هبة حلمي تخبئ أسرارها في جماليات الخط

جسدته عبر 50 قطعة في معرضها بالقاهرة

خامات متداخلة لإبراز جماليات الخط العربي ولغة الفنانة - لغة خاصة تصنعها الفنانة مستعينة بجماليات الخط - الفنانة هبة حلمي
خامات متداخلة لإبراز جماليات الخط العربي ولغة الفنانة - لغة خاصة تصنعها الفنانة مستعينة بجماليات الخط - الفنانة هبة حلمي
TT

هبة حلمي تخبئ أسرارها في جماليات الخط

خامات متداخلة لإبراز جماليات الخط العربي ولغة الفنانة - لغة خاصة تصنعها الفنانة مستعينة بجماليات الخط - الفنانة هبة حلمي
خامات متداخلة لإبراز جماليات الخط العربي ولغة الفنانة - لغة خاصة تصنعها الفنانة مستعينة بجماليات الخط - الفنانة هبة حلمي

دفع الشغف بالخط العربي، وجمالياته، الفنانة والمصممة المصرية هبة حلمي، إلى رحلة في أجواء التاريخ تأملت خلالها تشكيل الحروف الهيروغليفية والمسمارية والديموطيقية والقبطية، وصولاً إلى العربية، حتى قررت الاقتراب من علوم الخط العربي، فتتلمذت على يد أحد أساتذته، ثم ترجمت كل ذلك إلى لغة تشكيلية خاصة بها، استخدمتها في معرضها الجديد «تعويذة»، الذي يستضيفه جاليري «نوت» بحي المعادي بالقاهرة.
يضم المعرض 50 قطعة، بينها أعمال من الخزف والمعلقات بخامات متنوعة، بينما يتسيد الخط العربي البطولة الرئيسية في المعرض، لا تنتظر أن تجد لكلماته معاني في المعجم، حيث اختارت صاحبة المعرض أن تكتب بالخط لغة خاصة بها تترجم تعويذتها المعاصرة، متمسكة برغبتها في عدم التقيد بالقواعد الصارمة للخط العربي، واستلهام تراثه ومزجه بخبراتها كمصورة لتكتب به تعويذة معاصرة تكلم الحاضر والماضي وتطمح إلى قراءة المستقبل.
هبة حلمي فنانة تشكيلية مصرية شاركت في معارض فنية بالقاهرة ولندن، ومصممة جرافيك، تقول لـ«الشرق الأوسط»، «بدأت في تعلم الخط العربي، الخط الفارسي (النستعليق) قبل 3 سنوات مضت، كان لقائي مع الأستاذ الخطاط محمد حمام محض صدفة رائعة قادتني لرحلة الاستكشاف هذه، ذهبت لكي أطلب منه أن يكتب لي عنوان كتاب كنت قد صممت غلافه، بعدما سئمت من استخدام خطوط الكومبيوتر، أعلنت له عن أمنيتي القديمة لتعلم الخط العربي، لا سيما الثلث، ووافق، كانت هذه هي البداية، بعد سنة انقطعت عن الدرس، ولمدة ستة أشهر لم أمسك القلم. يبدو أني كنت أحتاج تلك المسافة الزمنية لأهضم ما تعلمته، وعندما عدت مرة أخرى أصبحت حرة من قيود التلمذة، لم أعتمد الخط العربي بقواعده الصارمة التي برع فيها الخطاطون عبر العصور حتى اليوم، ولكنني كنت أبحث عن جوهر التشكيل في هذا الخط».
تضيف هبة: «الحروف جميعاً تتكون من مجموع حركات واتجاهات للقلم، هذه الحركات محكومة بقياسات ونسب وقوانين محددة مسبقاً، هي التي تعطي لكل خط طابعه وطبعته التشكيلية الجمالية. استخدمت هذه القوانين وذهبت بها في اتجاهات مغايرة، فلا أكتب حرفاً نعرف في سياقه اللغوي التقليدي، همي كان الشكل الجمالي لحرفي ثم كونت من حروفي الجديدة كلمات، ثم جملاً، الأمر الذي قادني بدوره إلى تأليف لغة شخصية. لغة محملة بالرموز تكون تعويذة. فما أشد حاجتنا إلى تعويذة تبعث على الأمل، فقد اختبأت وراء لغتي لأكتب أسراراً، وأعبر عما أحب، وألعن ما أكره».
وحول الخامات التي استعانت بها حلمي في تعويذتها، تقول: «استخدمت الكثير من الخامات، أنواع من الورق الصناعي واليدوي والمطبوع والقماش والقصدير والجلد الصناعي والأحبار و(الدوكو) و(الإكريليك)، كما تمتعت بالعمل كثيراً في ورش الخزف وملامسة الطين، وتعرفت على أسرار أكاسيد المعادن و(السيليكا) وسحر الكيمياء، كل خامة كانت تجلب لي معها طاقتها وجمالها وتاريخها، الذي يضيف إلى التعويذة، منها تجزيعات ورق (الإبرو) اليدوي تحيلنا لمهنة تجليد الكتب القديمة وروائع زينة لوحات الخطاطين الكبار، واستخدمت الخيش الفقير والحرير الوثير المصنوع في مدينة أخميم بالصعيد. ومن أجل اللوحات استخدمت الكولاج والرش ودولاب الخزف والتصوير بالفرشاة والخياطة والتطريز، خلقت بكل هذه الخامات عالماً تعيش بداخله حروفي، وبتلك الحروف المؤلفة صنعت كتابة ذات طابع قديم، قد تكون عربية أو فارسية أو قبطية أو مسمارية أو مصرية قديمة، أو كل ذلك مخلوطاً».
وتؤكد حلمي أن عملها في مجال تصميم الكتب له أثره في لوحاتها الحروفية، وكما تقول: «ساعدني عملي مصممة أغلفة معظمها كتب أدبية، سواء روايات أو مجموعات قصصية أو شعراً، تفتح أبواب القراءة والخيال للبحث عن المُعادل التشكيلي للنص، كما ساعدتني أيضاً كل التجارب التي خضتها في تصميم الحلي والتصوير، فتنوع الخبرات بشكل عام يوسع مجال الخيال كأنكِ تملئين حصالتك باستمرار فلا تخذلك اليوم الذي تحتاجين إليها فيه».



حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
TT

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

سادت حالة من الحزن في الوسطين الفني والرسمي المصري، إثر الإعلان عن وفاة الفنان نبيل الحلفاوي، ظهر الأحد، عن عمر ناهز 77 عاماً، بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

وكان الحلفاوي قد نُقل إلى غرفة العناية المركزة في أحد المستشفيات، الثلاثاء الماضي، إثر تعرضه لوعكة صحية مفاجئة، وهو ما أشعل حالة من الدّعم والتضامن معه، عبر جميع منصات التواصل الاجتماعي.

ونعى رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الفنان الراحل، وقال في بيان: «كان الفقيد قامة فنية شامخة؛ إذ قدّم عبر سنوات إبداعه الطويلة أعمالاً فنية جادة، وساهم في تجسيد بطولات وطنية عظيمة، وتخليد شخوص مصرية حقيقية خالصة، وتظلّ أعماله ماثلة في وجدان المُشاهد المصري والعربي».

الفنان الراحل نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

وعبّر عددٌ من الفنانين والمشاهير عن صدمتهم من رحيل الحلفاوي. منهم الفنانة بشرى: «سنفتقدك جداً أيها المحترم المثقف الأستاذ»، مضيفة في منشور عبر «إنستغرام»: «هتوحشنا مواقفك اللي هتفضل محفورة في الذاكرة والتاريخ، الوداع لرجل نادرٍ في هذا الزمان».

