«حوادث السير» في لبنان: عداد للموت يحصد الآلاف سنويا

تخطى عدد ضحاياها قتلى التفجيرات خلال عام 2013

حادث سير على أحد الأوتوسترادات في بيروت
حادث سير على أحد الأوتوسترادات في بيروت
TT

«حوادث السير» في لبنان: عداد للموت يحصد الآلاف سنويا

حادث سير على أحد الأوتوسترادات في بيروت
حادث سير على أحد الأوتوسترادات في بيروت

لا يكاد يخلو يوم من دون تقرير يصدر عن غرفة التحكم المروري يعلم بوقوع قتلى وجرحى نتيجة حوادث السير. ظاهرة تفاقمت أخيرا في لبنان، وعدد ضحاياها لا يقل عن الذين يسقطون في أعمال إرهابية.
ولا عجب أنه وفي يوم واحد؛ وتحديدا يوم 18 يونيو (حزيران) الماضي مثلا، سقط 3 قتلى و15 جريحا في 14 حادث سير على الأراضي اللبنانية.
إنها مآس مفتوحة، ولا شيء يوحي بأن شبح الطرق سيتوقف عن ابتلاع مزيد من الضحايا؛ فالأرقام المسجلة عن الأشهر الستة الأولى من 2014 تؤشر إلى أن «عدّاد الموت» على الطرق يسير على‪«الإيقاع» نفسه، ولا تحسن. «حاليا السائقون على طرقاتنا، هم قاتلون مفترضون أو ضحايا مفترضون، لأنهم غير ذي كفاءة للقيادة، نجدهم يتعلمون من الأخطاء التي يرتكبونها على الطريق، وللأسف يكون هذا الخطأ لدى بعضهم الخطأ الأخير، ويدفع الثمن حياته». هكذا يصف رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي المقدم جوزيف مسلم واقع حال الطرقات في لبنان، لا سيما في منطقة جبل لبنان.
ويقول مسلم في لقاء مع «الشرق الأوسط»: «المؤشر الأخطر هو نسبة الحوادث التي تصل في لبنان إلى 20 - 100000، بحسب منظمة الصحة العالمية عام 2013، بينما في السويد لا تتجاوز النسبة 3 - 100000، وفرنسا 6 - 100000، مما يعني أن لدينا مشكلة كبيرة في السلامة المرورية على طرقاتنا، وأنه علينا العمل على تخفيض الرقم كي نوفر حياة الأشخاص ونحفظ أمنهم.» ويضيف: «وضعنا في قانون السير الجديد الأسس العصرية المطلوبة، وطالبنا برفع معايير المدربين والعاملين في مكاتب تعليم القيادة، وأعضاء اللجان الفاحصة، حتى رفع معايير عناصر قوى الأمن. وطلبنا تأسيس وحدة مرور متخصصة، ومعهد مرور متخصص، لافتقارنا إليهما.» بشكل سنوي، هناك ضباط يتابعون دراسة الماجستير في السلامة المرورية في الجامعة اليسوعية بالتعاون مع شركة «رينو» ليكونوا جاهزين لتدريب عناصر وضباط مستقبلا، وكذلك اللجنة الفاحصة وخبراء السير.
وبالعودة إلى «عدّاد الموت» نجده قد سجل خلال الأشهر الستة الأولى من العام 2014 مقتل 255 شخصا وجرح 2225، بحسب إحصاءات قوى الأمن الداخلي غير النهائية، فيما شهد عام 2011، 4447 حادث سير راح ضحيتها 508 قتلى و6040 جريحا. وفي عام 2012 وقعت 4208 حوادث راح ضحيتها 576 قتيلا و5963 جريحا، وصولا إلى عام 2013، الذي وقع فيه 4675 حادثا أسفر عن مقتل 649 شخصا وجرح 6137 آخرين.
