مؤسسة «آنا ليند» تكرم الفائزين بجوائز «صحافة المتوسط» في لندن

بالتعاون مع «الشرق الأوسط» وهيئة الإذاعة البريطانية (القسم العربي) ومؤسسة {تومسون}

أندريه أزولاي رئيس مؤسسة «آنا ليند» وأعضاء هيئة التحكيم في صورة جماعية مع الصحافيين الفائزين بالجائزة (تصوير: جيمس حنا)
أندريه أزولاي رئيس مؤسسة «آنا ليند» وأعضاء هيئة التحكيم في صورة جماعية مع الصحافيين الفائزين بالجائزة (تصوير: جيمس حنا)
TT

مؤسسة «آنا ليند» تكرم الفائزين بجوائز «صحافة المتوسط» في لندن

أندريه أزولاي رئيس مؤسسة «آنا ليند» وأعضاء هيئة التحكيم في صورة جماعية مع الصحافيين الفائزين بالجائزة (تصوير: جيمس حنا)
أندريه أزولاي رئيس مؤسسة «آنا ليند» وأعضاء هيئة التحكيم في صورة جماعية مع الصحافيين الفائزين بالجائزة (تصوير: جيمس حنا)

أقامت «مؤسسة آنا ليند»، داخل مقر مؤسسة «تومسون رويترز»، في لندن، احتفالا تكريميا للفائزين بجائزة «آنا ليند لصحافة المتوسط» لسنة 2014. وذلك بتعاون مع مؤسسة «تومسون رويترز»، وصحيفة «الشرق الأوسط»، وهيئة الإذاعة البريطانية (القسم العربي). وعرفت مسابقة هذه السنة مشاركة صحافيين من عدة دول عربية وأوروبية، وتأهل إلى اللائحة النهائية 15 صحافيا من مصر، وألمانيا، وبولونيا، وإيطاليا، واليونان، ولبنان، والمغرب، وكرواتيا، وبلجيكا، وسوريا.
ومنحت جائزة صحافة المتوسط لهذا العام، في فئة الصحافة المكتوبة، للصحافي المصري خالد دياب، عن تحقيق نشر في مجلة «ذا آوت بوست» الأميركية، وفاز بالجائزة في فئة الراديو الصحافي المصري علي جمال الدين عن تحقيق أنجزه لصالح إذاعة «بي بي سي» حول الزواج المختلط في مصر، بعنوان «الحب الممنوع في مصر»، وفازت بجائزة فئة التلفزيون الصحافية الألمانية تا سابيت كوبر بوش، حول تحقيقها «القنابل المسيلة للدموع والغرافيتي»، الذي بثته القناة التلفزيونية الألمانية «ز. د. ف». أما جائزة «نيو ميديا» (الإعلام الجديد) فقد مُنحت للصحافي الكرواتي سريكو هورفات عن تحقيق نشر في جريدة «نيويورك تايمز» الإلكترونية بعنوان «جودو يصل إلى ساراييفو»، في حين فاز مناصفة بالجائزة الخاصة، التي خُصصت للأعمال التي تعالج «الأشكال المختلفة للتعصب في المنطقة الأورومتوسطية»، كل من الصحافية فيديريكا أراكو وناتالي غالين عن تحقيقهما الذي نشر في مجلة بابلميد بعنوان «لامبيدوزا.. مأساة جزيرة»، والصحافية ريم تينا غزال من بولونيا عن تحقيقها المنشور في جريدة «هافينغتون بوست» بعنوان «ملاحظات عاطفية من داخل سجن سوري».
وترأس هيئة تحكيم الجائزة الصحافي البريطاني تيم سيباستيان، وشارك في عضويتها أندريه أزولاي رئيس مؤسسة «آنا ليند»، والإعلامية المصرية نجلاء العمري، رئيسة تحرير «الشروق أون لاين»، والإعلامي الإيطالي بيير لويجي، رئيس «ميديا هاوس أوروفيزيون»، والصحافي حاتم البطيوي من صحيفة «الشرق الأوسط»، والإعلامي الفرنسي روبرت بارسونز، مدير تحرير القسم الإنجليزي في قناة «فرانس 24» الفرنسية، والإعلامية اللبنانية جزيل خوري، وأندرو كلاريت المدير التنفيذي لمؤسسة «آنا ليند»، والإعلامية اللبنانية رانيا أبو زيد، التي عملت مراسلة لعدة صحف أميركية وبريطانية.
وقال أزولاي في كلمته أمام الحاضرين إن «حفل هذه السنة يصادف تزايدا مطردا للعنصرية وأحداث العنف والكراهية التي لاقت رواجا سريعا، بفضل وسائل الإنترنت والتكنولوجيا المتطورة، ومن هنا يأتي دور الصحافة الجادة الملتزمة والواعية بمسؤوليتها، من أجل تقديم أعمال تحترم الحقيقة وذكاء القارئ»، وفي هذا السياق أكد أزولاي أن دور مؤسسة «آنا ليند» كان ولا يزال «تكريم الصحافيين المتميزين، لأنهم استطاعوا بفضل موهبتهم رصد وتقديم حقائق عن المشهد المتوسطي، والمساهمة في ردم الهوة بين المفاهيم، وإعطاء إشارة مختلفة للصحافيين والإعلاميين، مفادها أننا نقدم عملا صحافيا مسؤولا، هادفا، وبنّاء».
وأحدثت جائزة «آنا ليند لصحافة المتوسط» بمبادرة من مؤسسة «آنا ليند»، لتعزيز الدور الإيجابي الذي يلعبه الصحافيون في الإبلاغ عن قضايا التنوع الثقافي، وتقديم تغطية متوازنة، وإنجاز تقارير حول «صدام الحضارات»، وأعمال تعالج تداخل الثقافات داخل المجتمعات الأوروبية المتوسطية، بدءا من الأقليات والهجرة والاندماج والهوية، إلى الدين والتقاليد والثقافة. ويحصل الفائزون في هذه المسابقة على 2500 يورو، ويشاركون في الأنشطة والفعاليات التي تنظمها «شبكة آنا ليند» في أوطانهم خلال عام.
ويوجد مقر مؤسسة «آنا ليند» في مدينة الإسكندرية المصرية، وهي تقوم على قاعدة تعزيز الحوار، والتعرف إلى الآخر، وتستمد مواردها من الدول الأعضاء في الشراكة الأورومتوسطية والمفوضية الأوروبية، البالغ عددها 35 دولة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».