عرب و عجم

عرب و عجم
TT

عرب و عجم

عرب و عجم

> الدكتور يحيى بن محفوظ المنذري، رئيس مجلس الدولة بسلطنة عمان، استقبل بيكتاس بيكنزاروف، نائب رئيس مجلس الشيوخ الكازاخستاني، والوفد المرافق له. ونوه الدكتور المنذري بأهمية الزيارة في توثيق العلاقات القائمة بين البلدين وفتح مسارات جديدة للتعاون بينهما، مشيراً إلى أن العلاقات بين السلطنة وجمهورية كازاخستان طيبة وتستشرف مستقبلاً واعداً لتطوير التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية، في ظل حرص البلدين على ترسيخ هذه العلاقات وتطويرها على كافة الأصعدة.
> الدكتور باسم الطويسي، وزير الثقافة الأردني، بحث أول من أمس، مع سفير جمهورية أفغانستان الإسلامية في عمّان، طارق شاه بهرامي، آفاق العلاقات الأردنية الأفغانية، وسبل تنميتها انطلاقا من الجانب الثقافي. وأكد الوزير الطويسي ترحيب وزارة الثقافة بمد جسور التعاون بين البلدين الصديقين، ودعم جهود الشعب الأفغاني في سعيه لبناء استقرار بلاده، مشيراً إلى مساهمة الأردن ودعمه للشعب الأفغاني والتواصل معه عبر تقديم الخدمات الطبية والإنسانية، واستقباله للجالية الأفغانية التي تحظى بكل الاهتمام والرعاية.
> إسماعيل محمد خيرت، السفير المصري الجديد في اليونان، قدم أوراق اعتماده للرئيس اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس، في احتفال رسمي بقصر الرئاسة في أثينا. ونقل السفير الجديد للرئيس اليوناني تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتمنياته بتقدم وازدهار شعب اليونان، وأكد الأهمية الخاصة التي توليها مصر لليونان لموقعها الجغرافي القريب من مصر، وعضويتها في الاتحاد الأوروبي، والتعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان.
> الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي بمصر، شهد أول من أمس، فعاليات افتتاح المؤتمر الدولي الأول للدراسات الأفريقية بعنوان «التنمية المستدامة للقارة الأفريقية كما تريدها»، والذي يعقد بكلية السياحة والفنادق جامعة حلوان. وأكد الوزير، في كلمته، أن القارة الأفريقية تعد من القارات الشابة التي تمتلك ثروات غنية يجب استغلالها بدلا من تصديرها إلى الخارج، مؤكدا اهتمام القيادة السياسية بتفعيل المزيد من أوجه التعاون مع دول القارة.
> عبد العزيز أحمد آدم، سفير الجمهورية الإثيوبية الفيدرالية الديمقراطية في الرياض، التقى أول من أمس، لجنة الصداقة البرلمانية السعودية الإثيوبية بمجلس الشورى السعودي برئاسة عضو المجلس رئيس اللجنة عساف بن سالم أبو ثنين، بمقر المجلس بالرياض. ناقش الاجتماع سبل تعزيز العمل والتعاون الثنائي المشترك على صعيد العلاقات البرلمانية بين مجلس الشورى والبرلمان الإثيوبي، وتفعيل دور لجان الصداقة البرلمانية في البلدين بما يسهم في دعم أوجه التعاون والعمل المشترك في شتى المجالات.
> الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة المصرية، شاركت في الندوة التعريفية لطلبة الجامعة الأميركية المشاركين في مسابقة الحياة الواقعية الدولية، التي تقام تحت رعاية وزارة البيئة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واتحاد الطلبة في الجامعة الأميركية. وقامت الوزيرة بعمل عرض مصغر للطلبة حول كافة مراحل منظومة المخلفات الجديدة وجهود الدولة الحالية لتجهيز البنية التحتية في المحافظات المصرية، مضيفة أن الوزارة ستقوم بتوفير الدعم اللازم لكافة الشباب والقطاع الخاص للمشاركة في مراحل هذه المنظومة الجديدة في المحافظات.
> تشن وي تشينغ، سفير جمهورية الصين الشعبية لدى السعودية، زار والوفد المرافق له، متحف تبوك الإقليمي. وقدّم المدير العام لفرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الدكتور مبروك بن محمد الشليبي للوفد شرحاً عن المقومات السياحية والحضارية والطبيعية والأثرية والتراثية التي تزخر بها منطقة تبوك، وما تشهده من حراك سياحي متصاعد ومشاريع سياحية عملاقة. وأبدى السفير الصيني إعجابه بما شاهد من مقتنيات أثرية وبما تتميز به منطقة تبوك من إرث تاريخي.
> سفيتلانا سوبوفا، القائمة بأعمال السفارة الروسية في القاهرة، زارت متحف النصر الحديث بمحافظة بورسعيد، يرافقها اللواء يوسف الشاهد، السكرتير العام للمحافظة، وذلك للتعرف على أوجه التاريخ المصري والمعالم الأثرية بالمحافظة. وحرصت «سوبوفا» على تفقد جميع أقسام المتحف، واستمعت لشرح تفصيلي عن المعالم التاريخية والحروب والشخصيات البارزة التي شاركت في الحروب، معبرة عن سعادتها البالغة بزيارة المتحف.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)