«حماس» و«الجهاد» تنفيان «تهدئة طويلة الأمد» مع إسرائيل

تل أبيب تدرس كيف ستتصرف مع القطاع... وغانتس يؤيد أي «عمل لجلب الهدوء»

أطفال فلسطينيون أمام منزلهم في غزة أمس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون أمام منزلهم في غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

«حماس» و«الجهاد» تنفيان «تهدئة طويلة الأمد» مع إسرائيل

أطفال فلسطينيون أمام منزلهم في غزة أمس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون أمام منزلهم في غزة أمس (أ.ف.ب)

قالت حركتا «حماس» و«الجهاد»، إنهما لم تناقشا في أي وقت مضى «هدنة طويلة الأمد» في قطاع غزة، مع إسرائيل رداً على تقارير حول خلاف بين الطرفين فيما يخص هذه التهدئة.
وأصدرت حركة «حماس» بياناً نفت فيه ما يتم تداوله في بعض وسائل الإعلام حول «تهدئة طويلة الأمد» مع الاحتلال الإسرائيلي. وقالت حركة «حماس»، إنها «تنفي ما يتم تداوله في بعض وسائل الإعلام حول (تهدئة طويلة الأمد) مع الاحتلال الإسرائيلي، وما صاحبها من فبركات وأكاذيب وافتراءات، وإن هذا الموضوع لم يعرض أصلاً في لقاءات الحركة مع الوسطاء».
وأضافت: «ما ينشر في وسائل الإعلام هو امتداد لحملات التحريض والتشويه لحركة (حماس) ولمواقفها ولبرنامج المقاومة، ولا نستبعد أن تكون جزءاً من عمليات إشغال الرأي العام للتغطية على تنازلات خطيرة». وأكدت الحركة، أن أي نقاش للقضايا الوطنية، لن يكون إلا في إطار الإجماع الوطني والشراكة السياسية. ولاحقاً، نفى خالد البطش، عضو المكتب السياسي لحركة «الجهاد الإسلامي» صحة الأنباء التي تتداولها وسائل الإعلام عن تفاهمات أو الترتيب لهدنة طويلة مع الاحتلال. وقال البطش «لم يطرح في نقاشاتنا في القاهرة فكرة جزيرة عائمة في بحر غزة». وأكد البطش، أنه تم الحديث على ضرورة وقف العدوان على الشعب الفلسطيني، وخاصة على المشاركين في مسيرات العودة وضرورة تحقيق الوحدة وإنهاء الانقسام، وتحقيق الشراكة الوطنية، مشدداً على أن المقاومة، أكدت تمسكها بحق الرد على العدوان الإسرائيلي. وأشار إلى أن الضجة المفتعلة هدفها ضرب الثقة في الصف الوطني وزيادة الإرباك داخل الصف الفلسطيني، وإعلان «حماس» و«الجهاد» جاء بعد تسريبات حول إجراء الحركتين مفاوضات حول تهدئة طويلة في مصر.
وأقر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بوجود هذه المفاوضات، وقال إن حكومته تجري اتصالات مع حركة «حماس» بغية التوصل إلى اتفاق طويل الأمد لوقف إطلاق النار. كما أوعز وزير الأمن الإسرائيلي نفتالي بينيت لكبار قادة جيشه بفحص جدوى وإمكانية إقامة ميناء بحري قبالة سواحل قطاع غزة. وذكرت القناة «12» العبرية، أن بينيت طالب الجيش بتقديم ورقة موقف من إنشاء ميناء بحري في قطاع غزة، بالإضافة لإقامة مطار دولي هناك. وقالت القناة، إن بينيت التقى وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس الذي كان صاحب فكرة الميناء البحري قبالة سواحل القطاع؛ سعياً لتحريك المياه الراكدة.
ويفترض أن يقدم الجيش خلال مدة أقصاها 8 أسابيع ورقة تقدير بهذا الخصوص وستشمل الجوانب العسكرية والأمنية. وتحظى الخطوة، وفقاً للقناة، بدعم أميركي باعتبارها بارقة أمل لتحسين الأوضاع في القطاع وفتحه على العالم الخارجي.
وفوق كل ذلك وافقت الولايات المتحدة وإسرائيل على إقامة مستشفى أميركي في قطاع غزة في خطوة نادرة. ولاقى كل ذلك غضب السلطة الفلسطينية التي اتهمت «حماس» بالعمل على قتل مشروع الدولة الفلسطينية وفصل قطاع غزة عن الضفة.
لكن لم تصل المفاوضات التي جرت الأسبوع الماضي في مصر إلى اتفاق قبل أن تخرج «حماس» ببيان يتحدث عن تفاهمات التهدئة الحالية (قصيرة الأمد) في حين ركزت «الجهاد» على المواجهة في مؤشر على خلاف بين الفصيلين حول كيف يتعاطيان مع المقترحات.
وفي غضون ذلك، صرح مصدر أمني إسرائيلي رفيع، لموقع «والا» العبري، بأنه «في ظل الوضع الحالي، لا مناص من حملة عسكرية واسعة بقطاع غزة، لإعادة الردع». وقال الموقع العبري، إن المستوى السياسي في إسرائيل يقف حالياً أمام معضلة كبيرة بالنسبة لكيفية التعامل مع قطاع غزة، خصوصاً في ظل الانتخابات، والانتقادات الداخلية حول تخبط الحكومة باتخاذ القرارات، هل تواصل تقديم التسهيلات من أجل التهدئة؟ أو تضاعف الرد على إطلاق الصواريخ، أو تخرج بحملة عسكرية بالقطاع؟
وبحسب الموقع العبري، تشير تقديرات المنظومة الأمنية الإسرائيلية، إلى أن «حماس» معنية بالتهدئة، لكنها لن تفعل شيئاً لوقف إطلاق الصواريخ، وإنه من دون تقديم بدائل اقتصادية لغزة، فمن المحتمل أن تتدهور الأوضاع الأمنية، وتؤدي لحملة عسكرية جديدة بغزة.
وأشار الموقع العبري، إلى أن المستويين السياسي والعسكري، سيقرران قريباً، كيفية التعامل مع قطاع غزة، بعد تأخير في اتخاذ القرار المناسب. وأيد رئيس كتلة «كاحول لافان»، بيني غانتس، أي عدوان ضد القطاع. وقال غانتس أمس، إنه «من دون علاقة بما سيحدث في الـ36 ساعة القريبة (تشكيل الحكومة)، فإني سأؤيد أي عمل مرتبط بالاحتياجات الأمنية والاحتياجات الأخرى للسلطات في الغلاف وفي مجمل المناطق العملانية لدولة إسرائيل». وأضاف غانتس «سندعم أي حكومة في أي عملية صحيحة تجلب هدوءاً طويل الأمد، وكذلك تطوير خطط ورصد الميزانيات المطلوبة للسلطات المحلية في الجنوب». وتعهد غانتس «بإعادة الهدوء والردع ودفع نحو واقع مختلف بالنسبة لأولاد الجنوب».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.