أخطاء طبية مرتبطة بـ«إيبولا» تشوه صورة مستشفى مرموق في أميركا

الطواقم الصحية ظلت تمارس بروتوكولات سلامة تزيد احتمالات التعرض للعدوى أكثر مما تنقصها

أخطاء طبية مرتبطة بـ«إيبولا» تشوه صورة مستشفى مرموق في أميركا
TT

أخطاء طبية مرتبطة بـ«إيبولا» تشوه صورة مستشفى مرموق في أميركا

أخطاء طبية مرتبطة بـ«إيبولا» تشوه صورة مستشفى مرموق في أميركا

ارتدت بعض الممرضات ملابس واقية مكونة من أكثر من رداء، لكن من دون إدراك أن مخاطر التعرض لفيروس «إيبولا» تزداد عند خلعهن تلك الملابس. بعضهن ارتدين رداء يترك رقابهن مكشوفة ووضعن الشريط الجراحي بصورة عشوائية في المواضع المكشوفة. وباشرت الممرضات ارتداء هذه الملابس بعد يومين على دخول توماس إريك دانكان، الذي توفي لاحقا متأثرا بـ«إيبولا»، إلى المستشفى.
بالنسبة لمستشفى الصحة الكنسي في تكساس، كانت فترة الأسبوعين ونصف الأسبوع الأخيرة بمثابة كابوس. ومع الإعلان الذي صدر أول من أمس عن تعرض الممرضة الثانية التي كانت تعتني بدانكان للعدوى، ازدادت الانتقادات الموجهة إلى المستشفى، بينما سعى مسؤولو المؤسسة الصحية إلى تهدئة العاملين والمرضى على حد سواء.
وازدادت حدة الانتقادات الموجهة إلى مستشفى الصحة الكنسي في تكساس، وهو الذي طالما كان يعد واحدا من أفضل المستشفيات في ولاية تكساس، أولا بسبب الخطأ المبدئي في تشخيص حالة دانكان، مما أدى إلى تأخر الرعاية المقدمة له وتعريض الآخرين لخطر العدوى، ثم بسبب إصدار عدد من التصريحات المتضاربة حول سبب عدم شك أطباء المستشفى في مرض «إيبولا»، والآن بسبب الفشل في تطبيق بروتوكول السلامة مما أدى إلى انتقال الإصابة إلى اثنين من العاملين في المستشفى.
كان الدكتور توماس آر. فريدن، مدير «مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها»، الذي نال نصيبه من الانتقادات إزاء استجابة المركز الذي يترأسه للوباء، على شفا الاعتراف بذلك أول من أمس عندما وصف بعض الهفوات الواقعة في المستشفى. كما أنه أعلن عن نقل الممرضة الثانية المصابة إلى مستشفى جامعة إيموري في أتلانتا، الذي نجح في علاج حالتين أميركيتين مصابتين بـ«إيبولا» في واحدة من 4 وحدات للاحتواء البيولوجي الخاصة في البلاد.
وحتى قبل 3 أسابيع، شكك قليل من الناس في وضعية المستشفى الكنسي؛ فهو يعد ثامن أكبر مستشفى في ولاية تكساس، مع ما يقرب من 900 سرير ونحو 1000 طبيب، وقد تميز في توفير الرعاية لمرضى القلب وللأطفال؛ حيث نحو 5 آلاف حالة ولادة في العام. وجاءت التقييمات المنتظمة من قبل لجنة الرعاية الصحية واللجنة المشتركة، التي تعتمد المستشفيات، مشرفة بالنسبة لذلك المستشفى.
ويتساءل مؤيدو المستشفى إذا ما كان أداء أي مستشفى آخر أفضل بكثير في ظل ظروف مماثلة؛ الوصول غير المعلن عنه في قسم الطوارئ بالمستشفى لأول حالة إصابة بفيروس «إيبولا» يجري تشخيصها في الولايات المتحدة. لكن المسؤولين المحليين يتفقون على أن سمعة المستشفى الكنسي قد تعرضت للاهتزاز وأنه سيستغرق وقتا طويلا حتى يستعيدها. ويقول كلاي جينكينز، كبير مسؤولي مقاطعة دالاس المنتخب: «إنني متأكد من معاناته، لقد كان يمتلك سمعة كبيرة لمستشفى كبير».
