أمطار تشرين القديم

TT

أمطار تشرين القديم

(هذا النص على لسان أحد المتظاهرين الشباب بعد سنوات طويلة من انتفاضة تشرين الأول 2019)

سنمرُّ فوق الجسر
نضحكُ أو نغنَّي أو نذكِّرُ مَنْ بجانبنا
فنسخرُ من أغانينا التي كنَّا نرددها
وبعد دقيقةٍ نبكي على أصحابنا القتلى
ونأوي تحت نصبك يا جوادُ
سنمرُّ فوق الجسر
نضحكُ من حماقتنا
ونعجبُ كيف أيقظنا البلادَ
وكيف أورثنا المدائن سكَّرَ الزمنِ العنيدِ
وكيف شبَّ بلحظةٍ هذا الرمادُ
سنمرُّ فوق الجسر
في تشرين أيضاً
بعد حين من حكايتنا وأكثر
في يدي طفلٌ
وفي قلبي امرأة
وعلى فم الذكرى نشيدٌ من صديقٍ
مرَّ في المعنى، وأشجارٌ معي غنَّتْ، وأحلامٌ
وبقيا من دخانٍ في الرئة
سنمرُّ فوق الجسر
ثم نقولُ شبنا نحن صبيان البلادِ
وقد كبرنا فجأةً
أبناؤنا كبروا قليلاً
كيف نُقنعهم بأنَّا ها هنا كنَّا
وكيف نعيدُ لحظتنا
وهذا العمر يوغلُ
أو يكادُ
سنمرُّ فوق الجسر
هل كنَّا تأخرنا عن الدوام؟
قالت زوجتي وانتابها حزنٌ
ولكنَّي نسيتُ بأنْ أغازلها
لأنَّي قد تذكرتُ المدينة قبل أكثرَ من زمانٍ
كيف بعثرها الحفاةُ
وكيف عانقها الجرادُ
سنمرُّ فوق الجسر أُشعل شمعةً وأُضيءُ ليلَ الغائبين
جميعُ أصحابي الذين مضوا بلا أطفالٍ
أو زوجاتٍ
يوقدن السريرَ ويلتهمن الصبرَ في ليل الخميس
مضوا جميعاً
خلَّفوا قُبَلاً سريعاتٍ على الطرقات
بعضَ رسائلِ الحبِّ الخفيف
وبعضَ غيمٍ في الصدورْ
رحلوا ومرَّ العيدُ بعد العيدِ
من يتذكَّرُ الموتى
ومن يرمي بماء الورد
يا حجرَ القبورْ
سنمرُّ فوق الجسر
متعبةً خطانا
تأكلُ السنواتُ منَّا هذه الروحَ الشقيَّةَ
ثم تذرونا إلى الذكرى
غناءً جارحاً مُرّاً
وتنسانا البلادُ
وسمعتُه يروي لزوجتهِ الحكايةَ
حيث كنتُ أسيرُ فوق الجسر
في كفَّي عصا السنواتِ متكئاً
وفي قلبي المدينةُ
والحرائقُ والرمادُ



مدينة أوروبية حجرية قديمة تصل حرارتها إلى 27 درجة مئوية في أكتوبر

«ماتيرا» الإيطالية وتُعرف باسم «مدينة الحجر» (غيتي)
«ماتيرا» الإيطالية وتُعرف باسم «مدينة الحجر» (غيتي)
TT

مدينة أوروبية حجرية قديمة تصل حرارتها إلى 27 درجة مئوية في أكتوبر

«ماتيرا» الإيطالية وتُعرف باسم «مدينة الحجر» (غيتي)
«ماتيرا» الإيطالية وتُعرف باسم «مدينة الحجر» (غيتي)

عند التفكير في قضاء عطلة في إيطاليا، قد تخطر على بالك وجهات مثل روما، أو فلورنسا، أو ساحل «أمالفي» الرومانسي. ومع ذلك، ثمة جوهرة واحدة غير مُكتَشفة بإمكانها منافسة هذه الوجهات المزدحمة وهي «ماتيرا»، حسب «صحيفة ميترو» اللندنية.

تقع «ماتيرا» في إيطاليا، في منطقة بازيليكاتا، وتُعرف باسم «مدينة الحجر» بسبب شبكة كهوفها القديمة، وتعد واحدة من أقدم المدن في أوروبا. ووفقاً لبعض التقديرات، فهي ثالث أقدم مدينة في العالم.

ووصفها الروائي كارلو ليفي ذات مرة بـ«عار إيطاليا»، حيث نُفي إليها في ثلاثينات القرن العشرين، وشهد الظروف المعيشية المزرية لسكانها، الذين كان كثير منهم يعيشون في كهوف مع مواشيهم.

وأدّى الفقر المدقع والضياع الذي ميّز هذه الفترة إلى تدخل حكومي واسع النطاق وجهود لإعادة التوطين، ما جعل «ماتيرا» منسية إلى حد كبير على مدى سنوات كثيرة.

غير أن عمارتها الفريدة وتاريخها الغني ضمن لماتيرا عدم نسيانها بشكل كامل.

ومنذ ذلك الحين، شهدت المدينة تحولاً ملحوظاً، حيث تم إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 1993 إلى أن تم اختيارها عاصمة الثقافة الأوروبية في عام 2019.

كما استغل صانعو الأفلام السينمائية جاذبية ماتيرا، وظهرت مناظرها الخلابة في بعض الأفلام، مثل: «لا وقت للموت» لجيمس بوند، و«آلام المسيح» لميل غيبسون.