مقتل 5 أشخاص وفقدان أكثر من 24 بثوران بركان في نيوزيلندا

الشرطة تستبعد العثور على ناجين

سياح على متن قارب يفرون من انفجار بركان في نيوزيلندا (إ.ب.أ)
سياح على متن قارب يفرون من انفجار بركان في نيوزيلندا (إ.ب.أ)
TT

مقتل 5 أشخاص وفقدان أكثر من 24 بثوران بركان في نيوزيلندا

سياح على متن قارب يفرون من انفجار بركان في نيوزيلندا (إ.ب.أ)
سياح على متن قارب يفرون من انفجار بركان في نيوزيلندا (إ.ب.أ)

قالت شرطة نيوزيلندا في ساعة مبكرة من صباح يوم الثلاثاء (بالتوقيت المحلي)، إنّه يُخشى أن يكون أكثر من 24 شخصاً فُقدوا بعد يوم من ثوران مفاجئ لبركان يجذب السائحين، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل وإصابة نحو 20 آخرين.
وقالت الشرطة إنّها لا تتوقع العثور على أي ناجين بخلاف من أنقذتهم أو غادروا وايت أيلاند (الجزيرة البيضاء)، التي يوجد عليها البركان بعد ثورانه يوم الاثنين بالتوقيت المحلي في نحو الساعة 02:11 مساء (01:11 بتوقيت غرينتش)، مرسلاً عموداً من الرماد البركاني بارتفاع آلاف الأقدام في الهواء.
ويُخشى من أنّ 50 شخصاً من نيوزيلندا ودول أخرى كانوا على مقربة من البركان وقت ثورانه وشوهد عدد منهم قرب حافة فوهة البركان قبل ثورانه بدقائق.
وقالت الشرطة في بيان بعد أن نفّذت طائرات هليكوبتر وطائرات أخرى عدة طلعات استطلاعية فوق الجزيرة بعد ثوران البركان بعد ظهر يوم الاثنين، إنّه «لم يتم رصد أي أثر للحياة في أي مكان».
وليس بإمكان الشرطة الوصول إلى وايت أيلاند لخطورة ذلك. ونقلت شركات سياحية بعض الناس من الجزيرة قبل الإعلان عن أنّها لم تعد آمنة. وكانت الشرطة قد ذكرت أنّها أنقذت 23 شخصاً، يوم الاثنين، مضيفةً أن آخرين ظلّوا على الجزيرة بعد ذلك.
وقال بيان: «الشرطة تعتقد أنّ كل من كان يمكن انتشاله حياً قد أُنقذ بالفعل وقت البركان». وأضاف البيان أنّ «الشرطة تعمل بشكل عاجل لتأكيد عدد من لقوا حتفهم...».
وكان سائح يدعى مايكل شايد، وهو مدير هندسي من سان فرانسيسكو، قد نشر مجموعة من التغريدات ولقطات الفيديو تُظهر وجوده عند فوهة بركان وايت أيلاند قبل دقائق من ثوران البركان يوم الاثنين. وفي أحد مقاطع الفيديو التي نشرها على «تويتر» وهو يغادر سريعاً في قارب للابتعاد عن الجزيرة، يظهر عمود ضخم من الرماد الأبيض وهو يتصاعد في السماء فيما احتشدت مجموعة من السائحين المذعورين عند الشاطئ في انتظار المغادرة. وقال شايد في تغريدة: «يصعب تصديق هذا. كانت مجموعتنا السياحية تقف على حافة الفوهة الرئيسية قبل (الثوران) بما يقل عن 30 دقيقة».
وتُظهر كاميرا متصلة بالإنترنت وُضعت عند بركان وايت أيلاند في نيوزيلندا، أنّ مجموعة واحدة على الأقل من السياح كانت داخل فوهة البركان قبل دقائق من ثورانه وتغطيته للمنطقة بسحابة ضخمة من الرماد.
وتُظهر الكاميرا المثبتة على حافة الفوهة والتي تشغلها وكالة «جيونت» لرصد المخاطر الجيولوجية في البلاد مجموعة من الأشخاص يسيرون قرب الحافة داخل الفوهة التي كان يصدر عنها بشكل مستمر دخان أبيض بكثافة منخفضة خلال الساعة التي سبقت ثوران البركان الساعة 2:11 بعد الظهر.
وتلتقط تلك الكاميرا هي وثلاث كاميرات أخرى مثبتة في نقاط حيوية مختلفة، صوراً للبركان وترسلها عبر الإنترنت كل عشر دقائق. وفي الثانية بعد الظهر، تلتقط الكاميرا المثبتة على حافة الفوهة صورة لمجموعة من الناس على الحافة ويبدو حجمهم بالغ الصغر مقارنةً بالبركان الهائل. وفي الثانية وعشر دقائق، أي قبل دقيقة واحدة من ثوران البركان، ابتعدت المجموعة عن الحافة وسلكت مساراً معتاداً عبر الفوهة.
وقالت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن، في مؤتمر صحافي بعد وصولها إلى وكاتان: «أعلم أنّ هناك قدراً كبيراً من المخاوف والقلق على من كان أقاربهم على الجزيرة أو في المنطقة المحيطة بها في ذلك الوقت. يمكنني التأكيد لهم أن الشرطة تفعل كل ما بوسعها».

وتبعد جزيرة وايت أيلاند نحو 50 كيلومتراً عن الساحل الشرقي لنورث أيلاند، وأمكن رؤية أعمدة ضخمة من الرماد من على البر الرئيسي. وقال علماء براكين إنّ عمود الرماد ارتفع مسافة 12 ألف قدم (3658 متراً) في الهواء.
من جانبه، أفاد راي كاس وهو أستاذ فخري في جامعة موناش، بتصريحات نشرها مركز الإعلام العلمي الأسترالي قائلاً: «كانت وايت أيلاند كارثة تنتظر الحدوث منذ سنوات». وأضاف: «زرتها مرتين وشعرت دوماً بأنّه لأمر شديد الخطورة السماح لمجموعات اليوم الواحد السياحية بزيارة الجزيرة غير المأهولة بالمراكب أو طائرات الهليكوبتر».
ويعد بركان وايت أيلاند أحد أنشط البراكين في نيوزيلندا.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».