«رسالة» تركية مخيبة لروسيا حول القمة الرباعية المنتظرة في إسطنبول

جاويش أوغلو: إردوغان طلب من بوتين وقف قصف إدلب

TT

«رسالة» تركية مخيبة لروسيا حول القمة الرباعية المنتظرة في إسطنبول

حملت تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، لوسائل إعلام روسية، إشارة مخيبة لآمال موسكو، بعدما تحدث عن تنظيم قمة ثنائية تجمع الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان، وتكون منفصلة عن قمة رباعية دعت إليها أنقرة زعماء بريطانيا وفرنسا وألمانيا.
كانت موسكو شككت في فرص نجاح القمة الرباعية، وألمحت إلى رغبتها في حضور هذا اللقاء، وأعلن دبلوماسيون روس أن هذا الموضوع سيكون مطروحاً على جدول أعمال اتصالات الرئيسين بوتين وإردوغان في الفترة المقبلة، لكن أوغلو أبلغ شبكة «سبوتنيك» الإخبارية الحكومية، أمس، أن بلاده «تعتزم عقد قمة ثنائية منفصلة مع روسيا بالتوازي مع قمة متعددة الأطراف حول الشأن السوري». وقال للوكالة: «سنعقد قمة حول سوريا بمشاركة قادة دول ألمانيا، وفرنسا، والمملكة المتحدة، وسننظم بشكل منفصل قمة ثنائية مع روسيا». وأوضح وزير الخارجية التركي، أن القمتين سوف تعقدان في إسطنبول في فبراير (شباط) المقبل.
كان إردوغان، قد أعلن أوائل الشهر نية عقد القمة الرباعية في إسطنبول حول الشأن السوري، لكن المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، قلل خلال مشاركته في اجتماع «مسار آستانة» في كازاخستان أخيراً، من فرص نجاح هذه القمة إذا لم تدع إليها روسيا، وقال إنه «من دون حضور موسكو سيكون من الصعب تصور تحقيق تقدم». ولفت الدبلوماسي الروسي، في حديث مع وسائل إعلام روسية، في وقت لاحق، إلى أن الجانب الروسي سيعمل على المشاركة في القمة الرباعية، معرباً عن ثقة بأن الاتصالات بين بوتين وإردوغان سوف تحسم هذا الموضوع.
وتولي موسكو أهمية خاصة للمشاركة في هذا اللقاء، لدفع خططها مع البلدان حول مبادرة عودة اللاجئين وملف إعادة الإعمار، علماً بأن البلدان الأوروبية لم تظهر حماسة للتحركات الروسية في هذين الملفين، وربطت أي تحرك نحو إعادة الإعمار، أو عودة اللاجئين، بإطلاق تسوية سياسية جادة تقوم على القرارات الدولية.
كان الرئيس الروسي شارك في قمة رباعية وحيدة حول سوريا، تم تنظيمها في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2018 في إسطنبول، بحضور رؤساء تركيا وفرنسا وألمانيا، وعولت موسكو في حينها على إطلاق «آلية تنسيق جديدة تجمع الأطراف الأوروبية مع موسكو وأنقرة»، لكن هذه الآلية لم تعمر طويلاً، وبدلاً من مشاركة روسيا في لقاء جديد لهذه المجموعة، تم تنظيم اجتماع لقادة تركيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا في لندن قبل شهر، ثم أعلنت أنقرة في وقت لاحق عن عقد اللقاء الثاني لهذه المجموعة في إسطنبول في فبراير المقبل.
وعلى الرغم من الاتصالات الروسية المتواصلة مع كل من فرنسا وألمانيا في الشأن السوري، لكن قنوات الاتصال مع بريطانيا مقطوعة في هذا الملف، منذ فترة طويلة، على خلفية توتر علاقات البلدين على خلفية اتهامات متبادلة بالتجسس، واتهام الأجهزة البريطانية لموسكو باستهداف معارضين روس على الأراضي البريطانية، واستخدام أسلحة كيماوية محظورة لتصفية بعضهم. وزادت النقاشات حول نشاط منظمة «الخوذ البيضاء» الإغاثية في سوريا من سخونة السجالات بين موسكو ولندن؛ خصوصاً بعد مقتل مؤسس هذه المجموعة جيمس لو ميسورييه، أخيراً، في تركيا.
وردت وزارة الخارجية الروسية بقوة، أمس، على توجيه أصابع الاتهام إليها بالوقوف وراء مقتل الناشط البريطاني، وأعلنت في بيان أن «الافتراضات التي تتناقلها وسائل إعلام غربية حول ضلوع روسيا في مقتل مؤسس منظمة (الخوذ البيضاء) السورية، لها مغزى سياسي لتشجيع أطراف على مواصلة التنسيق مع الإرهابيين».
وأوضح بيان أصدرته الوزارة أن «توجيه أصابع الاتهام إلى روسيا في قضية لو ميسورييه، تبدو وكأنها إشارة سياسية جديدة لمن يواصل تعاونه مع الإرهابيين». ورأى أن «متابعة ملف تنظيم (القاعدة) تدل على أن لهذه الدسائس عواقب وخيمة وتقود غالباً إلى عكس المراد منها».
