تبنّي قطاع إدارة الاستثمار في الذكاء الصناعي والبيانات الضخمة

TT

تبنّي قطاع إدارة الاستثمار في الذكاء الصناعي والبيانات الضخمة

يرى كثيرون من كبار الخبراء والمختصين في قطاع إدارة الاستثمار أن الذكاء الصناعي يعتبر «الكهرباء الجديدة» للعالم، بعدما قطع الباحثون أشواطاً مهمة وكبيرة خلال السنوات الأخيرة في اختراع الآلة التي يمكنها أن ترى وتسمع وتفهم.
وبينما يصف كثيرون الذكاء الصناعي بالكهرباء الجديدة، فهناك آخرون يعتبرون البيانات الضخمة بمثابة «النفط الجديد». وتقسم البيانات الضخمة إلى بيانات مهيكلة وبيانات غير مهيكلة أو بيانات بديلة، والبيانات غير المهيكلة هي البيانات التي تتوفر من مصادر غير مطروقة أو شائعة حتى الآن، وعلى النقيض من البيانات المهيكلة التي تعتبر رقمية ويتم تخزينها في قواعد البيانات الارتباطية، تأتي البيانات غير المهيكلة في صيغة صور وصوت، وتكون قابلة للمعالجة.
وقد نشر معهد المحللين الماليين المعتمدين تقريراً بعنوان «رواد الذكاء الصناعي في إدارة الاستثمار»، والذي يوضح كيف بدأ مديرون الاستثمار في استخدام الذكاء الصناعي والبيانات الضخمة وتعاملوا معها كجزءٍ من حياتهم العملية اليومية.
وتكشف نتائج الدراسة المسحية حقيقة مفادها أن قلة من خبراء ومتخصصي الاستثمار يستخدمون في الوقت الحالي برامج تعتمد تقنيات التعلم الآلي، حيث يعتمد معظم مديري المحافظ الاستثمارية على برمجية إكسل (بنسبة 95 في المائة من مديري المحافظ المستجيبين للمسح)، وأدوات تحليل بيانات السوق (ثلاثة أرباع مديري المحافظ المشاركين في المسح)، في استراتيجيات وعمليات الاستثمار التي يديرونها. كما يظهر المسح أن 10 في المائة من المشاركين من مديري المحافظ الاستثمارية استخدموا تقنيات تعتمد الذكاء الصناعي أو التعلم الآلي خلال الاثني عشر شهراً الماضية، وأن عدد المشاركين الذين يستخدمون الانحدار الخطي في استراتيجياتهم وإجراءاتهم الاستثمارية، يفوق عدد نظرائهم الذين يستخدمون تقنيات الذكاء الصناعي أو التعلم الآلي بواقع 5 إلى 1 تقريباً.
وكان أبرز ما توصلت إليه الدراسة أن قطاع الاستثمار ما زال في المراحل المبكرة من اعتماد تقنيات الذكاء الصناعي والتقنيات المرتبطة به، حيث شارك خُمس المحللين ومديري المحافظ تقريباً في تدريبات تتناول الذكاء الصناعي أو البيانات الضخمة، فيما يثير توقعات بحدوث تغيرات في هذا المجال على المدى القريب.
وهنا يثور التساؤل حول ما الذي يحول دون سعي متخصصي وشركات الاستثمار إلى تحقيق أعلى مستويات الاستفادة من الذكاء الصناعي والبيانات الضخمة؟ وللإجابة على ذلك، حددنا 5 عقبات رئيسية في هذا المجال، تشكل هرماً من التحديات التي ينبغي على المستثمرين أن يتغلبوا عليها.

العقبة 1: التكلفة.
قد يترتّب على إطلاق إمكانات الذكاء الصناعي والبيانات الضخمة تكاليف فورية ضخمة وتكاليف صيانة مستمرة، وهو ما يزيد من صعوبة الأمر على الشركات الصغيرة التي تواجه تحديات متزايدة للمنافسة في عصر الذكاء الصناعي والبيانات الضخمة.

العقبة 2: المواهب.
بات خريجو الجامعات الحاصلون على تدريب في أساسيات البرمجة والإحصاء، ناهيك عن أولئك الحاصلين على شهادات عليا في الذكاء الصناعي أو غيره من التخصصات ذات الصلة، محط أنظار أصحاب العمل في عصر الذكاء الصناعي، لكن الواضح أن عدداً قليلاً من أصحاب المواهب في مجال الذكاء الصناعي يرغب في العمل في قطاع الاستثمار، فيما يوجب على الشركات إيجاد فرص جاذبة ومغرية للأشخاص الذين يتمتعون بهذه المهارات بهدف استقطابهم من الشركات التكنولوجية الكبرى.

العقبة 3: التكنولوجيا.
نقف اليوم في بداية ثورة الذكاء الصناعي، ونشهد تطوراً كبيراً في التكنولوجيا، فيما يجعل الإلمام بآخر المستجدات ومواكبة أحدث التطورات من أهم وأكبر التحديات.

العقبة 4: الرؤية.
من المحتمل أن يؤدي استخدام تقنيات الذكاء الصناعي والبيانات الضخمة في السنوات المقبلة إلى إحداث تغييرات جذرية في قطاع الاستثمار. وعليه، ستُمثل الرؤية الاستراتيجية والالتزام بالدور القيادي والمسؤولية الجماعية عن اعتماد تكنولوجيا المعلومات عنصراً هاماً من عناصر النجاح للشركات في المستقبل.

العقبة 5: الوقت.
يتطلب تحقيق أي تطور مهما كان ضئيلاً استثماراً ضخماً في مجموعة من الأمور، على رأسها الوقت.
وعلى ضوء ما تقدم، فإنه من المرجح أن تتطلب وظيفة التكنولوجيا ضمن فرق الاستثمار المستقبلية وجود مهارات مختلفة عن تلك التي يتطلبها الأمر حالياً، وستتزايد أهمية وظائف علماء البيانات ومهندسي الحاسوب بشكل خاص.
بالمحصلة، خلصنا إلى تحديد ثلاثة استخدامات رئيسية للذكاء الصناعي في مجال إدارة الاستثمار: أولاً؛ استخدام تقنيات معالجة اللغات الطبيعية (NLP) والرؤية الحاسوبية والتعرف على الصوت، وذلك لمعالجة النصوص والصور والبيانات الصوتية بكفاءة عالية.

ثانياً؛ استخدام تقنية التعلم الآلي، بما في ذلك تقنيات التعلم المتعمق لتحسين فعالية النظم الخوارزمية المستخدمة في عملية الاستثمار.

وثالثاً؛ استخدام تقنيات الذكاء الصناعي لمعالجة البيانات الضخمة، بما في ذلك البيانات البديلة والبيانات غير المهيكلة، لغايات توليد وتطوير الرؤى الاستثمارية.
ويرى معهد المحللين الماليين المعتمدين أن شركات الاستثمار التي ستكون ناجحة في المستقبل هي تلك التي تركز في خططها الاستراتيجية على اعتماد الذكاء الصناعي والبيانات الضخمة في عمليات الاستثمار التي تديرها، وأن متخصصي الاستثمار الناجحين هم الذين يتمكنون من إدراك واستغلال الفرص التي تفتح أبوابها هذه التقنيات الجديدة.

- محلل مالي معتمد، الرئيس الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، معهد المحللين الماليين المعتمدين.
- محلل مالي معتمد، المدير الأول لقسم البحوث الصناعية، آسيا والمحيط الهندي، معهد المحللين الماليين المعتمدين


مقالات ذات صلة

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )
الاقتصاد لافتة إلكترونية وملصق يعرضان الدين القومي الأميركي الحالي للفرد بالدولار في واشنطن (رويترز)

غوتيريش يعيّن مجموعة من الخبراء لوضع حلول لأزمة الديون

عيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجموعة من الخبراء البارزين لإيجاد حلول لأزمة الديون المتفاقمة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الاجتماع السنوي الرابع والخمسون للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس (رويترز)

المنتدى الاقتصادي العالمي: قادة الأعمال يخشون من الركود وارتفاع التضخم

أظهر استطلاع للرأي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي يوم الخميس أن قادة الأعمال على مستوى العالم يشعرون بالقلق من مخاطر الركود ونقص العمالة وارتفاع التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)
يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)
TT

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)
يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)

في حدث استثنائي شهدته مدينة جدة، جرى تدشين مشروع برج ترمب، بحضور إريك ترمب، نائب رئيس منظمة ترمب، والذي عَدَّ أن هذا المشروع سيكون إضافة نوعية لسوق العقارات الفاخرة في السعودية.

وعبّر إريك ترمب، في كلمة له، عن فخره وسعادته بإطلاق هذا المشروع، وقال: «نحن متحمسون جداً لتقديم مشروع يجسد معايير الفخامة والابتكار، ويعكس التزام منظمة ترمب بالجودة العالمية».

برج ترمب جدة هو مشروع سكني فاخر يقع في منطقة استثنائية على كورنيش جدة، ويتميز بإطلالات مباشرة على البحر الأحمر، مع قربه من أبرز معالم المدينة مثل النافورة الملكية، والمارينا، وحلبة سباق الـ«فورمولا 1».

ويضم البرج، وهو بارتفاع يصل إلى 200 متر على 47 طابقاً، 350 وحدة سكنية تتنوع بين شقق فاخرة من غرفة إلى أربع غرف نوم، إضافة إلى بنتهاوس فاخر بثلاث وأربع غرف نوم.

وجرى تصميمه بلمسات تجمع بين الأناقة العصرية والرقيّ الكلاسيكي، حيث جرت مراعاة أدق التفاصيل لتوفير تجربة سكنية فاخرة بإطلالات ساحرة على البحر الأحمر، مما يجعله أحد أبرز معالم جدة المستقبلية.

تبدأ أسعار الوحدات السكنية في برج ترمب جدة من مليونيْ ريال، وتصل إلى 15 مليوناً. وقد بِيعت جميع الوحدات التي بلغت قيمتها 15 مليون ريال، مع بقاء عدد محدود من الوحدات بأسعار تبدأ من 12 مليوناً.

إريك ترمب ابن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ومن بين أبرز مبيعات البرج، جرى بيع وحدة سكنية مميزة تحتل مساحة كامل الدور، بسعر قياسي بلغ 50 مليون ريال، ما يعكس الطلب الكبير على العقارات الفاخرة في السوق السعودية وجاذبيتها للمستثمرين المحليين والدوليين.

جرى تنفيذ هذا المشروع بالشراكة بين منظمة ترمب وشركة «دار غلوبال» للتطوير العقاري، المُدرجة في بورصة لندن.

تُعد «دار غلوبال» من الشركات الرائدة عالمياً في مجال العقارات الفاخرة، حيث تدير مشاريع بقيمة إجمالية تتجاوز 5.9 مليار دولار في 6 بلدان تشمل الإمارات، وعمان، وقطر، وبريطانيا، وإسبانيا، والبوسنة.

يأتي هذا المشروع ضمن طفرة عقارية تشهدها المملكة، حيث جرى الإعلان عن مشاريع بقيمة 1.3 تريليون دولار في السنوات الثماني الماضية.

ويُعدّ برج ترمب جدة جزءاً من «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز قطاع السياحة والترفيه، وجذب الاستثمارات الأجنبية.