رغم حصولها على البراءة... حكومة غزة تستأنف حكماً ضد الصحافية هاجر حرب

نفت لـ«الشرق الأوسط» علمها بإعادة فتح القضية

أثناء عملها كمراسة غطت مسيرات العودة
أثناء عملها كمراسة غطت مسيرات العودة
TT

رغم حصولها على البراءة... حكومة غزة تستأنف حكماً ضد الصحافية هاجر حرب

أثناء عملها كمراسة غطت مسيرات العودة
أثناء عملها كمراسة غطت مسيرات العودة

وقفت بكل هدوء وثقة بثوبها الفلسطيني المطرز وسط حضور من مختلف الدول وقالت: «زميلي سيترجم للإنجليزية». هناك في جلسة عن تحديات الصحافة في منطقة الشرق الأوسط ضمن فعاليات مؤتمر لندن للحريات الصحافية الذي أقيم مطلع يوليو (تموز) الماضي، استطاعت الصحافية الفلسطينية هاجر حرب أن تكشف عن تجربتها القاسية في غزة. وأضافت: «للأسف نحن في القطاع وفي الأراضي الفلسطينية بالمجمل نعاني من الملاحقات الأمنية على خلفية أعمالنا الاستقصائية، وكنت أنا من الذين دفعوا الثمن».
كلمتها تركت وقعاً في نفوس الحضور، وقصتها التي تحولت إلى قضية رأي عام ما زالت تتفاعل يوماً بعد يوم.
«الشرق الأوسط» التقت حرب على هامش المؤتمر اللندني. الهم الذي سكنها كان واضحاً رغم الابتسامة التي لم تفارق وجهها. وقالت: «فوجئت بدعوة من وزارتي الخارجية البريطانية والكندية للمشاركة في مؤتمر حرية الإعلام، الدعوة أفرحتني ثم أرهبتني، فبطبيعة عملي الصحافي كان إصدار تصريح الخروج صعباً للغاية، لكنني استطعت تأمينه بعد عناء».
رحلة هاجر من غزة إلى لندن عن طريق معبر رفح تضمنت مرورها بنحو 40 ثكنة وحاجزا عسكريا في سيناء. تركت منزلها في السابعة صباحا، ووصلت القاهرة في الثامنة صباحا من اليوم التالي. نامت في الشارع ولم تستطع اللحاق بموعد طائرتها، حتى وصلت لندن أخيرا بعد عناء وتعب في اليوم التالي. عن ذلك قالت: «رغم العناء، سعيدة جداً لأن فلسطين حاضرة في المؤتمر. التقيت بزملاء من فلسطين والقدس لم ألتقِ بهم من قبل. ذلك الإحساس منحني الشعور بأن هنالك جزءا ثانيا من الوطن».
قامت الصحافية حرب خلال السنوات الأربع الماضية بإعداد مواد استقصائية من داخل غزة رغم القيود والتضييقات كونها امرأة في مجتمع «محافظ». واستطاعت الكشف في أحد تحقيقاتها عن الفساد الذي يشوب ملف العلاج في الخارج التابع لوزارة الصحة الفلسطينية. وقالت: «كشفت في تحقيقي بعض أوجه الفساد في هذا الملف، وفي أعقاب نشره وتحوله إلى قضية رأي عام بدأ الناس ينقسمون بين مؤيد ومعارض». وتشير إلى أن «هذا الملف يتبع لإدارة السلطة الفلسطينية في رام الله ولا يتبع لحماس، لكن الأخيرة متضررة كونها هي من تحكم القطاع وتدير المستشفيات».
أصيبت حرب بعد هذا التحقيق بفترة وجيزة بمرض السرطان، وذهبت إلى العاصمة الأردنية عمان لتلقي العلاج. وأثناء تلقي جرعات الكيماوي هناك تفاجأت عبر نشطاء ومتابعين لها على «الفيسبوك» بأن الحكومة في غزة أطلقت عليها حكما بالسجن لمدة ستة أشهر سارية النفاذ مع غرامة مالية تقدر بنحو 400 دولار.
عادت حرب إلى غزة بعد رحلة العلاج، وبدأت تمثل أمام القضاء وحضرت 13 جلسة. وعن ذلك قالت: «أكثر شيء أزعجني بالموضوع أنني صحافية ولو كنت في بلد يحترم الحريات، لكان من المفروض تكريمي لا معاقبتي».
لم تتوقف الصحافية الفلسطينية عن عملها الاستقصائي خلال محاكمتها بل قامت بإعداد تحقيق جديد كشف عن الفساد في ملفات الإعمار في غزة التي تعاني من الدمار جراء الحروب والعدوان المتتالي. قالت: «ممولون بملايين الدولارات دخلوا غزة لهذا الغرض وعملت على ملف المشروع العماني وقتها». وأضافت: «سلطنة عمان كانت تمول مشروعا إسكانيا لمائة وحدة سكنية للأشخاص المصنفين أنهم الأشد فقرا في غزة، وتم تنفيذ هذا المشروع من قبل وزارة التنمية الاجتماعية». وكشفت أنها تلقت شكاوى من الناس المظلومين والأشخاص الذين أجبروا على التوقيع على عقود وهمية على أساس أنهم استفادوا من هذه المساكن إلا أن ذلك لم يتحقق. وأشارت إلى أنه «في هذا التحقيق التزمت بتوثيق كل معلومة بوثائق وسندات وشهادة الشهود والمواجهة، حيث واجهت الفاسد وأعطته حق الرد».
بعد هذا التحقيق، أصبحت هاجر تتلقى مئات الرسائل على «الفيسبوك» من أناس مظلومين بقضايا أرادوا أن تصبح هي صوتا لها.
كما دفعت ثمن خسارة عملها كمراسلة في قناة «المسيرة» اليمنية بسبب هذا التحقيق. وعن ذلك قالت: «القناة يملكها أحد قيادات حماس، وبمجرد نشر هذا التحقيق رفع تقريرا للقناة في بيروت أن الصحافية ليست جديرة بتمثيل القناة وتصاحبها المشاكل وقرروا إيقافي عن العمل».
فقدت مصدر رزقها، لكنها لم تستسلم، بل كصحافية مستقلة وكان تحقيقها الثالث عن «ظاهرة تسول النساء في غزة». قالت: «ارتديت ملابسهن وتسولت معهن، وعشت حياتهن واستطعت أن أرصد بعض التفاصيل». وكشفت حرب: «أهم موضوع في هذا الملف كان التحرش الجنسي الذي تتعرض له السيدات المتسولات، فعندما نزلت لأتسول، في أقل من ساعة تعرضت لعشر محاولات تحرش واضحة بألفاظ صريحة وبمبالغ مالية».
أصدرت حرب برومو قصيراً عن هذه المادة على «اليوتيوب» وسرعان ما قدم جهاز المباحث في القطاع شكوى ضدها للنائب العام بادعاء أن هذه الصحافية تريد تشويه سمعة حماس وتعمل لأجندات خارجية.
عمل هاجر لم يتوقف خلال محاكمتها، بل تم تشكيل لجنة من قبل عدد من الصحافيين الكبار في غزة والصحافيات بالتعاون أيضا مع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان مطالبة ببراءتها. وفي 25 مارس (آذار) الماضي، صدر حكم براءتها. ومن بعدها سافرت هاجر للمؤتمر، وثم اتجهت للأردن لاستكمال علاجها.
خلال تلك الأثناء صدرت أقاويل عن استئناف براءة الصحافية الفلسطينية. ولذلك، تواصلت «الشرق الأوسط» مع محامي حرب السابق للتحري عن صحة الموضوع. وبدوره، يذكر المحامي بكر التركماني، المُوكل من قِبل الصحافية حرب لمتابعة قضيتها في الفترة التي سبقت حصولها على حكم البراءة، ومنسق وحدة الشكاوى في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، أنّهم كجهة حقوقية غير مخولين بالاطلاع على الأسباب التي دفعت النيابة العامّة، لاستئناف الحكم الذي حصّلته هاجر، من محكمة الصلح في مدينة غزة.
ويفسّر خلال كلامه لـ«الشرق الأوسط» أنّ السبب في عدم اطلاعهم على الحيثيات ولائحة الاستئناف، «هو أنّهم كانوا وكلاء في الجزء الأول من القضية، وفي الفترة الحالية ليس لهم أي دور؛ لأنّ صاحبة الشأن لم تتواصل معهم مجدداً، والمحكمة هي من أبلغتهم بقرار الاستئناف»، لافتاً إلى أنّ تدخلهم بالقضية مستحيل طالما لم يُسند لهم توكيل رسمي، لأنّ القانون لا يجيز لهم هذا الحق.
«الاستئناف يتطلب وجود محامٍ لاستكمال عملية الدفاع والمرافعة عن الصحافية حرب» يزيد التركماني، منبّهاً إلى أنّ عملية الاستئناف قد تذهب بالقضية في اتجاه واحد من أصل ثلاثة، الأول هو تأييد حكم البراءة الصادر عن المحكمة الأولى، أمّا الثاني فهو نقض الحكم ويعني إعادة المحاكمة مرّة أخرى، والثالث يتعلق بإمكانية إصدار حكم جديد يقضي بالإدانة والتجريم.
وفيما يخص مدى تأثير هكذا إجراء على بيئة الحريات الإعلامية والعامّة في فلسطين، يعلّق بقوله: «بالأساس نحن كهيئة مستقلة ورجال قانون، نرفض بشكل مطلق، فكرة مُثول أي صحافي أمام محكمة، لغرض المحاسبة على أنشطة مهنية»، شارحاً أنّ حديثه ذاك ليس تقزيماً من شأن القضاء ودوره، لكنّه يأتي في سياق تعزيز حصانة وحرية العمل الصحافي، بالشكل الذي يضمن نزاهته، ويوطد دوره اللازم في كشف الانتهاكات وقضايا الفساد.
ويشدّد التركماني، على أنّ التحقيقات الصحافية الاستقصائية، أضحت اليوم في الواقع الفلسطيني من أهم أدوات المساءلة للجهات الحكومية والأهلية، لا سيما في ظلّ حالة الانقسام والتجاذبات الفئوية التي يعيشها الناس في الشارع، والتي أدت لغياب الأدوار الفاعلة للمؤسسات الرقابية، التي يعدّ المجلس التشريعي من أهمها، «وهو معطل منذ نحو 12 سنة» يردف.
وبالعودة لقضية الصحافية حرب، يتابع: «حكم البراءة الذي حصلت عليه كان سببه انتفاء الفعل الإجرامي وليس لعدم كفاية الأدلة، وهذا يعدّ سابقة في تاريخ القضاء الفلسطيني»، مشيراً إلى أنّ المحكمة اعتبرت ما قامت به هاجر لا يشكل بالأساس جريمة أو جنحة، وذلك يدفع بالضرورة النيابة العامة للاستئناف، لأجل إثبات روايتها أمام القضاة.
وينحو التركماني بقوله لاتجاهٍ يتوقع ضمنه أنّ النيابة قد تكون وصلت خلال المدّة المنصرمة التي فصلت بين حكم البراءة وقرار الاستئناف، لأدلة تعتقد أنّها ممكن أن تدين الصحافية، لكنّه في الوقت ذاته يؤكد على أنّه لو كان وقت اكتشاف الإثبات الذي جرى على أثره الاستئناف سابق لموعد انتهاء محاكمة «الدرجة الأولى»، فذلك يعدّ خروجاً عن إطار القانون.
ويختم بقوله، إن «أمر الاستئناف يتطلب حضور الشخص بنفسه للمحاكمة، وهاجر حالياً خارج البلاد، وفي ضوء ذلك يمكن أن يصدر بحقها حكم غيابي»، مستدركاً أنّ نظرتهم لقرار المحكمة الأولى إيجابية جداً، لأنّ فيه إنصاف وتشجيع للعمل الصحافي بصورة عامّة، وبالنسبة للمحاكمة الثانية، فهم لا حق لهم بالإدلاء بأي رأي، طالما لم يطلعوا على التفاصيل بشكلٍ مباشر.
ويجدر التنويه إلى أنّ «الشرق الأوسط» حاولت التواصل مع النيابة العامّة في غزة، لأجل الحصول على تفسيرٍ يوضّح أسباب الاستئناف، لكنّها لم تجد تجاوباً أو رداً من قبلها بخصوص هذا الأمر.
من جهتها، نفت الصحافية هاجر حرب أن يكون لديها علم بما توصلت إليه «الشرق الأوسط» بعد التواصل معها للتحقق من صحة المعلومات التي ذكرها محامي الهيئة المستقلة.
قضية هاجر تمثل معاناة صحافيي فلسطين، المطاردون أمنيا من إسرائيل، والسلطة، وحماس. يعملون بظروف تهدد حياتهم في سبيل نقل الحقيقة. «من المهم أن أروي للناس معاناة الصحافيين الفلسطينيين فمنهم من لقي حتفه رغم ارتداء الشارات، كما تعرضت أنا أكثر من مرة لإطلاق مباشر لقنابل الغاز»، تقول هاجر بغصّة. وتضيف بصوت مختنق: «حياتنا دوما مهددة بالخطر، عندما تركت معبر رفح للمشاركة في المؤتمر اللندني التفتت خلفي وتساءلت... لماذا نحب غزة إلى هذا الحد فيما تصر هي على أن تكرهنا؟».


مقالات ذات صلة

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

آسيا خلال احتجاج نظمته حركة «طالبان» في أفغانستان (رويترز - أرشيفية)

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

أفادت الأمم المتحدة، الثلاثاء، بأنها سجّلت 336 اعتداءً على صحافيين وعاملين في وسائل إعلام منذ عودة «طالبان» لحكم أفغانستان في أغسطس 2021.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
TT

تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)

شدد تميم فارس، رئيس «ديزني+» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، على أن منصة «ديزني+» مهتمة بالعمل على «تقديم محتوى يلائم ويحترم ويراعي الثقافة المحلية للجمهور» في المنطقة. وأشار إلى أن «ديزني+» ماضية قدماً ليس فقط في تقديم أفلام ومسلسلات مشهورة مع ضمان ملاءمتها واحترامها للثقافة المحلية، بل إن «جميع المحتوى الموجه إلى الجمهور تجري مراجعته بدقة لتحقيق هذه الغاية».

تميم استهلّ اللقاء بقوله «أولاً وقبل كل شيء، يسعدني أننا أطلقنا منصة هنا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهذه المنطقة غنية بالثقافة والتراث والتقاليد. ولقد كان بمثابة حلم يتحقق أن نقدّم هذا المحتوى المميز إلى الجمهور المحلي العاشق للسينما والترفيه».

وتابع، من ثم، ليتطرّق إلى مواجهة بعض التحديات خلال هذه الرحلة فيقول: «ونحن بعد سنتين تقريباً على إطلاق (ديزني+)، نواصل - مثلاً - التعلّم من جمهورنا، وتنقيح محتوى المنصة؛ كي يراعي الثقافة المحلية للمشاهدين في المملكة العربية السعودية. ويشمل هذا نهجنا المحلي للمحتوى، وهذه أولوية كبيرة بالنسبة لنا».

إطلاق «ديزني+»

تميم فارس شرح أن «ديزني+» منصة توفّر خدمة عرض المحتوى الترفيهي حول العالم، منذ إطلاقها في عام 2022 في 16 سوقاً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأنها «تعرض مجموعة واسعة من أشهر القصص من إنتاج شركة (والت ديزني)، بما في ذلك الأفلام والمسلسلات والأفلام الوثائقية والأعمال الأصلية الحصرية من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) وغيرها الكثير».

