أدخلت حكومة «الوفاق الوطني» الليبية، برئاسة فائز السراج، البلاد في خضم نزاع إقليمي كبير، بعد أن وافقت أمس على تفعيل مذكرة التفاهم للتعاون الأمني والعسكري، التي وقعتها مع تركيا، وفي غضون ذلك جدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تأكيده على دعم القاهرة جهود «مكافحة الإرهاب والجماعات والميليشيات المتطرفة في ليبيا»، التي قال إنها «تمثل تهديداً ليس فقط على ليبيا فقط، بل لأمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط بأسرها».
وفي اجتماع وصف بالاستثنائي، عقد المجلس الرئاسي في العاصمة طرابلس، أمس، جلسة حضرها السراج، ونائباه أحمد معيتيق، وعبد السلام كاجمان، وعضوا المجلس محمد عماري زايد، وأحمد حمزة، والوزراء وأمراء المناطق العسكرية، استعرض فيها مستجدات الأوضاع محليا ودوليا.
وقال المجلس في بيان إنه «وافق بالإجماع على تفعيل مذكرة التفاهم للتعاون الأمني والعسكري بين حكومة الوفاق الوطني وحكومة تركيا»، الموقعة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الأمر الذي وصفه سياسيون بأنه «إعطاء الضوء الأخضر لتغوّل تركي في ليبيا».
ونقلت وسائل إعلام محلية موالية للحكومة عن مصادر رسمية أنها قررت قبول العرض التركي لتقديم ما وصفته بـ«الدعم النوعي»، وبهذا الخصوص قال عضو مجلس النواب سعيد امغيب، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن السراج «وبعد أن خسر الدعم الدولي، بالإضافة إلى التمهيد لسحب الاعتراف من مجلسه، ها هو يهدد الشعب الليبي بالموافقة على وجود عسكري تركي في البلاد».
وأضاف النائب، الذي ينتمي إلى مدينة الكفرة، (جنوب) أن هذا الأمر الذي يطالب به السراج «لا يملكه، ولن يقبل به إلاّ من اجتمع بهم من قادة الميليشيات، ومن تبقى من مجلسه المبتور»، مبرزا أن الحقيقة على الأرض «هي أن السراج بهذا العمل سيوحد كلمة الشعب الليبي على مقاتلة أي عسكري يصل إلى ليبيا». وانتهى امغيب قائلاً: «تصرف السراج عبر هذا الإجراء ستكون له نتائج سلبية عليه وعلى مجلسه وميليشياته، وسيكون حتماً في صالح الجيش والبرلمان الشرعي».
وفى أول تعليق يصدر من «الجيش الوطني»، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، حول هذه المستجدات، قال خالد المحجوب، مدير التوجيه المعنوي بالجيش: «إذا أرسل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قوات مقاتلة إلى ليبيا فلن يخرج من هذه المعركة منتصراً».
واشترطت تركيا التي أبرمت الشهر الماضي مع حكومة السراج اتفاقات لترسيم الحدود البحرية، واتفاقا آخر بشأن التعاون العسكري، أن تقدم حكومة «الوفاق» طلبا رسميا بذلك، علما بأن تركيا متهمة بتزويد قوات «الوفاق» بعتاد عسكري، رغم حظر فرضته الأمم المتحدة.
في السياق ذاته، جدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في اتصال هاتفي تلقاه من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، موقف بلاده «الساعي إلى وحدة واستقرار وأمن ليبيا، وكذا وضع حد لحجم التدخلات الخارجية غير المشروعة في الشأن الليبي»، وهي الجهود التي وصفتها الرئاسة المصرية بأنها «تهدف لتلبية طموحات الشعب الليبي الشقيق في عودة الاستقرار، وبدء عملية التنمية الشاملة في شتى ربوع أراضيه».
وأوضح السفير بسام راضي، المتحدث باسم الرئاسة المصرية، أن الاتصال بين السيسي وميركل تمحور حول عدد من الملفات الإقليمية، خاصة الوضع في ليبيا؛ مشيراً إلى أن المستشارة الألمانية أكدت «سعي بلادها للحل السياسي في ليبيا»، حيث تم التوافق على ضرورة تكثيف الجهود للعمل على إنهاء الأزمة الليبية بشكل شامل».
وتلقى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالاً هاتفياً من نظيره الإيطالي لويجي دي مايو، وقال المستشار أحمد حافظ، المتحدث باسم وزارة الخارجية، إن الاتصال تطرق لآخر مستجدات الأزمة الليبية، وسُبل دفع جهود استعادة الأمن والاستقرار هناك، ودعم مسار التحضير لمؤتمر برلين.
بدوره، عرض اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم «الجيش الوطني»، خلال مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، صورا فوتوغرافية لمجموعة من الأطفال الصغار، وهم يحلمون السلاح، وقال إنهم «يحاربون ضمن صفوف ميليشيات حكومة السراج»، المدعومة من بعثة الأمم المتحدة.
وأوضح المسماري أن الجيش، الذي يواصل التقدم في معركة طرابلس، يثق تماما في قدرته على دحر الإرهاب في المدينة، وتوقع أن يحسم الجيش المعركة في العاصمة طرابلس في أي لحظة، داعيا عناصر الميلشيات إلى الاستسلام وإلقاء السلاح. كما أكد أن «الوضع الميداني ممتاز جدا، والمعركة قوية جدا الآن في الأحياء الرئيسية بجنوب وجنوب شرقي طرابلس»، متعهداً بأن قوات الجيش ستقضي نهائيا «على كل مسلح ميليشياوي، وكل بؤرة إرهابية تهدد الأمن في العاصمة طرابلس، وكل من وقف مع الميليشيات والمسلحين، سواء بالدعم المالي أو المعنوي أو المؤازرة».
السراج يفتح الطريق أمام «تغول تركيا» بعد الموافقة على تفعيل «الاتفاق العسكري»
السيسي وميركل يتفقان على ضرورة تكثيف الجهود لإنهاء الأزمة الليبية
السراج يفتح الطريق أمام «تغول تركيا» بعد الموافقة على تفعيل «الاتفاق العسكري»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة