أوباما يعيّن مسؤولا للإشراف على جهود مكافحة «إيبولا»

الرئيس الأميركي يتحفظ على إغلاق الحدود أمام القادمين من الدول المصابة بالفيروس

متظاهر يرتدي لباسا واقيا ويحمل لافتة تطالب بوقف الرحلات القادمة من غرب أفريقيا، قرب البيت الأبيض مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
متظاهر يرتدي لباسا واقيا ويحمل لافتة تطالب بوقف الرحلات القادمة من غرب أفريقيا، قرب البيت الأبيض مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

أوباما يعيّن مسؤولا للإشراف على جهود مكافحة «إيبولا»

متظاهر يرتدي لباسا واقيا ويحمل لافتة تطالب بوقف الرحلات القادمة من غرب أفريقيا، قرب البيت الأبيض مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
متظاهر يرتدي لباسا واقيا ويحمل لافتة تطالب بوقف الرحلات القادمة من غرب أفريقيا، قرب البيت الأبيض مساء أول من أمس (أ.ف.ب)

عيّن الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس مسؤولا للإشراف على جهود مكافحة تفشي فيروس «إيبولا»، في حين قالت الحكومة إن عاملة بقطاع الصحة من تكساس قد تكون لامست عينات من مريض بـ«إيبولا» عزلت على متن سفينة. وقال البيت الأبيض إن أوباما الذي واجه انتقادات حادة من مشرعين بشأن جهود احتواء الفيروس القاتل عيّن رون كلاين، وهو محامٍ عمل في السابق بمنصب كبير هيئة العاملين لنائب الرئيس جو بايدن ونائب الرئيس السابق آل غور.
واعتبر أوباما من ناحية أخرى أن إغلاق حدود الولايات المتحدة أمام المسافرين القادمين من الدول الأفريقية المصابة بوباء «إيبولا» قد يؤتي نتائج عكسية. وقال أوباما في ختام اجتماع في البيت الأبيض مع الفريق المكلف تنسيق جهود التصدي للوباء: «ليس لدي اعتراض فلسفي على حظر الرحلات، ولكن كل المناقشات مع الخبراء تظهر أنهم يرون أن هذا الأمر سيكون أقل فعالية من إجراءات (المراقبة في المطارات) التي اعتمدناها». واعتبر الرئيس الأميركي أنه في حال جرى اعتماد إجراء حظر السفر فإن هذا الأمر قد يدفع الراغبين في السفر إلى الولايات المتحدة من الدول الأفريقية الثلاث المعنية (غينيا وليبيريا وسيراليون) إلى اللجوء إلى وسائل نقل أخرى لدخول البلاد وإخفاء الدولة التي أتوا منها. وأضاف: «في نهاية المطاف قد نحصل على قدر أقل من المعلومات عمن يحمل الفيروس». وإذ لفت أوباما إلى أنه يتفهم أن يكون الأميركيون «خائفين» من الوباء، شدد على ضرورة وضع الأمور في نصابها الصحيح. وقال: «أريد من الجميع أن يعوا أن هذا مرض من الصعب جدا التقاطه».
وفي إطار التدابير المتخذة لمواجهة الوباء، أجاز أوباما للبنتاغون إرسال جنود من الاحتياط إلى غرب أفريقيا للمساهمة في جهود التصدي للفيروس عبر المشاركة في بناء البنى التحتية اللوجيستية اللازمة لمكافحة الوباء. وبحسب مرسوم نشره البيت الأبيض فقد سمح الرئيس بإرسال جنود من الاحتياط للمساهمة في عمليات مساعدة إنسانية «مرتبطة بفيروس (إيبولا) في غرب أفريقيا». وكان أوباما أعلن قبل شهر إرسال ثلاثة آلاف جندي أميركي إلى هذه المنطقة الموبوءة بـ«إيبولا» لتنظيم عملية التصدي للفيروس الذي حصد حتى اليوم حياة نحو 4500 شخص غالبيتهم في ليبيريا وسيراليون وغينيا. ومذاك أعلن البنتاغون أن عدد هؤلاء الجنود قد يرتفع إلى أربعة آلاف جندي وفقا لتطور الوضع على الأرض. وأوضح مصدر عسكري أن جنود الاحتياط الذي قد يجري إرسالهم إلى المنطقة بسبب قدراتهم التقنية المتخصصة، هم جزء من هؤلاء الجنود الأربعة آلاف.
وزادت واقعة السفينة من المخاوف المتنامية بشأن احتمال تفشي «إيبولا» بعدما أصيبت ممرضتان كانتا تتوليان رعاية توماس اريك دانكان، أول شخص يجري تشخيص إصابته في الولايات المتحدة بالفيروس. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين ساكي في بيان إن العاملة بمستشفى تكساس هيلث بريسبيتيريان لم تخالط مباشرة المريض الليبيري الذي توفي، لكنها قد تعاملت مع سوائل من جسمه، وقد سافرت يوم الأحد الماضي على متن سفينة من غالفستون بتكساس. وقالت وزارة الخارجية إن العاملة كانت تراقب نفسها منذ السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي ولم تُصَب بحمى أو أي أعراض أخرى لـ«إيبولا».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.