ثم ذكر أن كثيرين اعتادوا مشاهدة الأفلام الكلاسيكية من «ديزني» بدءاً بـ«الأسد الملك» و«علاء الدين»، ووصولاً إلى «موانا» و«إنكانتو». بالإضافة إلى عرض هذه الأفلام العائلية المفضلة على «ديزني+»، فهي متوافرة كذلك للمشاهدة بخياري الدبلجة باللهجة المصرية أو اللغة العربية الفصحى المعاصرة.

وبعدها علّق من واقع تجربته الشخصية: «أنا مثلاً، نشأت على مشاهدة الكثير منها مدبلجاً بصوت أشهر الممثلين والممثلات مثل محمد هنيدي ومنى زكي وعبلة كامل وخالد صالح، والآن أُتيحت لي فرصة مشاهدتها مرة أخرى مع ابني زين على المنصة».

ثم لفت إلى أن «ديزني+» تقدّم محتوى جديداً باستمرار، بما في ذلك الإصدارات السينمائية الحديثة والضخمة الصيفية، وكان آخرها فيلم «قلباً وقالباً 2» من إنتاج «ديزني» و«بيكسار» على «ديزني+» في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي. وأفاد بأن «هذا الفيلم تصدّر قائمة أفلام الأنيميشن الأعلى تحقيقاً للإيرادات على الإطلاق، وجارٍ الآن عرضه حصرياً على (ديزني+)... وفي الواقع، يجري عرض أعمال (ديزني) السينمائية كافّة على منصة (ديزني+) في نهاية المطاف».

تميم فارس، رئيس "ديزني+" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (ديزني)

التكيّف مع المشهد التنظيمي الإقليمي

من جانب آخر، بالنسبة إلى الامتثال للقوانين المحلية للبث، أكد تميم فارس أن «فريقنا الإقليمي في (ديزني+) يقدّر الثقافة العربية تماماً، وأنا بصفتي أباً عربياً، أشارك تجربة شخصية مع ابني زين البالغ من العمر 7 سنوات؛ إذ نشاهد المحتوى معاً أو يشاهده بمفرده أحياناً. لذلك، أحرص على أن يكون ما يشاهده آمناً ومناسباً لثقافتنا العربية، ويتماشى مع قيمنا وتقاليدنا وأعرافنا».

وأردف: «وكما ذكرت سابقاً... المحتوى هو الركيزة الأساسية لكل ما نقدّمه. ومنذ إطلاق المنصة، أنشأنا فريق امتثال متخصصاً على المستوى المحلي، وهو الفريق المسؤول عن مشاهدة المحتوى المعروض ومراجعته وفحصه بدقة. ولا يُجاز شيء إلا بعد تأكد هذا الفريق من أن كل كلمة تُنطق أو تُترجم أو تُدبلج تتوافق أو يتوافق مع قيمنا العربية وتقاليدنا. ولا بد أن يتوافق المحتوى الموجه إلى الجمهور الأصغر سناً مع هذه الإرشادات ليصار إلى عرضه على (ديزني+)».

وفي الاتجاه نفسه ركّز تميم على أنه «بالإضافة إلى فريقنا، ونظراً إلى أنني أب عربي لابن صغير، أدرك أن ابني يستطيع مشاهدة مسلسلاته وأفلامه المفضلة ضمن بيئة آمنة ومناسبة لكل أفراد العائلة من دون استثناء، وذلك من خلال تمكين الوالدين من ضبط إعدادات المشاهدة بسهولة مطلقة لمراقبة المحتوى الذي يشاهده الأطفال، بما في ذلك خيار إعداد حسابات خاصة بهم وحمايتها من خلال رمز سري».

وأضاف شارحاً: «وحقاً، نحن نولي أهمية قصوى للحفاظ على صدقنا وأصالتنا تجاه جمهورنا العربي، ونلتزم بتقديم محتوى عالي الجودة يتماشى مع قيمنا العربية الأصيلة. وبصفتي أباً، أشعر بالطمأنينة لمعرفة أن أطفالي يستمتعون بمحتوى آمن ومناسب لأعمارهم».

