تطبيقات على الأجهزة المحمولة تسهل طلب سيارات الأجرة في أي دولة

تعرض بيانات السائقين والسيارات لدى الطلب وتقدم مئات الآلاف من السائقين في كثير من المدن حول العالم

يمكن تحويل المواقع من العديد من المتاجر الالكترونية
يمكن تحويل المواقع من العديد من المتاجر الالكترونية
TT

تطبيقات على الأجهزة المحمولة تسهل طلب سيارات الأجرة في أي دولة

يمكن تحويل المواقع من العديد من المتاجر الالكترونية
يمكن تحويل المواقع من العديد من المتاجر الالكترونية

تقدم تطبيقات الهواتف الجوالة أكثر من مجرد ألعاب ترفيهية أو تطبيقات لالتقاط الصور ومشاركتها مع الآخرين، إذ توجد تطبيقات متخصصة بتحديد موقعك وطلب سيارة أجرة خصيصا لك وبكل سهولة. وتناسب هذه التطبيقات المستخدمين الذين يبحثون عن وسيلة تنقل آمنة يوميا، أو في الظروف الصعبة، مثل الرغبة في الذهاب إلى المطار فجرا، أو السفر إلى بلد غريب والرغبة في العودة إلى الفندق، أو وجود ظروف جوية صعبة (عواصف مطرية أو شمس حارقة)، أو الوجود بمنطقة بعيدة عن الطرقات الرئيسة مثلا.
ومن التطبيقات التي تعمل في المنطقة العربية تطبيق «إيزي تاكسي» (Easy Taxi) المجاني الذي يقدم سهولة وسرعة في الاستخدام، مع عمله في الكثير من الدول الأخرى من دون تحميل تطبيق منفصل لكل بلد. والتقت «الشرق الأوسط» الدكتور محمود فوز، المدير التنفيذي لـ«إيزي تاكسي» في منطقة الشرق الأوسط، الذي شرح آلية عمل الخدمة. وتبدأ العملية بتحميل المستخدم التطبيق من متاجر الهواتف الجوالة المختلفة (مثل «آي تونز» و«غوغل بلاي» و«ويندوز فون» و«متجر سامسونغ» ومتجر «بلاكبيري»)، مع توفير القدرة على استخدامه من خلال أي متصفح إنترنت. وبعد تثبيت التطبيق، يجب على المستخدم إيجاد حساب مجاني، ليحدد التطبيق موقع المستخدم الحالي باستخدام تقنية الملاحة الجغرافية «جي بي إس» بدقة عالية. ولدى الضغط على زر طلب سيارة الأجرة، سيحدد التطبيق أقرب سيارة أجرة تستطيع نقل المستخدم، ويرسل البيانات المهمة إلى هاتف المستخدم، مثل اسم السائق ورقم هاتفه الجوال وطراز سيارة الأجرة المستخدمة ورقم لوحتها. ويعرض التطبيق موقع سيارة الأجرة على الخريطة وهي تقترب من موقع المستخدم ويخبره بالزمن المتوقع لوصولها. ويستطيع المستخدم كذلك الاتصال بالسائق في أي وقت في حال تغيير الموقع أو الحاجة إلى التأخر. وتجدر الإشارة إلى أن عداد سيارة الأجرة لن يعمل إلا بعد صعود الراكب إلى السيارة. ويستطلع المستخدم الدفع نقدا للسائق أو باستخدام بطاقات الائتمان من خلال التطبيق نفسه، مع توفير القدرة على تقييم كل رحلة وإبداء رأي المستخدم في كل سائق. ويمكن استخدام التطبيق نفسه لدى السفر إلى أي دولة، ومن دون الحاجة لتحميل تحديث جديد أو إدخال إعدادات مختلفة لكل بلد، إذ يعتمد التطبيق على تحديد الموقع الجغرافي للمستخدم. ويعمل في الشبكة حاليا أكثر من 200 ألف سائق في 165 مدينة بـ33 دولة. ومن الدول العربية التي يعمل فيها التطبيق: السعودية والأردن ومصر والبحرين والكويت وقطر، بالإضافة إلى الوجهات العالمية الكثيرة، مثل ماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا والفلبين وتايلاند والهند والبرازيل والأرجنتين والمكسيك وهونغ كونغ، وغيرها. وتدعم الخدمة الكثير من اللغات لواجهة الاستخدام، من بينها العربية.