قد تزداد الأمور تعقيدا بدلا من أن تشهد تحسنا في المجمع الضخم من المباني ذي الطوب الأصهب، حيث بدأ مسؤولو الرعاية الصحية في الإعراب عن قلقهم من أن العاملين في المستشفى، وتحديدا الممرضات، قد يستبعدن عن وظائفهن، وقد بدأت الشركة الأم بالفعل في توظيف ممرضات ومتطوعين من مستشفيات أخرى للوفاء بالمتطلبات المتزايدة على الموظفين.
في صباح أول من أمس، كانت ممرات المستشفى البراقة وغرف الانتظار المغطاة بألواح خشب الساج، يشوبها هدوء مخيف. وقالت سوزان ورثينغ أثناء انتظارها، تقريبا بمفردها، لزوجها الذي يجري أشعة بالموجات فوق الصوتية: «لقد كان يعد مثل متجر (نيمان ماركوس) بين المستشفيات، حيث كان كثير من الأثرياء يأتون إليه. أما الآن فإننا نتساءل إذا ما كان أفضل حالا من متاجر (جيه سي بيني) الشعبية». وقالت ورثينغ إنها وضعت أحد أبنائها في المستشفى الكنسي وإنها كانت مع أفراد من أسرتها يأتون للمتابعة مع الأطباء هنا بانتظام. لكنها اعترفت بأنها وزوجها فكرا مليا قبل الاستمرار في الحضور إلى المكان لمواعيد الأطباء أول من أمس. وأضافت: «فكرنا في عدم الذهاب مجددا، فقد صار مركزا لوباء (إيبولا)».
لم يجر أي تحقيق شامل حتى الآن حول الأخطاء التي ارتكبها المستشفى، ويظل مسؤولو الرعاية الصحية غير متأكدين على وجه الدقة كيف تعرضت الممرضتان، نينا فام (26 عاما) وامبر جوي فينسون (29 عاما)، للإصابة. لكن المراكز الفيدرالية للرعاية الصحية وخدمات المساعدات الطبية مع وزارة ولاية تكساس للخدمات الصحية، تعمل على تقييم أداء المستشفى. وقال الدكتور فريدن إن العاملين طبقوا مجموعة متطورة من البرتوكولات لحماية أنفسهم خلال الأيام الأولى عقب دخول دانكان إلى المستشفى. فقد ارتدى بعضهم، كما يقول، 3 أو 4 طبقات من المعدات الواقية، وأغلقوا المنافذ بالأشرطة الجراحية اعتقادا منهم أنها قد توفر مزيدا من السلامة، لكن «في الواقع، وضع مزيد من القفازات أو غيرها من أدوات الوقاية، يصبح عسيرا من حيث الارتداء ومن حيث الخلع كذلك، ويظل خطر التعرض للتلوث أثناء خلع تلك القفازات أعلى بكثير». وقالت بعض الممرضات إنهن تلقين إرشادات غير كافية ودائمة التغير حول الأساليب المناسبة للتعامل.
وقال الدكتور دانيال فارغا، المسؤول الإكلينيكي الأول لدى شركة تكساس للموارد الصحية، في مقابلة أجريت معه أول من أمس، إن العاملين لم يبدأوا بارتداء سترات الوقاية البيولوجية إلا بعد مرور يومين من دخول دانكان إلى المستشفى، عندما أثبتت الاختبارات أنه يعاني من الفيروس. وقال إنه حتى ذلك الحين، كان المستشفى يطبق بروتوكولات مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها من حيث ارتداء الأقنعة الواقية، والقفازات، والسترات والدروع.
ونفى الدكتور فارغا أن تكون العدوى التي أصابت الممرضة الثانية تشير إلى وجود خلل منهجي داخل المستشفى. وقال: «دعونا نكن واضحين، إننا مستشفى يوفر خدماته للمجتمع بصورة جيدة للغاية، وكنا كذلك لما يربو على نصف قرن من الزمن».
* خدمة «نيويورك تايمز»

 



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.