«الشمس» و«العاثيات» تكافحان بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية

قد تساعد وسائل المعالجة بالتعرّض لأشعة الشمس، إلى جانب «العاثيات»، على تدمير بكتيريا الإشريكية القولونية (E. coli PI - 7)، أحد أشكال أو سلالات البكتيريا المقاومة لمعظم المضادات الحيوية، والتي اكتُشفت في شبكة الصرف الصحي بجدة في المملكة العربية السعودية. والعاثيات هي عناصر فيروسية موجودة طبيعياً.
ولا تزال مقاومة المضادات الحيوية آخذة في التطور بسرعة في البكتيريا التي لديها جينات متطورة تُمَكّنُها من توريث المقاومة عبر الأجيال الناشئة. وأحد هذه الجينات هو جين «نيودلهي بيتا لاكتاماز الفلزي» «blaNDM»، الذي تحمله بكتيريا الإشريكية القولونية (PI - 7).
وتكمن أهمية هذا الأمر في أن جين «نيودلهي بيتا لاكتاماز الفلزي» يُورِّث مقاومة للمضادات الحيوية التي تعتبر خط دفاعنا الأخير ضد بعض الأمراض. ويوجد هذا الجين، وغيره من الجينات المماثلة، بأعداد متزايدة في أنظمة الصرف الصحي؛ مما يمثل مصدر قلق حقيقي بالنسبة للصحة العامة.
والعاثيات فيروسات موجودة طبيعياً، تخترق دفاعات البكتيريا وتُدمِّرها عن طريق تحطيم أغشية خلاياها. ومن ثم، تمثل العاثيات مصدراً غير مستغل إلى حد كبير، حيث تعد من العوامل التي قد تساعد على مواجهة مسببات الأمراض المقاومة للمضادات الحيوية.
وتقول ندى الجاسم، طالبة الدكتوراه المتخرجة والمتخصصة في الحد من مخاطر مقاومة المضادات الحيوية الناشئة من استخدام مياه الصرف المعالجة تحت إشراف الدكتورة بيينغ هونغ، الأستاذ المساعد في العلوم والهندسة والبيئية، قسم العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية بكاوست: «أظهرت دراستنا السابقة أن التعرّض لأشعة الشمس ساعد جزئياً على تدمير سلالة (PI - 7)، لكنه لم يقض عليها تماماً».
وتضيف: «تحت أشعة الشمس، تستطيع خلايا الإشريكية القولونية تعزيز جدارها الخلوي وآليات إصلاح الحمض النووي، لحماية نفسها والبقاء على قيد الحياة. ومع ذلك، تم إبطال الآليات التي تمنع الإصابة بالعاثيات، مما يشير إلى موضع ضعف في البكتيريا يمكننا استغلاله».
وكان الفريق البحثي قد عزل 7 عاثيات تستهدف الإشريكية القولونية - على وجه التحديد - من مياه الصرف الصحي، وهو ما كان ضرورياً لضمان سلامة العلاج في البيئة الأوسع نطاقاً.
وتوضح الجاسم أنه تم اختيار 3 عاثيات ظلَّت مستقرة تحت أشعة الشمس فترة كافية لتهاجم الإشريكية القولونية (PI - 7) وأبطأت العاثيات نموها وعطّلت وظائف جدار الخلية وإصلاح الحمض النووي، وحَدَّت من تدمير مركبات الأكسجين التفاعلية داخل البكتيريا. بعبارة أخرى، يبدو أن العاثيات تستغل بفاعلية آليات الدفاع الخاصة بالبكتيريا».
كما لاحظ الفريق أن خلايا PI - 7 التي عُولجت بالعاثيات، قاومتها لفترة زمنية أقصر تحت أشعة الشمس مقارنة بالخلايا غير المعالجة، مما يشير إلى أن العاثيات تزيد من حساسية PI - 7 لأشعة الشمس. ومع ذلك، فإن الفريق لا يعرف وقع هذه المعالجة المركَّبة على أنظمة معالجة مياه الصرف الصحي الحقيقية. فقد ينطوي التعامل مع كميات كبيرة من المياه والحفاظ على تركيزات العاثيات في ظل هذه الظروف على تحديات جمّة.
وبغضّ النظر عن استراتيجيات التطهير، ألقت هونغ الضوء على أمر أكثر إلحاحاً بقولها إن «هذه التقنيات ستؤدّي إلى إطلاق البكتيريا جينات مقاومة المضادات الحيوية في البيئة، قد تلتقطها بكتيريا أخرى. ونحن حريصون على دراسة هذا الأمر بمزيد من التعمّق».