التأمين الصحي الجديد بمصر... علاج من دون قوائم انتظار

يتم تنفيذه على 6 مراحل تنتهي عام 2032

TT

التأمين الصحي الجديد بمصر... علاج من دون قوائم انتظار

كاد المواطن أحمد فوزي، ابن محافظة بورسعيد المصرية، أن يفقد الأمل في علاج ابنته التي تعاني من وجود 6 ثقوب في القلب، مع حاجتها إلى تغيير صمام، بسبب ارتفاع تكلفة الجراحة في المستشفيات الخاصة، وحاجته إلى الانتظار طويلاً لإجرائها على نفقة الدولة في المستشفيات الحكومية.
جاء الإعلان في يوليو (تموز) الماضي، عن تطبيق منظومة التأمين الصحي الجديدة في محافظته، ليبثّ في نفسه أملاً ممزوجاً بالشك، سرعان ما تحول بعد يوم واحد إلى إحساس قوي مفعم بالأمل.
يقول لـ«الشرق الأوسط»: «في عهود سابقة لم نكن نثق بكثير من المشروعات الحكومية التي يتم الإعلان عنها، ولكن منذ سجلت في منظومة التأمين الصحي الجديدة، شعرت بأن الوضع هذه المرة مختلف».
وبعد يوم من التسجيل في المنظومة كان هناك تواصل يومي مع فوزي لإجراء جميع الأشعة والتحاليل لابنته، وبعد نحو أسبوع كانت في غرفة العمليات لإجراء العملية.
العملية التي أجرتها ابنه فوزي هي واحدة من بين 10 آلاف و141 جراحة تم إجراؤها في مختلف التخصصات في محافظة بورسعيد، منذ تم الإعلان في عن بدء تطبيق المنظومة بالمحافظة، وفق تصريحات رسمية لوزارة الصحة المصرية في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وكانت الحكومة المصرية قد بدأت هذه المنظومة التي أطلقها رسمياً الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في محافظة بورسعيد، لتكون نموذجاً يتم تعميمه في باقي محافظات الجمهورية بنهاية 2032.
يقول النائب أيمن أبو العلا، وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب لـ«الشرق الأوسط»: «تُنهي هذه المنظومة مع تعميمها إحدى أهم المشكلات التي كنا نواجهها كنواب، وهي مساعدة أبناء دوائرنا الانتخابية في الحصول على قرارات علاج على نفقة الدولة، وهو الأمر الذي كان يسبب حرجاً شديداً لنا بسبب قوائم الانتظار المكتظة».
وينص قانون منظومة التأمين الصحي الجديدة على أن يتم الإلغاء التدريجي للعلاج على نفقة الدولة في كل مرحلة يتم تطبيقها، حيث ستكون الخدمات الطبية كافة متاحة في التأمين الصحي، وتتم إحالة ميزانيته للتأمين الصحي.
ويوضح أبو العلا أن المنظومة تغطي جميع الخدمات الطبية التي كان يتم تقديمها من خلال قرارات العلاج على نفقة الدولة، إضافةً إلى تقديم خدمة شاملة بدايةً من الكشف الطبي المبدئي، مروراً بالأشعة والتحاليل الطبية، وصولاً إلى كبرى التدخلات الطبية والجراحية الحرجة والعاجلة.
وتُجرى جميع العمليات الجراحية من دون أي مقابل يدفعه المريض سوى دفع الاشتراك الأساسي الذي نص عليه القانون، ويدفع المريض فقط نسبة تتراوح بين 10% و20% من قيمة التحاليل والأشعة، ويُعفى أصحاب الأمراض المزمنة والأورام من هذه النسبة عند تلقيهم تلك الخدمات، بالإضافة إلى صرف الأدوية مجاناً.
وتضم فئة الأمراض المزمنة عدداً من الأمراض منها أمراض القلب والسكتة الدماغية والسرطان والأمراض التنفسية المزمنة والسكري والضغط، وهذا يعني أن المنظومة عند تعميمها ستتكفل بعلاج 8 ملايين مصاب بالسكري، إضافة إلى 8 ملايين آخرين لم يتم تشخيصهم ويجهلون إصابتهم بالمرض، وفق إحصائية ذكرها د.هشام الحفناوي، عميد المعهد القومي للسكر، في تصريحات صحافية. كما ستتكفل بعلاج ما يقرب من 40% من البالغين في مصر الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، وفق إحصائيات منظمة الصحة العالمية، وتعالج مرضى السرطان الذين تصل نسبتهم في مصر، وفق إحصائيات المنظمة ذاتها، إلى 152 مواطناً لكل 100 ألف شخص، وتحاول محاصرة أمراض القلب التي تتسبب في 46% من إجمالي الوفيات بمصر، وفق إحصائيات وزارة الصحة المصرية.
ولا يعني بدء تطبيق هذا القانون تخلّي الدولة عن دورها في التطعيمات الدورية للأطفال والمواليد أو تسعير هذه الخدمات لتصبح بمقابل مادي.
وتقول إليزابيث شاكر، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب المصري لـ«الشرق الأوسط»: «هذا دور وقائي مهم ستظل وزارة الصحة تقدمه بالمجان لجميع المواطنين بعيداً عن منظومة التأمين الصحي الجديدة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.