وفي السياق ذاته، فإنه ومع ازدياد عدد النازحين السوريين إلى لبنان، ارتفع وبشكل مضطرد عدد القتلى الأجانب بالنسبة إلى المجموع العام في 2011، هو 18.3 في المائة. وفي عام 2012 وصل إلى 24.5 في المائة، ليصل في 2013 إلى 36.9 في المائة، والسبب في ذلك هو أن بيئة لبنان تختلف عن تلك التي اعتاد عليها النازحون السوريون، حيث إن معدل انتشار السيارات في لبنان هو سيارة لكل شخصين ونصف، بينما يقابله 8 سيارات لكل 100 مواطن في سوريا.
عوامل عديدة تقف وراء العدد القياسي في الحوادث، المستمر، وللأسف، بالارتفاع، إلا أن مسلم يعزو الأسباب إلى 3 عوامل رئيسة وهي: «السائق، والمركبة، والطريق»؛ فالسائق هو العنصر الأساس، حيث إن العامل البشري يسبب من 90 إلى 95 في المائة من الحوادث لضحايا تتراوح أعمارهم بين 15 و30 عاما. ويلاحظ أن المشاة يقترفون أخطاء جسيمة تعود لعدم تقيدهم بالعبور على «جسر المشاة» ومخالفتهم للإشارة الضوئية، فضلا عن السير على جانبي الطريق على الرغم من وجود الأرصفة المخصصة لهم، وغيرها من المخاطر.
أما الطريق، فيعد سببا مباشرا في وقوع بعض الحوادث، نظرا لوجود بعض الأخطاء الهندسية على سبيل المثال وجود منعطفات حادة على الأوتوسترادات وغياب صيانة الطرق، وعدم الاهتمام بالبنية التحتية، مما يسبب حوادث مفاجئة للسيارات وغالبا ما تكون مأساوية.
وتأتي صلاحية المركبة في المرتبة الثالثة؛ فالسائق هو المسؤول الأول والأخير عن هذه الصلاحية، وذلك بإجراء الفحوصات الدورية وتفقد التجهيزات الفنية، مثل الإضاءة والفرامل والمقود، وكذلك التقيد بالحمولات المسموح بها وزنا وحجما. وعلى الرغم من وصول المعدل اليومي لمحاضر السرعة الزائدة إلى 600 محضر، فإن عدد الحوادث لم ينخفض، وهذا مرده، بحسب مسلم، لأسباب عدة؛ منها أن القانون الحالي غير رادع وغير عادل، فقيمة ضبط مخالفة السرعة هي 50 ألف ليرة (نحو 33 دولارا)، كما أن المحاضر تنظم يدويا مما يؤخر تبليغ المخالفين، بالإضافة إلى أن لوحة السيارة المخالفة قد تكون غير قانونية، وبالتالي يكون المحضر غير ذي جدوى.
من جهته، يرى كامل إبراهيم، أمين سر جمعية «يازا» أن: «الدول المتقدمة لديها وسائل أمان، وأيضا الإنارة المناسبة على الطرق والدشم التي تمنع الانزلاقات في الأودية، وإذا ما أردنا الحل فعلا، فعلينا وضع حوادث السير على سلم الأولويات وإنشاء فريق عمل متخصص بإدارة السلامة المرورية لتحليل أسباب الحوادث في كل منطقة». بدوره، يؤكد رئيس جمعية «كن هادي» فادي جبران، أنه «ومنذ إنشائنا الجمعية تبين أن السرعة، أو شرب الكحول، وعدم وضع حزام الأمان، وكتابة الرسائل عبر الهاتف أثناء القيادة، تعد من أهم أسباب الحوادث. واخترنا العمل على سببين: السرعة والشرب، وقد حققنا في هذا السياق الكثير من النتائج الإيجابية». وفي الختام، فإن حل مشكلة حوادث السير يتطلب منظومة متكاملة من هيئة قيادية تدير الأمور وتتحمل المسؤولية، إلى إرادة سياسية، ومدرب سوق يعي مبادئ السلامة المرورية وخطورة السيارة التي هي بمثابة آلة متوحشة يمكن أن تقلب الحياة رأسا على عقب.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».