جامعة جواهرلال نهرو نموذج لصراع اليسار واليمين في الهند

جامعة جواهرلال نهرو نموذج لصراع اليسار واليمين في الهند
TT

جامعة جواهرلال نهرو نموذج لصراع اليسار واليمين في الهند

جامعة جواهرلال نهرو نموذج لصراع اليسار واليمين في الهند

يجري في الهند وصف التعدي الاستبدادي على حق الطلاب الديمقراطي في التظاهر بأنه «طوارئ (رئيس الوزراء اليميني القومي الهندوسي ناريندرا) مودي داخل الهند» من جانب قيادات معارضة مثل سيتارام يشوري، من الحزب الشيوعي الهندي.
يشوري، الذي سبق له أن قاد بنفسه مظاهرات داخل الحرم الجامعي لجامعة جواهرلال نهرو، يقول: «يُعتبر النضال الدائر داخل جامعة جواهرلال نهرو جزءاً من نضال أكبر لحماية المؤسسات التعليمية التي تحصل على تمويل من الأموال العامة، في مواجهة التدخل الحكومي. وتأتي هذه الهجمات ضد التعليم العالي نتيجة مساعي الحكومة لجعل التعليم رفاهية غير متاحة للجميع. ويتوافق هذا المخطط مع الفكر الآيديولوجي للحكومة التي في خضم مساعيها لبناء أمة هندوسية، شنّت هجوماً ضد المنطق واستعاضت عنه باللاعقلانية. بالتأكيد هذه أجندة شديدة الخطورة على مستقبل الهند. وتعتبر جامعة جواهرلال نهرو معقلاً للعلم، ويتعين حمايتها من المخططات الحكومية».
وبما يخص الأحداث الأخيرة، فإن هذه هي المرة الثانية التي تلعب فيها جامعة جواهرلال نهرو دوراً أشبه بحصن الباستيل الباريسي الشهير إبان فترة حكومة بهاراتيا جاناتا، بقيادة مودي منذ عام 2014. والجدير بالذكر أن الحكومة سبق أن طرحت «إصلاحات» ترمي لمحو الثقافة النقدية التي تميل نحو اليسار داخل جامعة جواهرلال نهرو. ومن خلال مجموعة متنوعة من صور التوغُّل بالجامعة، بعثت الحكومة القومية الهندوسية اليمينية رسالة مفادها أنها ستتعقب المؤسسات التي تتهمها بـ«التقصير الوطني». وبالفعل، خلال عام 2016 شنت الحكومة حملة إجراءات صارمة كبرى داخل الحرم الجامعي عندما ألقي القبض على عدد من الطلاب بتهمة الشغب والتخطيط لارتكاب جرائم، وذلك لتنظيمهم مظاهرة ضد إصدار حكم بالإعدام ضد أفضل غورو، الحركي الكشميري المتورط في هجوم ضد البرلمان الهندي عام 2001. وتضمنت الهتافات التي رددها الطلاب التأييد لحق كشمير في تقرير المصير. والمثير في الأمر، أن قانون الشغب كان قد سُنّ عام 1870 من جانب عهد الاستعمار البريطاني (الراج) من أجل الانتفاضة التي أعلنتها حركة الاستقلال الهندية الناشئة حينذاك. وأثار ذلك تساؤلات حول كيفية إقدام نظام ديمقراطي على استخدام إرث استعماري استبدادي ضد طلابه. وكانت تلك المرة الأولى منذ عام 1977، التي يجري فيها فرض الطوارئ، عندما فرضتها رئيسة الوزراء آنذاك أنديرا غاندي (1975 - 1977) ما سمح لأفراد الشرطة (في زي مدني) بدخول الحرم الجامعي ونهب غرف إقامة الطلاب وتفتيشهم.
على الجانب الآخر، انتقد بعض دافعي الضرائب في الهند الدعم الكبير الذي تحصل عليه مؤسسات تعليمية مثل جامعة جواهرلال نهرو، باعتبار ذلك إساءة استغلال لأموالهم، التي كدوا من أجل كسبها. ولقد ثارت انتقادات قوية ضد مطالبة البروفسورة روميلا ثابار، بتقديم سيرتها الذاتية من أجل «مراجعة» منصبها كبروفسورة فخرية بجامعة جواهرلال نهرو. والجدير بالذكر، أن ثابار تُعدّ واحدة من المؤرخين الهنود البارزين، ولها كتابات عدة ضد محاولات التعتيم على التاريخ الهندي لحساب آيديولوجية قومية هندوسية.
وقد رفضت تقديم سيرتها الذاتية، ودعمها في هذا الموقف الكثير من النشطاء والطلاب والصحافيين والسياسيين المعارضين.


مقالات ذات صلة

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

حصاد الأسبوع جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني

براكريتي غوبتا (نيودلهي (الهند))
حصاد الأسبوع تشون دو - هوان (رويترز)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

شرق السودان... نار تحت الرماد

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق

أحمد يونس (كمبالا (أوغندا))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»