سيدي بوزيد... مهد الثورة التونسية ما زال «غاضبا ينتظر تحقيق الوعود»

تونسيون يشاركون في إحياء الذكرى الثامنة للثورة العام الماضي في سيدي بوزيد (غيتي)
تونسيون يشاركون في إحياء الذكرى الثامنة للثورة العام الماضي في سيدي بوزيد (غيتي)
TT

سيدي بوزيد... مهد الثورة التونسية ما زال «غاضبا ينتظر تحقيق الوعود»

تونسيون يشاركون في إحياء الذكرى الثامنة للثورة العام الماضي في سيدي بوزيد (غيتي)
تونسيون يشاركون في إحياء الذكرى الثامنة للثورة العام الماضي في سيدي بوزيد (غيتي)

بعد تسع سنوات من اندلاع الثورة في تونس، ما زالت منطقة سيدي بوزيد، مهد هذه الثورة التي انطلقت في ديسمبر (كانون الأول) 2010 وسرعان ما أطاحت بحكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في مطلع 2011 تعيش حالة غضب وتنتظر تحسّن أوضاعها وتحقيق الوعود الكثيرة التي أُطلقت بعيد انتصار ما يُعرف بـ«ثورة الياسمين».
ولا يبدو أن كثيرين من سكان هذه المنطقة في وسط البلاد مقتنعون بأن شعار الثورة وهو «شغل... حرية... كرامة وطنية» قد تحقق منه الكثير. فمستوى الاستثمار ما زال ضعيفاً، ولم يشعر المواطنون بتغيير حقيقي في مستوى حياتهم، بل إن بعضهم يشكو من أنهم يعيشون أوضاعاً اجتماعية واقتصادية أكثر بؤساً من السابق.
وتمر ذكرى الثورة هذه السنة في طعم ووضع مختلفين. فنتائج الانتخابات الأخيرة لم تفرز حكومة جديدة قادرة على تفعيل مشاريع التنمية في سيدي بوزيد وغيرها من المناطق، كما أنها أفرزت نتائج انتخابية صدمت كثيراً من الأحزاب السياسية التقليدية، وتمكن خلالها أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد من الفوز بالرئاسة في ظل وعود كثيرة أغدقها في مواقع التواصل على «شباب الثورة» ووعدهم من خلالها بتغيير الأحوال وتجاوز حالة الركود الاقتصادي والتدهور الاجتماعي.
وتكاد معظم تصريحات المسؤولين الحكوميين ورموز المعارضة في سيدي بوزيد تصب في نفس الاتجاه. فالاستثمار العمومي ضعيف للغاية والاستثمار الحكومي يكاد يكون غائباً. ولكل هذه الأسباب، تحتل ولاية (محافظة) سيدي بوزيد المرتبة 21 وفق مؤشر التنمية الخاص بمختلف مناطق تونس وذلك على سلّم يشمل 25 ولاية.
ولمجموع هذه الأسباب، تبوأت سيدي بوزيد حتى نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، المرتبة الثانية على مستوى عدد التحركات الاحتجاجية المسجلة في المنطقة مباشرة بعد القيروان المجاورة. وقدّر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة حقوقية مستقلة) عدد التحركات الاحتجاجية في سيدي بوزيد بـ162 تحركاً من إجمالي 1986 تحركاً احتجاجياً جماعياً سجّلت في تونس.
وفي هذا الشأن، قال محمد الأزهر القمودي، رئيس الاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد (نقابة العمال)، في مؤتمر صحافي عقد بمناسبة إحياء الذكرى الجديدة للثورة، إن المدينة ظلت طيلة السنوات التسع الماضية تحلم بتغيير أوضاع أبنائها، لكن حالها لم يتغير وكل عام يشعر الأهالي بمزيد من الغبن الاجتماعي والاقتصادي و«ظلت دار لقمان على حالها»، على حد تعبيره. وأضاف «لا توجد تنمية ولا شغل... المنطقة لم تأخذ حظها من التنمية ولم يقع تكريس مبدأ التمييز الإيجابي الذي أقره الدستور التونسي رغم أن الولاية تزخر بكثير من الثروات الطبيعية والبشرية، لكن التعطيلات الإدارية والعوائق السياسية ظلت متواصلة ولم تنته لا قبل الثورة ولا بعدها».
وفي السياق ذاته، قال الإعلامي التونسي محمد الصالح الربعاوي إن «الياسمين لم يزهر، والورود لم تتفتح، ورياح التغيير الحقيقة لم تهب بعد، فلا تغيير ولا تدبير».
وعلى المستوى الحكومي الرسمي، فقد أكد محمد صدقي بوعون والي (محافظ) سيدي بوزيد، من ناحيته، أن نسق إنجاز المشاريع الحكومية المبرمجة لفائدة الجهة بلغ أكثر من 80 في المائة، مشيراً إلى أن عدد المشاريع المبرمجة منذ 2011 إلى غاية 2019 بلغ أكثر من 2100 مشروع باعتمادات مالية ناهزت 2227 مليون دينار تونسي (نحو 795 مليون دولار). وأشار إلى أن المشاريع التي لا تزال بصدد الإنجاز في حدود 326 مشروعاً، أما تلك التي لم تنطلق بعد فعددها 115 مشروعاً منها 28 مشروعاً معطلاً نظراً إلى عدم وجود التمويلات المالية أو بسبب إشكالات مع المقاولين المكلفين إنجاز مشاريع التنمية أو كذلك لأسباب اجتماعية.
في غضون ذلك، طالب سكان سيدي بوزيد الرؤساء الثلاثة (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان) باعتماد تاريخ 17 ديسمبر من كل سنة يوماً وطنياً للاحتفاء بثورة «الحرية والكرامة». ويأتي ذلك في إطار الاعتراف بدور المنطقة في نجاح الثورة التونسية التي أعطى شرارتها الأولى محمد البوعزيزي عندما أحرق نفسه احتجاجاً على ظروفه الاجتماعية الصعبة. وعبر سكان في سيدي بوزيد، في تصريحات إعلامية مختلفة، عن قلقهم العميق لما شهده «المسار الثوري من انتكاسة وتراجع حيث لم تبق غير الشعارات والوعود الانتخابية». وشكا بعضهم من «تغلغل لوبيات الفساد ورجوع قوى الردة للمشهد العام»، بحسب تعبيرهم، مؤكدين «تمسكهم بالمسار الثوري كطريق وحيد لتحقيق أهداف الثورة».
وفي السياق ذاته، قالت سناء القادري (عاطلة عن العمل) إن هذه المناسبة ليست مخصصة للاحتفال بالثورة التونسية بل للتعبير عن الغضب الذي يسود سيدي بوزيد ويسكن معظم شباب المنطقة. وأضافت «لم يتغير شيء في سيدي بوزيد وغيرها من المناطق، فهي تعاني من نفس المشاكل، بل إن الكثير منها تضاعف}.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.