ترمب يصوّب على القضاء والمحامين ويصبّ غضبه على الإعلام

تعهد وقف تمويل «إن بي آر» و«بي بي إس» والقضاء يقيّد إغلاق «راديو الحرية»

أشخاص يشاركون في تجمع جماهيري لمطالبة الكونغرس بحماية تمويل هيئات البثّ العامة الأميركية في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
أشخاص يشاركون في تجمع جماهيري لمطالبة الكونغرس بحماية تمويل هيئات البثّ العامة الأميركية في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
TT

ترمب يصوّب على القضاء والمحامين ويصبّ غضبه على الإعلام

أشخاص يشاركون في تجمع جماهيري لمطالبة الكونغرس بحماية تمويل هيئات البثّ العامة الأميركية في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
أشخاص يشاركون في تجمع جماهيري لمطالبة الكونغرس بحماية تمويل هيئات البثّ العامة الأميركية في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

شدّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضغوطه على القضاة الذين يُصدرون أحكاماً ضد قراراته التنفيذية وخططه لإحداث تغيير عميق في الحكومة الأميركية، مستهدفاً شركات ومكاتب المحاماة التي تحاول الدفاع عن المتضررين من سياساته، حتى وسائل الإعلام المموّلة فيدرالياً.

غير أن هذه الضغوط التي تصدر تارة عن ترمب شخصياً، وطوراً عن مسؤولين كبار في إدارته ضد مجموعة كبيرة من المعترضين على سياساته، لم توقف حتى الآن أحكام العديد من القضاة، ومنها أخيراً القرار الذي أصدره القاضي رويس لامبيرث من المحكمة الجزئية الأميركية لمقاطعة كولومبيا لتقييد قرار ترمب مؤقتاً، بشأن إغلاق من جانب واحد لـ«إذاعة أوروبا الحرة»، أو «راديو الحرية»، الذي وُلد من رحم الجهود الأميركية لمواجهة الدعاية السوفياتية خلال الحرب الباردة، حتى لو أمر الرئيس ترمب بذلك.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)

وقال القاضي لامبيرث، إن الإدارة لا يمكنها نقض قرار الكونغرس، الذي منح الإذاعة تفويضاً قانونياً لتعزيز حرية الرأي والتعبير «بجملة واحدة من التعليل، لا تقدم أي تفسير يُذكر». في إشارة إلى رسالة من ترمب في 15 مارس (آذار) الماضي، تفيد أن الإذاعة «لم تعد ضرورية» بسبب تغير أولويات الحكومة.

وسيسمح الأمر التقييدي الموقت لهذه الإذاعة بالبقاء مفتوحة حتى 28 مارس (آذار) على الأقل. وبعد ذلك، سيقرر القاضي لامبيرث، ما إذا كان سيصدر أمراً قضائياً أولياً يجيز للمؤسسة الإخبارية بمواصلة العمل الى حين إصدار حكم نهائي.

وتأسست هذه الإذاعة في الخمسينات من القرن الماضي، كعملية استخبارات ممولة سراً من وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه»، سعياً إلى تقوية المعارضة المناهضة للشيوعية خلف الستار الحديدي. ومنذ أوائل السبعينات موّلها الكونغرس، وتمتعت باستقلالية تحريرية.

ويُعيق حكم القاضي جزئياً مساعي ترمب لإغلاق المؤسسة الأم، وهي «الوكالة الأميركية للإعلام العالمي»، التي كانت تُشرف على 5 شبكات إخبارية ممولة فيدرالياً. منها «صوت أميركا» و«قناة الحرة» الناطقة باللغة العربية. وكتب أن المسؤولين في إدارة ترمب «تصرفوا بتعسف وتقلب».

وسائل الإعلام العامة

في غضون ذلك، حمل الرئيس ترمب بعنف على وسائل الإعلام التقليدية، مؤكداً أنه «يرغب بشدّة» في قطع التمويل الفيدرالي عن الإذاعة الوطنية العامة «إن بي آر» وشبكة «بي بي إس» لخدمة التلفزيون، متّهماً إياهما بأنهما «منحازتان للغاية». وقال للصحافيين في البيت الأبيض: «سيكون شرفاً لي أن أضع حداً لهذا» التمويل. ورأى أن «كلّ هذه الأموال تُهدر» في هذه الإذاعة وهذا التلفزيون.

