معارض فنية وندوات تثقيفية في احتفالات مصر بـ«اللغة العربية»

«البرلمان العربي» يعلن تخصيص عام 2020 لدعم «لغة الضاد»

جانب من احتفال جامعة القاهرة بتخريج معلمين من 11 دولة
جانب من احتفال جامعة القاهرة بتخريج معلمين من 11 دولة
TT

معارض فنية وندوات تثقيفية في احتفالات مصر بـ«اللغة العربية»

جانب من احتفال جامعة القاهرة بتخريج معلمين من 11 دولة
جانب من احتفال جامعة القاهرة بتخريج معلمين من 11 دولة

عبر معارض فنية وندوات تثقيفية في مؤسسات تعليمية وثقافية، احتفلت مصر، أمس، باليوم العالمي للغة العربية. وقالت مشيخة الأزهر إن «اللغة العربية بالنسبة إلى المسلمين هي وعاء الدين ولغة القرآن الكريم وصلاة المسلمين في أصقاع الأرض، يتحدث بها أكثر من نصف مليار شخص، ويستعملها أكثر من مليار ونصف المليار مسلم في صلاتهم وقراءتهم للقرآن الكريم، فضلاً عن أنها تعد إحدى أكثر اللغات انتشاراً في العالم».
وأضافت المشيخة في بيان صحافي، أمس، أن «الأزهر اعتني باللغة العربية منذ تأسيسه عنايةً كبيرة، فأنشأ لها كليات اللغة العربية، والعديد من الأقسام بكليات التربية، ولم يعتنِ الأزهر بالناطقين بها فحسب؛ بل اهتم بتعليمها وتدريسها لغير الناطقين بها؛ فضلاً عن استقباله لنحو 40 ألف طالب سنوياً يعلمهم علوم الدين واللغة، ويرسل البعثات لدول العالم للغرض ذاته، وسيظل الأزهر القلعة الحصينة للغة العربية والدرع الواقية لها».
وحث الأزهر، في بيانه، المتحدثين بها خصوصاً الشباب على الحفاظ عليها والتمسك بها مقابل لغات أخرى بداعي الحداثة والعولمة، لأن ضياع اللغة العربية أو ذوبانها في لغات أخرى ضياعٌ لعلوم الدين وللهوية العربية.
ويحتفي العالم باليوم العالمي للغة العربية في الثامن عشر من ديسمبر (كانون الأول) من كل عام، وهو التاريخ الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها في ديسمبر 1973، بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة.
وفي جامعة القاهرة، أعلن الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس الجامعة، أمس، عن إطلاق حزمة كبيرة من الفعاليات في كليات الجامعة، تزامناً مع اليوم العالمي للغة العربية، من بينها مبادرة لتطوير اللغة العربية، مضيفاً أنه تم إطلاق النسخة الثانية من مسابقة «بالعربي» بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد للمعرفة، وتشمل المسابقة ثلاث جوائز: الأولى لأفضل كتاب يُبرز جماليات اللغة العربية وسلاستها، والثانية لأفضل كتاب يرصد الأخطاء الشائعة في اللغة العربية، والأخيرة لأفضل كتاب في طرق تدريس اللغة العربية.
وأوضح الخشت أن «كلية الدراسات العليا للتربية أوشكت على الانتهاء من برنامج (تدريب المعلم الأجنبي لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها)، باستخدام استراتيجيات حديثة للتدريس وتصميم المناهج، لـ22 معلماً ممثلين لـ11 دولة، هي أذربيجان وأرمينيا وألبانيا وأوزبكستان وأوكرانيا وبيلاروسيا والبوسنة والهرسك وجورجيا وروسيا وطاجيكستان ومنغوليا.
واحتفلت جامعة الأزهر كذلك، أمس، باليوم العالمي للغة العربية في عدد من فروعها المنتشرة بمعظم أنحاء الجمهورية، عبر تنظيم ندوات تثقيفية تهدف إلى تشجيع الطلاب على الاهتمام بلغة الضاد ومعرفة جمالياتها، وفي مقر الجامعة الرئيسي بالقاهرة تم افتتاح معرض لإصدارات مجمع اللغة العربية بأسعار مخفضة للطلاب، وآخَر لإبداعات الخط العربي وتكريم المتفوقين.
وشهدت مكتبة الإسكندرية أول من أمس، تنظيم ندوة «ذاكرة اللغة العربية من الحرف المخطوط إلى النشر الرقمي»، والتي حاضر بها نخبة متخصصة من أساتذة اللغة العربية من مكتبة الإسكندرية والجامعات المصرية، بمشاركة عدد كبير من طلاب الجامعات.
ورغم الاحتفالات المتعددة في مصر باليوم العالمي للغة العربية، فإن الدكتور محمد ياسين أستاذ النقد والأدب بجامعة الأزهر، يرى أنها ليست كافية، ولا تعبر عن اهتمام حقيقي باللغة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الاحتفال باللغة العربية لا بد أن يكون ممتداً وليس مقصوراً على يوم واحد في السنة، للترويج لها بشكل كبير». ويوضح ياسين أن «ممارسة اللغة العربية في تراجع مستمر، لا سيما مع توسع الصحف المصرية على سبيل المثال في استخدام اللهجات العامية في كتابة الأخبار والتقارير، بالإضافة إلى البرامج الإذاعية والتلفزيونية التي باتت تعتمد بشكل تام على اللهجة العامية بما فيها البرامج الإخبارية».
وعن المسابقات الشعرية واللغوية التي بدأت في الانتشار ويتبناها بعض دول الخليج العربي ومن بينها الإمارات، قال ياسين: «هذا توجه رائع سيسهم في نشر فنون وجماليات اللغة، وسيعمل على عودة الناس مرة أخرى إلى الاستمتاع باللغة العربية العظيمة».
وفي سياق متصل، قال رئيس البرلمان العربي الدكتور مشعل بن فهم السلمي، إن البرلمان العربي سيخصص عام 2020 لدعم اللغة العربية، واتخاذ عدد من الخطوات من خلال منظومة التشريعات التي يصدرها البرلمان، وفي مقدمتها وثيقة تطوير التعليم في العالم العربي.
وأضاف السلمي، أمس، أن «البرلمان ولجانه المختصة تعمل على إصدار 3 قوانين استرشادية عربية؛ لتحقيق هذه الأهداف، منها قانون عربي استرشادي لمكافحة الأمية وتشجيع القراءة، وتعزيز اللغة العربية في الدول العربية الأقل نمواً».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».