انطلاق الجولة الـ14 لاجتماعات آستانة بتوقعات منخفضة

بيدرسن يشارك بحضور ممثلي الحكومة السورية والمعارضة وغياب أعضاء اللجنة الدستورية

TT

انطلاق الجولة الـ14 لاجتماعات آستانة بتوقعات منخفضة

انطلقت أمس، في العاصمة الكازاخية نور سلطان أعمال الجولة الـ14 من المحادثات في إطار «مسار آستانة» وسط تراجع فرص تحقيق «اختراق» بعد فشل محاولات إشراك ممثلي «اللجنة الدستورية» السورية في النقاشات، ومراوحة التباينات السابقة بين الأطراف حول ملفات عدة بينها مسائل الأسرى والمسجونين والأوضاع الإنسانية والتصعيد حول إدلب.
ورغم الارتياح الروسي لانعقاد الجولة بحضور كل الوفود المدعوة بعد تأجيل موعدها عدة مرات منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فإن موسكو كانت تأمل في تحويل اللقاء إلى نقطة انطلاق لدفع مسار النقاشات حول الدستور، وسعت لإشراك ممثلين من اللجنة الدستورية عن طرفي المعارضة والحكومة، وهو أمر تعثر بسبب فشل الاجتماع الأخير للجنة.
وتم تمثيل الوفود بنفس التركيبة السابقة، إذ ترأس الوفد الحكومي السفير بشار الجعفري ممثل سوريا لدى الأمم المتحدة، وترأس وفد المعارضة أحمد طعمة رئيس «الحكومة المؤقتة»، وبقي تمثيل وفود البلدان الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) على نفس المستوى السابق (نواب وزراء الخارجية). وحضرت وفود لبنان والعراق والأردن كمراقبين، بينما شكل حضور المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن إشارة مهمة لاستمرار التمثيل الأممي في مسار آستانة بعدما كان تغيب عن الاجتماع السابق لـ«أسباب صحية».
وبدأت المشاورات باجتماع مغلق بين الوفدين الروسي برئاسة مبعوث الرئيس الخاص لسوريا ألكسندر لافرينتيف، ونائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، والإيراني برئاسة كبير مساعدي وزير الخارجية للشؤون السياسية علي أصغر حاجي. وفي وقت لاحق اجتمع الوفد الروسي مع وفد الحكومة السورية، قبل أن يعقد اجتماعات منفصلة مع الوفود الأخرى. وأجرى بيدرسن بدوره اجتماعات منفصلة مع رؤساء الوفود.
وتضمن جدول أعمال الجولة رسميا مسائل دعم العملية السياسية في سوريا، على ضوء إطلاق اللجنة الدستورية السورية في جنيف، وكذلك الوضع «على الأرض» مع التركيز على مناطق شرق الفرات وإدلب. وأعلنت مصادر أن المناقشات تطرقت إلى الوضع على الحدود السورية التركية بعد إبرام المذكرة الروسية التركية لوقف إطلاق النار هناك.
وكانت الخارجية الكازاخية أكدت في وقت سابق، أنه سيتم التركيز أيضا على بعض الملفات التي تم ترحيلها من الجولات السابقة، وخصوصا في إطار إجراءات بناء الثقة مثل الإفراج عن المعتقلين والبحث عن المفقودين، إضافة إلى زيادة المساعدة الإنسانية الشاملة لسوريا في سياق عملية عودة اللاجئين والنازحين.
وأعلن المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا أن ملف الوجود الأميركي في مناطق شرق الفرات سيكون حاضرا خلال المناقشات، في إطار «استعداد الأطراف لمناقشة الوضع في جميع أنحاء سوريا وبطبيعة الحال، مسألة الوجود الأميركي غير الشرعي الذي يهدف إلى استغلال موارد سوريا الطبيعية».