كانت وسائل الإعلام البريطانية والأميركية نشرت مقالات، الشهر الماضي، مفادها بأن روسيا كانت أول من استفاد من رحيل لو ميسورييه، في حين ركزت وسائل إعلام روسية على ترجيح وقوف استخبارات غربية وراء مقتل مؤسس «الخوذ البيضاء» بهدف إسدال الستار على كثير من المعلومات التي كان الناشط يعرفها عن نشاط «الإرهابيين»، وهو أمر لفتت إليه الوزارة، أمس، في بيانها من خلال الإشارة إلى أن «روسيا كانت مهتمة ببقاء لو ميسورييه على قيد الحياة، وبصحة طيبة، كي يستطيع الكشف عن حقيقة نشاطات (الخوذ البيضاء)، لكن ذلك لم يكن يصب في حسابات المشرفين الخارجيين على هذه النشاطات».
كانت موسكو شنت حملة قوية على نشاط «الخوذ البيضاء» في سوريا، واتهمتها أكثر من مرة بتلفيق معلومات، أو بالتحضير لما وصف بـ«استفزازات باستخدام مكونات كيماوية بهدف تشويه صورة روسيا والحكومة السورية، وتوجيه اتهامات إليهما باستخدام أسلحة محظورة». لكن العنصر الذي ساعد أكثر على انتشار الاتهامات لروسيا بالضلوع في مقتل الرجل كان توجيه رسالة رسمية قبل نحو شهر من مقتله إلى الخارجية البريطانية، نبهت فيها موسكو، الجانب البريطاني، إلى «ارتباط لو ميسورييه بتنظيم (القاعدة)»، ورأى معلقون أن موسكو بذلك أدرجت مؤسس «الخوذ البيضاء» ضمن لائحة الإرهابيين الملاحقين.
الى ذلك، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، إن سوريا باتت مسرحاً للحروب بالوكالة في المنطقة، مشدداً على ضرورة منح الأولوية لمصلحة الشعب السوري قبل أي أجندة أخرى.
وأضاف كالين في الدوحة أن الأزمة السورية أدت إلى مشكلات دولية عديدة كأزمتي الإرهاب واللاجئين، مؤكداً الحاجة إلى مزيد من التنسيق من أجل التغلب عليها، وضرورة تغليب الجميع لمصلحة الشعب السوري، على أي أجندات أخرى.
وتابع كالين، أمس (السبت): «يتعين علينا إيجاد سبيل حل مختلف، من أجل مستقبل الشعب السوري، كي يشعر بالأمل»، مشدداً على أن تركيا لا تزال ملتزمة بعدم إرغام أي سوري على العودة إلى بلاده دون رغبة منه، أو إلى منطقة لم يأتِ منها.
وبشأن الوضع في إدلب، أشار كالين إلى المباحثات الهاتفية بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء الماضي، والتي تناولت الوضع في إدلب وضرورة وقف هجمات النظام المدعوم من موسكو. وأضاف: «نعتقد أن أي عملية عسكرية ستؤدي إلى نتائج وخيمة للغاية، وموجة هجرة أخرى، وهذا الوضع سيشكل مزيداً من الضغط علينا وعلى الأوروبيين».
وأكد كالين أهمية المسار السياسي لحل الأزمة السورية، وضرورة قيام الجميع بدعم عمل اللجنة الدستورية، مشيراً إلى أنه في حال تمخضت اللجنة عن وثائق ملزمة، تحت رعاية الأمم المتحدة ودعم من المجتمع الدولي، فإنه من الممكن الحديث عن إجراء انتخابات يدلي فيها السوريون بأصواتهم في الداخل والخارج.
وقال كالين إنه لم يعد هناك أحد يهتم بتغيير النظام في سوريا ويمارس الضغط الكافي لرحيل بشار الأسد، وإن «اللعبة الأخيرة في هذا الشأن، تمر من المسار السياسي».
ورأى كالين أن المجتمع الدولي لم يفشل فقط في دعم السوريين، بل فشل أيضاً في إيجاد حل سياسي للصراع الدائر في بلادهم.
من جانبه، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في تصريح في الدوحة أمس، إن إردوغان طلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال اتصالهما الهاتفي وقف هجمات النظام في إدلب وضرورة تنفيذ التفاهمات المتعلقة بمنطقة خفض التصعيد، تجنباً لمأساة إنسانية جديدة.
على صعيد آخر، قالت مصادر أمنية تركية إن وحدات حماية الشعب الكردية التي تقود تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تمارس دعاية سوداء ضد تركيا، عبر قيام مسلحيها بتفكيك عبوات ناسفة في مدينة القامشلي بعد زرعها، زاعمًة أن القوات التركية هي من زرعتها.
وقالت المصادر إن الوحدات الكردية عمدت إلى زرع عبوات ناسفة في أماكن تزدحم بالمدنيين في مدينة القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة (شمال شرقي سوريا)، ثم قامت عناصرها بتفكيكها. فيما نشرت وسائل إعلام وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي مقربة منها، صور «الدعاية السوداء» ضد تركيا.
وقالت المصادر الأمنية إن كلاً من «س. ت»، و«هـ. ش» الفارين من صفوف الوحدات الكردية، واللذين سلما نفسيهما للقوات التركية، أفادا بقيام عناصر الوحدات بزرع متفجرات في شوارع ومناطق مزدحمة في القامشلي، ثم تفكيكها في وقت لاحق، ونشر صور لعمليات تفكيك المتفجرات في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، زاعمين أن قوات تركية تقف وراء ذلك، لتحريض الأهالي ضد تركيا.
ولفتت المصادر إلى أن عناصر الوحدات الكردية أجبرت الأهالي في القامشلي على تنظيم مظاهرة ضد تركيا وعمليتها العسكرية في المنطقة (نبع السلام).