استراتيجيات «ديزني+» في المنطقة

وحول استراتيجيات «ديزني+» في منطقة الشرق الأوسط، أوضح أن المحتوى الذي تقدمه المنصة كفيلٌ بالتأكيد على مدى نجاحها، وقال: «منصة (ديزني+) تعرض ثمانية من أفضل عشرة أفلام تحقق أعلى مستوى مبيعات حول العالم التي تُعرض تقريباً معظمها بشكل حصري على (ديزني+)، ويمكن لمشاهدي المنصة مشاهدة آلاف المسلسلات والأفلام من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) والمحتوى الترفيهي للبالغين من (ستار). إننا نقدم حقاً المحتوى الذي يناسب تفضيلات الجميع من الفئات العمرية كافّة ومختلف شرائح المجتمع».

وزاد: «إننا نحرص دوماً على عرض الأعمال الجديدة على منصتنا، لكننا ندرك في الوقت نفسه أن خيارات مشاهدينا المفضلة تتغيّر وتتوسع لتشمل رغبتهم في مشاهدة المحتوى العالمي أيضاً». وتابع: «لقد بادرنا مثلاً إلى تنظيم مجموعات متخصصة في الكثير من المدن السعودية، للتفاعل مع المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي والوقوف على المحتوى الذي يشاهدونه عبر المنصة. وفي الوقت نفسه، نحرص دوماً على الاستفادة من عملائنا المحليين والارتقاء بإمكاناتنا والمحتوى الذي نقدمه إليهم؛ كي ننجح في توفير خدمات تلبي احتياجات المنطقة».

المحتوى المحلي

تميم فارس قال إن «ديزني+» تتطلع لمزيد من الأعمال والإنتاجات التي تعزّز مكانتها في المنطقة، وبالتحديد على المستوى المحلي، «على سبيل المثال، أعلنا شعارنا الجديد الذي يضم للمرة الأولى على الإطلاق كلمة (ديزني) باللغة العربية. وبادرنا إلى إطلاق أول حملة إعلانية ننتجها محلياً على الإطلاق، ويشارك فيها فريق عمل سعودي بامتياز يضم أشهر صناع المحتوى المحليين، لتعزيز شعور المشاهدين على مستوى المنطقة بالشمولية والانتماء».

ثم أضاف: «وثانياً هناك المحتوى الذي تقدّمه المنصة؛ حيث نؤكد مواصلة التزامنا بتقديم محتوى جديد ومتنوع والحفاظ على مكانتنا الحالية، من خلال إضافة أعمال جديدة إلى مكتبتنا الضخمة من المحتوى الذي نعرضه للمشاهدين كل يوم... ونحرص على تقديم المحتوى الترفيهي الذي يرتقي إلى مستوى تطلعات المشاهدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتفضيلاتهم، بدءاً من الأعمال العالمية التي تحقق نجاحاً كبيراً وصولاً إلى المحتوى المحلي المدبلج باللغة العربية».

ومع تشديده على أن جميع الأفلام والمسلسلات والبرامج التي تُعرض على «ديزني+» تتوافق بالكامل مع المتطلبات التنظيمية المحلية السعودية، أوضح تميم أن المنصة تسعى باستمرار إلى عقد مزيد من الشراكات مع أبرز الشركات المزودة لخدمات الاتصالات، مثل شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة «دو»، وشركة اتصالات «زين» في الكويت، لتوفير مجموعة من خيارات الاشتراك، وتتطلّع إلى مواصلة عقد مزيد من الشراكات خصوصاً في السعودية في المستقبل القريب.

واختتم بتسليط الضوء على عروض الأفلام الوثائقية المرتبطة بالمنطقة، فقال: «نعرض حالياً فيلم (كنوز الجزيرة العربية المنسية) على منصة (ناشيونال جيوغرافيك)، لتمكين المشاهدين من رؤية ثقافتهم الغنية وتراثهم العريق من زاوية مختلفة، وننظر أيضاً في فرص توسيع نطاق المحتوى الذي نقدمه إلى المشاهدين، من خلال بناء شراكات واتفاقيات تعاون مع مجموعة محلية من صناع المحتوى وشركات الإنتاج».