بيلاروسيا تقترض من الصين هرباً من «المناورات الروسية»

خلافات مينسك مع موسكو دفعتها للبحث عن شريك «لا يضع شروطاً سياسية»

أعلنت بيلاروسيا أمس عن قرض صيني كبير يبدو بديلاً لآخر روسي مقترن بشروط سياسية (رويترز)
أعلنت بيلاروسيا أمس عن قرض صيني كبير يبدو بديلاً لآخر روسي مقترن بشروط سياسية (رويترز)
TT

بيلاروسيا تقترض من الصين هرباً من «المناورات الروسية»

أعلنت بيلاروسيا أمس عن قرض صيني كبير يبدو بديلاً لآخر روسي مقترن بشروط سياسية (رويترز)
أعلنت بيلاروسيا أمس عن قرض صيني كبير يبدو بديلاً لآخر روسي مقترن بشروط سياسية (رويترز)

حصلت بيلاروسيا على قرض من الصين قيمته 500 مليون دولار، وأكدت عدم حاجتها إلى «قرض سياسي» في إشارة إلى قرض روسي بقيمة 600 مليون دولار، بدأ الحديث حوله منذ خريف العام الماضي، ولم تحصل عليه بيلاروسيا نتيجة خلافات مع الجانب الروسي بشأن «استخداماته»؛ بما في ذلك للتعويض عن خسائر بيلاروسيا الناجمة عن «المناورة الضريبية للقطاع النفطي الروسي».
وفي بيان نشرته أمس على موقعها الرسمي، أعلنت وزارة المالية في جمهورية بيلاروسيا، عن توقيع اتفاقية مع الصين للحصول على قرض بقيمة 3.5 مليار يوان صيني (ما يعادل 500 مليون دولار). وقال البيان إن «جمهورية بيلاروسيا، ممثلة بوزارة المالية، وقعت في شنغهاي يوم 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، اتفاقية مع فرع بنك البنك الصيني للتنمية في مدينة شنغهاي، حول قرض عاجل بقيمة 3.5 مليار يوان»، ووقع الاتفاقية عن الجانب البيلاروسي وزير المالي مكسيم يرمولوفيتش. وكانت الوزارة حريصة في بيانها على الإشارة إلى عدم وضع الجانب الصيني أي شروط بخصوص استخدام القرض، وقالت إن «القرض غير مرتبط بتنفيذ أي مشروعات، ويمكن استخدامه لأي أهداف، بما في ذلك لتسديد وخدمة الدين العام، ودعم الاحتياطي لجمهورية بيلاروسيا، وكذلك للمساهمة في تطوير التجارة الثنائية بين الصين وبيلاروسيا».
ورأت مينسك في هذه الخطوة دليلاً على «مستوى جديد من العلاقات بين البلدين، وزيادة ثقة المؤسسات المالية الصينية بجمهورية بيلاروسيا، كمقترض موثوق». وقالت وسائل إعلام إن الصين منحت القرض لمدة خمس سنوات. وتم توقيع الاتفاقية مع الصين بموجب تكليف من الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو.
الإعلان عن القرض الصيني جاء بعد محادثات بدأت خريف العام الماضي حول قرض روسي لبيلاروسيا بقيمة 600 مليون دولار، وانتهت بالفشل. وكان وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف قال في تصريحات في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2018 إن روسيا مستعدة للنظر في منح قرض لبيلاروسيا بقيمة 630 مليون دولار، وحدد الهدف منه «إعادة تمويل ديون بيلاروسيا أمام روسيا عن قروض سابقة». ولاحقا أكدت بيلاروسيا المعلومات حول القرض، لكنها أشارت إلى أن الحصول عليه بانتظار قرار الحكومة الروسية.
وبعد عام تقريبا، وفي المرحلة التي بدأت فيها المحادثات حول «خرائط التكامل الاقتصادي العميق» بين روسيا وبيلاروسيا، في إطار اتفاقية الدولة الاتحادية، تغيرت لهجة تصريحات الجانبين بهذا الصدد. وقال الوزير سيلواف في تصريحات يوم 19 أكتوبر الماضي (2019)، إن القرار بشأن القرض لم يتخذ بعد، وأضاف: «وربما لن يُتخذ أبداً»، وربط الموافقة على منح القرض، بالتقدم في محادثات «التكامل الاقتصادي العميق».