تخوف يمني من سيناريو غزة وسط تهديدات حوثية بالتصعيد

حريق ضخم عقب استهداف إسرائيل مستودعات الوقود في الحديدة (أ.ف.ب)
حريق ضخم عقب استهداف إسرائيل مستودعات الوقود في الحديدة (أ.ف.ب)
TT

تخوف يمني من سيناريو غزة وسط تهديدات حوثية بالتصعيد

حريق ضخم عقب استهداف إسرائيل مستودعات الوقود في الحديدة (أ.ف.ب)
حريق ضخم عقب استهداف إسرائيل مستودعات الوقود في الحديدة (أ.ف.ب)

أثارت الضربات والتهديدات اللاحقة التي أطلقها المسؤولون الإسرائيليون، وإعلان الحوثيين استمرار الهجمات مخاوف اليمنيين من تكرار سيناريو الدمار الذي أحدثته في قطاع غزة داخل بلدهم.

ولا يخفي محمد عبد الله، وهو موظف حكومي وأحد سكان مدينة الحديدة، هذه المخاوف ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن إسرائيل دولة قوية ومحمية من الغرب، وقد أنهت مظاهر الحياة في قطاع غزة، ويمكن أن تكرر ذلك في اليمن، ويأمل ألا تتطور الأحداث وتصل إلى هذا المستوى.

