أكد توم غروس الصحافي البريطاني المختص بمنطقة الشرق الأوسط على أن دور الصحافي هو نقل الحقيقة، إلا أنه استدرك في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الحيادية والموضوعية التامة أمر لا يستطاع أن ينال.
غروس كتب على نطاق واسع عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم من كوريا الشمالية إلى موريتانيا وانتقد الأمم المتحدة لعدم بذل المزيد من الجهود لتعزيز الحرية. بدأ مسيرته بالصحافة الترفيهية، لكن كان قدره أن يخوض المجال السياسي. قام بتغطية الانتفاضة من القدس، وعبر السنوات التقى بالعديد من صناع القرار، الذين لجأوا لنصحه لعلمه بحيثيات دهاليز الدبلوماسية، حدثنا عن خباياها في هذا الحوار، وفيما يلي النص:
> لماذا اخترت الصحافة السياسية رغم أنك درست السياسة في أكسفورد؟
- الصحافة السياسية هي نوع من أنواع السياسة. وليس هنالك بالضرورة خلاف بين العمل في السياسة وامتهان الصحافة السياسية التي تضيف إلى الحوار السياسي البناء.
> ما دور الصحافي السياسي إذن؟
- السؤال مثير للجدل هذه الأيام. الناس يطمحون لصحافة عادلة محايدة، ولكن الصحافيين بشر، لذا من الصعب أن يكونوا موضوعيين ومحايدين حتى من دون قصد، فكل له مصالحه أو آراؤه. دور الصحافي هو أن يعلم الناس وينقل الحدث، لكن في عالمنا هذا، قد تكون هناك أكثر من صورة للحقيقة.
> تأتي من عائلة صحافية وعرابتك هي أرملة الكاتب الشهير جورج أوريل التي ألهمت شخصية جوليا في كتابه 1984. كيف أثر ذلك على مسيرتك المهنية وخياراتك؟
- الصحافة كانت قدري. جميع أفراد عائلتي صحافيون لكنهم كانوا صحافيين ثقافيين وأنا اخترت الصحافة السياسية منذ نعومة أظافري وعرابتي هي التي ألهمتني. كما سافرت لشرق أوروبا وأنا صغير مع جدتي وكانت تلك الدول شيوعية حينذاك، الأمر الذي فتح عيوني على الواقع والفقر والاضطهاد السياسي والحقوقي وقتها.
> أخبرنا عن مسيرتك المهنية في عالم الصحافة.
- دخلت الصحافة من باب المواضيع غير السياسية. وقمت بإجراء مقابلات مع ممثلين ومشاهير، كما كتبت في مجالات السياحة والفن، وعملت في مطبوعات الأزياء مثل مجلتي «هاربرز بازار» و«أيل». من بعدها، عملت مراسلاً في براغ ثم في القدس. وبعد سنوات الانتفاضة الأولى المتوترة، واعتداءات 11 سبتمبر (أيلول)، وحرب العراق، قررت التوقف عن العمل الميداني، وأصبحت أميل أكثر لكتابة المقالات التحليلية ومقالات الرأي.
> أخبرنا عن تجربتك كمراسل الـ«صنداي تلغراف» والـ«نيويورك ديلي نيوز» في القدس.
- كانت متعبة جداً مع فارق الوقت في نيويورك والقدس ولندن. كنت أتلقى مكالمات من مكتب نيويورك في الثالثة فجراً على سبيل المثال. وكانت خلال فترة الانتفاضة الثانية، وكان الوضع مرهقا وسط الدمار والقتل.
> هل شعرت في تلك الفترة أن حياتك كانت مهددة؟
- مرة أو مرتين أثناء وجودي وسط إطلاق الرصاص الحي، ولكنني لست مراسلاً حربياً بمعنى الكلمة.
> بحكم عملك، التقيت العديد من زعماء الدول وشخصيات في السلك الدبلوماسي، ما كان دورك في تلك اللقاءات؟
- التقيت العديد من الشخصيات الحكومية على مدار سنوات عملي، كما اجتمعت مع العديد من الناشطين الحقوقيين والإصلاحيين والمعارضين. واستطعت منحهم بعض النصائح والاقتراحات لقضايا مهمة في مختلف الملفات، منها الملف الفلسطيني - الإسرائيلي، والتركي الكردي، وغيرها.
> هل كان لك إذن دور في صنع القرار السياسي في بعض الدول؟
- خلال عملي كمحلل سياسي، تمت دعوتي لاجتماعات سرية والتقيت بالعديد من صناع القرار. لم أكن مسؤولاً بشكل مباشر عن صنع القرار، لكنني قد أكون قد ساهمت، إذ التقيت بمعظم السياسيين والمعارضين في منطقة الشرق الأوسط.
> أخبرنا عن اجتماعك بشيمعون بيريس.
- التقيت به أكثر من مرة لكنني لم أوفر له الاستشارات. ومع أنه مشهور لا أعتقد أنه الأكثر تأثيراً. التقيت ببيني غانز قبل الانتخابات لأنه كان يريد أن يفهم قضية «بريكست» ونصحه أحدهم بلقائي. وأعتقد أنه سيكون مختلفاً عن نتنياهو إذا أصبح في السلطة.
> كيف تقارن بوريس الصحافي ببوريس السياسي؟
- عملت مع بوريس جونسون في «التلغراف» وزوجته الأولى كانت صديقة للعائلة. أعتقد أنه لا تزال شخصيته مثلما هي. بوريس كان صحافياً مشهوراً، وهو اليوم سياسي مشهور. لكن هذا لا يحدد ما إن كان صحافياً أو سياسياً جيداً.
> هل فكرت يوماً بترك الصحافة وامتهان عمل في السلك الدبلوماسي؟
- لقد عرض علي في السابق الترشح للبرلمان البريطاني ولكنني رفضت لأنني مستقل جداً ولا أريد أن أكون حزبياً. مهتم أكثر بالشؤون الخارجية.
> ما الصحف التي تطالعها بشكل يومي؟
- أطالع الكثير من الصحف، لأنني مهتم بتعدد المصادر والآراء. أقرأ صحيفة «الغارديان» على موقعها الإلكتروني، وأقرأ نسخة «التايمز» الورقية. كما أتابع الصحف الأميركية والمواقع من منطقة الشرق الأوسط. كما أتابع وكالات الأنباء التي قد تكون دعائية نوعاً ما مثل موقع وكالة الأنباء الإيرانية الإنجليزي. مهتم بمعرفة آراء الجميع. أقرأ بنقدية.