صورة للبيت الأبيض في واشنطن العاصمة (إ.ب.أ)

وبحسب الموقع الإلكتروني لتلفزيون «بي بي إس»، تبلغ الميزانية المرصودة لـ«مؤسّسة البثّ العام» المسؤولة عن توزيع الإعانات الفيدرالية، نحو 500 مليون دولار سنوياً، يقرّها الكونغرس ضمن الميزانية العامة. وتؤكّد مؤسسة البثّ أنها تدفع «أكثر من 70 في المائة» من إعاناتها إلى محطات الإذاعة والتلفزيون المحليّة الكثيرة جداً في الولايات المتحدة.

وتؤكّد إذاعة «إن بي آر» أنّها لا تتلقّى سوى «واحد في المائة تقريباً» من الإعانات الفيدرالية المباشرة وتعوّض كلّ ميزانيتها الباقية من خلال الإعلانات والبرامج التي تبيعها لإذاعات محلية.

لكن النائبة الجمهورية المحافظة مارجوري تايلور غرين، المؤيدة بشدة لترمب، تؤكد أن «دائرة الكفاءة الحكومية» («دوج» اختصاراً) التي يقودها إيلون ماسك ستدرس ملفي الإذاعة والتلفزيون. وسألت عبر منصة «إكس»: «هل تريدون أن تُستخدم ضرائبكم في تمويل الآيديولوجية والدعاية اليسارية المتطرفة على إذاعة (إن بي آر) وتلفزيون (بي بي إس)؟».

تجاوز الأعراف

إيلون ماسك يعتمر قبعة كتب فيها أن الرئيس دونالد «ترمب كان محقاً في كل شيء!» أثناء اجتماع وزاري في البيت الأبيض (رويترز)

واتخذت «دوج» قرارات كثيرة حتى الآن لإغلاق وكالات ومؤسسات حكومية، وتسريح عشرات الآلاف من الموظفين الحكوميين. غير أن الدعاوى العديدة التي رفعت أدّت إلى وقف التنفيذ موقتاً لمثل هذه القرارات. ومع ذلك، تحدى ترمب أحكام القضاة الذين اتهم بعضهم المسؤولين الحكوميين، على سبيل المثال لا الحصر، بإحباط أمرٍ برفع تجميد مليارات الدولارات من الإنفاق الفيدرالي، وعرقلة طلبات الحصول على معلوماتٍ حول رحلات ترحيل المهاجرين. وكذلك قام عملاء من وزارة الأمن الداخلي بتفتيش غرف السكن الجامعي في جامعة كولومبيا، واعتقلوا مهاجرين خارج أوقات الصلاة في الكنيسة، أو أثناء إجراءات تسجيل الهجرة الروتينية.

وتُظهر هذه الإجراءات وغيرها نهجاً رئاسياً يتحرك بسرعة لفرض مزيد من السلطة وتجاوز الأعراف، وفقاً لخبراء قانونيين وعلماء في القانون الدستوري.

وبينما يُمثّل موقفهم العدائي تجاه الطعون القضائية والأوامر القضائية أبرز مظاهر المقاومة، فإنّ الدرجة التي استهدف بها ترمب ومساعدوه خصومهم للعقاب تمثل أيضاً ابتعاداً كبيراً عن نهج الإدارات السابقة.

ويقول ترمب وحلفاؤه إن المحاكم هي التي تتصرف بشكل غير لائق، وليس الرئيس ترمب، التي رفعت حتى الآن 130 دعوى تطعن في قراراته منذ توليه منصبه لولاية رئاسية ثانية في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. وحتى الآن، أصدر القضاة الفيدراليون نحو 30 أمراً قضائياً، بينما فازت إدارة ترمب بأحكام مؤيدة في أكثر من 12 قضية.

ومع تزايد التحديات القانونية، وجّهت الإدارة انتقادات لاذعة للمحاكم، حيث هاجم ترمب ما سمّاه «أوامر قضائية وطنية غير قانونية صادرة عن قضاة يساريين راديكاليين».