من جانبها أعلنت بيلاروسيا أنها لم تعد بحاجة للقرض الروسي. وفي تصريحات له في 25 أكتوبر، قال وزير المالية البيلاروسي يرمولوفيتش: «نحن لا ننظر إلى القرض من الحكومة الروسية كمصدر تمويل، ولا نُجري محادثات حوله»، وأضاف: «لم نتقدم بطلب من الجانب الروسي للحصول عليه. ولا نتوقع الحصول على هذا القرض من روسيا». وبعد تأكيده أن بلاده وفرت مصادر التمويل للعام الجاري والعام القادم (2020)، قال: «لذلك ليست لدينا أي حاجة على الإطلاق إلى أي قروض سياسية»، في إشارة، كما هو واضح، إلى القرض الروسي.
وكان القرض الصيني والعلاقة مع روسيا موضوعا رئيسيا في تصريحات أدلى بها وزير الخارجية البيلاروسي فلاديمير ماكيي، لصحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» الألمانية في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أشار فيها إلى عقبات تواجهها بلاده، بينها «مشاكل في السابق بسبب العقوبات من جانب الاتحاد الأوروبي. وكذلك كانت لدينا مشكلات مع الحلفاء الروس، في النفط والغاز والسكر»، وأضاف «لذلك اتخذت القيادة البيلاروسية قرارا بالبحث عن شريك استراتيجي آخر، لا يضع أي شروط سياسية».
الخلافات مع روسيا كانت السبب الرئيسي الذي دفع مينسك للتوجه نحو بكين. إذ تريد روسيا تخصيص القرض لإعادة تمويل قروض سابقة منحتها لبيلاروسيا، ومن جانبها أشارت مينسك، وفق ما قال موقع «بيلسات» البيلاروسي، إلى أنها بحاجة للقرض كي تستخدمه في التعويض عن خسائر ميزانيتها الناجمة عن «المناورة الضريبية للقطاع النفطي الروسي».
وأشارت مصادر إلى أن «التعويضات النفطية» التي تطالب بها بيلاروسيا، والتي عرقلت توقيع «خرائط طريق التكامل الاقتصادي العميق» بين الجانبين، كانت كذلك السبب الرئيسي في فشل المحادثات حول القرض الروسي.
ومعروف أن روسيا تقوم بتصدير جزء من نفطها عبر شبكة الأنابيب البيلاروسية، وتحصل الخزينة البيلاروسية سنويا على 1.5 مليار دولار من تلك الرسوم، وستخسرها مع بدء العمل بـ«المناورة الضريبية للقطاع النفطي الروسي»، والتي تنص على تخفيض رسوم صادرات النفط الخام من 30 في المائة حالياً حتى «الصفر» بحلول عام 2024، وتقول بيلاروسيا إن خسائرها نتيجة هذه «المناورة» قد تصل حتى 11 مليار دولار خلال أربع سنوات، وتطالب روسيا تعويضها عن تلك الخسارة. ويواصل الجانبان المحادثات لتجاوز هذه العقبة، للمضي في التكامل الاقتصادي.


مقالات ذات صلة

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

الاقتصاد نائبة البرلمان الفرنسي أميليا لكرافي (الشرق الأوسط)

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن إطار «رؤية 2030»، تتجه الأنظار نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين السعودية وفرنسا.

أسماء الغابري (جدة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
TT

الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)

منذ عام 2019، يشهد لبنان واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية والمالية في تاريخه الحديث... أزمة تجاوزت نطاق الاقتصاد لتؤثر بشكل حاد في جميع جوانب الحياة، فقد أثقلت هذه الأزمة كاهل المواطن اللبناني، وأغرقت البلاد في دوامة من انهيار شامل للنظامين المالي والاقتصادي، بعد أن فقدت العملة المحلية أكثر من 95 في المائة من قيمتها. ونتيجة لذلك، تفشى التضخم بشكل غير مسبوق مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات إلى مستويات قياسية، في حين قفزت معدلات الفقر والبطالة بشكل دراماتيكي.