ولفت لافرينتيف إلى نقطة خلافية مع تركيا، مشيرا إلى التصعيد الحاصل في منطقة إدلب، وبرغم أنه أكد عدم وجود نيات لإطلاق عملية عسكرية واسعة لكنه شدد في الوقت ذاته، على «ضرورة أن تعمل تركيا على وقف قصف حلب من قبل الإرهابيين، لأن منطقة خفض التصعيد في إدلب بالشكل الذي توجد به الآن هي منطقة مسؤولية شركائنا الأتراك، لذلك لا يوجد أي معنى لإجراء أي نوع من العمليات الموسعة، لكن يجب التأثير على شركائنا الأتراك ليقوموا بإجراءات مناسبة مع تلك الجماعات المسلحة التي تنفذ هذه الاستفزازات. لأنه من غير المقبول على الإطلاق أن يعاني المدنيون ويجب وقف ذلك».
كما أعلن لافرينتيف، أن الوضع في منطقة الدوريات الروسية - التركية المشتركة «مستقر رغم وجود بعض الاستفزازات». وأشار المبعوث الرئاسي الروسي خلال لقائه الوفد الحكومي إلى ضرورة تجاوز الصعوبات في عمل اللجنة الدستورية السورية. وزاد أنه «بعد إطلاق عمل اللجنة الدستورية نرى أن هناك بعض الصعوبات والعراقيل في عمل هذه اللجنة لكن حسب تقديرنا هناك إمكانية لتجاوز الصعوبات».
وأضاف «أصبحت هذه اللقاءات (في إطار آستانة) تقليدا مهما لتبادل وجهات النظر والتنسيق، نحن نلتقي في هذا الإطار تزامنا مع اللحظات الحاسمة في التطورات الميدانية على الأرض أو في العملية السياسية». وزاد أن الجولة الحالية «لها أهمية خاصة بعد أن استعادت القوات الحكومية السيطرة على مواقع جديدة في شمال شرقي سوريا».
لكن تأكيد لافرينتيف حول عدم وجود خطط لإطلاق عمليات عسكرية واسعة في إدلب، قابلته إشارات مغايرة من جانب الوفد الحكومي، إذ أكد الجعفري أن «جهود دمشق لمحاربة الإرهاب لن تتراجع في محافظة إدلب».
وقال ردا على سؤال الصحافيين حول أنباء عن إطلاق هدنة في جنوب إدلب: «لا توجد تهدئة في مضمار مكافحة الإرهاب على الإطلاق».
لكن هذه لم تكن النقطة الخلافية الوحيدة التي برزت في أعمال اليوم الأول، ودعت خبراء روس إلى الحديث عن تقلص فرص خروج الاجتماع بنتائج ملموسة. وعلى الرغم من أن موسكو كانت عملت على إقناع بيدرسن بالمشاركة في هذه الجولة خلال لقاء جمعه مع الوزير سيرغي لافروف قبل أيام، لكن المبعوث الدولي استبق المحادثات بدعوة روسيا وإيران «إلى العمل على إحداث تغييرات على الأرض إذا أرادتا دفع ملف عودة اللاجئين إلى سوريا».
وقال بيدرسن إن «على روسيا وإيران العمل مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إذا أرادتا رؤية تغييرات في سوريا»، مضيفا: «نحتاج لرؤية تغييرات على الأرض لأن من دونها لا يمكن للاجئين العودة إلى بلادهم».
وقلصت هذه العبارات مع احتمالات تحقيق تقدم على صعيد خطط روسيا لدفع ملف إعادة اللاجئين. كما أن تعثر اجتماعات اللجنة الدستورية ساهم في تقليص التوقعات، وكانت موسكو تأمل في أن يشكل لقاء «مسار آستانة» دفعة أساسية لتطوير النقاشات، وفقا لما قاله نائب الوزير سيرغي فيرشينين قبل أيام.
ومع غياب النقاشات حول آليات دفع عمل اللجنة الدستورية، فإن الموضوع الذي برز في هذا الشأن لم يزد عن تعليقات عامة حول اقتراح نقل أعمال اللجنة إلى دمشق، الذي كان تقدم به قبل أيام رئيس منصة موسكو قدري جميل، واكتفى المبعوث الدولي أمس بالتعليق على الاقتراح بأن «البت في مسألة نقل جلسات لجنة صياغة الدستور إلى دمشق يعود للسوريين أنفسهم».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.