وأكد الدكتور محمود فوز أن أبحاث الشركة قد خلصت إلى أن مستخدمي التطبيقات الجوالة يشتكون بنسبة 30 في المائة أقل من الركاب العاديين، الأمر الذي يعني أن فرصة السائق في الحصول على مكافأة ستكون أعلى من خلال مستخدمي التطبيق. ويمكن لأي سائق التسجيل في الخدمة في أي بلد، وذلك بتحميل التطبيق على هاتفه أو بزيارة موقع الشركة (http:--www.easytaxi.com) والتسجيل وإرسال تفاصيله، لتصله مكالمة هاتفية خلال 48 ساعة لإكمال عملية التسجيل.
ومن بين التطبيقات الأخرى المتوافرة، تطبيق «كريم» Careem على الأجهزة التي تعمل بنظم التشغيل «أندرويد» و«آي أو إس» و«ويندوز فون» و«بلاكبيري»، الذي يمكن من خلاله تحديد الوجهة ومكان الوجود الحالي، لتصل أقرب سيارة أجرة إلى الموقع. وسيخصم التطبيق الأجور من البطاقة الائتمانية الخاصة بالمستخدم المدخلة لدى التسجيل أو من رصيد المستخدم في الخدمة، الذي يمكن إضافة المبالغ إليه من موقع الخدمة من خلال بطاقات الائتمان أو بالدفع نقدا لأحد السائقين بعد طلب ذلك، ولا تدعم الخدمة الدفع نقدا مباشرة للسائق. ويستطيع المستخدم بعد ذلك تقييم جودة الخدمة، ويمكن استخدام التطبيق نفسه في أي مدينة يسافر إليها المستخدم تدعمها الخدمة، المملكة العربية السعودية (جدة والرياض والدمام)، والإمارات العربية المتحدة (دبي وأبوظبي)، وقطر (الدوحة)، ولبنان (بيروت)، والبحرين (المنامة)، وباكستان (كراتشي). ويدعم التطبيق واجهة الاستخدام في مجموعة من اللغات، من بينها العربية. ويمكن الحصول على المزيد من المعلومات بزيارة الموقع https:--www.careem.com
أما تطبيق «أوبر» (Uber)، فيمكن تحميله من متاجر «أندرويد» و«آي أو إس» و«ويندوز فون»، وتدعم الخدمة المملكة العربية السعودية (جدة والرياض)، والإمارات العربية المتحدة (دبي وأبوظبي)، وقطر (الدوحة)، ولبنان (بيروت)، بالإضافة إلى الكثير من بلدان العام. ويكفي التسجيل في الخدمة وإدخال بيانات بطاقة الائتمان الخاصة بالمستخدم أو بيانات خدمة «باي بال» (PalPal) أو محفظة «غوغل» للدفع الرقمي، لتخصم الخدمة تكلفة الرحلة من حساب المستخدم مباشرة، مع عدم توفير القدرة على الدفع نقدا مباشرة للسائق. ويمكن للمستخدم تحديد وجهته على الخريطة في حال عدم قدرته على تقديم الإرشادات للسائق. ولا تقبل الخدمة ركوب الأطفال أو المراهقين إلا في حال كان بصحبتهم من يزيد عمره على 18 سنة. ويستطيع المستخدم تقييم الخدمة بعد استخدامها، ولكن الخدمة تطلب أجورا مرتفعة مقارنة بالخدمات الأخرى، وترفع من أجورها في مواسم العطل والأعياد الرسمية أو في الظروف الجوية الصعبة. ويدعم التطبيق واجهة الاستخدام في مجموعة من اللغات، من بينها العربية. ويمكن الحصول على المزيد من المعلومات بزيارة الموقع https:--www.uber.com



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)