وفي خضم هذا الواقع المأساوي، شلّت الصراعات السياسية الحادة مؤسسات الدولة، فقد تعمقت الانقسامات إلى حد أن الحكومة أصبحت عاجزة عن اتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة الأزمة جذرياً. ومع تفاقم الأوضاع، أضافت الحرب الأخيرة مع إسرائيل عبئاً جديداً على لبنان، مخلّفة خسائر بشرية ومادية هائلة قدّرها «البنك الدولي» بنحو 8.5 مليار دولار، وزادت من تعقيد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، فقد بات من الصعب تصور أي إمكانية لاحتواء أعبائها في غياب انتخاب رئيس للجمهورية.

المنصب الرئاسي والمأزق الاقتصادي

المنصب الرئاسي، الذي لا يزال شاغراً منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، يحمل للفائز به قائمة طويلة من التحديات الاقتصادية والمالية المتراكمة، التي باتت تهدد بنية الدولة وكيانها. فقد أدى غياب هذا المنصب إلى تعطيل عملية تشكيل الحكومة، مما جعل الدولة غير قادرة على التفاوض بجدية مع الجهات الدولية المانحة التي يحتاج إليها لبنان بقوة لإعادة إحياء اقتصاده، مثل «صندوق النقد الدولي» الذي يشترط إصلاحات اقتصادية ومالية جذرية مقابل أي دعم مالي يمكن أن يوفره.

وعليه؛ فإن انتخاب رئيس جديد للجمهورية يمثل أولوية ملحة ليس فقط لاستعادة الثقة المحلية والدولية، بل أيضاً ليكون مدخلاً أساسياً لبدء مسار الإصلاحات التي طال انتظارها.

ومن بين أبرز هذه التحديات، ملف إعادة الإعمار، الذي تُقدر تكلفته بأكثر من 6 مليارات دولار، وفق موقع «الدولية للمعلومات»، وهو عبء مالي ضخم يتطلب موارد هائلة وجهوداً استثنائية لتأمين التمويل اللازم.

لكن عملية إعادة الإعمار ليست مجرد عملية تقنية لإصلاح البنية التحتية أو ترميم الأضرار، بل هي اختبار حقيقي لقدرة الدولة على استعادة مكانتها وتفعيل دورها الإقليمي والدولي. وفي هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة إلى رئيس يتمتع برؤية استراتيجية وشبكة واسعة من العلاقات الدولية، وقادر على استخدام مفاتيح التواصل الفعّال مع الدول المانحة والمؤسسات المالية الكبرى. فمن دون قيادة سياسية موحدة تتمتع بالصدقية، فستبقى فرص استقطاب الدعم الخارجي محدودة، خصوصاً أن الثقة الدولية بالسلطات اللبنانية تعرضت لاهتزاز كبير في السنوات الأخيرة بسبب سوء الإدارة وغياب الإصلاحات الهيكلية.

مواطنون وسط جانب من الدمار الناجم عن الغارات الجوية الإسرائيلية بمنطقة الشويفات (رويترز)

فرصة محورية لإحداث التغيير

كما يأتي انتخاب رئيس للجمهورية يوم الخميس بوصفه فرصة محورية لإحداث تغيير في مسار الأزمات المتراكمة التي يعاني منها لبنان، والتي تفاقمت بشكل حاد خلال عام 2024؛ بسبب الصراعات المتصاعدة والأزمة الاقتصادية الممتدة.

