحتوي على مئات المركبات الطبية المضادة للالتهاب والفيروسات والبكتيريا، كما وثقت المعرفة التقليدية في تربيته وجني عسله.

أفاد السكان الأصليون بتراجع أعداد النحل وصعوبة العثور على الأعشاش، كما كشف التحليل الكيميائي للعسل عن آثار المبيدات حتى في المناطق النائية. وأظهرت الدراسات صلة بين إزالة الغابات وتراجع أعداد النحل، بالإضافة إلى المنافسة المتزايدة من نحل العسل الأفريقي المهجن، الذي بدأ في إزاحة النحل غير اللاسع من موائله الطبيعية منذ القرن الـ20.

وفقاً لكونستانزا برييتو، مديرة قسم شؤون أميركا اللاتينية في «مركز قانون الأرض»، تمثل هذه القوانين نقطة تحوُّل في علاقة البشر بالطبيعة، إذ تعترف بالنحل غير اللاسع بوصفه من الكائنات الحاملة للحقوق وتؤكد أهميته البيئية.

وأوضح زعيم السكان الأصليين آبو سيزار راموس أن القانون يحتفي بالمعرفة التقليدية ويعترف بالدور الحيوي للنحل غير اللاسع في دعم نُظم الأمازون البيئية وثقافات الشعوب الأصلية.

تتطلب هذه القوانين، حسبما ذكرت «الغارديان» البريطانية، استعادة المَواطن البيئية، وتنظيم استخدام المبيدات، واتخاذ تدابير للحد من آثار تغيُّر المناخ، وقد اجتذبت عريضة عالمية مئات الآلاف من التوقيعات، في حين أبدت دول أخرى اهتماماً بتطبيق نموذج بيرو لحماية المُلقِّحات المحلية.


«قصر القطن» بالإسكندرية... لتوديع الظلام واستقبال السائحين

المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«قصر القطن» بالإسكندرية... لتوديع الظلام واستقبال السائحين

المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

يشكل إعلان الحكومة المصرية على لسان وزير قطاع الأعمال العام المصري المهندس محمد شيمي، عن سعيها للاستحواذ على مبنى قصر القطن في مدينة الإسكندرية المجاور للنصب التذكاري للجندي المجهول طاقة نور لإخراج المبنى من حالة الجمود واستغلاله سياحياً بعد تحويله إلى فندق.

ويعود المبنى لفترة الثمانينات، وأقيم مكان قصر القطن التاريخي زمن السادات، ويعدُّ أكبر منشأة في منطقة المنشية تطل على البحر مباشرة وسط مدينة الإسكندرية، ويتميز «قصر القطن» بطرازه المعماري ما جعله فريداً بين المنشآت والبنايات الموجودة في المنطقة من حيث الارتفاع والضخامة والعناصر الهندسية والمعمارية.

وقال الفنان فتحي بركات، رئيس جمعية الفنانين والكتاب «أتيليه الإسكندرية»، إن مبنى «قصر القطن» كان في البداية مملوكاً لشركة الأقطان الشرقية بالإسكندرية، وكانت هناك محاولة لأن يكون أعلى مبنى في المدينة ليتشكل من 45 طابقاً، لكن لم يتم الموافقة على مخطط بنائه، واقتصر على 22 طابقاً فقط، ومنذ إنشائه زمن السادات في موقع قصر القطن التاريخي لم يُستغل بشكل مثالي. «والآن تشغل جزءاً منه جامعة سنجور الفرنسية، بالإضافة إلى طابقين حكوميين، لكن تظل باقي الأدوار بلا أي نوع من الإشغال، وفق كلام بركات الذي أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المبنى محاط بمنطقة مزدحمة بالبائعين، منطقة المنشية، ويجاور النصب التذكاري للجندي المجهول وإعادة الحياة له ربما يعيد الهدوء مرة أخرى للمكان، ويضفي طابعاً مختلفاً لها يعيدها للزمن الجميل، وهو يمتلك إمكانات تؤهله للاستغلال الفندقي، حيث يتضمن جراجاً في الدور الأرضي، بالإضافة لإجراء الكثير من التغييرات الداخلية لاستغلال مكوناته، أما عن شكله الخارجي فلا توجد هناك مساحة لأي تغييرات، لأن واجهته زجاجية، ولا يمكن تغييرها».

المبنى المراد تحويله إلى فندق (تصوير: عبد الفتاح فرج)

كان المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، قال خلال لقائه عدداً من الصحافيين بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة، الثلاثاء، إن الحكومة المصرية تعمل حالياً على خطة تهدف إلى إعادة إحياء الأصول التاريخية وتعظيم الاستفادة منها، من بينها أحد القصور الأثرية المميزة بمدينة الإسكندرية، وهو «قصر القطن» الواقع بجوار النصب التذكاري، مشيراً إلى أنه من المستهدف تطوير القصر وإعادة تشغيله فندقاً سياحياً متميزاً.

وأضاف شيمي أن المشروع المقترح يتضمن إنشاء فندق بارتفاع 22 طابقاً، يسهم في دعم الطاقة الفندقية بالإسكندرية وتعزيز المنتج السياحي، والحفاظ على الطابع التراثي وتحقيق عوائد اقتصادية مستدامة، ولتحقيق ذلك أجرت الوزارة دراسة استغلال المبنى بوضع تصور شامل لتحقيق الاستغلال الأمثل له، وتحويله إلى مركز استثماري متعدد الاستخدامات الفندقية والإدارية والتجارية، وتسهم في تعظيم العائد منه، وتنشيط ودعم الحركة السياحية والتجارية في الإسكندرية وتوفير فرص عمل إضافية.

من جهته قال الباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان إن «اتجاه مصر لتطوير واستغلال قصر القطن وتحويله إلى فندق سياحي، سيُعيد صياغة المكان، عبر إزالة الكثير من الساحات التي تشوه المنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة صارت مزدحمة جداً، فضلاً عن عشوائيتها، لذا سيكون مشروع الفندق بمثابة رئة تعيد ساحة النصب التذكاري ومنطقة المنشية لسماتها السياحية والتراثية التي فقدتها منذ سنين».