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة​ صورة لحرم كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد في كمبردج بماساتشوستس في الولايات المتحدة يوم 15 أبريل 2025 (رويترز)

إدارة ترمب تبطل حق جامعة هارفارد في تسجيل الطلاب الأجانب

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس، أنها أبطلت حق جامعة هارفارد في تسجيل الطلاب الأجانب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب) play-circle 00:36

ترمب ونتنياهو يناقشان اتفاقاً محتملاً مع إيران

قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أوضح لبنيامين نتنياهو أنه يريد التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي.

هبة القدسي (واشنطن)
شؤون إقليمية مسؤولون وشرطيون يعملون في موقع مقتل موظفَين بسفارة إسرائيل في واشنطن (إ.ب.أ) play-circle 01:06

سجال إسرائيلي - أوروبي من بوابة هجوم واشنطن

جدّد الهجوم الذي أسفر عن مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن، مساء الأربعاء، السجال الأوروبي - الإسرائيلي، الذي تصاعد بقوة خلال اليومين الماضيين.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماع في واشنطن (رويترز) play-circle

نتنياهو يبحث مع ترمب مقتل دبلوماسيين إسرائيليين في أميركا

أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الأميركي، الخميس، وناقشا مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

ترمب يستخدم صورة من الكونغو دليلا على قتل جماعي للبيض في جنوب أفريقيا

ترمب يرفع نسخة مطبوعة من مقال مصحوبا بالصورة خلال اجتماع مثير للجدل في المكتب البيضاوي مع الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامابوسا (رويترز)
ترمب يرفع نسخة مطبوعة من مقال مصحوبا بالصورة خلال اجتماع مثير للجدل في المكتب البيضاوي مع الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامابوسا (رويترز)
TT

ترمب يستخدم صورة من الكونغو دليلا على قتل جماعي للبيض في جنوب أفريقيا

ترمب يرفع نسخة مطبوعة من مقال مصحوبا بالصورة خلال اجتماع مثير للجدل في المكتب البيضاوي مع الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامابوسا (رويترز)
ترمب يرفع نسخة مطبوعة من مقال مصحوبا بالصورة خلال اجتماع مثير للجدل في المكتب البيضاوي مع الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامابوسا (رويترز)

عرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب لقطة شاشة من فيديو لرويترز تم التقاطه في جمهورية الكونغو الديمقراطية كجزء مما قال يوم الأربعاء إنها أدلة على عمليات قتل جماعي لمواطنين بيض في جنوب أفريقيا.

وقال ترمب وهو يرفع نسخة مطبوعة من مقال مصحوبا بالصورة خلال اجتماع مثير للجدل في المكتب البيضاوي مع الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامابوسا «هؤلاء جميعا مزارعون بيض يتم دفنهم». إلا أن الحقيقة هي أن الفيديو الذي نشرته رويترز في 3 فبراير (شباط)، وتحقق منه فريق تقصي الحقيقة التابع للوكالة، يظهر عمال إغاثة وهم يرفعون أكياس جثث في مدينة غوما بالكونغو. وتم اقتطاع الصورة من لقطات نشرتها رويترز في أعقاب معارك ضارية مع متمردي حركة 23 مارس المدعومة من رواندا.

ولم يرد البيت الأبيض على طلب للتعليق. وزار رامابوسا واشنطن هذا الأسبوع في محاولة لإصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة بعد انتقادات مستمرة من ترامب خلال الأشهر الماضية لقوانين الأراضي والسياسة الخارجية لجنوب أفريقيا، فضلا عن اتهامات بإساءة معاملة الأقلية البيضاء، وهو ما تنفيه البلاد.

وخلال الاجتماع مع رامابوسا الذي كانت تبثه شاشات التلفزيون، عرض ترمب فيديو قال إنه يظهر أدلة على إبادة جماعية للمزارعين البيض في جنوب أفريقيا. وبعد ذلك استعرض ترمب نسخا مطبوعة من مقالات قال إنها توضح جرائم قتل مواطنين بيض من جنوب أفريقيا، قائلا «موت، موت، موت، موت مروع».