ومع انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة -5.7 في المائة خلال الربع الرابع من 2024، انعكست التداعيات السلبية بوضوح على الاقتصاد، فقد تراجعت معدلات النمو بشكل كبير منذ عام 2019، ليصل الانخفاض التراكمي إلى أكثر من 38 في المائة عام 2024، مقارنة بـ34 في المائة خلال العام السابق عليه. وتزامن هذا التدهور مع تصعيد الصراع في الربع الأخير من 2024، مما أضاف آثاراً إنسانية مدمرة، مثل النزوح الجماعي والدمار واسع النطاق، وبالتالي أدى إلى خفض إضافي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 6.6 في المائة بحلول منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. وكان قطاع السياحة، الذي يمثل أحد أعمدة الاقتصاد اللبناني، من بين الأشد تضرراً، فقد تراجعت عائداته لتتحول من فائض إلى عجز بنسبة -1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024.

منصب حاكم «المصرف المركزي»

كذلك يمثل هذا الحدث محطة مهمة لإصلاح المؤسسات اللبنانية، بما في ذلك معالجة الشغور في المناصب القيادية التي تُعد ركيزة أساسية لاستقرار البلاد. ومن بين هذه المناصب، حاكم «مصرف لبنان» الذي بقي شاغراً منذ انتهاء ولاية رياض سلامة في 31 يوليو (تموز) 2023، على الرغم من تعيين وسيم منصوري حاكماً بالإنابة. لذا، فإن تعيين خَلَفٍ أصيل لحاكم «المصرف المركزي» يُعدّ خطوة حاسمة لضمان استقرار النظامين المالي والنقدي، خصوصاً أن «مصرف لبنان» يشكل محوراً رئيسياً في استعادة الثقة بالنظامين المصرفي والمالي للبلاد.

مقر «مصرف لبنان المركزي» في بيروت (رويترز)

علاوة على ذلك، سيجد الرئيس الجديد نفسه أمام تحدي إصلاح «القطاع المصرفي» الذي يُعدّ جوهر الأزمة الاقتصادية. فملف المصارف والمودعين يتطلب رؤية شاملة لإعادة هيكلة القطاع بطريقة شفافة وعادلة، تُعيد ثقة المودعين وتوزع الخسائر بشكل منصف بين المصارف والحكومة والمودعين. ومع إدراج لبنان على «اللائحة الرمادية» وتخلفه عن سداد ديونه السيادية، تصبح هذه الإصلاحات ضرورية لاستعادة العلاقات بالمؤسسات المالية الدولية، واستقطاب التمويل اللازم، ومنع إدراج لبنان على «اللائحة السوداء». ناهيك بورشة إصلاح القطاع العام وترشيده وتفعيله، فتكلفة مرتَّبات القطاع العام مرتفعة جداً نسبةً إلى المعايير الدولية. فعلى مرّ السنين، شكّل مجموع رواتب وتعويضات القطاع العام لموظفي الخدمة الفعلية والمتقاعدين (وعددهم نحو 340 ألفاً) نحو 40 في المائة من إجمالي نفقات الموازنة، الأمر الذي شكّل عبئاً فادحاً على مالية الدولة والاقتصاد عموماً.

آمال اللبنانيين في قيادة جديدة

وسط هذه الأزمات المتشابكة، يعوّل اللبنانيون على انتخاب رئيس جديد للجمهورية لفتح نافذة أمل على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. فمن المأمول أن يسعى الرئيس المقبل، بدعم من حكومة فاعلة، إلى إعادة بناء الثقة الدولية والمحلية، واستعادة الاستقرار السياسي، وهما شرطان أساسيان لوقف التدهور الاقتصادي وتحفيز النمو. فاستعادة قطاع السياحة؛ الرافعة الأساسية للاقتصاد اللبناني، على سبيل المثال، تتطلب تحسين الأوضاع الأمنية وتعزيز الثقة بلبنان بوصفه وجهة آمنة وجاذبة للاستثمارات. وهذه الأمور لن تتحقق إلا بوجود قيادة سياسية قادرة على تقديم رؤية استراتيجية واضحة لإعادة الإعمار وتحقيق الإصلاحات الضرورية. وبالنظر إلى العجز المستمر في الحساب الجاري والانخفاض الكبير في الناتج المحلي الإجمالي، يصبح نجاح الرئيس الجديد في معالجة هذه الملفات عاملاً حاسماً لإنقاذ لبنان من أزمته العميقة، وإعادة توجيه الاقتصاد نحو التعافي والنمو المستدام.