سحب من الدخان واللهب جراء احتراق مستودعات الوقود في الحديدة اليمنية إثر غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

يضيف عبد الله أن «أصوات انفجارات الضربات الإسرائيلية مرعبة، وليست كما الضربات الأميركية التي لا يسمع أصواتها إلا جزء من سكان المدينة».

هذه المخاوف يشاركه فيها يحيى وهو موظف لدى شركة تجارية اكتفى بذكر اسمه الأول، ويقول إن الحياة بدأت تعود تدريجياً والحركة التجارية في ظل التهدئة بين الحكومة اليمنية والحوثيين، ولكن التصعيد مع إسرائيل مخيف؛ لأنها دولة تبطش، ولا تعمل حساباً لأي هدف كان مدنياً أو عسكرياً. ورأى أن استهداف مخازن الوقود دليل على ذلك؛ لأنها ظلت بعيدة عن الاستهداف طوال سنوات الحرب.

وفي حين يتحفظ الحوثيون على إعلان عدد الضحايا، يذكر أيمن جرمش وهو مسؤول محلي في الحديدة أن زميله المهندس أحمد موسى هو أحد ضحايا الغارات الإسرائيلية، وقد قُتل إلى جانب آخرين منهم نبيل ناشر، وأحمد عبد الباري يوسف، وصلاح الصراري، وأبو بكر الفقيه وإدريس الوصابي.

إضافة إلى ذلك، أفادت مصادر حكومية بأن عدد جرحى الغارات الإسرائيلية وصل إلى 90 شخصاً، وأن الضربات دمرت خزانات الديزل والمازوت والبنزين، بينما أكد سكان الحديدة انقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء واسعة من المدينة.

أجندة خارجية

يؤكد العقيد وضاح الدبيش المتحدث باسم القوات الحكومية اليمنية في الساحل الغربي لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين دفعوا اليمن المثقل بالفقر والأزمات إلى قلب المواجهة، خدمةً لأجندة خارجية، في حين أنهم (الحوثيين) من دون قدرة حقيقية على الردع.

واتهم المتحدث العسكري الجماعة الموالية لإيران بالتسبب في تدمير منشآت ميناء الحديدة، وعبَّر عن خشيته من استمرار الحوثيين في استدعاء إسرائيل، ومن ثم ضرب وتدمير مزيد من المنشآت والبنى التحتية مقابل بيانات تدعي البطولات.

وجزم الدبيش أن الخاسر الحقيقي في كل هذه اللعبة هو الشعب اليمني، وأن الحوثي لن يهدأ له بال إلا عندما يتحول اليمن إلى غزة أخرى تفوح منها رائحة الدم من كل مدينة وقرية.

دخان كثيف يتصاعد جراء قصف إسرائيل مدينة الحديدة اليمنية الخاضعة للحوثيين (رويترز)

في غضون ذلك، أدان «الحراك التهامي» وهو مكون سياسي يمني الضربات الإسرائيلية على مدينة الحديدة ومينائها والمنشآت المدنية وفي مقدمتها خزانات النفط ومحطة الكهرباء وغيرها من المقدرات.

وقال في بيان له إن «هذا الاعتداء والقصف وما أسفر عنه من ضحايا أبرياء، وتدمير بالغ يمثل كارثة سيتضرر منها أبناء تهامة والمواطن لا غير، سواء ما يتعلق بنقص الوقود، وانقطاع الكهرباء، وتوقُّف المستشفيات والمرافق الخدمية، وما يترتب عليها من تداعيات إنسانية».

وحمَّل البيان إسرائيل والحوثيين مسؤولية هذا العدوان وما نتج عنه من ضحايا وتدمير للمقدرات، وقال إن كل هذه الممارسات التي يجلبها الحوثي ما كانت لتحدث لولا حالة التراخي والتذليل من المجتمع الدولي له، ومن ذلك اتفاقية استوكهولم، مؤكداً أن الحوثيين يتحملون مسؤولية وصول البلاد إلى هذه الحال المأساوية والكارثية.

ووصف البيان مواقف الحوثيين بأنها «استغلال مفضوح» تحت مسمى نصرة فلسطين، وقال إنها «مزاعم كاذبة تبث زيفها، ولا صلة لها بفلسطين أو معاناة أبناء غزة».