وكتبت الفنانة حنان مطاوع: «رحل واحدٌ من أحب وأغلى الناس على قلبي، ربنا يرحمه ويصبّر قلب خالد ووليد وكل محبيه»، مرفقة التعليق بصورة تجمعها به عبر صفحتها على «إنستغرام».

الراحل مع أحفاده (حسابه على «إكس»)

وعدّ الناقد الفني طارق الشناوي الفنان الراحل بأنه «استعاد حضوره المكثف لدى الأجيال الجديدة من خلال منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتاد أن يتصدّر الترند في الكرة والسياسة والفن»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحلفاوي رغم موهبته اللافتة المدهشة وتربيته الفنية الرّاسخة من خلال المعهد العالي للفنون المسرحية، لم يُحقّق نجوميةَ الصف الأول أو البطل المطلق».

وعبر منصة «إكس»، علّق الإعلامي اللبناني نيشان قائلاً: «وداعاً للقدير نبيل الحلفاوي. أثرى الشاشة برقِي ودمَغ في قلوبنا. فقدنا قامة فنية مصرية عربية عظيمة».

ووصف الناقد الفني محمد عبد الرحمن الفنان الراحل بأنه «صاحب بصمة خاصة، عنوانها (السهل الممتنع) عبر أدوار أيقونية عدّة، خصوصاً على مستوى المسلسلات التلفزيونية التي برع في كثير منها»، لافتاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «السينما خسرت الحلفاوي ولم تستفِد من موهبته الفذّة إلا في أعمال قليلة، أبرزها فيلم (الطريق إلى إيلات)».

حنان مطاوع مع الحلفاوي (حسابها على «إنستغرام»)

وُلد نبيل الحلفاوي في حي السيدة زينب الشعبي عام 1947، وفور تخرجه في كلية التجارة التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية الذي تخرج فيه عام 1970، ومن ثَمّ اتجه لاحقاً إلى التلفزيون، وقدّم أول أعماله من خلال المسلسل الديني الشهير «لا إله إلا الله» عام 1980.

ومن أبرز أعمال الحلفاوي «رأفت الهجان» عام 1990 الذي اشتهر فيه بشخصية ضابط المخابرات المصري «نديم قلب الأسد» التي جسدها بأداءٍ يجمع بين النبرة الهادئة والصّرامة والجدية المخيفة، بجانب مسلسل «غوايش» و«الزيني بركات» 1995، و«زيزينيا» 1997، و«دهشة» 2014، و«ونوس» 2016.

مع الراحل سعد أردش (حسابه على «إكس»)

وتُعدّ تجربته في فيلم «الطريق إلى إيلات» إنتاج 1994 الأشهر في مسيرته السينمائية، التي جسّد فيها دور قبطانٍ بحريّ في الجيش المصري «العقيد محمود» إبان «حرب الاستنزاف» بين مصر وإسرائيل.

وبسبب شهرة هذا الدور، أطلق عليه كثيرون لقب «قبطان تويتر» نظراً لنشاطه المكثف عبر موقع «إكس»، الذي عوّض غيابه عن الأضواء في السنوات الأخيرة، وتميّز فيه بدفاعه المستميت عن النادي الأهلي المصري، حتى إن البعض أطلق عليه «كبير مشجعي الأهلاوية».

نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

ووفق الناقد محمود عبد الشكور، فإن «مسيرة الحلفاوي اتّسمت بالجمع بين الموهبة والثقافة، مع دقة الاختيارات، وعدم اللهاث وراءَ أي دور لمجرد وجوده، وهو ما جعله يتميّز في الأدوار الوطنية وأدوار الشّر على حد سواء»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لم يَنل ما يستحق على مستوى التكريم الرسمي، لكن رصيده من المحبة في قلوب الملايين من جميع الأجيال ومن المحيط إلى الخليج هو التعويض الأجمل عن التكريم الرسمي»، وفق تعبيره.